أغبى الكهنة قادة للوعي العام

كيف جعل الوهابيون من الإرهاب فضيلة!

أهم منتجاتها القاعدة وداعش
ماذا قدمت الصحوة الوهابية؟
عبدالعالم الحسيني
يٌعرف الكاتب السعودي المعارض (توفيق العباد), الصحوة الوهابية بأنها:"الإنتعاشة الدينية والسياسية للمذهب الوهابي بعد طول سبات، وقد بدأت في الثمانينيات الميلادية الماضية، وتحديداً بعد انتصار الثورة في ايران، ثم قيام جهيمان ـ ومن داخل الجسد الوهابي ـ بانتفاضة ضد حكم آل سعود ومشايخهم (نوفمبر 1979)، فاحتلّ الحرم المكي الشريف وقاتل فيه الى أن قُتل هو وأتباعه، او اعتقلوا".
وفي مقاله الذي نشره في العدد الأخير من مجلة (الحجاز), يتحدث العباد عن تلك الصحوة الوهابية التي يسميها أغلب الناس بـ (الغفوة)،والتي نشأت "بقرار وإرادة من الملك فهد نفسه، الذي منح التيار الوهابي كل السلطات حتى لا يثور عليه، او لنقل لاسترضائه، وجذبه اليه في مشروعه السياسي، ومن ثمّ اطلاقه للعمل والجهاد في أفغانستان" , بحسب الكاتب.
حيث كان الملك فهد يشعر بالضعف، كونه ملكاً مشهوراً بعدم الالتزام حتى "بأبجديات الممارسة الدينية"، فأراد أن يوجه المجتمع من خلال مشايخ الوهابية النجديين الى معارك أخرى في ايران وافغانستان، وحتى في الداخل السعودي ضد المتنورين وأصحاب الرأي ممن يريدون الاصلاح السياسي، فظهر لنا "منذئذ مشايخ مثل العودة وناصر العمر وعائض القرني وعوض القرني والعبيكان وسفر الحوالي وأضرابهم، ليحتلوا المشهد الثقافي من خلال الكتيبات والمنشورات التي قَسَرت المجتمع ـ الذي هو في أكثره غير وهابي ـ على ممارسات وهابية، مع إخضاع سياسي لآل سعودي", يضيف الكاتب. 
وبعد أن نبتت الأسنان لدى حدثاء السياسة، حولوا وجهتهم الى النظام نفسه، من أجل المزيد من السلطات، فاصطدموا معها بداية التسعينيات، وليفرخ من بين جنبات ما سمي بالصحوة ـ وهي الفترة الزمنية التي امتدت من بداية الثمانينيات الى نحو منتصف التسعينيات ـ ليفرخ منها جيل القاعدة، وليتناسل من الأخيرة جيل الدواعش. 
الصحوة ورموزها تحولوا في معظمهم اليوم الى خدم للنظام، ولكن بعد أن خنقوا المجتمع بقيودهم، وعوّقوا مسيرة الدولة.. ولكن الجرم يتجه الى من منحهم السلطات وهو الملك فهد. لكن البعض يريد نقد الصحويين، دون أن يوضح من أين جاءتهم السلطة والقوة، مبتعداً عن نقد آل سعود وهم أساس البلاء، الذين استثمروا الصحوة الوهابية المتطرفة التكفيرية، كما استثمروا فيما بعد الصحوة الثانية للوهابية والتي انتجت القاعدة، ثم الصحوة الثالثة والتي خرجت من بين جنباتها داعش. 
 
مشايخ صحوة أم غفوة؟ 
ويشير الكاتب الى أن: "رموز الصحوة القدماء باقون، وبنفس معاركهم في الثمانينيات الميلادية. لازالوا على وضعهم. مرة مع النظام ان منحهم سلطات، ومرة ضده بشكل مبطن ان حرمهم منها ـ كما في عهد الملك عبدالله. ولكنهم في كل الأحوال تكفيريون، داعشيون، دعاة عنف وتخلّف، ومعاركهم الأساسية مع المجتمع وليس مع النظام."
 ويتساءل (العباد)قائلاً: "ماذا قدمت الصحوة؟ يستبطن قراءة متكررة ومتأخرة، للدمار الذي خلفته ولا تزال".
المفكر محمد المحمود المتخصص في فكر الوهابية والصحويينالوهابيين، كانت له مساهمات كبيرة في الإجابة على سؤال الكاتب توفيق العباد ":ماذا قدمت الصحوة؟ "من خلال عشرات إن لم يكن مئات المقالات المنشورة في الصحف، ومن خلال مساهماته في في مواقع التواصل الاجتماعي. 
إذ يورد الكاتب عن محمد المحمود بأن الصحوة "جعلت الارهاب فضيلة، كما جعلت التصالح مع العالم رذيلة"؛ وانها "نقلت الكهّان من إطارهم الكهنوتي الخاص، الى الفضاء العام، فأصبحوا يتحدثون في الاجتماع والسياسة والنفس والعلوم التطبيقية"؛ بل أنها "جعلت من أغبى الكهنة، قادة للوعي العام، فانحدر الوعي الى قاع القاع"؛ وزاد بأن الصحوة "أورثتنا تشدّداً وتزمّتاً لا مثيل له في العالم"؛ وأنها "اغرقت الجماهير في الأوهام، فحولتهم الى قطعان بشرية، يتلاعب بهم الكهنة، بدل أن يعيشوا أنفسهم بشراً أسوياء". وواصل الكاتب توفيق العباد نفل كلام محمد المحمود عن الصحوة الوهابية بأنها صحوة "قدمت أكبر دمار للعقل، وأكبر تزييف للأخلاق"؛ وأنها "قدمت التخلّف والإرهاب"؛ وبأن "من يقرأ تاريخ الصحوة وتحولاتها، والتيارات التي خرجت من عباءتها، يدرك أنها أصل الإرهاب الذي نراه اليوم. الذي لا يقرأ، لن تستطيع إقناعه" .
كما يورد الكاتب توفيق العباد كلاماً للمفكرعادل العُمَري الذي يقول أن الصحوة خلطت "الكثير من المفاهيم، فقد تحولت الصغائر الى كبائر؛ وبعض الكبائر الى صغائر، وحرمت بعض المكروهات والمباحات", و بأن الصحوة لا تعدو عن كونها "شهوة الحكم والتحكم، وكانت ممارسة الغلو ونشره وفرضه على الآخرين من مستلزمات تلك الشهوة". 
تلك هي صحوة الوهابية التي غفت دهوراً وصحت لتتناسل دواعشاً وسواطيراً.