عملنا تطوعي ولا نتلقى دعماً.. علي العاصمي رئيس ائتلاف رصد جرائم العدوان:
هناك منظمات وقفت لصالح سفارات العدو وأخرى ظاهرة صوتية


في خضم العدوان الغاشم الذي تشنه المملكة السعودية وخلفاؤها على الشعب اليمني، وانشغال الناس بأخبار السياسة وفرص السلام، ثمة جنود مجهولون يرصدون وحشية العدوان ويكشفونها للعالم.. في مطلع أبريل 2015 تأسس الائتلاف المدني اليمني لرصد جرائم العدوان، يضم أكثر من 180 منظمة حقوقية. يعمل الائتلاف على رصد وتوثيق جرائم العدوان المرتكبة بحق اليمن أرضاً وإنساناً، تاريخاً ومستقبلاً أيضاً، وإطلاع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي عليها، توضيحاً للصورة المشوشة التي يعمل العدوان ومرتزقته على تعميمها. كما يعمل التحالف على الانتصار لحقوق الضحايا.. صحيفة (لا) التقت الأستاذ المحامي علي العاصمي، المنسق العام للائتلاف، لملامسة الجانب الآخر من الحرب، ومناقشة أنشطة الائتلاف.  
 ما الذي قدمه الائتلاف خلال الفترة الماضية؟ 
الائتلاف المدني منذ تأسيسه ومن خلال فرقه العاملة، وهو يتابع مجريات الأحداث، ويرصد ويوثق الجرائم التي ترتكبها المملكة السعودية وحلفاؤها بحق الشعب اليمني في كل المحافظات اليمنية، من ثم يقوم بإصدار التقارير الدورية التي تحظى بتغطية إعلامية جيدة، وقد أصدرنا حتى اليوم 34 تقريرا تكشف الحالة الإنسانية الناتجة عن الحرب وإحصائيات جرائم التحالف السعودي في المحافظات والقرى، وردود أفعال المنظمات الدولية تجاه تلك الجرائم. أيضاً يوافي الائتلاف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بتلك التقارير، ونحن على اتصال بالمختصين في تلك المنظمات لإطلاعهم على أهم الجرائم حال وقوعها. كذلك نقوم باستمرار بالضغط على ضرورة وقف العدوان ومعاقبة مرتكبي الجرائم. 
 أفهم من هذا أن تقارير الائتلاف تعتمد داخلياً وخارجياً..
تنشر تقارير الائتلاف كما قلنا للإعلام المرئي والمقروء والمسموع والإلكتروني، وبالتأكيد تلقى صدى إعلامياً وتؤثر في ذهن المتلقي لأنها واقعية ومبنية على أرقام من الميدان. وتلاحظ بأن أرقام وإحصائيات المنظمات الدولية تقترب من أرقام وإحصائيات الائتلاف، خاصة عدد ضحايا العدوان. أما داخلياً هناك كثير من الجهات حكومية وغير حكومية تطلب منا تزويدها بالتقارير التي نصدرها أو بعض المعلومات.  
 في الدورة الـ 30 لمجلس حقوق الإنسان ماذا قدم الائتلاف؟ وكيف تصف نتائج المشاركة فيها؟ 
شارك الائتلاف في الدورة الـ30 لمجلس حقوق الانسان بوفد برئاسة الأستاذة أمل باشا، رئيس الائتلاف، وضم الأستاذ علي الديلمي، أمين عام الائتلاف، والدكتور عادل الشجاع، والأستاذة أمل المأخذي، والأستاذ أحمد المسوري، والأستاذ إبراهيم الشجاع، والأستاذ أحمد الشامي، وقد قام الوفد بجهود مضنية لتوصيل حقيقة ما يجري، حيث قدم التقارير والإحصائيات التي تكشف هول جرائم العدوان السعودي على الشعب اليمني، وقمنا بفتح خطوط تواصل مع كثير من المنظمات والحقوقيين والمحامين في جنيف. ورغم التأثير السعودي والتواطؤ من قبل مندوب اليمن في المجلس، إلا أن الوفد استطاع إقناع مندوب مملكة هولندا بتقديم مشروع قرار يدعو لتشكيل لجنة دولية مهنية للتحقيق في كافة الانتهاكات والجرائم في اليمن أياً كانت الجهة المرتكبة لها، وهذا ما لم ترده السعودية ومن معها التي كانت قد تحركت على أكثر من صعيد لحماية نفسها من أية محاسبة أو اتهامات بارتكابها جرائم في اليمن. وبالفعل استخدمت السعودية كعادتها الرشاوى والنفوذ الأمريكي والبريطاني حتى استطاعت إقناع هولندا بسحب مشروع اللجنة الدولية قبل التصويت عليه بيوم واحد، مع أن ذلك القرار كان منطقياً ويحفظ حقوق الضحايا. 
 (مقاطعاً) فعلاً القرار منصف للجميع.. مع ذلك لم يعجب حتى عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان، الذي كل يوم يطلع على الشاشات يتحدث عن انتهاكات الجيش واللجان الشعبية..
للأسف.. في يوم التصويت تقدم عز الدين الأصبحي على اعتبار أنه وزير حقوق الإنسان، أمام المجلس بمشروع قرار يتم بموجبه اعتماد اللجنة وطنية للقيام بالتحقيق، يقصد اللجنة التي شكلها هادي في سبتمبر الماضي، لتقوم السعودية وقطر والإمارات تحت مسمى المجموعة العربية، بالضغط لتمرير هذا القرار المجحف في حق الشعب اليمني وحق الضحايا. وبالفعل اعتمد هذا القرار.
 لماذا تعتبره مجحفاً؟
لأن هذه اللجنة ليست مهنية، وليست محايدة، حيث إن عدداً من أعضائها لهم آراء مسبقة ضد طرف من الأطراف، وهذا سيؤثر على إجراءات التقصي والتحقيق. كما أن اللجنة لا تستطيع التحقيق في الجرائم التي ارتكبها العدوان السعودي وحلفاؤه، لأنهم طرف خارجي، وهي لجنة محلية. والأهم أن اللجنة غير مؤهلة للتحقيق في الأسلحة المستخدمة والمحرمة دوليا كالقنابل العنقودية وغيرها، ولا تمتلك الخبرة في التعامل والتعرف على هذه الأسلحة وآثارها. والقرار أعطى التحالف بقيادة السعودية براءة مقدماً، وهذا غير منصف. 
 إذن السعودية سعت لهذا القرار لتحمي نفسها؟
السعودية وغيرها.. وقد عملت السعودية على كافة الأصعدة كما أخبرتك إلى درجة أن الوفد المشارك عندما كان يقدم أي أوراق أو تقارير، كان هناك جيش من المحامين والحقوقيين يتحرك للدفاع عنها إلى درجة أنها كانت ترسل مخبرين يتابعون تحركات الوفد خارج قاعة المؤتمر، وبمجرد معرفتهم بلقاء بين وفدنا وأي شخصية من ممثلي المنظمات وهيئات الأمم المتحدة أو غيرهم، كانت ترسل جيش المحامين لإفشال جهود الوفد. 
 مع انعقاد مؤتمر جنيف 2 ماذا قدم الائتلاف على طاولته؟
قدم الائتلاف مجموعة من التقارير التي أصدرها، وكذلك آخر إحصائيات جرائم العدوان. 
 الائتلاف المدني لرصد جرائم العدوان، هل يقتصر عملكم على الرصد فقط، أم هناك عمل على رفع دعاوى سواء أمام المحاكم الوطنية أو الدولية؟
ليس الرصد فقط، بل نعمل على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية والعربية، ونعمل بمساعدة عدد من الخبراء العرب والأجانب، على ذلك.. مع أن الرشاوى والضغوط السعودية وصلت إلى محكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية والأمم المتحدة، لكننا ما زلنا مستمرين في عملنا، ولن نيأس. أما بالنسبة للقضاء المحلي فقد قمنا بتقديم معلومات وتقارير وإحصائيات للنيابة العامة للاستئناس بها بحسب طلب النيابة العامة.
 كثـرت أطر رصد جرائم العدوان، هل هناك تشبيك بين الائتلاف وباقي الأطر؟
طبعا في البداية كانت هناك عشوائية وتخبط في العمل، لكن مع الوقت تحسن الأداء، واليوم أصبح هناك تنسيق وتشبيك وتبادل للبيانات بيننا وبين البعض منهم.  
 نسمع عن منظمات حقوقية في اليمن، لكن لا نراها اليوم، أين هي؟ 
هناك آلاف المنظمات مسجلة في اليمن، منها الوهمية، ومنها المرتبطة بالأحزاب، وتعمل على خدمة مصالح تلك الأحزاب، ومنها ما هو مرتبط بالسفارات العربية والأجنبية، وما حدث اليوم من جرائم وعدوان على اليمن كشف حقيقة تلك المنظمات التي رفضت العمل والانتصار لحقوق الإنسان اليمني، ناهيك عن بعض المنظمات التي ذهبت للعمل ضد الشعب اليمني وخدمة العدوان إما بتبرئته أو بتزييف الحقائق. 
 حتى بعض المنظمات التي تقول إنها ضد العدوان لا نراها أو نلمس أثرها، وقد تكون موجودة ضمن الائتلاف بالاسم..
هذا صحيح نوعاً ما.. الائتلاف مكون من أكثر من 180 منظمة حقوقية، وعند تأسيسه سارع الكثير للانضمام معتقدا بأنه سيحصل على دعم أو مكاسب شخصية -كما تعود- وعندما وجدوا أن العمل كله طوعي وبدون مقابل تهربوا، لكن بالمقابل هناك منظمات أخرى تعمل في الائتلاف بنشاط وجهد دؤوب، وتستحق الشكر والتقدير.
 هل لدى الائتلاف فرق رصد مدربة في جميع المحافظات بحيث يستطيع جمع الأدلة بالشكل المطلوب؟
قام الائتلاف بتدريب عدد من الراصدين بمبادئ الرصد وأساسياته كمرحلة أولى، ويعمل الراصدون في بعض المحافظات، وليس جميعها..
 (مقاطعاً) لماذا بعض المحافظات؟ ولماذا مرحلة أولى؟
في ما يخص الشق الأول من السؤال هناك عدة أسباب أهمها أن بعض المناطق العدوان مستمر طوال اليوم، الأمر الذي أعاق عملية الرصد فيها، كصعدة وحجة اللتين يستهدف فيهما أي جسم يتحرك، لهذا دائماً نؤكد في تقاريرنا أن المعلومات التي تنشر عن صعدة وحجة ليست نهائية. أيضاً انعدام المشتقات النفطية بسبب الحصار حال دون تحرك فرق الرصد. بالنسبة للشق الثاني المرحلة الأولى فإن السبب هو أن الائتلاف ليست له ميزانية ولا تمويل من قبل جهة حكومية أو منظمة دولية، ونحن نعمل بإمكانياتنا البسيطة، فالرصد يحتاج الى موازنات للتدريب، وأخرى للتشغيل والمتابعة، لكن بشكل عام نحصل على معلوماتنا من خلال البلاغات التي تأتينا من الميدان، ومن خلال اتصالاتنا وعلاقاتنا ببعض الأشخاص والناشطين نتأكد من المعلومات الواردة ونعتمدها. 
 في ظل هذه المعوقات المالية وتخاذل بعض المنظمات الحقوقية، هل تعتقد أن معاناة الشعب اليمني التي يعيشها جراء العدوان قد وصلت للعالم؟
أولاً يجب أن يعلم الجميع أن تحالف العدوان فرض علينا حصاراً إعلامياً إلى جانب الحصار الشامل، لكننا رغم الإمكانات المتواضعة استطعنا توصيل جزء من معاناة الشعب اليمني من خلال علاقاتنا مع بعض الجهات الدولية التي تلاقي ضغوطاً سعودية أمريكية، فتضطر إلى نشر اتهامات للجيش واللجان الشعبية لتمرير جرائم في تقاريرها. الوقت ما زال لصالحنا، ونتمنى أن نتخطى هذه العقبات، فالعمل القانوني والحقوقي مهم جداً، وهو أحد ميادين الحرب التي فرضت علينا، وعلينا أن نخوضها. 
 يعزو البعض عدم وصول صوت الشعب اليمني إلى الحصار وقلة اهتمام أجهزة الدولة بالجانب الحقوقي والقانوني.
ما يقوم به العدوان بحق الشعب اليمني جريمة كبرى، والتقصير من قبل الجهات الحكومية يعد مشاركة في تلك الجرائم.. 
 (مقاطعاً) ما سبب ذلك التقصير برأيك؟
لا ننسى أن هناك فساداً مالياً وإدارياً متجذراً في أجهزة الدولة منذ 33 عاماً، والأجهزة الحكومية مقصرة بالقيام بدورها وواجباتها الأساسية، فما بالك في التقصير بحق الائتلاف. 
يبدو أن وسائط إعلام العدوان المتعددة أكثر تقدماً في بث الإشاعات وتزييف الحقائق. كيف يواجه الائتلاف هذه الهجمات الإعلامية؟
الائتلاف عبارة عن منظمات حقوقية بقيادة مجموعة من الحقوقيين المعروفين بالمهنية والحيادية، وهي ليست معنية بمواجهة الإشاعات بالقدر الذي يهمها أن ترصد الجرائم وتنتزع حقوق الضحايا، لكن كل التقارير توضح ما يحصل من قبل العدوان بمهنية ليصل للعالم عبر الإعلام أو عبر المنظمات الدولية، وكثير من أكاذيبهم تكشفها الأيام والأحداث لأن حبل الكذب قصير. 
 وصلنا إلى نهاية اللقاء. هل لديك ما تريد أن تقوله أو تؤكد عليه أستاذ علي؟ 
أولاً أحيي هذا الشعب العظيم على تلاحمه وتماسكه رغم ما يقوم به العدوان من تضليل ومحاولة إشعال فتن هنا وهناك، وتدمير لمقدرات الشعب اليمني وخلق أزمات إنسانية يجب أن نتنبه لها، وهذا ما يفرض علينا الاستمرار في مهمتنا، كون الجانب الحقوقي والإنساني جانباً مهماً في معركة التصدي للعدوان الواقع علينا.