تظلُّ النصوص القانونية الدولية بشأن حماية أسرى الحرب المتفق عليها دولياً، حبراً على ورق، يتشدق بها المنظّرون ليس إلا، وينفضون عنها الغبار كلما دعتِ الحاجة لقراءتها، أو لمجرد استعراضها تحت شعاراتٍ فضفاضة، فعلى مدى ما يقارب الثلاثة أعوام وأسرى الجيش واللجان الشعبية يعانون مختلف صنوف التعذيب لدى من يطلقون على أنفسهم (الشرعية)، ومرتزقتهم من مختلف الدول الذين استقدموهم لقتل وسحل اليمنيين، حيثُ كل جرائمهم تلك موثقة بالصوتِ والصورة، مما يدلُّ على تحديهم للقوانين المتفق عليها عالمياً، أضف إلى ذلك صمت المنظمات الدولية التي لم تحرك ساكناً تجاه ما يحدث في اليمن، رغم ما تدعيه من إنسانية وحماية للإنسان... هنا تستعرض صحيفة (لا) مجموعة من تلك النصوص التي وردت في معاهدتي جنيف وروما..
من هم أسرى الحرب؟
محتوى ما لخصته تلك النصوص أن: (أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية، ويقعون في قبضة العدو: أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة.. بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلي أحد أطراف النزاع، ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً..). ويضيف البند أنه يجب أن تتوفر فيهم بعض الصفات المهمة، مثل: (أن يقودها شخص مسؤول عن مرؤوسيه، وتكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد، أن تحمل الأسلحة جهراً، أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها). وهنا يتضح لنا من خلال النصوص المذكورة أعلاه أن من يقعون في أسر مليشيات الشرعية المتجردة من كل قيمِ الحرب وقوانينها يجب أن تتم معاملتهم كأسرى حرب، بينما هذه المليشيات تمارس العديد من الانتهاكات بحق الأسرى، دون أن توقف حماقاتها أية جهةٍ دولية، أو من تلك المنظمات التي تتغنى بالقوانين.

حقيقة مشروعهم الدنيء
في جزئية أخرى توضح النصوص أنه (... يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم، وبخلاف المسؤوليات الفردية التي قد توجد، تكون الدولة الحاجزة مسؤولة عن المعاملة التي يلقاها الأسرى). وهنا ارتكب تحالف العدوان على اليمن جرائم كبيرة بحق الأسرى، وقد فضحتهم الفيديوهات والصور التي وثقّت أعمالهم الوحشية، وعرّت نواياهم الدنيئة، وحقيقة المشروع الذي يحمله، وهم يرتكبون جرائمهم بطريقة سرية، بعيداً عن الأضواء، أو عن طريق مرتزقتهم على أرض الوطن، في ظلّ غيابٍ كبيرٍ لمنظمات حقوق الإنسان، التي تغض الطرف عما يحدث.

ينقلون أسرانا!
تحذّر (اتفاقية جنيف) في أحد بنودها أنه لا يجوز نقل الأسرى، فيما قامت كل من الإمارات والسعودية بنقل الأسرى إلى سجون أبوظبي، وأبها، وأجبرتا مرتزقتهما على بيعهم حتى تتمكن السعودية من تبادل أسراهم الذين وقعوا في قبضة الجيش واللجان الشعبية في الحدود، كونها لم تستطع أسر أحد منهم في الحدود، حسب ما قاله رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، في حوارٍ سابقٍ أجرته معه صحيفة (لا)، ويضيف: لأن النظام الإماراتي نظام بوليسي مجرم من الدرجة الأولى، فهناك العشرات من المعتقلات الموجودة حالياً في الجنوب، وهي سجون لمن قاتل تحت رايتها.

يعذبون ويسحلون ويدفنونهم أحياء!
في المادة رقم 13  يظهر حرص تلك النصوص على عدم التعرض لإيذاء أسرى الحرب بأي شكلٍ من الأشكال، حيث ورد فيها: (... يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية. وعلى الأخص، لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته)... وما قامت به دول العدوان في عددٍ من الجرائم اللاإنسانية بحق الأسرى، ينافي كل هذه النصوص وينسفها، والتي وثقتها الفيديوهات بالصوتِ والصورة، وهزت الرأي العام، لإعدام جماعي وذبح بحق 4 أسرى من وحدات الجيش واللجان الشعبية في إحدى مديريات محافظة تعز الواقعة في الساحل الغربي، كما كشفت مقاطع الفيديو المعاملة اللاإنسانية، والمنافية لكلِّ القيم والأعراف والمبادئ الدينية.
وليس آخر تلك الجرائم البشعة والمنافية لكلِّ قوانين وأعراف الكون، دفن الأسير عبدالقوي الجبري حياً، بعد تعذيبه في مديرية المخا، ورشه بمادة الأسيد قبل أيام من دفنه. وأقدم على تنفيذ الجريمة عدد من مرتزقة العدو الإماراتي من أبناء المحافظات الجنوبية الذين انخرطوا في مليشيا يستأجرها الحاكم الإماراتي محمد بن زايد لإشعال حروب العدوان الخاسرة في محافظات الجنوب، ولا سيما في الجبهة الساحلية، حيث تناثرت جثث المئات من جنودهم ومرتزقتهم بنيران أبطال الجيش واللجان الشعبية، فحاولوا الانتقام بتلك الطرق البشعة التي لم يسبقهم إليها أحد.

منظمات... خارج التغطية!
بات جلياً وواضحاً أن تلك المنظمات التي تدعي وتتغنى ليل نهار بحمايةِ حقوق الإنسان، ومنهم أسرى الحرب الذين تمت صياغة قوانين دولية بشأنهم، سقطت هنا على أرضِ اليمن، أقنعتها الزائفة أمام ما يحدث من جرائم ترتكبها دول العدوان ومرتزقتهم بحقّ أسرى الجيش واللجان الشعبية، لكن تلك الجرائم الموثقة بالصوتِ والصورة لن تسقط بالتقادم، حتماً ستصلُ إلى الرأي العام العالمي، وسيرفع اليمنيون الأحرار قضايا بتلك الجرائم أمام محاكم العالم، وسيخضع المجرمون للمحاكمة عاجلاً أم آجلاً.