سايمن هاندرسن 
قصة اليمن, كما يتم عرضها في واشنطن، هي إحدى أسوأ المجاعات المتفاقمة، والتي يرجع سببها, أو أحد أسبابها على الأقل, إلى قصف السعودية غير الدقيق لرجال (القبائل الحوثيين المؤيدين لإيران). والحقيقية أنها تغطية للإحراج العسكري السعودي والمخاطرة الوشيكة لنشوب صراع أوسع جزءٌ منه إيران، وبتكلفة لن تحقق ربحاً.
الترجمة خاصة لـ موقع لا ميديا: محمد زبيبة
منذ اندلاع الحرب قبل ما يقرب من 3 سنوات، في مارس 2015م، يحاول التحالف بقيادة السعودية والإمارات إعادة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي يعيش في المنفى في الرياض. وسرعان ما استولت القوات الإماراتية، بمساعدة من مرتزقة كولومبيين، على مدينة عدن الساحلية الجنوبية، إلا أن الحوثيين المتحالفين مع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، تمكنوا من إحكام سيطرتهم على العاصمة صنعاء. قادمون من مدينة صعدة الشمالية. والـ20% من اليمن التي يحكمها الحوثيون حالياً تحتوي على حوالي 80% من سكان اليمن المقدر عددهم بـ28 مليون نسمة.
إن التقدم الوحيد الذي أحرزته القوات السعودية على طول الحدود الشمالية، هو الاستيلاء على جيب صغير من الأراضي اليمنية بالقرب من ساحل البحر الأحمر. ولكن الواقع العسكري العام هو في الواقع العكس. فالحوثيون يسيطرون فعلياً على قطاع من الأراضي السعودية بعدة أميال في العمق السعودي على طول الحدود، من مدينة جيزان حتى نجران. نحن نتحدث عن 100 ميل مربع من المملكة، وربما أكثر.
هناك جدل حول ما إذا كان يمكن وصف الأرض بأنها (محتلة) أم لا، وأحياناً يقوم الجيش السعودي بغزوها، ولكنها في الأساس تعتبر منطقة انطلاق للهجمات الحوثية على المواقع العسكرية السعودية والمدن الحدودية.
إن التقييمات الدبلوماسية لأداء الجيش السعودي (في الواقع ليست دبلوماسية جداً): (ضعيفة) و(مهينة) و(مروعة)، هي ليست سوى بعض الصفات المستخدمة في التعليقات التي تنطبق على الجيش والقوات الخاصة والقوات الجوية على حد سواء. كما أن الحلفاء الغربيين للمملكة العربية السعودية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ساخطون بسبب وضع ساحة المعركة، ويريدون كسر الجمود.
بدت هناك فرصة لذلك في ديسمبر، عندما انهار تحالف الحوثي وصالح، وبعد بضعة أيام، قتل صالح بكمين تعرض له موكبه. غير أن توترات أخرى أفسدت هذه الفرصة. فيبدو أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لديهما وجهات نظر مختلفة حول فائدة مواصلة دعم الرئيس هادي. وفي نهاية الأسبوع الماضي، شكل النشطاء اليمنيون الجنوبيون في عدن، بالدعم الضمني على الأقل لدولة الإمارات العربية المتحدة، (مجلساً جنوبياً انتقالياً)، وتعهدوا بالإطاحة بحكومة هادي. ووصف مسؤول سعودي هذا الإعلان بأنه (غير مقبول).
ترجمة خاصة لـ موقع لا ميديا: محمد زبيبة
دور إيران محدود، ولكنه مهم.. يبدو أن شخصاً ما في طهران يلعب مجازياً بالتوتر ليهيج دون أن يدفع واقعياً إلى صراع سعودي إيراني مباشر.. وهناك أعمال تتهم بها مجموعات صغيرة من المستشارين الإيرانيين حول قيامها باستخدام صواريخ ضد السفن البحرية الأمريكية في الممر المائي الاستراتيجي باب المندب؛ حيث أصيبت فرقاطة سعودية بأضرار بالغة من قبل زورق سريع آلي التحكم إيراني التجهيز.
وفي نوفمبر، سقط صاروخ يمني، تم تعزيز مداه من قبل مهندسين إيرانيين، بالقرب من مطار الرياض الرئيسي، على بعد 500 ميل من أراضي الحوثيين؛ وفي الشهر التالي أُطلق صاروخ آخر على قصر ملكي في العاصمة السعودية. وفي ديسمبر الماضي أيضاً، أعلن الحوثيون إطلاق صاروخ باتجاه محطة للطاقة النووية قيد الإنشاء بالقرب من أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من سخرية المسؤولين الإماراتيين، فإن المسؤولين الغربيين يعترفون بالمحاولة، قائلين إنه بإدخال تحسينات يمكن للتهديد الحوثي ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أن يصبح حقيقياً.
ويبدو أن سلطنة عمان، التي تقع على حدود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة واليمن على حد سواء، تمثل لاعباً محورياً بعكس ما قد تبدو عليه. ومن المتوقع أن تكون الطريق العابر للتكنولوجيا العسكرية الإيرانية الموجهة للقوات الحوثية، والسؤال هو عما إذا كان السلطان العماني قابوس قد سمح لحدوث ذلك عمداً. ويقال إن السلطان البالغ من العمر 77 عاماً، يشعر بالغضب إزاء ما يعتبره حماقة سعودية وإماراتية في التدخل في اليمن. وفي المقابل، تحكم الرياض وأبوظبي على استخدام السلطان للقوات الإيرانية (قبل الثورة) للتعامل مع المتمردين خلال السبعينيات، بأنه شكل سابقة مؤسفة لتدخل طهران في شبه الجزيرة العربية.
ومن المرجح أن السلطان قابوس -الذي توقعت وكالات استخبارية أنه تحت العلاج من سرطان قد لا ينجو منه بعد عام 2019م- منزعج من وصول المركبات العسكرية السعودية الى ميناء نشطون اليمني مؤخراً، والتي قد تكون خطوة نحو خطة سعودية مستمرة لإنشاء ممر بين اليمن وسلطنة عمان، يتيح للمملكة العربية السعودية الوصول المباشر إلى المحيط الهندي. وفي الماضي، يسرت عمان قناة دبلوماسية بين الحوثيين والرياض. وهذا يحتاج إلى إعادة تنشيط.
من المستحيل التنبؤ ما إذا كان العمل المقبل هو عسكرياً أو دبلوماسياً. في الوقت الراهن، تتبنى إيران وضعية البريء المتضرر. وفي 22 يناير الفائت، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في صحيفة (فايننشال تايمز) : (إن طهران تقترح إنشاء منتدى حوار إقليمي في الخليج الفارسي. وإن دعواتنا الطويلة للحوار لا تزال مفتوحة، ونحن نتطلع إلى اليوم الذي يقبل فيه جيراننا ذلك، وحلفاؤهم - في أوروبا وأماكن أخرى في الغرب - سوف يحثون على ذلك).
ومن المؤكد تقريباً أن كلمات ظريف قد تمكن واشنطن من إقناع الرياض بالاستماع إلى مشورة الولايات المتحدة بشأن اليمن.

صحيفة (ذا هيل – The Hill) الأمريكية
ترجمة خاصة لـ موقع لا ميديا: محمد زبيبة