الأنباء المزورة عن فنزويلا (3)
- تم النشر بواسطة عبدالجبار الحاج / لا ميديا

عبدالجبار الحاج / لا ميديا -
أحد ألوان الحرب الإمبريالية مقدماتها الذرائعية لحربها القذرة ومبرراتها بحسب قانون وأعراف الإعلام الأمريكي الرأسمالي والغربي على السواء، وتلكم الأبواق التابعة لسطوة الشركات الناهبة عبر العالم وشبكة رأس المال الربوي النهبوي عموماً في مختلف الحكومات التابعة والمنقادة بقرار الإدارة الأمريكية اليمينية المتطرفة.
هذه الآلة تبدأ عادة باختلاق الأكاذيب التي تبث آلاف المرات عبرها، وعلى نحو من هذا العرف، وإلى ذلك لا تتورع أيضاً في إطلاق حملات تشويه الحقائق.. كل ذلك في محاولتي التمهيد والتبرير لجرائمها وحروبها العسكرية كما حصل في فيتنام وكوريا وبلدان أمريكا اللاتينية خلال القرنين الماضي والحالي، وفي بلدان أفريقيا وأفغانستان والعراق، وكما حدث ويحدث في السودان والصومال، في سوريا واليمن وليبيا، في حروب تدميرية أشعلتها ودمرت عبرها مئات البلدان.
في فنزويلا فإن الصورة مليئة بمخلفات آلة التزوير التي تحجب الحقائق وتقلبها رأساً على عقب. فعن الديمقراطية التي تتباكى عليها في فنزويلا لا تتورع الآلة الإعلامية الإمبريالية عن إخفاء الحقائق، وعلى سبيل المثال:
- لا تتحدث عن 25 عملية انتخابية شهدتها فنزويلا خلال العقدين الأخيرين منذ عام 1999م.
- تتحدث عن مجلس نواب يفتقد الصفة الدستورية، الذي يحتاج وفقاً لدستور البلاد إلى تعديل ونص دستوري يشرعنه.
- لا تتحدث هذه الآلة عن الهيئة التشريعية الوحيدة القائمة الآن في فنزويلا، وهي الجمعية الوطنية التأسيسية التي تشكلت عام 2018، مكونة من 545 نائباً يمثلون 335 بلدية هي قوام البلديات الفنزويلية المحلية، و181 نائباً ممثلين ومنتخبين عن طبقات اجتماعية قوامها العمال والفلاحون والشباب والنساء والطلاب وذوو الاحتياجات وأرباب العمل.
- لا تتحدث عن إنجازات الثورة الفنزويلية البوليفارية التي تنفذ برنامجاً للتوزيع العادل للثورة عبر تطبيق واسع لمبدأ العدالة الاجتماعية في تأمين الصحة والتعليم والسكن المجاني والغذاء المجاني وحق الاستجمام لعموم السكان الفقراء.
المتابع لما جرى ويجري في أمريكا اللاتينية عموماً وفنزويلا خاصة، وبنظرة تتبع جوهرية على ميدان التحولات السياسية والاقتصادية على صعيدي الدولة والمجتمع، وبفعل هكذا تحولات جوهرية، فإنه سيلحظ ما تحقق من تحولات في موقع القرار السياسي عبر صناديق الاقتراع خلال العقدين الأخيرين، في بلدان أمريكا اللاتينية، ابتداء من فنزويلا ثم البرازيل والأرجنتين وبوليفيا والإكوادور ونيكاراجوا وغيرها. ففي مجرى تلك التحولات المتأتية من متغيرات نظرية وسياسية أجريت أولاً في رؤى برامج حركات التحرر التي كانت تخوض طريق التحول عبر الكفاح المسلح، فقد أحدث هذا التغيير من الداخل تحولاً في ميدان العمل السياسي، وأدى إلى الانتقال في أشكال النضال السياسي لحركات التحرر الوطني وقواها الثورية بمختلف أحزابها وجبهاتها التي قادت مسيرة تحرر وطني وسياسي واقتصادي في خضم حركات النضال التي سادت أمريكا اللاتينية عبر نضالات تلك الحركات الثورية باعتبارها النقيض للأنظمة التي فرضتها حروب وانقلابات أمريكا، وباعتبار هذه الحركات الثورية النقيض السياسي والوطني التي ظلت تنظيماتها وأحزابها وجماهيرها وأنصارها هدفاً للقمع والتصفيات الجسدية التي مارستها طيلة النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم.
عبر هذه المسيرة الطويلة من التضحيات، تخلت هذه الحركات الثورية عن حقها في مواجهة أنظمة القمع الإرهابي التابعة لأمريكا، فألقت السلاح طواعية، ودفعت أثمان هذا الخيار في محطات تالية، واتبعت طريق النضال السلمي الديمقراطي، معبرة برنامجياً وفعلاً عن مصالح الأغلبية المسحوقة من المعدمين والعاطلين والعمال والفلاحين في ربوع البلدان والحركات الثورية الممثلة لشعوب أمريكا اللاتينية.
شهدت الأحزاب اليسارية الثورية داخلها مراحل وتحولات منهجية في عملية الانتقال من خيار مناهضة السياسة الأمريكية عبر الكفاح المسلح إلى اعتماد الديمقراطية سبيلاً للوصول إلى السلطة، وبالتالي تحقيق أهداف التحرر والاستقلال من التبعية السياسية والاقتصادية، وتبني برامج وسياسات اقتصادية اجتماعية تلبي حق شعوب بلدان القارة في ترسيخ نهج العدالة والسيادة والتحرر والسير المستقل، وإلغاء قانون الظلم والمظالم الاجتماعية وقانون النهب المتبع من قبل الشركات المتعددة والمتعدية على حد سواء.
الواقع أن متابعة ونقل الصورة لما جرى ويجري خلال العقدين الأخيرين، وتحصيل الحقائق والمشاهد في عموم تلك البلدان، أمر فيه بالغ الجهد والمشقة للبحث عن الحقيقة، وإلا وقعنا أسرى الأكاذيب التي تنقلها وسائل الإعلام التابعة للآلة الرأسمالية المعادية لإرادات التحرر..
اليوم إذا ما ألقينا نظرة على ما تتناقله فضائيات الغرب الرأسمالي وما يتبعها من وسائل ومواقع تابعة لها أو وسائل إعلام تعتمد في مصادرها عليها، لوجدنا ركاماً هائلاً من الزيف المكشوف والأكاذيب والمغالطات السافرة، ليس للوقائع والحقائق على الأرض، بل لأحداث ووقائع هي من صنع الساعة واليوم. لا يخلو ذلك التزييف حتى من تزوير تصريحات وردود الرئيس مادورو أو وزير خارجيته أرياسا، فما بالنا بالصورة المقلوبة والمزيفة عن تقديم الصورة الحقيقية للأوضاع في فنزويلا...
فعلى سبيل المثال، لا تتحدث هذه الآلة العالمية عن جملة من الحقائق الدالة والمبرهنة على حقيقة الديمقراطية والعدالة في هذا البلد، ولا تتحدث عن التأييد الشعبي الواسع لقيادة مادورو كممثل لتحالف القوى السياسية المناهضة لأمريكا، التي تأسست منذ عام 2007 باسم الحزب الاشتراكي الموحد.
لا تتحدث هذه الآلة الإعلامية التابعة للإمبريالية الرأسمالية، عن جماعات متطرفة ومتوحشة من هذه المعارضة الأمريكية التي نفذت جريمة بشعة حين أحرقت علناً 29 شخصاً، فقط لأنهم يؤيدون الرئيس مادورو، خلال أحداث العنف والفوضى المفتعلة عام 2017م، وهي الفترة التي انتهت وحسمت بإجراء انتخابات رئاسية وتشكيل الجمعية الوطنية التأسيسية كهيئة تشريعية عليا لا تخضع لسلطة الرئيس، وجرت الانتخابات بحضور مراقبين دوليين وأمميين من مختلف دول العالم، بمن في ذلك مراقبون من معهد كارتر الأمريكي، شهدوا بنزاهتها.
يتبع
المصدر عبدالجبار الحاج / لا ميديا