شعر بالخطر من جهوزية الرد فسحب تأييده إغلاق المنافذ
المجتمع الدولي ينصاع لقوة الردع اليمانية

لا شيء يغضب دول تحالف العدوان ـ السعودية بالذات ـ أكثر من مشاهدتها فرحة نصر تجتاح الشارع اليمني على وقع صفعة قوية تلقتها مملكة بني سعود على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية، لا سيما إذا أتت رداً على مجزرة بشعة ارتكبها طيرانها بحق أبنائه.. فرحة النصر عمت أبناء الشعب الذين يعانون ويلات عدوان وحصار تجاوز عامين ونصف العام، بفعل الصاروخ الباليستي نوع (بركان H2) الذي أطلقته قوة الجيش واللجان الصاروخية على مطار الملك خالد بالرياض، السبت 4 نوفمبر الجاري، وأصاب مخزن وقوده في مقتل.. وكما جرت العادة، لجأ النظام السعودي للإمعان في عدوانه وحصاره كي يمنع استمرار تلك الفرحة الموجعة له، وأعلن في اليوم التالي للضربة أن الصاروخ إيراني الصنع، وبعده بيوم قام بإغلاق كافة المنافذ اليمنية بما فيها التي في المناطق الواقعة تحت سيطرة قواته ومرتزقتهم، وإقدامه على ذلك كان بدعم أمريكي وبريطاني وأممي، إلا أن تراجعه مؤخراً خطوة في تطبيقه للقرار له أسباب، وليس عرضياً.
دواعي توجيه ضربة باليستية يمنية 
سبقت الضربة التي وُجهت لمطار خالد بالرياض عدة تحذيرات أطلقتها القيادة الوطنية الثورية للتحالف بشكل عام، تنصحه فيها بإيقافه عدوانه على الوطن ورفع حصاره عنه، غير أن العدو استمر في استكباره وتصعيده في ارتكاب المجازر بحق الأبرياء، آخرها كانت مجزرة مروعة ارتكبها طيرانه بحق عمال في مزارع القات كانوا نائمين في لوكندة بسوق علاف محافظة صعدة، راح ضحيتها أكثر من 60 بين شهيد وجريح.
وبحسب محللين فإن السعودية راهنت في ارتكاب تلك المجازر بمأمن من الرد عليها، على الدور الروسي الذي أوكلت إليه مهمة وقف الاشتباك من طرف واحد، وهو الطرف المقاوم لتحالف العدوان الأمريكي السعودي. فولي العهد السعودي أكد في مقابلة له استمرار عدوانه على اليمن حتى يقضي على القوى الثورية فيه، ويعيد فرض وصايته على البلد، لكن رهانه على تغاضي القوى الوطنية عن مجازره بدعوى وجود تسوية، فشل تماماً، حيث قامت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية باستهداف خزانات وقود أحد مطارات الرياض، بصاروخ (بركان H2)، ودمرتها، ما دفع هيئة الطيران هناك الى تعليق الرحلات الجوية في المطار.
ومعرفة الجميع بشأن الصاروخ الذي أطلقته وحدة الإسناد الصاروخي لقوات شعب تحاصره لأكثر من عامين ونصف بالأقمار الصناعية وسفن المراقبة وطائرات الاستطلاع، على مطار الملك خالد بعاصمتها الرياض، جعل السعودية تذهب لاتهام إيران بأنها من صنعت الصاروخ وهربته إلى الجيش واللجان الشعبية، هروباً من الاعتراف بالهزيمة.

العالم يؤيد اتهام السعودية 
لإيران ويدين الضربة 
إن البيان الذي أصدرته الخارجية السعودية عقب الضربة الباليستية التي تلقتها واعترف إعلامها بها، وتداولها على أنها صواريخ وليست مقذوفات كالمعتاد، وحملت فيه إيران مسؤولية ما وصفته بكل وقاحة وتبجح بالاعتداء على أراضيها وشعبها الآمن، متناسية عدوانها على اليمن وشعبه، كان هروباً من الاعتراف بقوة الجيش واللجان الشعبية، وبحقيقة اقتحام اليمن مجال التصنيع العسكري رغم عامين ونصف من العدوان والحصار.
وأصدرت القوى الظلامية الداعمة لعدوانها على اليمن بيانات تدين ردة فعل اليمنيين على استمرار قتلهم وحصارهم، وتؤيد ما اتخذته السعودية من تصرفات تجاههم بتشديد الحصار عليهم، حيث أصدر البيت الأبيض بياناً ندد فيه بالضربة، واعتبرها بحسب ما جاء فيه (تهديداً لأمن وسلم منطقة الخليج)، مؤكداً (وقوف الولايات المتحدة إلى جانب السعودية في الرد على هذه الهجمات المتاحة من قبل الحرس الثوري الإيراني).
من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة له على (تويتر)، دعمه لكل القرارات التي يتخذها سلمان ونجله، وأنه على ثقة بصوابها.
إلى ذلك، صرحت وزارة الخارجية البريطانية، عبر مساعدها لشؤون الشرق الأوسط، في الـ9 من الشهر الجاري، بأن الضربة التي تلقتها السعودية كانت بسلاح إيراني، مؤكداً موقف بلاده الداعم لبني سعود.
وظهر من خلال ما ذكرته السعودية في بيانها باحتفاظها بحق الرد على إيران في الوقت والمكان المناسبين، أنها تنوي سلب اليمنيين لحظة النصر التي منحها لهم الباليستي (بركان H2)، بتشديد الحصار عليهم وارتكاب المزيد من المجازر بحقهم، من أجل جعلهم ينهمكون في الحديث بعيداً عن الضربة الباليستية.

هروب من الاعتراف بالفشل 
على خلفية الدعم الدولي المقدم لها، أعلنت دول تحالف العدوان، في فجر الـ6 من نوفمبر الجاري، إغلاق كافة المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية، والتي في الأساس مغلقة في مناطق سيطرة القوى الوطنية، بدعوى دخول صواريخ إيرانية إليها عبر تلك المنافذ المدارة من قبل سفن تحالف العدوان، ولا جديد في القرار سوى أنه شمل المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الاحتلال ومرتزقتهم، وهذا ما أكد نية السعودية خلق أزمة اقتصادية خانقة لقتل الشعب، تدفعه تداعياتها إلى إلقاء المسؤولية على عاتق من قاموا بإطلاق الصاروخ على الرياض.
فقد طلبت الأمم المتحدة في نفس اليوم من السفن المتواجدة بميناء الحديدة مغادرة الميناء فوراً، عبر رسائل وجهتها لها ببريدها الإلكتروني، وكان عددها 8 سفن محملة بالأغذية راسية في ميناء الحديدة، الشريان الوحيد المتبقي للشعب اليمني.
خبراء ومحللون وصفوا إقدام السعودية على هذا الفعل بأنه هروب من الاعتراف بالهزيمة من شعب صمد أمام عدوانها طيلة أكثر من عامين ونصف، فالمستشار الأمريكي السابق ومدير معهد بروكينغز، بروس ريدل، تحدث عن أن الهجوم الصاروخي على مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية الرياض، أرعب القيادة السعودية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وإلى حد أفقدها التركيز، وتشديدها الحصار على اليمن محاولة استباقية للقادم منه.
أما دانيال لاريسون، كبير محرري صحيفة (أميركان كونزرفيتف) الأمريكية، فقد أكد في مقال له أن لجوء السعودية لهذا الإجراء بتضييقها الخناق على السكان المدنيين، هو هروب من الاعتراف بالفشل وصرف الانتباه عنه.
لم يكن تشديد الحصار سوى جزء من الخطة، فلتبرير جرائم قصفها القادمة وضعت السعودية الكثير من أسماء القيادات الثورية في قائمة المطلوبين لديها، كي تقتل المواطنين تحت يافطة استهداف المطلوبين. 
ففي اليوم التالي لإغلاق المنافذ دشنت سلسلة من المجازر بدأت باستهداف منازل المواطنين بمنطقة هران مديرية أفلح اليمن محافظة حجة، مخلفة 60 شهيداً وجريحاً، بدعوى وجود مطلوبين من قائمتها هناك.
أعقبتها بمجزرة أخرى استهدفت الصيادين بجزيرة البوادي بمحافظة الحديدة، مخلفة 9 شهداء و7 جرحى، بالإضافة إلى استهداف حي الصعدي بصنعاء، وتدمير 12 منزلاً فيه.
وبلغت حصيلة الغارات التي نفذتها بعد تلقيها (بركان H2)، حوالي 236 غارة على مدى 10 أيام، تركزت معظمها على صنعاء وحجة وصعدة والحديدة، ونتج عنها أكثر من 100 شهيد وجريح.

القيادة الوطنية تحذر
كما حذرتها القيادة الوطنية قبل توجيه الضربة الباليستية إليها من مغبة استمرارها في العدوان والحصار، عادت بعد الضربة لتحذرها بلهجة جادة من عواقب تشديد الحصار واستهداف ميناء الحديدة.
وبينما كانت تخوض السعودية وتحالف عدوانها في الحديث عن قرارها إغلاق المنافذ اليمنية، رفعت القوة البحرية والدفاع الساحلي للجيش واللجان الشعبية الستار عن منظومة صواريخ بحرية جديدة سمتها (المندب 1)، بحضور الرئيس صالح الصماد الذي أشار إلى أن هذا الإنجاز الكبير يمثل نقلة نوعية في معادلة المعركة مع العدو، وقوة رادعة ستغير موازينها وتقلب الطاولة على الجميع.
وفي بيان له عقب قرار إغلاق المنافذ، اعتبر المجلس السياسي الأعلى ذلك القرار أقصى درجات النزال بالحرب، ويؤكد أنها سعودية مدعومة من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ضد الشعب اليمني المظلوم.
وحذر المجلس السياسي في بيانه دول تحالف العدوان من الإقدام على منع دخول المواد الأساسية من الغذاء والنفط، عبر ميناء الحديدة، وفي حال قامت بذلك فإن كل المطارات والموانئ والمنافذ والمناطق ذات الأهمية بالنسبة لها ستكون هدفاً مباشراً للسلاح اليمني المناسب، وهو حق مشروع كفلته كل الشرائع.
إلى ذلك، أكد كل من الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام، وناطق الجيش واللجان الشعبية شرف لقمان، أن أية حماقة يرتكبها تحالف العدوان في الساحل الغربي ستجعل الشعب يتخذ قراره الحاسم في البحر الأحمر رداً عليها.
إن الجدية التي ظهرت في تحذيرات القيادة الثورية والسياسية للسعودية وتحالفها من أن الإقدام على خطوات تخنق الشعب اليمني، سيكون لها عواقب وخيمة قد تتجاوز دول العدوان، هو ما جعلها تتراجع عن تنفيذ قرارها بإغلاق كافة المنافذ اليمنية.

تراجع المجتمع الدولي 
عن تأييد قرار إغلاق المنافذ
لم يعِش قرار تحالف العدوان بإغلاق كافة منافذ البلد سوى بضعة أيام من ولادته، حيث تراجعت السعودية والدول الداعمة لها خطوات في تنفيذه، وبحسب وكالة (سبوتنيك) فإن إدارة ميناء عدن المسيطر عليه من قبل المرتزقة، صرحت لها بأنها تلقت موافقة من تحالف العدوان باستئناف نشاط الميناء.
ويبدو من خلال تغير موقفه تجاه القرار أن المجتمع الدولي هو من ضغط على السعودية للتراجع عن قرارها الذي أبدى دعمه له فور إعلانه، وسبب ذلك جدية القيادة الثورية في التوجه نحو خيارات الرد على الحصار، وقد سبق وحذرت من استمرار القصف للأبرياء، وصدقت في ذلك باستهداف واحد من أهم المطارات في مملكة الشر وفي عاصمتها الرياض.
لا تهتم أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وكذلك روسيا بشأن السعودية، وضغطها عليها كان من أجل مصالحها في خط الملاحة الدولية بالبحر الأحمر الذي هدد المجلس السياسي الأعلى باستهداف سفن الدول المشاركة في العدوان التي تمر منه، وكذلك مطارات وموانئ السعودية والإمارات.
وما يشير إلى قلقها من التحذيرات، هو تحرك الأمم المتحدة التي أبلغت السفن بالمغادرة تنفيذاً للقرار السعودي، ومن ثم عادت للتحذير منه بأنه سيفضي إلى كارثة إنسانية، ومن الضروري العدول عنه.
ليس هذا فحسب، بل تحملت هذه المنظمة التي رعت مجازر العدوان وتداعيات الحصار منذ 26 مارس 2015 وحتى اليوم، مسؤولية القرار بدلاً من السعودية، وقالت في رسالة اعتذار بعثها مكتبها بصنعاء، الأحد الماضي، للمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، إن ما حصل بشأن إبلاغ السفن الـ8 التي كانت راسية في غاطس ميناء الحديدة بالمغادرة أتى عن طريق الخطأ عبر أحد موظفيها، وهي الآن تجري تحقيقاً معه بعد إيقافه لمعرفة سبب قيامه بذلك.
وأكد مصدر بحكومة الإنقاذ أن السفن التي أبلغتها الأمم المتحدة بالمغادرة عادت، الأحد الماضي، لغاطس الميناء، وبدأت بتفريغ حمولاتها. وهذا دليل على جدية الجيش واللجان الشعبية في الرد على إطباق الحصار.
وزارة الخارجية الأمريكية دعمت قرار تحالف العدوان بداية الأمر، لكن بعد سماع تلك التهديدات عادت لاستنكاره على لسان المتحدثة باسمها (هيذر نويرت) التي قالت في بيانها إن (الولايات المتحدة تدعو إلى فتح الموانئ اليمنية لدخول المساعدات الغذائية، فإغلاقها يبعث لنا مخاوف خطيرة). مؤكدة أنه لا بد من دخول البضائع والمساعدات إلى اليمن دون عائق.
كذلك فعلت سفارتها لدى اليمن في الرياض، التي أصدرت بياناً طالبت فيه كل الأطراف ـ بحسب تعبيرها ـ بضمان عدم إعاقة إيصال الشحنات التجارية والإنسانية الضرورية جواً وبحراً.

السعودية تتراجع إلى الأمام 
هذه المواقف من أمريكا وغيرها من الداعمين لتحالف العدوان، مهما بدت صديقة، إلا أنها ليست سوى إسقاط مسؤولية وهروب من عقاب اليمنيين الذين حكموا به على كل من يتمادى في قتلهم وحصارهم، ولا يشوبها أدنى مصداقية.
فالثلاثاء الماضي استهدفت طائرات تحالف العدوان بغارتين الجهاز الملاحي لإرشاد الطائرات بمطار صنعاء الدولي، ودمرته كلياً، وبحسب الهيئة العامة للطيران المدني اليمني فإن تدمير البرج يعني شل حركة المطار تماماً، وبالتالي توقف الرحلات منه وإليه، حتى الخاصة بطائرات الأمم المتحدة.
حتى ولو ندد المجتمع الدولي ومنظماته بالمجازر، وأعربوا عن قلقهم من مغبات تشديد الحصار على اليمن، فإن المال السعودي سيظل المسيطر على موقفهم طالما وهو يخدم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وخير دليل ما حدث للبرج الملاحي بمطار صنعاء الدولي الذي دمرته طائرات العدوان في الوقت الذي طالبت فيه الأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبي دول العدوان بفتح المنافذ الجوية والبحرية لضمان دخول السلع والمساعدات، ولكن لا بأس إذا قام بقصفها وشل حركتها تماماً. وعلى هذا يجب على القيادة السياسية والعسكرية الرد الحاسم على هذا الفعل القبيح والأبشع من الحصار، خصوصاً وأن السعودية ظهرت بجريمتها هذه أنها تراجعت عن إغلاق المنافذ إلى الأمام.