نجاح المشروع سيحل جزءاً كبيراً من أزمة السيولة النقدية
الريال الإلكتروني.. وداعا للعملة الورقية

غازي المفلحي/ لا ميديا

دشنت حكومة الإنقاذ، وبدرجة عالية من التفاؤل، في الـ26 من مارس الماضي، مشروع الريال الإلكتروني (موبايل) الذي وبحسب تصريحات كبار مسؤولي حكومة الإنقاذ على رأسهم 
الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، رئيس مجلس الوزراء، سيمثل حلاً كبيراً لأزمة شحة السيولة المالية وانقطاع الرواتب، 
وخطوة تنعقد عليها كثير من الآمال لانتشال المواطنين وموظفي الدولة في كافة القطاعات من الأزمة الاقتصادية 
والمالية الشديدة التي طوق بها تحالف العدوان الأمريكي السعودي عنق الشعب اليمني. 
مشروع الريال الإلكتروني دخل حيز التنفيذ التجريبي فعلاً قبل أسبوع، 
وسيأخذ المشروع فترة تجريبية لمدة شهر قبل إطلاقه للجمهور.

عمليات مالية باستخدام الهاتف
بعد تأجيل لأكثر من نصف عام، تم إطلاق مشروع الريال الإلكتروني (موبايل) الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الجزيرة العربية، في إطار المساعي الحثيثة للملمة جروح الاقتصاد الوطني، ومن أجل إيجاد البدائل العملية لأزمة شحة السيولة النقدية تمكن من صرف الرواتب أو حتى جزء منها لموظفي الدولة. وخلال شهر من إطلاق المشروع الذي مر أسبوعه الأول، يجري تنفيذ التجارب الأولية لإطلاق الخدمة بشكلها الرسمي والعام للجمهور. والخدمة عبارة عن عملة إلكترونية مالية أقيمت بالشراكة مع أكبر الجهات المصرفية وأوسعها انتشاراً، بحيث سيتحول رقم هاتف المشترك إلى رقم حساب (محفظة مالية إلكترونية) تدير باستخدام الهاتف المحمول عدداً من العمليات المالية مثل الشراء والتحويل والتسديد والشحن والإيداع والسحب وغيرها من العمليات المالية، وتعتمد على الهواتف المحمولة العاملة بخدمة (يمن موبايل)، حيث يكون الحساب المصرفي للعميل هو نفسه رقم هاتفه أو مرتبطاً به، لذلك فمن شروط الخدمة أن يكون العميل مشتركاً لدى شركة (يمن موبايل)، ليتمكن من القيام بالوظائف والعمليات المصرفية التي تقدمها الخدمة. وتستهدف الخدمة بدرجة رئيسية الأشخاص الذين ليس لديهم حسابات بنكية، بإنشاء حسابات لهم بداخل هواتفهم، وإقامة قاعدة بيانات أخرى مماثلة لقاعدة بياناتهم السابقة الموجودة لدى شركة (يمن موبايل)، والتي تحتوي على معلومات مشتركيها.
أما عن من أين يستمد الرصيد أو الحساب الذي على الهاتف وقاعدة البيانات قيمته، فهو أن إجمالي النقد الإلكتروني الموجود في منظومة الخدمة يقابله نقد فعلي موجود في ما يسمى (الحساب الائتماني) (trust accounts) الموجود في البنوك الشريكة والخاصة بالخدمة.
وكان مجلس الوزراء أقر في 26 مارس اعتماد نظام (الريال موبايل) الموجود في شركة (يمن موبايل)، على أن تلتزم الشركة باستيعاب كافة الملاحظات المطروحة واستكمال الجوانب المالية وفقاً للسياسات المالية ومنشور البنك المركزي اليمني، والبدء بالتشغيل التجريبي للنظام من ذلك التاريخ ولمدة شهر، ومن ثم يتم إطلاق الخدمة للجمهور بعد التأكد من فاعلية النظام.
(هي خطوة جبارة وجريئة، وفيها إبداع، وفيها ابتكار، ونحن كاقتصاديين نشجعها، ودعونا لها منذ وقت مبكر، ونتمنى أن توفر الدولة ضمانات نجاحها، ولابد من تنظيم عملية بيع وشراء العملات الأجنبية في الأسواق، لأنها العامل الأساسي لنجاح هذه الفكرة، خاصة في ظل شح النقد الأجنبي)؛ هذا ما قاله الدكتور مشعل أحمد عبدالله الريفي، عميد كلية التجارة بجامعة صنعاء، في حديثه مع (لا)، وأضاف أن أي مشروع للعملة الإلكترونية يعتمد في نجاحه على الحلقة الأخيرة في التداول، وهي توفر العملة الأجنبية من أجل الاستيراد، التي يجب أن يكون عليها رقابة شاملة وسيطرة من قبل الحكومة، وأن يقتصر التداول بها على الاستيراد والتجارة الدولية، وأكد على أنه إذا كان هناك احتياطي كافٍ من النقد الأجنبي، فإن المشروع سيرى النور، وسننجح، ونتجاوز به جزءاً ليس بالبسيط من أزمة السيولة، ويكون أحد البدائل لتداول وتبادل المال بطريقة غير تقليدية متقدمة اقتصادياً فيها كم كبير من الفوائد للاقتصاد الوطني في الحاضر والمستقبل. 

قفزة اقتصادية 
يخطط وينتظر من هذا المشروع القافز فوق حرب العدوان الاقتصادية أولاً وعلى الاقتصاد اليمني التقليدي ثانياً، أن يتيح تداول المال بطريقة إلكترونية متقدمة على غرار طريقة العُملات الإلكترونية والبطائق المالية البنكية، ولكن عن طريق الهاتف المحمول ولجميع أصحاب الوظائف الحكومية المدنية والعسكرية الذين سيتلقون رواتبهم على شكل حسابات وأرصدة بداخل هواتفهم النقالة، وهو يشبه في آلية عمله خدمات كثيرة موجودة حالياً لدى البنوك وشركات الصرافة، مثل خدمة (إم فلوس) التي يقدمها (مصرف الكريمي) مثلاً، كما يتوقع أن يساعد هذا المشروع في حل جزء من أزمة السيولة المالية النازفة التي تسبب بها العدوان ومرتزقته بسحب العملة المحلية والأجنبية من السوق وطبع حكومة الفار هادي حوالي 400 مليار ريال يمني دون غطاء من النقد الأجنبي، ما أدى الى تضخم العملة الوطنية وخسارتها كثيراً من قيمتها، ما تسبب بدوره ارتفاع حاد في جميع الأسعار. 

ثالوث الردع 
وكانت الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان الأمريكي السعودي دشنت خطوات متقدمة وعالية الجدية أكدت على المسار الجديد الذي اتخذته معادلة المعركة مع تحالف العدوان، فإلى جانب الصواريخ التي اقتحمت مدن السعودية ليلة الـ26 من مارس وقبلها، وكذلك صواريخ الدفاع الجوي التي باتت تظهر بزخم وقدرات مبشرة، وهي تصطاد الطائرات المعادية بكثافة أكبر في الإمكانيات والإنجازات، ينتظر من مشروع العملة الإلكترونية هذا في حال أثبت نجاعته أن يكون المسمار الثالث في رأس تحالف العدوان قبل المسمار الأخير في نعشه الذي ليس بعيداً أيضاً، فهذه النقاط الثلاث تمثل رؤوس مثلث التحرر وردع العدوان العسكري والاقتصادي.
وتحدث عبدالإله أحمد المروني، مدير عام الشؤون المالية بالهيئة العامة للبريد اليمني، في يوم تدشين المشروع، عن أهمية مشروع نظام الريال الإلكتروني (موبايل) لمواجهة الحرب على الاقتصاد الوطني بسحب العملة الورقية من السوق وتخزينها وحرقها من أجل ضرب العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.
وقال في حديث لوسائل إعلامية إنه وبفضل خدمة الريال الإلكتروني سوف تستغني الحكومة عن العملة الورقية بشكل نهائي، وسوف تتم التعاملات التجارية عبر هذه الخدمة، والتي بموجبها سيتم صرف رواتب ومعاشات الموظفين عبر الجوال كرصيد نقدي ورقمي.

جدوى الريال الإلكتروني 
 بحسب التصريحات الرسمية فإن الريال الإكتروني (موبايل) يمثل حلاً جذرياً للمشكلة الاقتصادية التي تعانيها بلادنا جراء الحصار والعدوان للعام الرابع على التوالي، وتستهدف خدمة الريال الإلكتروني التي يتعاون في تنفيذها البريد اليمني بالشراكة مع (يمن موبايل)، بشكل أساسي، تخفيف وحل مشكلة انقطاع الرواتب التي فاقمت معاناة اليمنيين بشكل كبير، وذلك بناء على توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي أكد دوماً على سرعة وضرورة إيجاد الحلول الاقتصادية الممكنة لتخفيف معاناة الشعب اليمني. كما أن المشروع سيمكن الدولة من توفير ملايين الدولارات مقابل طباعة العملة الورقية مستقبلاً، ويساعد في استقرار سعر صرف الريال اليمني وأسعار المواد الغذائية وغيرها حالياً.

آلية العمل والخدمات المقدمة
تمثل خدمة الريال الإلكتروني (موبايل) نقلة نوعية في الاقتصاد اليمني وطريقة التعاملات المالية، وهي متاحة لجميع المواطنين سواء من تأتي رواتبهم من القطاعات الحكومية أو الذين تأتي مرتباتهم من قطاعات خاصة ومصادر أخرى، وطريقة الاشتراك سهلة ومتوفرة للجميع، وكما أسلفنا سابقاً فإنها تشبه الى حد ما خدمة (إم فلوس) التابعة لمصرف الكريمي، فكل من لديه هاتف محمول يعمل بنظام (يمن موبايل)، باستطاعته الحصول على خدمة الريال الإلكتروني من أقرب مكتب خدمات البريد أو عبر فروع ووكلاء شركة (يمن موبايل)، وهناك 3 خيارات مقدمة للجمهور، وهي تطبيق إلكتروني للأجهزة الذكية، وبريد صوتي، ورسائل نصية، بحيث تكون الخدمة متاحة لجميع المستويات والفئات العمرية، ولجميع الناس بمستويات ثقافتهم الإلكترونية المتفاوتة، وبعد الاشتراك بالخدمة يمكن لأي يمني يملك هاتفاً محمولاً بداخله رصيد مالي إلكتروني من راتبه الحكومي أو من غيره من التحويلات والتبادلات في حقل الخدمة، أن يقوم بالبيع والشراء، وتحويل الأموال عبر هاتفه ومن أي محل تجاري سوف يتم تزويده بنقطة تبادل، ليصبح الهاتف المحمول بمثابة محفظة ولكن محفظة الكترونية.
وأهم العمليات التي ستتيحها خدمة الريال الإلكتروني (موبايل) هي: مدفوعات الرواتب والمعاشات G2P، التحويلات من شخص إلى آخرP2P، مدفوعات الرواتب من الشركات الصغيرة، دفع وسائل النقل العام والمواقف، تعبئة الرصيد وتسديد الفواتير مثل الكهرباء والمياه وغيرها، مدفوعات التجزئة مثل البقالات والمطاعم ومحطات البترول التي ستزود بنقاط الخدمة، مدفوعات الأعمال والشركات B2B، الائتمان والتمويل الأصغر، التحويلات الدولية، الادخار.