يستمر أبطال الجيش واللجان الشعبية في استنزاف القوات السعودية داخل نجران وجيزان وعسير بضربات نوعية موجعة تتلقاها على أيديهم وتلحق بها خسائر فادحة, أربكت العائلة الحاكمة التي تغرق في مستنقع عدوانها محاطة بالمشاكل, وجعلتها تنقل الاختلافات داخلها إلى أرض المعركة بعدة تصرفات أبرزها الدفع بالحرس الوطني إليها ليحصل على نصيبه.
وقد شهدت الفترة الأخيرة تقدمات كبيرة للجيش واللجان داخل العمق السعودي, قابلها فرار جماعي للجنود السعوديين الذين اعترفت مصادر رسمية لهم بمقتل 100 جندي في تلك الفترة.
فيما تحدث مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد يحيى المهدي، عن مقتل آلاف الجنود السعوديين خلال الفترة التي شهدت تصعيداً مماثلاً لتصعيد دول تحالف العدوان, أعلنه قائد الثورة في وقت ماض.
فخلال الأسبوع الماضي فقط اقتحم أبطال الجيش واللجان الشعبية مواقع عسكرية للجيش السعودي في تبة القيادة بمنفذ الخضراء، ودمروا آليتين عسكريتين هناك بصواريخ موجهة أدت أيضاً الى مصرع طاقميها, وقنصوا اثنين من مرتزقته في موقع الطليعة, إضافة الى استهداف تجمعات لجنوده في موقعي مستحدث المخروق وأطراف الشرفة، وجميعها بنجران.
كما لقي 3 جنود سعوديين مصرعهم بقناصات مقاتلي الجيش واللجان الشعبية في مدينة الربوعة, الذين استهدفوا في نفس الأسبوع تجمعات للمرتزقة خلف موقع سبحطال في عسير. بينما شن رفاقهم في جيزان هجوماً مباغتاً على تجمعات عسكرية للجيش السعودي بجبل قيس, وقصفوا أخرى بمدفعيتهم في المعنق والفريضة, ووضعت وحدة الهندسة العسكرية التابعة لهم كميناً محكماً دمر آلية عسكرية وقتل 3 جنود سعوديين.
وتُظهِر مقاطع الفيديو التي تصورها عدسات الإعلام الحربي فرار عدد كبير من الجنود السعوديين من أمام نيران الجيش واللجان الشعبية الذين أحرقوا مدرعاتهم واقتحموا عشرات المواقع العسكرية في تصعيد مستمر استنزف القوات النظامية التابعة لوزارة الدفاع السعودية المسيطر عليها من قبل بن سلمان.
ووسط الاختلافات الكبيرة التي تدور رحاها داخل العائلة الحاكمة وكشفتها حملات الاعتقال التي شنها محمد بن سلمان على أمراء كثيرين من العائلة، وإقالتهم من مناصبهم، أبرزهم محمد بن نايف الذي أُزيح من ولاية العهد ليحل مكانه, يظهر الجيش السعودي منقسماً بانقسام تلك التكتلات, وجلبت الخسائر التي يتلقاها في جبهات الحدود على أيدي أبطال الجيش واللجان تلك الاختلافات إلى أرض المعركة.
حيث كانت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية كشفت قبل أسبوع عن نية سلمان ونجله إرسال الحرس الوطني الذي يقوده متعب بن عبدالله للقتال في الحدود بعد أن قاموا بسحب الكثير من القوات التابعة لوزارة الدفاع نتيجة ضربات موجعة تلقتها خلال الأيام الماضية.
فبعد أكثر من عامين ونصف على قيادتها تحالف العدوان على اليمن، حشرت السعودية نفسها في الدفاع عن حدّها الجنوبي ولا قدرة لها في بلوغ أكثر من ذلك, وقالت المجلة نقلا عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، إن السعوديين يطمحون من هذه الخطوة, تأمين حدودهم، ولا يطمحون الذهاب إلى أبعد من ذلك.
وتقتصر مهام الحرس الوطني حسب المجلة الأمريكية على حماية قصور البيت السعودي ومنشآت النفط ومكة والمدينة، وليس حماية السعودية من هجمات خارجية، أي أن مهامه أمنية, ويرى البعض أن الدفع به في هذا التوقيت الذي يشهد فيه ذلك البيت مشاكل كبيرة، هو من أجل إنهاكه كونه يشكل عقبة أمام وصول محمد بن سلمان المختفي منذ حادثة القصر الملكي قبل أيام، إلى كرسي الحكم خلفاً لوالده.
ليس ذلك وحده هو السبب، فهناك أسباب أخرى من ضمنها الاستنزاف الكبير للقوات النظامية في وزارة الدفاع, إضافة الى عجز الملك وابنه عن جلب المزيد من أبناء المحافظات الجنوبية للقتال كمرتزقة بدلاً عن جنودهم في جبهات الحدود, بسبب الأوضاع المأساوية التي يعيشونها تحت وطأة الاحتلال السعودي الإماراتي, وتعرضهم المستمر للاعتقال والتعذيب بأبشع الطرق في سجون أنشأها الغزاة في حضرموت وعدن وغيرها من المدن المحتلة.
وقبل لجوء بن سلمان للدفع بالحرس الوطني إلى مهلكة الجيش واللجان, عمل على توظيف مرتزقة سعوديين لدعم صفوف جنوده المستمرة في التناقص داخل جيزان ونجران وعسير, تبين ذلك في تسجيلات مصورة لهم بعد وقوعهم في أسر رجال الرجال.
وتحدثت مصادر سعودية في وقت سابق عن محاولة ولي العهد إقناع وزير الحرس الوطني بالاستقالة من منصبه والتخلي عن قواته, لكن الأخير رفض وحذر الأول من عواقب اتخاذ خطوة كهذه شبيهة بسابقتها التي اتخذت ضد محمد بن نايف.
ويبدو أن عودة بن سلمان مجدداً إلى اتخاذ قرار بإرسال الحرس الوطني إلى الحدود كون والده قد أمر بإرسالهم في أبريل 2015, دليل واضح على أن وزير الحرس متعب بن عبدالله رفض التوجيهات السابقة، وهو ماضٍ إلى رفض الحالية، ويرى أنه أحق بالحكم من بن سلمان.
وأفادت مواقع إخبارية عديدة قيام طيران العدوان السعودي الأسبوع الماضي بقصف مقر لسلاح الحدود التابع لقواته في نجران, وقيادة معسكر الفواز الذي يتبع الحرس الوطني بقيادة متعب بن عبدالله. مؤكدة أن ذلك أتى بعد وصول عدد من التعزيزات إلى تلك المناطق، ورفض قيادات كثيرة لها أوامر بن سلمان بالذهاب لقتال الجيش واللجان الشعبية, وهو ما اعتبره نجل سلمان محاولة من وزير الحرس الوطني للانقلاب عليه.