المدارس الخاصة كـ(ممالك سرية للإخوان)
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / عمر الزريقي

96 مدرسة مخالفة للمواصفات الفنية وسنغلق أية مدرسة لم تلتزم بتعهداتها خلال الفترة الزمنية المحددة
المدارس الخاصة كـ(ممالك سرية للإخوان)
منذ ما يقارب الـ20 عاماً ازدهر الاستثمار في حقل التعليم الأهلي (الخاص)، باعتباره تجارة مربحة للكثير من المستثمرين، خاصة عند تلك الجماعات الدينية الوهابية التي لجأت لاستثمار التعليم بشكل عام، هادفة من ذلك لأغراض كثيرة تصب في آخر المطاف لمصلحة الحزب الديني الضيقة فقط. وأصبح من السهولة جداً تحويل شقه كبيرة أو فيلا تملكها أنت الى مدرسة خاصة للتعليم الأساسي والمرحلة الثانوية. والأكثر من ذلك هو ما صرح به مدير التعليم الأهلي في الوزارة بأن هناك مدارس فتحت رغم عدم حصولها على الترخيص من الجهات المسؤولة. مدارس كثيرة انتشرت في السنوات الأخيرة في العاصمة صنعاء، تشاهدها في الأحياء وبمسميات مختلفة. . تفتقر أغلب المدارس الأهلية الى البنى التعليمية المؤهلة والتجهيزات اللازمة والكادر المؤهل والمعامل والمكتبات والرؤية المستقبلية، وتزاول عملها في عمارات أو شقق مستأجرة مع أحواش غير مطابقة للمواصفات المطلوبة كمدارس يكون لها بنيتها المتكاملة وبحسب المعايير التربوية.
تعليم بديل
في الوقت الذي تعاني المدارس الحكومية من ضغط شديد وارتفاع أعداد الطلاب الملتحقين فيها في المراحل التعليمية المختلفة، وعدم الاهتمام بالتعليم الحكومي، وغياب النشاطات والتجهيزات المطلوبة وشحة توفر مبانٍ مدرسية جديدة، كل هذه كانت عوامل جعلت أسر الطلاب يفكرون كثيراً قبل إلحاق أبنائهم بالمدارس الحكومية. ومع تنامي أعداد المدارس الخاصة في العاصمة والمدن المختلفة كبديل للمدارس الحكومية المزدحمة بطلابها، شجع آلاف الأسر لإلحاق أبنائهم بها كتعويض لما افتقدوه في المدارس الحكومية.
وهذا ما أكدته والدة الطالبة رهف، أن سبب البحث عن مدرسة خاصة لابنتها يعود لازدحام المدرسة الحكومية المجاورة. وتضيف أن هناك مدرسة حكومية أخرى، لكنها بعيدة نسبياً، ومزدحمة بالطالبات، والتحصيل فيها متدنٍّ.
أما أبو خالد فقال إن المدارس الخاصة لها ميزات، ولها أيضاً عيوب، أهمها التركيز على الجانب المادي، ويخضع التعليم على قدرة أولياء الأمور، حيث إن من لا يدفع تحت أي ظرف يجعل ابنه أو ابنته مهدداً بالفصل من المدرسة، ويمنع من دخول الامتحانات. وأشار إلى أن بعض المدارس تطلب دفع الرسوم على أقساط متعددة، ويرى كثير من أولياء الأمور أنها مناسبة إلى حد ما، أما بالنسبة لوالد خالد فعكس ذلك.
معلمون برواتب متدنية
في بعض المدارس الخاصة مازال بعض المدرسين يتقاضون رواتب ضئيلة جداً تقدر بـ20 ألف ريال، مما يؤثر سلباً على أدائهم التعليمي، بسبب جدول الحصص الكثيف رغم القرار الذي أصدره وزير التربية والتعليم السابق، والذي ينص بألا يقل مرتب المعلم في المدارس الخاصة عن 30 ألف ريال. بينما في المدارس الحكومية يلقى المعلم راحة في جدول الحصص الخاصة به، مما يساعده على أداء عمله بإتقان.
الأستاذة نجاة علوان، تحمل بكالوريوس لغة إنجليزية، تعمل في مدرسة خاصة بأمانة العاصمة، قالت إن إدارة المدرسة ألزمتها بـ23 حصة في الأسبوع، مقابل راتب شهري 40 ألف ريال. وأضافت أن التكليف بالنسبة لها شاق وغير منصف بحق المعلمات بشكل عام داخل المدارس الخاصة. وتابعت بقولها إنه في المدرسة التي تعمل فيها يوجد عدد من المدرسين خريجي ثانوية يدرسون في نفس تخصصها ورواتبهم كراتبها.
وأضافت أن هناك مدرسات خريجات ثانوية أيضاً يدرسن معها في نفس المدرسة للمرحلة الأساسية، وأن إدارة المدرسة تقبل خريجي الثانوية بشكل دائم، وهذه مخالفة للقانون.
الضغط على نجاة من إدارة المدرسة كان سبباً في تفضيلها أن تدرس طلاب المرحلة الأساسية بدلاً من تدريس تخصصها، وأرجعت ذلك إلى مضايقتها من بعض الطلاب في المرحلة الثانوية، الذين وصفتهم بعديمي الأخلاق والتربية، وعدم تقديرهم للمعاناة التي تواجهها في المدرسة.
أما الأستاذة نبيهة، 30 عاماً، خريجة تربية، وتعمل في مدرسة خاصة أخرى منذ 5 أعوام، قالت إنها سوف تتوقف عن التدريس، وأرجعت سبب ذلك الى السياسات السلبية التي تنتهجها إدارة هذه المدرسة، واستغلال المعلمات برواتب زهيدة، والتدليل الزائد لطالبات المدارس الخاصة، والسماح لهن من قبل إدارة المدرسة بتمرير تصرفاتهن غير الأخلاقية وغير اللائقة مع المعلمات أثناء الحصة، وهذا يمنع المعلمة من تطبيق أساليب التعليم الناجح، التي تمثل نصف العملية التربوية والتعلمية.
وواصلت حديثها لـ(لا) أن المعلمة في المدارس الخاصة تشعر بأنها مجرد أداة، ولا قيمة لها أمام طالباتها، واستهتارهن بمعلماتهن أثناء أداء الحصص، موضحة أن الأجر الذي تحصل عليه أغلب المدرسات لا يتناسب مع الجهد التعليمي والتربوي الذي تقدمه المعلمة في المدرسة الأهلية، بالإضافة إلى حجم المعاناة والإرهاق الذي تتحمله المعلمات بعد تقديم الحصص بسبب الجهد والتنقل بين عدد من الشعب والفصول الدراسية طوال اليوم، معتبرين أننا مجرد آلات نلقي الدروس متنقلات من فصل الى آخر طوال فترة الدوام.
عدد الراسبين في المدارس
الخاصة قليل جداً
يقول مروان الدنخ، معلم في مدرسة خاصة، لـ(لا)، إن طلاب المدارس الخاصة يتم تدليلهم من قبل المعلمين بأمر من مدير المدرسة، وأن مخالفتهم لذلك الإجراء تجعلهم عرضة للفصل مباشرة من إدارة المدرسة. ويؤكد أن كثيراً من زملائه طردوا من المدارس الخاصة إثر ذلك.
واستدرك الدنخ حديثة بقوله إنه من الطبيعي تعامل المعلم مع الطلاب بطريقة محترمة وأبوية، وفي المقابل الطلاب أيضاً ملزمون باحترام مدرسيهم. لكن بعض الطلاب يفهم هذا التعامل من قبل معلمه بطريقة خاطئة، وأنه ضعف منه، مما يجعلهم لا يراعون احترام معلمهم، ويبدون سلوكاً سيئاً والاستهزاء بهم. وهذا ما يجعل بعض المعلمين يلجؤون إلى تأديب طلابهم. . وأما عن مستوى الطلاب فقال إن بعض المدارس الخاصة لا تراعي مسؤوليتها في التعليم، وأن العائد المادي هو الهدف من إنشاء تلك المدارس. إضافة إلى أن مدارس كثيرة اتبعت سياسة لا رسوب للطلاب الملتحقين فيها بهدف الحفاظ على أكبر كم من الطلاب فيها.
إلهام ناصر، مديرة مدارس خاصة، قالت لـ(لا) إن هذا يحدث وموجود في بعض المدارس الخاصة التي لا تراعي المسؤولية التي تقع على عاتق المدرسة. وعندما سألناها هل أنتم تقومون برفع وتنجيح جميع الطلاب حتى لا يتم نقلهم من المدرسة، نفت هذا تماماً، وأكدت أن لديها طلاباً في المدرسة راسبين وصل عددهم العام الدراسي الماضي إلى 17 طالباً وطالبة، وأشارت إلى أن في مدرستها امتحان تحديد مستوى إلى الصف الثامن، يحدد مستوى أي طالب وصلاحيته في الصف الذي سيدرسه.
وللمدارس الخاصة خطوة إيجابية
حتى لا يبقى هذا التحقيق الميداني ذا طابع لتنقيب وإظهار نقاط الضعف والمخالفات التي ترتكبها المدارس الخاصة بحق التعليم وأجيالنا الطلاب بكل مستوياتهم، فهناك ملامح إيجابية للمدارس الخاصة أنصفت التعليم الخاص، وهذا ما أكدت عليه الأستاذة ثريا القدسي حين قالت إن حضور التعليم الخاص ـ بعضه وليس كله ـ أضاف القليل من الحلول، وساهم من تخفيف الضغط على منشآت التعليم الحكومي، كما ساعد على استيعاب عدد كبير من الطلاب في جميع المراحل التعليمية، في الوقت ذاته عمل التعليم الخاص على امتصاص جزء كبير من البطالة في أوساط الخريجين، وبالذات المعلمون.
وأشارت القدسي إلى أن التعليم الخاص أضاف بعض النشاطات المختلفة كقيام الإدارة بمراقبة مستمرة للطلبة والطالبات، ومتابعتهم باستمرار من حيث المواظبة، والتواصل مع أسرهم لإشعارهم عن وضعهم الدراسي أولاً بأول. أيضاً يتميز التعليم الأهلي بممارسة أنشطة مختلفة مهارية ورياضية، إضافة إلى التربية الموسيقية والفنية، وهذه غائبة في المدارس الحكومية، كما أن المدرس يعمل وقتاً أطول على عكس المدرس في القطاع الحكومي، الذي يعطي حصته ويذهب ليمارس عملاً آخر خارج المدرسة. بالإضافة إلى مقررات اللغة الإنجليزية كمادة أساسية من الصف الرابع، وإلى جانبها مادة اللغة الفرنسية.
وينتقد أولياء الأمور بعض أنشطة المدارس الخاصة كالمسابقات والرحلات وأنشطة أخرى كالرسم والإنشاد والموسيقى، لأنها تكلفهم مبالغ مالية إضافية.. ويقول بعض المدرسين إن مثل هذه النشاطات تساعد طلاب المدارس الخاصة على فهم دروسهم.
مدارس خاصة بدون تراخيص
ينص قانون تنظيم مؤسسات التعليم الخاص والأهلي في مادته رقم 3، لمن يريد إنشاء المدارس الخاصة، فإن عليه أن يضيف إمكانيات جديدة الى الإمكانات الحكومية، والمشاركة في تدريب الكوادر البشرية اللازمة لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإدخال أنظمة وبرامج تعليمية جديدة، وتعزيز المنافسة والمشاركة الشعبية في التنمية، والتوسع في تعليم اللغات المختلفة، وتمكين أبناء الجاليات من الحصول على الخدمات التعليمية التي يحتاجونها.. في تصريح صحفي سابق، قال نائب مدير عام التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم حميد شاطر، إن الوزارة اكتشفت 96 مدرسة مخالفة للمواصفات الفنية من حيث المبنى الذي يخالف القانون، ونحن بدورنا قمنا بأخذ تعهد من هذه المدارس بأن تقوم بإصلاح الخلل في المبنى أو الانتقال إلى مبنى آخر مؤهل لتدريس الطلاب خلال شهر من تاريخه، وقد تعهدت المدارس بذلك.
ويضيف: في حالة عدم إيفاء المدارس الأهلية والخاصة بوعدها للوزارة، فإننا سنضطر لإغلاق المبنى نهائياً، وتوزيع الطلاب المسجلين فيها على جميع مدارس الأمانة. أما في ما يتعلق بالمدارس التي يتم إغلاقها نهائياً بدون إعطاء فرص لها لتصحيح وضعها، فهي المدارس التي نكتشف أنها غير قانونية في منحها الشهادات للطلاب وغير معتمدة من قبل الوزارة. . في المقابل تتغيب وزارة التربية والتعليم عن القيام بدورها الرقابي والنزول الى المدارس الخاصة للتفتيش بشكل مستمر، والإشراف على دور المدارس الأهلية، وتقييم الأنشطة الدراسية والتربوية في جميع المدارس الخاصة في العاصمة صنعاء، والتي بلغ عددها أكثر من 700 مدرسة أهلية، ويدرس فيها أكثر من 600 ألف طالب وطالبة.
ويقول موجهون يعملون في مكتب التربية بأمانة العاصمة، إن الوزارة تتقاضى ملايين الريالات من المدارس الخاصة، وتشمل 300 ريال رسوم تسجيل عن كل طالب، و300 ريال رسوم تعميد الشهادات، و300 دولار رسوم تجديد التراخيص، و250 ريالاً رسوماً عن كل منهج دراسي.. وأشاروا الى أن الوزارة غير مشددة في رقابتها على التعليم الخاص، وأنها تفتقر للائحة تنفيذية لقانون التعليم الخاص، وعدم توفر بيانات سليمة لعدد من المدارس الخاصة. كما أنها لم تحدد أجور المعلمين المتدنية، ولم تقم بضبط بعض المدارس المخالفة لنصوص القانون الخاص بالمدارس الأهلية، كإغلاقها للمدارس التي بدون تراخيص، وعدم متابعة مدراء المدارس من أجل تجديد التراخيص، كما تفتقر الوزارة للترجمة الخاصة للمناهج التي تدرسها المدارس الأجنبية والجاليات، وعن أداء التعليم والرقابة فيها على المقررات والرسوم الدراسية.
تخويف الطلاب بعذاب النار
يقول مدير مدرسة حكومية في صنعاء أثناء لقاء صحيفة (لا) به، إن وزارة التربية والتعليم تعرف أن أغلبية المدارس الخاصة تتبع حزب الإصلاح.
وأضاف قائلاً إن حزب الإصلاح منذ عام 90م تحديداً بدأ يرسم سياسته الحزبية نحو استهداف التعليم لصالحه السياسي والديني، واستغلال ضعف المؤسسة التعليمية في جميع مراحلها، وبدأ العمل على إيجاد وضع تعليمي خاص بديل ومنافس للتعليم الحكومي، وخلال الأعوام الأخيرة نلاحظ انتشاراً مخيفاً للمدارس الخاصة التي تزيد أعدادها عن المدارس الحكومية بكثير. وأصبح حضور المدارس الحكومية صغيراً داخل العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى، مقارنة بالمدارس الخاصة، وقد وصلت المدارس الخاصة الى بعض الأرياف والمدن الصغيرة. . وأشار إلى أن الإصلاح استخدم سياسة دينية في المنهج التعليمي الذي يتم تلقينه لطلاب هذه المدارس، خاصة وأن رقابة الدولة عليها ضعيفة جداً، وانتهج حزب الإصلاح بث أفكارهم الدينية بطرق مختلفة ومشبعة بالتطرف والتحريض والخزعبلات الدينية الكاذبة التي يتم إعطاؤها أهمية كبيرة داخل المنهج، إضافة إلى المواعظ والترهيب، وإعطاء رجال الدين صفة الكمال، وأن اتباعهم والانصياع لهم أمر إلهي وشريعة إسلامية.
وتحدث أحد أولياء الأمور للصحيفة قائلاً: ابني الذي يدرس في الصف الثاني الأساسي في مدرسة خاصة، قال إنه يقاطعه ويزعل منه، والسبب أنه لا يراه يصلي، وأن معلمات الطفل في المدرسة الخاصة يقمن بترهيب ابنه وبقية الطلاب بعذاب النار والقبر والثعبان الأقرع لقاطع الصلاة. وأضاف أن المعلمات يقمن بعرض عذاب النار للطلاب عبر جهاز لابتوب يتم تشغيله أمام ابنه الطفل ومجموعة من الطلاب، وعرض حرائق ونار ضخمة لإقناع الطلاب أنها نار جهنم، كما يتم عرض ثعبان كبير، وإيصال فكرة للطلاب أنه الثعبان الأقرع.. كما أشار ولي أمر الطالب بقوله إن ابنه الطفل يعود من المدرسة كل يوم ليحذرهم من العذاب الذي شاهده في المدرسة، مضيفاً أن ابنه يخاصمهم ويبكي إذا تأخروا عن موعد الصلاة، وأكد أن المدارس الخاصة والمناهج وطريقة التعليم فيها هي أساس التطرف الديني، كما تؤهلهم للالتحاق بصفوف الجماعات الإرهابية.
سوق مربح
وصرح أكاديمي لـ(لا) قائلاً إن بعض المدارس الخاصة المنتشرة في أغلب أحياء العاصمة، هدفها يتلخص في السعي وراء الربح المادي والكسب السريع، والذي طغى على بقية الأهداف التربوية والتعليمية، المتعلقة بإلمام واستيعاب وفهم الطالب للمقررات الدراسية، حد قوله.
أما مدير مدرسة ابن خلدون، فتحدث في تصريح صحفي، عن العبث بالعملية التعليمية، خاصة في تلك الشقق السكنية التي لا يزيد بعضها عن دورين، وتحولت بقدرة قادر إلى مدرسة، وللأسف يتهافت أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم فيها بمبالغ تصل لمرتب شهرين لأحد المدرسين الحكوميين، وهذا أمر غير مقبول.
ويضيف آخر أن سبب ذلك هو تقاعس وزارة التربية عن أداء واجبها الرقابي، وتحديد الرسوم، ما يجعل المواطن عرضة للاستغلال، ويصبح الطالب أو الطالبة سلعة خاضعة للعرض والطلب.
ويقول أبو أوس إنه دفع 155.000 ريال رسوماً دراسية على ابنه، وقال إن إدارة مدرسة أخرى طلبت منه 180.000 كرسوم عن الطالب عمرو، وهو في الصف الأول الثانوي، وتتباين الرسوم الدراسية المطلوبة من مدرسة الى أخرى، والتي قد تقل عن 100.000ريال أو تزيد في بعض المدارس لتصل إلى 250.000 ريال.
وبلغ إجمالي إيرادات رسوم المدارس الخاصة خلال العام الدراسي قبل الماضي، 8 مليارات ريال، إذ تراوحت الرسوم السنوية ما بين 20 ألف ريال للروضات و30 ألف ريال للتمهيدي و50 ألف ريال للصفوف الأولى كحد أدنى، و170 ألف ريال كحد أقصى.
600 ألف طالب يلتحقون بالتعليم الخاص
وأظهرت دراسة سابقة بعنوان (التعليم الخاص في اليمن)، تفاوت رسوم التسجيل في المدارس الخاصة في اليمن بشكل كبير، إذ توجد مدارس تتقاضى رسوماً متوسطة تتجاوز 70 ألف ريال، وصولاً إلى مدارس تتقاضى رسوماً عالية جداً حتى 250 ألف ريال، وهي المدارس الأجنبية.
وأوضحت الدراسة أن معدل النمو في أعداد طلبة المدارس الخاصة في اليمن يرجع إلى الأعداد المتزايدة من الطلبة اليمنيين الملتحقين بالتعليم، والاختلال الذي يعاني منه التعليم الحكومي، حيث يوجد ما يقارب 600 ألف طالب وطالبة ملتحقون بالتعليم الخاص، يدرسهم نحو 20 ألف معلم، يحمل 50% منهم مؤهلات جامعية، والبقية يحملون مؤهلات الدبلوم والثانوية.
كما تشغل قرابة 20 ألفاً من العاطلين (أجورهم متدنية)، وتنشط الحركة التجارية للأحياء المجاورة لها وتشغل الباصات، إضافة الى المصروفات ونفقات التشغيل والرسوم والنفقات اللازمة للدولة.
معلمون من دون تأمينات
يستغل أغلب مدراء المدارس الخاصة المعلمين في مدارسهم الخاصة، وبطريقة انتهازية متمثلة بعدم السماح لهم بالبحث عن حقوقهم التأمينية أو التفكير والنقاش في هذا الشأن، برغم أنه كفل لهم القانون أن يحصلوا على المعاش التقاعدي، ولا تعد التأمينات رسوماً، بل هي حقوق للعامل أو المدرس، وأن الاشتراكات تعود إلى العامل أضعافاً مضاعفة، وكم أصبح العامل والمعلم اليوم بحاجة إلى التأمين الذي فرضه القانون وأعطاهم مستحقاتهم الشهرية التي تلزم أصحاب تلك المدارس أن يكون الحد الأدنى للأجور مبلغاً صافياً 30 ألف ريال، ويخرج 15% تأميناً إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
في الوقت نفسه يجهل غالبية العاملين في القطاع الخاص بصورة عامة، والمعلمين في المدارس الأهلية بصورة خاصة، حقوقهم التأمينية التي كفلها لهم القانون، حتى إذا لم يدفعوا فلساً واحداً، وإن لم تدفع المنشأة التي كانوا يعملون فيها الرسوم التأمينية عليهم، كما يمنحهم القانون الحق في المعاش التقاعدي في حالات العجز، والمرض، وبلوغ سن الـ60، أو في حالة مرور 20 عاماً خدمة في القطاع الخاص، أو في حالة الوفاة، إلى آخره، وما سيحققه من مزايا وفوائد التأمين، لكن للأسف لقد جهل العامل في القطاع الخاص، وبالذات المعلمون في المداس الخاصة، حق المطالبة بحقوقهم بسبب تهديد أصحاب المنشآت الخاصة لهم بالفصل والتعسف بطرق مختلفة، رغم أن القانون يمكنهم من الحصول على المعاش التقاعدي إذا مر على مزاولة أعمالهم سنتان وشهر، في حالة ـ لا سمح الله ـ تعرض ذلك المعلم إلى إصابة عمل، أو في حالة إحالته إلى التقاعد، أو الوفاة، فإن التأمين يعد للمعلمين ضماناً وصمام أمان للزمان.
دور الموجهين
تحدث لنا أحد الموجهين العاملين في مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة، عن قضية العقود القائمة بين المعلمين ومدراء المدارس الخاصة، وقال إن مدراء المدارس الخاصة لا يعطون حتى صورة للمعلمين العاملين في مدارسهم، وهذا من أجل ألا يسلم مدراء المدارس الخاصة حقوق المعلمين في حالة طالبوا بحقوقهم. ويضيف الأستاذ عبدالرب أن العقود التي يوقعها المعلمون مع المدرسة على أساس أن يكون الراتب الشهري 40 ألف ريال، بينما هم يستلمون أقل من ذلك المبلغ.
وعن دور الموجهين في مكتب التربية يوضح عبد الرب أن دورهم في المدارس الخاصة هو دور فني ورقابي، من حيث رفع تقارير إلى مكاتب التربية من دون إخفاء أية مخالفات ترتكبها المدرسة. لكن الوزارة لم تفعل هذه التقارير، ولم تبدِ أي شيء برغم المخالفات الكثيرة على أرض الواقع، مشيراً إلى أن كل موجه يحصل على 2000 ريال كمقابل زيارته للمدرسة الخاصة. ولمح إلى أن أغلب الموجهين يقومون بزيارة للمدارس الخاصة فقط من أجل التكسب وحصولهم على رشوة من مدراء المدارس الخاصة. ودورهم أصبح مشبوهاً لأنهم يخفون في تقاريرهم كل المخالفات التي يجدونها داخل المدارس الخاصة، والممارسات المدمرة للتعليم. ويفترض على وزارة التربية والتعليم أن توقف هذه العشوائية والفوضى بحق العلم والمعرفة، والبدء بتفعيل العمل الروتيني الذي أصبح لا يفضي لشيء، حسب تعبيره.
العدوان يدمر مدارس أهلية
حتى المدارس الخاصة لم تسلم من قصف العدوان، الى جانب تدمير المدارس الحكومية، حسب ما أعلنته الجمعية، الوطنية للمدارس الأهلية، في مؤتمرها الصحفي، قبل أيام. وأوضحت الجمعية، في البيان الصادر عن المؤتمر الصحفي، أن المدارس الأهلية مهددة بالانهيار، خاصة أن 95 مدرسة أُغلقت، والكثير منها معرضة للإغلاق في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وعدم وقف العدوان السعودي الغاشم على اليمن وفك الحصار عنها.. وطالبت المدارس الأهلية الجهات المعنية بإدراجها في كشوفات حصر الأضرار لوجود الكثير من المدارس التي تعرضت لتدمير كلي وجزئي جراء العدوان. ونوه البيان الى الدور الإيجابي الذي كانت تقدمه المدارس الأهلية في تخفيف العبء عن التعليم الحكومي، سيما رفد الدولة بموارد مالية، حيث وصلت عام 2007م ما يقارب 77 مليار ريال، إلا أن الخسائر التي تعرض لها التعليم الأهلي بلغت أكثر من 13 ملياراً و400 مليون ريال منذ بداية العدوان، بالإضافة الى عدم تحصيل الرسوم المتأخرة.
أول مدرسة أهلية
تعتبر المدرسة الأهلية أول مدرسة خاصة في العاصمة صنعاء، والتي بدأت الدراسة فيها في ١٦ سبتمبر ١٩٧٢م، كأول مدرسة خاصة في اليمن، بإدارة الوالد الفاضل الأستاذ سعيد قائد المقطري، مديراً ومربياً فيها.. وبعد مسيرة عطاء متواصلة، مدتها أكثر من ٤ عقود، حتى اليوم، يقوم الخريجون منها بعد أكثر من 4 عقود من تخرجهم، بتكريم مدراء ومعلمي مدارسهم: (مدارس صنعاء النموذجية الأهلية) أو (المدرسة الأهلية)، وقاموا بإصدار فيلم تكريمي وتذكاري، في خطوة هي الأولى من نوعها، حيث لم يسبقهم إليها أقرانهم من خريجي المدارس الأخرى.
رؤى
ويتحدث الخبراء عن الحاجة الى هيئة اعتماد أكاديمي، وخطة وطنية لتطوير الدور الإشرافي لوزارة التربية، وتطوير أداء المدارس الأهلية من حيث المباني والتجهيزات والمنهج وتأهيل المعلمين.
ويدعو بعض القائمين على المدارس الخاصة الى تفعيل دور أولياء الأمور، وإعفاء هذه المدارس من الرسوم المقدمة للوزارة، وتطوير الجانب الإشرافي الذي يعتمد على العلاقات الشخصية، حد تعبيرهم، ومنع التداخل في الرقابة بين الوزارة والمكاتب، وتقييم المنهج الدراسي وعدم تأخيره من قبل الوزارة، مع توفير مرجعية له تزيل الغموض الموجود فيه.
ويتطلع أولياء الأمور الى توفير البيئة المناسبة للتعليم الجيد، وإغلاق المنشآت المخالفة، وتحديد الرسوم وتوحيدها بين المدارس الأهلية، مع تحديد آلية دفع مناسبة لدخل المواطن، وذلك من قبل وزارة التربية والتعليم.
المصدر صحيفة لا / عمر الزريقي