هل تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة إتمام "الصفقة" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي يعمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تحقيقها في السرّ والعلن؟
سؤال يزداد طرحه بقوة مع توالي التسريبات الإسرائيلية والأميركية حول ملامح هذه الصفقة التي يريدها ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، وتشكيل "تحالف" إسرائيلي – عربي، وخاصة خليجي، لمواجهة إيران التي تُهدد إسرائيل، وتدعم حركات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث اللقاء المُرتقب بين ترامب ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في الثالث من أيار/ مايو المقبل في البيت الأبيض، والذي يأتي في ظل المحاولات التي يقوم بها ترامب لعقد قمة في البيت الأبيض بمشاركة زعماء الدول العربية، ونتنياهو وعباس. ويبدو بحسب التقارير الإسرائيلية، أن إدارة ترامب تعمل هذه الأيام على صياغة المشروع الأمريكي للتسوية، وهي ترى في الأردن ومصر والسعودية، شركاء كاملين لتحقيق هذا الهدف. وليس صدفة أن تتبنى المبادرة الأمريكية أجزاء واسعة من مبادرة السلام السعودية للتسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

لقاء ترامب – عباس المرتقب، يأتي بعد سلسلة من اللقاءات التي أجراها الرئيس الأميركي مع قادة عدة دول عربية في الأسابيع الأخيرة، في محاولة لتحريك العملية السياسية، والتوصل إلى صفقة إسرائيلية – فلسطينية. ويطرح السؤال هنا حول ما دار من حديث وما تمَّ الاتفاق عليه خلال محادثات ترامب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.

وبانتظار زيارة عباس إلى واشنطن، بدأت التحضيرات الأميركية – الإسرائيلية المكثّفة لزيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل، والمتوقّع أن تتم في نهاية أيار/ مايو المقبل، أي قبل أو بعد مشاركته في مؤتمر قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل، في 25 أيار/ مايو. ولهذه الغاية، وصل طاقم من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية والخدمات السرية، الخميس، إلى فلسطين المحتلّة من أجل مناقشة التحضيرات للزيارة، التي ستكون قصيرة، تستغرق يوماً ونصف يوم، وتشمل أيضاً زيارة قصيرة إلى رام الله.

والواضح أن تل أبيب تسعى لحصد نتائج من هذه الزيارة حتى قبل حصولها، حيث أشارت التسريبات الإسرائيلية إلى أن هناك أمراً واحداً جوهرياً بات يظهر وهو أن ترامب سيعلن خلال زيارته المُرتقبة إلى إسرائيل عن تغيير في السياسة الأمريكية، يقضي باعتراف واشنطن بالقدس "عاصمة لإسرائيل، مقابل "إعلان" الدعم لقيام دولة فلسطينية.

ويسود التقدير في إسرائيل بأن ترامب ما كان سيصل إلى المنطقة لو لم يطرأ تقدُّم في الاتصالات حول المبادرة السياسية الاقليمية، التي يسعى لدفعها، خاصة وأن ترامب سيزور أيضاً خلال جولته في المنطقة، السعودية والأردن، كي يبدي التزامه أيضاً تجاه حلفاء واشنطن، علماً أن وزير الدفاع الأميركي جميس ماتيس كان قد كشف خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، عن توجه أميركي بتشكيل حلف إقليمي ــ شرق أوسطي، يهدف وفق تقارير إسرائيلية إلى مواجهة التهديد الذي تمثّله إيران على إسرائيل.

ترامب ينوي الإعلان خلال زيارته لإسرائيل عن نقل السفارة إلى القدس
ومن دلالات زيارة ترامب المرتقبة إلى إسرائيل، تزامُنها مع حدثَيْن وصفتهما تل أبيب بـ "المهمَّيْن"، إذ سيتم الاحتفال في 21 أيار/ مايو القادم بذكرى مرور 50 عاماً على احتلال شرقي مدينة القدس في العام 1967، ويوم الأول من حزيران/ يونيو الذي ينتهي فيه مفعول القرار الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، بتجميد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة. وسيكون على ترامب اتخاذ قرار حتى ذلك الموعد يحدد ما إذا سيمدد قرار التأجيل أو يمتنع عن ذلك وبالتالي يسمح بنقل السفارة إلى القدس.

هذه النقطة لا تزال ضبابية، إذ فيما أعلن السيناتور الأمريكي الجمهوري رون دي سانتيس، أن ترامب ينوي الإعلان خلال زيارته لإسرائيل عن نقل السفارة إلى القدس، استبعد مسؤولون إسرائيليون ذلك، لأن الإدارة الأميركية معنية بمحاولة تحريك ما يسمى "العملية السياسية" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وبالتالي فإن نقل السفارة قد يسيئ لهذه الجهود بشكل جدِّي. وكتعويض عن تأجيل هذه الخطوة، دارت في إسرائيل وفي عدة أماكن أخرى، مؤخراً، فكرة وصفتها تقارير إسرائيلية بأنها إبداعية ومشوّقة، مفادها كتاب رئاسي أميركي يعترف "بحق" إسرائيل بهضبة الجولان السورية المحتلّة!

وبعد زيارة ترامب إلى فلسطين المحتلّة، سيصل أيضاً وزير خارجيته ريكس تيلرسون، وسفيرة بلاده في الأمم المتحدة نيكي هايلي. وحسب ما نشر في واشنطن، فإنَّ هايلي التي تلقى الكثير من الإطراء في إسرائيل بسبب مواقفها القاطعة في الدفاع عنها في الأمم المتحدة، يُتوقّع أن تزور إسرائيل خلال شهر حزيران/ يونيو. أما بالنسبة لتيلرسون فلم يتم تحديد موعد بعد.

وسط هذه الزيارات والمساعي الأميركية المحمومة لإنجاز "الصفقة" المذكورة، فإنَّ الصلف الإسرائيلي لا يقف عند حدود، حيث تسعى تل أبيب إلى أن يُطرح في اجتماع ترامب – عباس المرتقب، مسألة ضرورة قيام السلطة الفلسطينية بقطع التمويل عن الأسرى وعائلات الشهداء الفلسطينيين، كاختبار بسيط وواضح لرغبة الفلسطينيين في السلام، على حد قول نتنياهو. كما تسعى إسرائيل لاستثمار الخلاف الحاصل بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، حول إدارة قطاع غزة، بما يخدم أجندتها السياسية والأمنية.

وتحت أنظار الإدارة الأميركية، تعمل إسرائيل على مواصلة الاستيطان، حيث شرعت وزارة الإسكان الإسرائيلية بتحريك مخطط حي استيطاني جديد في شرقي القدس المحتلة خلف الخط الأخضر. ويدور الحديث عن إقامة حي خاص لليهود "الحريديم" الذي سيقام على أرض مطار "عطروت" المهجور، الذي تم تركه من قبل السلطات الإسرائيلية مع اندلاع الانتفاضة الثانية في تشرين الأول/ أكتوبر 2000، بسبب المخاوف من إقدام المقاومة الفلسطينية على إطلاق النار على الطائرات. والمخطط الاستيطاني الجديد سيكون أكبر عملية بناء إسرائيلية تقام من وراء الخط الأخضر في منطقة القدس منذ احتلالها عام 1967.

وكشفت التقارير أن المُخطط يشمل 15 ألف وحدة سكنية تمتد على نحو 600 دونم من المطار المهجور ومصنع الصناعات الجوية حتى حاجز قلنديا، وهي مساحات من الأراضي الفلسطينية صودرت في مطلع السبعينات. وأوضحت التقارير أن وزارة الإسكان الإسرائيلية ومنذ تولي ترامب الرئاسة في البيت الأبيض، شرعت بتحريك مخططات استيطانية بالقدس، والتي كانت مجمّدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
المصدر: الميادين نت / نادر بنجك