المعهد البولندي للشؤون الدولية:  ميشيل فوجنارويتز (محلل إسرائيلي)
حافظت إسرائيل على العلاقات السرية مع ممالك الخليج الفارسي السنية لعدة سنوات، بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية. إن أساس التعاون مع دول الخليج لاسيما السعودية هو الخوف من تنامي الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط. وبالرغم من الاهتمامات المتقاربة يبقى تطبيع العلاقات غير محتمل، وهو يعتمد بشكل كبير على حل القضية الفلسطينية.

العلاقات غير الرسمية
لا تحرص إسرائيل على العلاقات الدبلوماسية مع الممالك السنية في مجلس التعاون الخليجي، وحتى إنها ليس معترفاً بها من قبلهم, بذلت الجهود لتوطيد العلاقات الدبلوماسية بعد بدء عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي في التسعينيات عندما فتحت إسرائيل مكاتب للتجارة في عُمان وقطر, أغلقت هذه المكاتب بعد الصراعات الفلسطينية الإسرائيلية المتتالية، انتفاضة الأقصى في 2000 (عمان) وعملية الرصاص المصبوب في 2009 (قطر), تملك إسرائيل حالياً ممثلاً رسمياً في وكالة الطاقة المتجددة العالمية في الإمارات العربية المتحدة في العاصمة أبوظبي.
إن عدم الاعتراف الدولي بإسرائيل لا يمنع الأحزاب من أن تحافظ على العلاقات الرسمية من خلال المنظمات العالمية أو في المؤتمرات العالمية, وفقاً لتقارير الصحافة في سبتمبر 2012 تقابل نائب وزير الخارجية عبدالله بن زايد آل نهيان، مع وزير الخارجية بينيامين نتينياهو، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. تحرص إسرائيل ودول الخليج أيضاً على العلاقات التجارية، ولكن بسبب مقاطعة إسرائيل رسمياً، فإنها تتعاقد مع وسطاء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
أعربت دول الخليج عن اهتمامها باستخدام التقنيات الإسرائيلية، خاصة تلك الأنظمة الدفاعية الصاروخية أو أنظمة تحلية مياه البحر.

إيران العدو المشترك 
إن العوامل الرئيسية التي تكمن خلف التقارب العربي الإسرائيلي هو اضطراب الشرق الأوسط بعد الربيع العربي، وتنامي النفوذ الإيراني, تعتبر إسرائيل برنامج إيران النووي أكبر خطر يتهدد أمنها, ومثل دول الخليج تنتقد إسرائيل خطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015.
إن معارضة طموح إيران الإقليمية هو أساس التعاون الأمني بين إسرائيل والتحالف السني الذي تقوده السعودية، والذي يتضمن تعاوناً مخابراتياً وتبادلاً للمعلومات. من المتوقع أيضاً أن تسمح السعودية ودول الخليج لإسرائيل بأن تستخدم أجواءهما في حالة اضطرت فيها إسرائيل لتنفيذ ضربة جوية مستقبلاً على المنشآت النووية الإيرانية, بدورها اتهمت إيران السعودية باستخدام الأسلحة الإسرائيلية خلال الحرب الأهلية في اليمن.
اكتسب التعاون العربي الإسرائيلي زخماً منذ تحويل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً, وتعمل كل من إسرائيل والسعودية على تشديد الموقف الأمريكي تجاه إيران.
تم الكشف عن تقارب في المصالح بين دول الخليج وإسرائيل خلال الأزمة الدبلوماسية القطرية الحالية، وبالرغم من علاقاتها الجيدة مع قطر، إلا أن إسرائيل دعمت السعودية وحلفاءها، ورحبت بطرد ممثلي حماس من قطر تحت ضغط سعودي, كلا الجانبين ينتقدان تغطية القناة الإعلامية (الجزيرة) التي تتخذ من قطر مقراً لها. إن من مصلحة إسرائيل الحفاظ على علاقات طيبة بين دول مجلس التعاون الخليجي والحلفاء العرب الرسميين لإسرائيل، الأردن ومصر، وهما البلدان اللذان يرتبط استقرارهما مباشرة بأمن إسرائيل, فقد أيدت إسرائيل تنازل مصر عن جزيرتين أساسيتين للسعودية من أجل حرية وأمن حركة الملاحة في البحر الأحمر.
تشمل العلاقات العربية الإسرائيلية التعاون الأمني ضد الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وحزب الله (هذا الأخير عده مجلس التعاون الخليجي تنظيماً إرهابياً في العام 2016)، والحد من تأثير جماعة الإخوان المسلمين.

القضية الفلسطينية 
إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غير المحسوم يمثل عقبة كبرى أمام تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية, وقد رفضت إسرائيل مبادرة السلام العربية في 2002 التي تضمنت (الاعتراف بإسرائيل من جانب الدول العربية مقابل الانسحاب من المناطق المحتلة ومنح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة). بالرغم من أن دول الخليج (باستثناء قطر) تدعم فتح وحكومة محمود عباس (التي تحكم السيطرة الفعلية على الضفة الغربية)، إلا أنها كانت ناقدة لسياسته بشكل تصاعدي في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى انخفاض الدعم المالي للسلطة الفلسطينية, في أبريل 2016 خفضت السعودية الاعتمادات المالية المخصصة للسلطة الفلسطينية (المقدرة بـ20 مليون دولار بالشهر) كتعبير عن استيائها من سياسات عباس, وهكذا انخفضت المساهمة العربية في الميزانية السنوية للسلطة الفلسطينية إلى 50% في السنوات الأربع الماضية، وهي حالياً تقدر بـ900 مليون دولار في السنة.
وبينما الحكومات العربية لاتزال قادرة على الحفاظ على التعاون العملي مع إسرائيل، يبقى الرأي العربي العام بقوة ضد إسرائيل, على الرغم من أن السلطات تؤجج هذه المواقف، فهي تحد بشكل كبير من مناوراتهم السياسية (الرأي العام العربي), وإن الدعم المفتوح لإسرائيل دون حل القضية الفلسطينية أو أي اندلاع مستقبلي لحرب إسرائيلية فلسطينية مستقبلاً، سوف يعني زيادة الضغط والانتقاد من قبل مواطنيها (المواطنين في البلدان العربية), ولذا لكي تحافظ على الاستقرار الداخلي والتعاون مع إسرائيل فإن منع تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو في مصلحة الدول العربية، وذلك كان أحد أسباب مشاركة السعودية في الوساطة أثناء أزمة جبل الهيكل في يونيو؛ حيث تدخل الملك سلمان شخصياً لإعادة فتح المجمع للصلاة, وقد كان تخفيف الخطاب النقدي ضد إسرائيل مشهوداً في بعض وسائل الإعلام العربي.
في نفس الوقت الدول العربية لاسيما السعودية هي التي باستطاعتها أن تساعد في كسر الجمود في عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، ومشاركة الدول العربية في المفاوضات ستلفت انتباه إسرائيل كوسيلة لاختراق عزلتها الرسمية في الشرق الأوسط, في مقابل استئناف محادثات السلام وتقديم تنازلات للفلسطينيين، بما في ذلك تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية والتخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح المجال الجوي لشركات الطيران الإسرائيلية والسماح للرياضيين ورجال الأعمال الإسرائيليين بالبقاء في منطقتهم, تملك الدول العربية القدرة على التوسط لحل النزاع بين فتح وحماس، وأن ترفع من مقدار الدعم المالي للاقتصاد الفلسطيني.

الخاتمة
إن التحالف غير الرسمي بين إسرائيل والملكية السنية سيبقى مادام الطرفان يشعران بالخطر من نفوذ إيران المتنامي، ومن عدم الاستقرار في المنطقة؛ لكن مع ذلك المصالح المشتركة قد لا تكون كافية لحوار إسرائيل مع الدول العربية حتى تصبح رسمية, أو لتغير الموقف المعادي لإسرائيل في المنظمات الدولية, كما تقف الأمور فإن التطبيع سيستدعي تدفع تكاليف داخلية غير مقبولة بالنسبة للدول العربية, والتصعيد المحتمل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيؤدي إلى تشديد سياستها تجاه إسرائيل كما حدث في الماضي. إن العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية تستغلها وتستخدمها إيران وحلفاؤها كورقة سياسية لمهاجمة (النفاق السني)، ولزيادة نفوذها في المنطقة وفي ما بين الفلسطينيين, وفي الوقت نفسه فإن إمكانية التطبيع الجزئي للعلاقات مع الشرق الأوسط والفوائد ذات الصلة (الاعتراف الدولي والأسواق الجديدة واستيراد موارد الطاقة) قد يقود ذلك إسرائيل إلى تقديم تنازلات في عملية السلام.
يمكن أن يكون البعد المناهض لإيران للعلاقات الإسرائيلية العربية تحدياً لسياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط التي تهدف إلى دعم الاتفاق النووي الإيراني, وفي الوقت نفسه تسهم هذه العلاقات في تدابير بناء الثقة في الشرق الأوسط، والتي تتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في خفض التوترات الإقليمية, يمكن للاتحاد الأوروبي استخدام أدواته المتاحة لدعم التعاون المدني الإسرائيلي العربي (في مجال الطاقة المتجددة)، ولكن فقط في مرحلة التطبيع الرسمي للعلاقات, وبغية حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.