على طريق استعادة الهوية الوطنية والفكرية والاجتماعية والتنظيمية، والوقوف في الخندق الوطني للدفاع عن الوطن والتصدي للعدوان والاحتلال والفساد وأدواته، والعودة إلى الموقع الطبيعي لحزبنا كواحد من القوى الطليعة الوطنية الثورية، وكجزء من النسيج الوطني والاجتماعي للبلاد المعبر عن آمالها وأحلامها إلى جانب القوى الوطنية الشعبية الصامدة.. من أجل إنقاذ حزبنا وتطهيره وتخليصه من البيروقراطية والفساد والفوضى الانتهازية والتبعية وموالاة العدوان والاحتلال والاستبداد، ومن سياسة الارتهان للخارج والتماهي مع مشروعات سياسة واستراتيجية القوى الأجنبية التي تهدف الى تقسيم الوطن وتفكيكه واحتلاله وسلخ أجزائه وضمها إلى دول أجنبية طامعة باليمن وبثرواته وموقعه، واجتثاث هويته الثقافية والوطنية لتتمكن من محوه من الوجود الجيوسياسي للمنطقة.
ومن أجل إعادة بناء حزبنا، حزباً اشتراكياً وطنياً ثورياً وديمقراطياً، وفياً لتراثه النضالي والمعرفي وشهدائه وقادته المؤسسين، يتطابق مع طموحات وتطلعات أجيال الوطن، مناهضاً للعدوان والاحتلال والبيروقراطية والاستبداد والفساد بكل مظاهره وأشكاله.
من أجل الانتصار لسنوات العذاب والنضال لرفاقنا وشعبنا، والانتصار لقضايانا الوطنية والاجتماعية، ولقيمنا ومبادئنا وضمائرنا وآدميتنا وعقولنا.. تداعينا كاشتراكيين وطنيين ثوريين، يذبحنا الحال الذي وصل إليه حزبنا ووطننا وشعبنا.
إن الكارثة الوطنية والحزبية والإنسانية التي تواجه الوطن والحزب والشعب، الواقع المؤلم الذي يواجهه حزبنا ووطننا، نتيجة للعدوان الإمبريالي، ويواجه حزبنا كارثة سياسية وأخلاقية مباشرة نتيجة للسياسات الخرقاء المعادية للوطن والموالية المنحازة للعدوان والاحتلال والاستبداد.
الكارثة الوطنية هي التي تتجسد في العدوان الأجنبي والاحتلال والتبعية والاستبداد والمخاطر الامبريالية الاستعمارية لبلادنا، ولن نتكلم عن الإشكالية الوطنية الآن، لأن لها موضعاً آخر. إننا أمام مشكلتنا الخاصة الداخلية الحزبية الآن باعتبارها هي الأولوية القصوى، لأنها صارت واحدة من معوقات الحل الوطني للتصدي للعدوان والاحتلال، لأنها صارت مصدراً للأسف، من مصادر العدوان وتعزيز وجوده واستمراره وتبريره، وتقسيم الصف الوطني والاجتماعي، ويضعف المد القومي الوطني والاجتماعي.
إن الإشكالية الكبرى، كامنة في السياسات والتحالفات والتكتيكات والاستراتيجيات -وكلها قد خدمت الاحتلال والعدوان على شعبنا ووطننا- التي كانت مضادة للوطن وللشعب، ومتعارضة مع القرارات العامة والمبادئ الأساسية للقانون الداخلي والوطني والدستوري.

مظاهر نموذجية للسياسات الخرقاء والمعادية:
1- التحالف مع القوى التقليدية والتبعية والخارجية والدولية الاستعمارية.
2- الدخول في المؤامرة الخليجية السعودية الأمريكية، وملاحقها السرية.
3- الوقوف سلباً من الثورة الشعبية الأخيرة التي أنقذت الشعب وكفاحه التراكمي من براثن الاستبداد والنفوذ الأجنبي.
4- الالتصاق بحكومة التبعية والعدوان.
5- استدعاء العدوان وتبريره.
6- الدفع بالأعضاء إلى دعم الاحتلال والعدوان والإرهاب للعمل معاً في جبهة واحدة ضد الوطن، وتزوير الحقائق الموضوعية القائمة وتضليل الرأي العام.
7- الاعتماد مادياً على دول العدوان والاحتلال والتبعية الاستعمارية.
أدى هذا إلى نتائج خطيرة، أولاها كان الانقسام الكبير داخل الحزب على خلفية النزاع في الواقع، وتنافرها مع الأغلبية الشعبية ومع تاريخ الحزب ومع القوى الوطنية المعادية للعدوان والاستعمار، وتعريض الحزب إلى انتقام شامل من أغلبية الشعب والوطن، والإساءة إلى تاريخه النضالي، واستخدام السلطة في غير موقعها، ونقل الحزب من موقعه الطبيعي المحدد تاريخياً في جبهة النضال ضد العدوان والتحرر الوطني، إلى خانة العمل لخدمة العدوان مباشرة وغير مباشرة، وإثارة الفتنة الداخلية المذهبية والجهوية والطائفية، والتي انتقلت إلى بنية التنظيم الداخلي، ودمرت وحدته الداخلية، والدخول في شلل تام للعمل الحزبي، ووقف النشاط الوطني والثوري، والاستعاضة بممارسة أنشطة معادية، منها التماهي في مشاريع التقسيم (الأقاليم) المفروضة أمريكياً وسعودياً.
وأدى هذا بدوره إلى إضعاف الجبهة الداخلية للوطن والدفاع عنه، وإلى اختراقات أمنية في نسيجه، مما سهل للعدوان أن يتسلل إلى أبواب العاصمة، وتهديد الوطن كله بالاحتلال والاستعباد.. ومساهمة الاشتراكيين في الكارثة نتيجة القيادات الفاسدة الحمقاء الأنانية التي لا يهمها في فنادق العدوان سوى الأموال، وأن تدخل العاصمة جحافل العدوان، وفوق بحر من الدماء والأشلاء. وأصبح مصير البلاد والوطن والشعب كله على كف القدر.

أين الإشكالية الآن؟
الأولى، عامة متعلقة بالسياسات والرؤية وتوصيف الصراع.
الثانية، خاصة تتعلق بالأفراد القياديين الذين لهم صلاحيات مطلقة استبدادية، يرون مصالحهم في الاحتلال والعدوان والتقسيم، وكل ما يريده الكيان السعودي ومديره الأمريكي، فهما أقوى القوى في المنطقة والعالم حد تبريرهم، في أكثر الأشكال انهزامية ومرضاً، ولم يعد ممكناً إصلاحها.
هذه هي الإشكالية التي تعصف بنا وبوطننا الآن، وعلينا مسؤولية وطنية، لا يمكن الهروب من مواجهتها.

الحلول والمخارج 
إن القيادة الانتهازية الفاسدة، قادرة على إحباط أية محاولة للتغيير عبر أساليب بيروقراطية تنظيمية صورية، استعاضت عنها بشبكات شللية تنظيمية، ولا يوجد اليوم أي بناء سليم نظامي، فالقاعدة الحزبية الأصلية أقصيت عملياً، وأبعدت إلى خارج البنية التنظيمية القائمة، واستبدلتها بتابعين عصبويين ومندوبي المنظمات المدنية الأجنبية التي تديرها السفارات الأجنبية.
لا أمل يرى من الإطارات الصورية الباقية الآن.

 ماذا عن بقايا الهيئات؟
لو كان هناك هيئات، لما كنا في هذا الوضع، ولما حدث كل هذا الذي حدث ويحدث. ومعظم الهيئات التي قامت لم تجتمع طيلة سنوات من يوم انتخابها، ولم تزاول أي نشاط حزبي، وليس بإمكانها أن تقوم بذلك، لأنها تلاشت تماماً.
ثم أية هيئات قيادية هذه التي تبرر للقيادات العدوانية، وتمنحها الضوء الأخضر لاختراق كل المبادئ الوطنية والحزبية والأخلاقية دون حياء، ولم تسألها يوماً عن سلوكها المشين الذي تمارسه؟! وظلت تتغاضى عن كل الاختلالات والانتهاكات والانحرافات أمام ناظريها. إنها هيئات ميتة قد مرت دوراتها وولاياتها، ولم يعد لها أية قانونية وأي وجود من الأساس.

الخيارات الباقية اليوم
إما الانتظار حتى تتوفر ظروف طبيعية بعد الحرب، وأن تتوفر الإمكانيات لكي يمكن عقد مؤتمرات ودورات انتخابية، ومحاولة تصحيح الوضع، لكن هذا لا يجدي من حيث الضرورات التاريخية الاستثنائية.
أو الانطلاق من الظروف القائمة أياً كانت، فلن تكون أسوأ من الانتظار حتى يتوفر الظرف المطلوب، وتتعاظم الأزمات وتزداد تعقيداً، وعليه فإن الخيار الأنسب والمسؤول هو هذا الواقعي الحاصل، الموجود الذي يمكن إصلاح أية نتائج سلبية له تكون هامشية بالضرورة، لأنها عالجت الجوهر الأصلي الذي لا يمكن أن ينتظر أبداً.

المغامرة المحسوبة ضرورية في كل حرب تحررية
المسؤولية التاريخية تقول إننا أمام حدث تاريخي يجب أن نكون في مستواه إذا أردنا أن نصنع تاريخنا الوطني، والمساهمة في تطهير وصمات العار التي ألصقتها القيادة الانتهازية الفاسدة العدوانية بحزبنا.
فليس أمامنا الكثير من الوقت ولا الإمكانات ولا الإهمال والتراخي، وسوف يتحمل الاشتراكيون الوطنيون المسؤولية التاريخية عن كل ما كانوا قادرين على فعله لإنقاذ حزبهم ووطنهم، ولم يفعلوا، وظلوا يترددون، وفي هذه الظروف الاستثنائية لا تتطلب المسألة تردداً وحرصاً زائداً وقلقاً، بل تتطلب قرارات ورجالاً استثنائيين.. هل نحن كذلك؟ أجل، اتخذتم القرارات الشجاعة والمسؤولة، والرجوع إلى القاعدة الحزبية الوطنية والثورية، والعودة للمؤتمرات والاجتماعات الموسعة والاستثنائية العاجلة، وهي المخرج الممكن في الظرف الراهن الذي لا يقبل التأخير ولا التراجع.

الطريق والآليات الممكنة الآن وخلال الشهر
المبادرة الثورية وتنادي الأعضاء والكوادر الحزبية الوطنية الواعية إلى الاجتماعات الحزبية الموسعة، وسرعة تحقيق ذلك قطعاً لكل محاولات البيروقراطية والعدوان وأدواته لإفشال ومنع وتخريب وتشويه الحركة الفارقة التي نخطوها، وقيام كوادر الاجتماع للعمل وفقاً لخطة واضحة يقرها الاجتماع بطريقة ديمقراطية، وتنفذ على مستوى المحافظات والدوائر والمديريات وكل المستويات، وانتخاب قيادات جديدة ومندوبين إلى مؤتمرات استثنائية وصولاً إلى المؤتمر الوطني العام الاستثنائي، والذي هو حصيلة نشاط الجهود والمبادرات الذاتية والجماعية، وإطلاق طاقات المناضلين المخزونة من الشباب والشيوخ، التي خنقتها البيروقراطية الفاسدة، وحولتها إلى قوة تدمير ذاتي.
مهام المؤتمر الاستثنائي هي:
1- الوقوف أمام تحديات المرحلة الوطنية ومتطلبات المواجهة والدفاع عن الوطن، وتحديد مهام القوى الوطنية واليسارية ومهام الحزب الاشتراكي في إطارها.
2- تقييم المرحلة السابقة وأداء القيادة السابقة، وانتخاب قيادة جديدة وطنية تجمع بين التجربة والحماس الثوري، وتجمع خلاصة تجربة وقوة وعزيمة الأجيال الثلاثة معاً القديمة والوسطى والشباب، حيث تكمن قوة الحزب الحقيقية هنا، ومدرسة البناء الحزبي والوطني، وتخريج الكادر القيادي، لضمان استمرارية إنتاج وإعادة إنتاج الأجيال القيادية بدون توقف.
3- وضع استراتيجية بناء ونشاط تنظيمي ووطني سياسي جديدة تتطابق مع المرحلة وتستجيب لها ومتطلباتها وواجباتها وتنطلق منها، وتعيد تكييف التنظيمات والأطر وفقاً لمتطلبات وتعرجات المسألة الوطنية والشعبية الثورية، بوصفها - أي المرحلة - مرحلة تحرر وطني واجتماعي في آن، تأخذان شكل الحرب الشعبية الوطنية ضد العدوان والاحتلال وأدواتهما الذين هم أصلاً هم طبقات الاستبداد الماضي والتبعي التي أسقطتها الثورة، وتحاول العودة الآن، إذ العدوان في حقيقته وجوهره هو حركة الثورة المضادة (الرجعية) الداخلية والخارجية، بمواجهة الثورة التي فجرها شعبنا. وحيث مصير الوطن والشعب وكل شيء بما فيها الأحزاب، يتحدد بمدى نجاح هذه الثورة الشعبية في التغلب على العدوان وسحقه.
4- بعد إقامة القيادة والهياكل الاستثنائية والمندوبين للهيئات الأعلى، تعد القيادة الجديدة برنامج عمل تنفيذياً - محمولاً من الاجتماعات والاستراتيجيا المتمخضة عنها- محدداً تنظيمياً وفكرياً وسياسياً لمزاولة نشاطها على كافة المستويات.
5- تفعيل الحوارات الحزبية الداخلية لتوحيد الرؤى والمفاهيم والتصورات، واستعادة الوحدة الداخلية التنظيمية والفكرية والسياسية.
هذا هو المشروع والمسؤولية التي تحتمها علينا المتغيرات الوطنية الراهنة وحساسية المرحلة والخطر المحدق بالوطن ووحدته وجغرافيته وهويته، في أكبر هجمة استعمارية في تاريخ الوطن منذ العهد الروماني والحبشي.
إنها قضية تاريخية ومسؤولية عملاقة ومهمة كبرى، تتطلب عمالقة من الرجال المناضلين الذين عركتهم خبرات ومعارك ومعارف النضال الوطني، وتصلبوا في أتونها ونضجوا في خضمها، وقادرين على قيادة كفاحات الشعب بكل فئاته.. ونقول من الآن إنه لا تراجع، إذ عجلة التاريخ دارت للأمام، وأن ما يحيق بالحزب من مهددات، إنما هي من هذا المسار الانتهازي للتيار المسيطر على الحزب.