فلج
 

ضياء العابد

ضياء العابد / لا ميديا -

لا أستيقظ مبكرا سوى عندما تكون هناك رحلة إلى الحديقة .
اعتدت هذا الأمر منذ الطفولة، فعاقبني القدر. واضطررت أن أستيقظ مبكرا للذهاب إلى مقلب الأزرقين. شتان ما بين الحديقة ومقلب القمامة. 
ذهبت ووجهي عابس لا أريد محادثة أحد. وهناك وجدت كلابا سمينة غير التي أراها في الأحياء، وبالآلاف، وأطفالا نال الهزال من أجسادهم.
وشاهدت مكانا يطلق عليه اسم "العصارة" (العوصارة)، حفرة كبيرة مغمورة بسوائل سوداء ناتجة عن المخلفات. هناك كنا سنتلف 1125 كيسا من الأرز والعدس غير الصالح للاستخدام الآدمي والتي فسدت في مخازن الصليب الأحمر.
كانت مهمتي تغطية وتوثيق عملية الإتلاف وتصوير لحظات إغراق الأرز والعدس في (العصارة) السوداء العفنة ذات الرائحة النتنة ...
بحيرة العصارة كبيرة نسبيا وفيها كثير من الأشياء التالفة... عصائر، بسكويتات، بقوليات، تونة. ولكن ما شد انتباهي كان في الجانب الاخر من البحيرة المقرفة.
ذهبت فوجدت مساحة كبيرة فيها مواد تالفة تطفو على سطح القذارة. أمعنت النظر. كان شعار برنامج الأغذية العالمي بارزاً جدا. مواد ومكملات غذائية للأطفال والحوامل ومن يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
تجولت بين النتانة، ووجدت ما هو أنتن. تجولت بجوار القذارة، ووجدت ما هو أقذر.
شعرت أن مليارات المانحين غرضها أن نشعر بالإهانة. كمن يقرب "اللقمة" من فم الطفل، حتى إذا ما حاول التقاطها رماها على الأرض 
ألا يكفي 1125 كيساً من الأغذية الفاسدة؟!
ألا يكفي البواخر والقاطرات المكدسة بالغذاء الفاسد؟!
1125 كيساً من الأرز والعدس.. يا ترى كم كانت ستكفي؟!
كم كانت ستشبع؟!
ألا يوجد هناك حل لإصلاحها يا الله حتى يستفيد منها الاطفال الذين شاهدتهم يحاولون النزول إلى البحيرة السوداء لالتقاط ما لم تمسسه القذارة حتى يشبعوا جوعهم؟!
يا رب انصرنا!
عيال الكلب بيتعبثوا بنا يا رب!
يا رب عجل بالنصر!
يااااااااا رب!

أترك تعليقاً

التعليقات