ما هو مخطط الحرب الجديدة النوعية التي تحضر لها الرياض؟
مخطط يريد تحقيق تخريب البنية الداخلية لمؤخرة الجيش والأنصار والقوى الوطنية، أي تفجير الحرب الأهلية على نطاق شمولي كبير يشمل البنية التحتية الأمنية والاقتصادية والعسكرية والسياسية للبلاد. ولاحت الأيام الماضية بنشاط أمني تخريبي اقتصادي ليس بريئاً، ويدور في إطار آليات السوق، بل في إطار أمني موجه.
وتتزامن تلك النشاطات مع احتدام الصراع في كافة الجبهات الرئيسية والمركزية، وبالأخص مأرب نهم والجوف وعمران والمندب والشريجة.

المخطط الاستراتيجي للحرب الراهنة الذي يجري الإعداد له الآن تحت غطاء المشاورات والمفاوضات
العدوان يحشد قواته من فترة طويلة إلى محاور الحرب الرئيسية، ويركز قوات كثيفة نحو محاور نهم وصرواح بالذات.
ومؤخراً هدد العسيري بالإعداد - كما قال - لمعركة صنعاء، لتكون نظيفة هذه المرة، أي بدون دماء!
ونسأل المعتوه كيف تكون حرباً نظيفة؟ لماذا يتوقعها كذلك؟ ألديه التزامات من أهالي العاصمة بأنهم سوف يخرجون لاستقبال العدوان على الأبواب بالورود وأغصان الزيتون؟َ!
هو لا يدري بما يجيب، ولكن الأمر لا يحتاج إهمالاً ولا تجاهلاً، فكل ما يقوله العدو ينطوي على خطط ضدنا، ونحن في جهوزية تامة وصحوة تامة أيضاً، فلن نؤخذ على حين غرة.

 العمالقة ومرتزقة العدوان
فضح المخلافي نفسه حين ادعى أن الأنصار قد اعتدوا على العمالقة في عمران! ما الذي كان المخلافي يخفيه عن العمالقة ويخطط له؟
كان العدوان قد تمكن من دس بعض العناصر الخائنة التي اشتراها بالمال، لتقوم بأعمال خيانية من داخل المعسكر حين تقترب قوات المرتزقة من الجوف والمتون وعمران. كان نسخة خالد القرع في نهم يريد تكرارها في عمران، لكن أبطال الجيش كانوا على أهبة الاستعداد، ويراقبون ما يخطط له عن قرب وفي العمق، وقد أوقفوا العناصر المندسة في الوقت المناسب قبل تحركها، وتم تنظيف المعسكر دون أن يشعر أحد بذلك، غير أن العدوان الذي افتقد حركة عناصره، أدرك أنهم قد سقطوا. أراد بدهاء أن يقلب موقف المعسكر بالتحريض على الجيش والأنصار، وتبرير الغارات العدوانية التي استمرت على المعسكر طوال الأسبوعين الماضيين.

إحباط المؤامرة
إحباط المؤامرة التي راهن عليها العدوان في العمالقة، أصابه بالوهن والإحباط والهروب من المفاوضات، بعد أن فهم أن حركاتهم مرصودة تماماً، وأنه ليس الجيش وحده يحاربهم، بل الشعب كله والبلاد كلها والأحجار والأشجار والسماء والأرض كلها تحارب مع أهلها.
كان العدوان يراهن على الوقت لإنتاج أمر من الخيانة الجديدة التي ينتظرها ويتوقعها من عمران، لكنه أخيراً عاد إلى الغارات على العمالقة وعلى عمران لتأديبهم على وطنيتهم.
وجاء هذا الخبر، بما يتعلق بعمران والعمالقة، إضافة لخبر الإنزالات البحرية العسكرية في السواحل الجنوبية اليمنية من قبل الأمريكان وحلفائهم، المترافقة مع التحشيدات العسكرية باتجاه العاصمة، تأكيداً على ما توقعناه من مشروع لاحتلال العاصمة والجنوب، لاسيما باستخدام أسلوب الانقضاض الجوي الكبير المعهود أمريكياً وبريطانياً.

 المشروع العملياتي
 الأمريكي في اليمن
 قبل يومين صرح السيد خوري نائب السفير الأمريكي السابق في اليمن، أن القوات الأمريكية قدمت لليمن في إطار مكافحة الإرهاب، واستجابة للإمارات والتحالف السعودي، وهي قليلة العدد لا تتجاوز بضع مئات. فيما الحقيقة تقول بغير ذلك، وينكشف كذبه سريعاً حين نعرف الحجم الحقيقي للقوات المتواجدة حول خليج عدن، وعلاقاتها بما يجري على الأرض، وتواجدها النوعي والكمي في البحرين الأحمر والعربي وفي سقطرى.
ومجموع الطائرات التي تحويها الحاملات الأمريكية هو ما بين 150 طائرة إلى 200 طائرة على حاملات الطائرات، حيث كل واحدة تحمل بحدود 50 طائرة حربية متعددة الأنواع والأغراض والمهام، كما تضم الحاملات وأخواتها قوات مشاة مارينز بحرية بحدود ثلاثة إلى خمسة آلاف في كل حاملة، وتساوي مجموعها بين 15.000 و20.000 جندي من مشاة البحرية مع معداتهم ومدرعاتهم وعرباتهم، وأهدافهم العدوانية.
وعلى الأرض اليمنية ليس أقل من 1000 جندي أمريكي في حالة تزايد يومية.
السؤال الأهم هنا: ما هي أهدافهم راهناً على أرض اليمن في سياق العدوان والاحتلال؟
إلى الآن، لم يعلن موقف واضح منها، وهل هي تهدف للإنزال إلى البر اليمني، أم هي تواصل لحصار من البحر ومن الموانئ، وتساند القوات الخليجية وتسندها وتدعمها ولوجستياً وقيادياً؟!
إنها قوات احتلال قبل أي شيء آخر، هدفها احتلال بلادنا وشطآننا، والسيطرة على الممرات الدولية والنفط، وسقطرى التي تلهب خيلها من سنوات وعقود طويلة، وهي في مقدمة أهدافها لبعدها وأهميتها البحرية، وقد عملت السعودية والإمارات منذ سنوات طويلة على توزيع بطائق وهويات شخصية لمواطنين كثر هناك، في حملات تجنيس سرية متواصلة تحسباً للمستقبل، واستعداداً لفصل وسلخ الجزيرة الهامة عن أصلها العربي اليمني، بدعوى أنها بأغلبية خليجية، برغم لغتهم الحميرية القديمة الخاصة.
إنها قوات احتلال بحرية شاطئية سهلية محيطية، بنيت من الأساس لكي تكون قادرة على التدخل في المناطق الساحلية المجاورة للمحيطات والبحار، فهي لا تملك قوات برية كبيرة، وإنما تعتمد على القوات الجوية الكبيرة: 1000 طائرة سعودية أمريكية و1000 طائرة أمريكية موزعة على القواعد المجاورة في الخليج والأردن وديجو جارسيا...، وعلى الحاملات في البحر.

 الحرب على الأرض الهضبية الجبلية في الشمال
وفقاً للتقديرات العسكرية الاستراتيجية الإحصائية الموضوعية حول التوازن والتناسب الوسطي للقوات على الأرض المطلوبة لكل مساحة معينة، فإن العراق احتاج من أمريكا مليوني جندي على الأقل، ومعنى هذا أنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تحتل اليمن أو أن تتقدم داخل المناطق الداخلية منها، فإن عليها أن تجمع على الأقل مليون جندي بكل معداتهم وقدراتهم، وهذ يتطلب من الإدارة أن تحصل على قرار من الكونجرس الأمريكي، وإلى الان لا نرى قراراً بهذا الخصوص، لكن الإمكانات الموضوعية الفعلية للقوات الأمريكية على خوض مواجهة داخلية كهذه، غير متوفرة إلى الآن، إلا أن لهذه القوات الحالية مهام أكيدة في سياق العدوان الراهن ومعاركه الحالية.
 
استراتيجية القوة الأمريكية في الجنوب والمناطق الحدودية المتاخمة الساخنة
في الشمال تأتي القوات الأمريكية إلى اليمن انطلاقاً من حضرموت والعند وخليج عدن والمندب وسقطرى وشبوة ومأرب، وهذا ما يجعلها تخومية في الاستراتيجية التي تتبعها وتعلن عن بعض وجوهها، ويمكن أن نستخلص أهم الجوانب التي تتحرك في سياقها القوات وطلائعها:
الرانجرز، القوات الخاصة التي وصلت إلى العند والمكلا، هي من نوع الكوماندوز، وهي قوات محمولة على حوامات ومجوقلات نقل جوية من نوع بلاك هوك وغيرها، وتعرف كفرقة قوات خاصة تم استخدامها كأول قوة في أفغانستان وفي العراق وفي بنما، وهي قوات رأس الرمح عادة ما تكون في مقدمة الهجوم العام لبقية القوات، أي أنها قوات النخبة الخاطفة السريعة الانقضاض من الجو.

النوع يحدد المهمة القادمة لها
ومن خلال الإشارات التي تقدمها تحركاتها على الأرض وحجمها وإمكانياتها، تعطينا معالم عن استراتيجيتها القادمة ومهامها الأساسية واتجاهاتها الرئيسية التي سوف تدفع إليها في سياق العدوان واستراتيجيته وتكتيكاته.
ويمكن التوصل للنقاط التالية:
- استراتيجية وتكتيكات العدوان الهجومي المشترك الأنجلو فرنسي أمريكي خليجي.
- الصمود البري اليمني في مواجهة التدخل الجوي الفعال.
- الجولة الجديدة لاستنزاف القوات اليمنية.
تركز الاستراتيجية العدوانية على العمل المشترك العدواني الذي يجمع قدرات وتفوق العدو في المجالين البحري والجوي، واستغلال هذا التفوق في تحويله إلى رافعة برية، تنجح في إضعاف آلية التكيف والدفاع السلبي ضد القوة الجوية المعادية.

الانطلاق الاستراتيجي النظري
درست قوى العدوان وغرف العمليات الأجنبية الأمريكية الصهيونية المشتركة، أسباب الاختراقات اليمنية ونجاحاتها التي حققت انهيارات على الأرض وشللاً في الجو، وتوصلت إلى الدرس التالي الذي تحاول الآن أن تطلق قواعده الجديدة، مستفيدة من درس الإخفاقات السابقة.

 دروس العدوان
يشبه وضع العدوان ومرتزقته الآن وضع مرتزقة أمريكا في نهاية الحرب الأمريكية الفيتنامية، في الأعوام الأخيرة لاحتلال فيتنام, وتحاول الآن أن تجرب الأسلوب الفيتنامي في فتنمة الحرب.
الدرس هو أنها في السابق قد عجزت عن إحباط تكتيكات الجيش اليمني لعدم معرفتها به، أما الآن فهي قد ألمت به من خلال دراسة ومراجعة العمليات السابقة وتحليلها واستخلاص الدروس الاستراتيجية حول قواعد جديدة لخوض المعارك بنجاح.

أهم القواعد والدروس 
المستخرجة للعدوان
1- إن هجمات مرتزقته قد تمت بإسناد جوي غير كافٍ أدى به إلى العجز عن توفير الكمية النارية الكافية، وأنه لو تم توفير كميات مضاعفة سوف يحقق نتائج معينة من النجاح.
والمشكلة الكمية هنا، هي عدد الطائرات المطلوبة في كل مواجهة منفردة، فالجيش اليمني لم يكن معه آليات فنية صاروخية كافية لمواجهة الطائرات المغيرة على مواقعه، ويستخلصون أنه لو تم توفير عشرات الطائرات دفعة واحدة في كل هجوم على أهداف ضيقة، لتم تحقيق شيء من النجاح.
2-  إن قيادة العمليات على الأرض كانت ضعيفة التأهيل جداً، ولو تم اختيار كادرات قيادية مدربة أمريكياً بشكل جديد، لأمكن لها تحقيق فارق نجاح.
3- التنسيق بين القوات والأسلحة كان منعدماً، والاتصالات مخترقة من قبل الجيش اليمني، ومن ثم كل شيء كان مكشوفاً له، بينما لو تم تنسيق جيد بين أفرع القوات على الأرض والجو والبحر والفضاء، ستحقق نجاحات جديدة، وأنه لو تم ضبط أمن الاتصالات وسرية المعلومات، فسوف يتم تحقيق أهداف عدة وعمليات مختلفة.
4- مواجهة المصاعب الجغراستراتيجية والعقبات التضارسية الفاصلة بين القوى والأقاليم، والتي تشكل عقبة كأداء لم تمكن العدوان من التعامل معها إيجابياً، وخسر في جميع معاركه، أهمها العند وثرة وكرش والشريجة والفرضة.
فلو تم توفير الأموال والمعدات الكافية للتعامل معها وفتح طرق أخرى التفافية ومن مناطق غير متوقعة، فسوف تضمن مفاجآت عملياتية فاعلة.
 5- عدم القدرة على توظيف التفوق الجوي.
 6- المرتفعات ومشاكلها، وهذه تحتاج إجراءات غربية عالية التكنيك والتجهيز والإدارة تكون قادرة على اتباع أسلوب الهجمات الخاطفة والسيطرة على القلل والمرتفعات الحاكمة بسرعة خاطفة، وتسليمها للقوات البرية الأخرى بعد قيام قوات كوماندوز رانجرز خاصة بالعمليات الخاطفة، والسيطرة على المطارات ورؤوس الجسور والعبارات والموانئ.

 الخلاصة العملياتية المتوقعة
مما سبق من التحليل والإيضاح، نصل إلى أن شكل الهجوم الذي يجري حالياً التحضير له على قدم وساق، في ظل غطاء المشاورات في الكويت أو في الظهران والرياض، يستهدف ويأخذ شكلاً جديداً، هو الهجوم المشترك معاً على المنطقة المركزية الرئيسية، العاصمة، وتمتد من مأرب - الجوف - صرواح - نهم - البيضاء - المندب. بحيث تكون عمليات تشارك فيها قوى المرتزقة والخليجية والأمريكية الغربية، كل في إطاره المتناسق مع الآخرين في وقت واحد، بقيادة عمليات أمريكية صهيونية بريطانية فرنسية مشتركة. وستكون هجمات بغطاء جوي كثيف وإنزالات متعددة، مترافقة مع جبهات حامية في أكثر من محور.