نصــف راتــب وإيــجــارات كامــلة
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / زيد المجاهد
المؤجرون يملون شروطهم خارج ظروف اللحظة
نصــف راتــب وإيــجــارات كامــلة
أصعب مهمة يمكن مواجهتها، هي إقناع مؤجر عديم الإنسانية بإظهار بعض التعاطف، بتأجيل أو تخفيض الإيجار عن مستأجر البيت، فقد يتغير كل شيء، وتقصف البلاد طولاً وعرضاً، ويفقد الناس أعمالهم وتتأخر رواتبهم، إلا أن إيجار البيت لا يمكن أن يمسه أي تغير عند بعض الملاك.
كل المصائب على رأسها
إيمان منصور القاعي، أرملة معاقة وأم لطفلين، طردت من البيت وتمت مصادرة كامل أثاثها من قبل مالك البيت، بعد أن تراكم عليها الإيجار، فقد تآزرت الظروف ضد إيمان وطفليها، لتصنع مأساة غزلت خيوطها بشكل محكم حولهم، توفي زوجها قبل 7 أشهر، بعد صراع دام لمدة عامين مع الفشل الكلوي، تاركاً لأسرته قائمة ديون طويلة، بما فيها إيجارات البيت المتأخرة، والتي بلغت 600 ألف ريال، تجرعت إيمان الأمرين حتى تسدد إيجار المنزل ولا تُطرد من البيت، ورغم أنها سددت 300 ألف ريال من الإيجار، إلا أن ذلك لم يشفع لها، فطُردت، وصادر مالك البيت الأثاث الذي جمعته الأسرة قطعة قطعة على مدى 11عاماً، إضافة إلى ذلك سلبت من إيمان علاقات جوار تراكمت لأكثر من عقد، والآن أصبح عليها أن تبدأ الحياة من جديد، وقد جردها المؤجر من آخر ما تبقى لديها من متاع الدنيا، حاملة مسؤولية طفلين، بات عليها أن تخوض معركة مع العالم الذي كشر أنيابه في وجهها، وبإعاقتها المتمثلة بقصور في القدم اليسرى، تمضي إيمان باحثة عن عمل تضمن به قوت طفليها وإيجار المسكن الجديد.
شواذ عن القاعدة
وسط حالة التضامن الشائعة التي يبديها معظم أبناء اليمن في تعاملتهم مع بعضهم في ظل الظروف القاسية التي يعايشها الشعب نتيجة للعدوان والحصار، هناك مستأجرون كثر تعرضوا لمعاملة غير إنسانية على يد فئة من المؤجرين، فتعجز كل مساعي الصلح عن إقناعهم بالإبقاء على المستأجرين داخل البيوت، أسر تم إقفال البيوت في وجوههم من قبل المؤجرين، وتركوا لساعات في ليل صنعاء البارد بعد أن عادوا للبيت ووجدوه مقفلاً بقفل آخر وضعه مالك البيت على الباب، وباستثناء تعاطف الجيران كان على المستأجر أن يظل هائماً من بيت لآخر بحثاً عن مأوى يقضي فيه الليلة مع أسرته دون أن يثقل على أحد.
صنوف من الإذلال
مستأجرون يتعرضون للمضايقة تارة بقطع الماء وأخرى بقطع الكهرباء، لكن أشدها هو الإذلال الذي يتعمد بعض الملاك (المؤجرين) ممارسته يومياً بحق المستأجرين.
أقسام الشرطة باتت تعج بالكثير من قضايا الخلافات بين المستأجرين والمؤجرين، وتمثل شريحة الموظفين معظم فئة المستأجرين، بحسب مصدر أمني، إلا أن الشرطة لاتمتلك أية صفة لإلزام الأطراف بقبول مساعي الصلح، مما يدفع أقسام الشرطة إرسال المشكلة للجهات القضائية، باستثناء الحالات الجنائية المتمثلة إما بإغلاق المنزل أو الاعتداء على ممتلكات المستأجرين من قبل المؤجرين، وهي الحالات التي تستطيع خلالها الشرطة التعامل بصلاحية ملزمة باعتبار الواقعة جنائية، ومن ثم إرسال القضية إلى المحكمة.
قد يكون المستأجر مستغلاً
خالد عزيز السفياني الذي يمارس مهام عاقل حي جامع عثرب في العاصمة نيابة عن والده الذي يرقد في غرفة العناية المركزة، قال إن هناك حالات استثنائية لمستأجرين يستغلون الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، وقد توقفوا عن تسديد الإيجارات قبل شهور من دخول البلاد بأزمة الرواتب، ويقول: في الحي الذي أعد مسؤولاً عنه هناك مستأجرون من هذا النوع، وقد وصل الأمر إلى حد أن هناك ملاك بيوت وعمارات يريدون بيعها بعد أن ضاقوا من تلاعب بعض المستأجرين.. ويضيف السفياني: عادة ما نعمل على الصلح بين المؤجرين والمستأجرين، عبر إقناع الملاك بتخفيض الإيجار إلى النصف، أو تأجيل الدفع بحسب الوضع المادي للمستأجر، حتى يتمكن من القيام بتلبية حاجة أسرته.
الوضع الاستثنائي لتقديرات المحكمة
الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد أنتج مشاكل متعددة، من ضمنها المشاكل بين المؤجرين والمستأجرين، وهو وضع لم يكن ضمن حسابات المشرع اليمني عند وضع القانون، ويفيد المحامي هاني صادق أن هناك قانوناً خاصاً ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، لكن للأسف عند صياغة القانون لم تؤخذ الظروف الاستثنائية في الحسبان، وتمثل حالة عدم صرف المرتبات وضعاً خاصاً أيضاً، وبالتالي فإنه من الناحية القانونية وطالما المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة، فيجب عليه دفع الإيجار، لكن عند وصول أية قضية إلى المحكمة من خلال رفع دعوى من قبل المؤجر، يطالب المستأجر بدفع أي إيجارات متأخرة، فإن القاضي قد يحكم بتخفيض الإيجارات وفقاً لظروف كل حالة على حدة، أي أنه لا يوجد قاعدة أو نص قانوني محدد، فالأصل وفقاً للقانون أنه طالما أن المستأجر ينتفع بالعين دون معارضة من المؤجر، فعليه دفع الإيجار، مع العلم أنه قد صدرت أحكام بهذا الخصوص، والمحكمة قدرت الظروف، وقامت بتخفيض الإيجارات.
جنايات يعاقب عليها القانون
ويضيف المحامي هاني صادق أنه لايحق للمؤجر معارضة المستأجر أو إغلاق الماء أو الكهرباء أو إغلاق العين المؤجرة، لأن تلك التصرفات تعد جريمة يعاقب عليها القانون، حتى وإن لم يتم دفع الإيجار، ولا يوجد أمام المؤجر سوى التقدم بدعوى أمام المحكمة، وفي حالة عدم دفع الإيجارات لـ3 أشهر متتالية، فإن القانون يفرض على المؤجر إشعار المستأجر بالدفع خلال 15 يوماً من تاريخ استلام الإشعار، وإذا لم يدفع الإيجار فعلى المؤجر رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، حيث لا يجوز لأقسام الشرطة استدعاء المستأجر بناء على شكوى قدمها المؤجر حول الإيجارات، لأن الإيجارات دعوى مدنية تختص بها المحكمة فقط.
أزمة مرحَّلة من الماضي
تعتبر إيجارات المساكن مرتفعة جداً في بلاد مثل اليمن، ولم تستطع كل اللجان التي شكلت على مستويات محلية داخل المحافظات، ضبط عملية الإيجارات المفترضة للمنازل، حيث لم تتوافر أية جدية لدى السلطات لحماية المستأجرين من الاستغلال، الأمر الذي نجم عنه مبالغة في تأجير البيوت، في حين غابت المشاريع التي يفترض بها أن تحل أزمة الإسكان، وما يعايشه المجتمع اليوم من مشاكل بين المؤجر والمستأجر يعتبر في جزء كبير منه نتيجة لغياب الحلول التي كان يفترض أن تتوفر سابقاً في دولة تعد إحدى أسرع دول العالم نمواً في السكان.
المصدر صحيفة لا / زيد المجاهد