محمد صادق العديني

محمد صادق العديني / لا ميديا -
1
في البدء:
«أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله، وأن أؤدي واجباتي المهنية بشرف وأمانة، وأن أدافع عن حقوق موكلي بإخلاص ونزاهة، وأن أحافظ على أسرار المهنة، وأن ألتزم بآدابها وتقاليدها، وأن أحترم الدستور والقانون، والله على ما أقول شهيد».
تلك هي اليمين القانونية الواجبة على كل محامٍ تأديتها قبل مباشرته ممارسة المحاماة؛ وهو قسم مهني ملزم. ومع ذلك هناك المئات من المشتغلين في هذه المهنة النبيلة يرفضون تأديتها، ويجتهدون في سبيل وأد مضامينها وقيمها.

2
ثم إنَّ المحاماة واحدة من أعظم وأنبل الرسالات الأخلاقية والمجتمعية؛ لكنها -مثل باقي المهن- عرضة للدخلاء. لذلك تجد على سطحها الكثير من الشوائب، وفي عمقها الكبير من الشواهد.
والمحامي النزيه يعد رمانة ميزان العدالة. فتَحيّة لكل محامٍ نزيه ينحاز لشرف المهنة، وينتصر لقيم الحق، ومبادئ العدالة.

3
مشاهدات:
في أروقة المحاكم وباحاتها كثيراً ما نصادف نموذجين من المحامين لا ثالث لهما:
الأول نستطيع القول إنهم نموذج مشرّف وبصمة مشرقة في جبين مهنة المحاماة.
أما الثاني فهم للأسف الشديد وصمة عار في سجل الإنسانية جمعاء. هؤلاء يمارسون سلوكيات مشينة تحت يافطة المحاماة. ومن خلال تصرفاتهم يمكننا أن نطلق عليهم صفات عديدة؛ إلاَّ صفة المحامي. فهم سماسرة قضايا، تجار حقوق، متربحون من أوجاع الناس ومعاناتهم... لذلك نود أن نوجه إليهم هنا عدداً من الرسائل، أبرزها وأهمها ما تقرؤونه تالياً:
• أنتَ حين تكذب، تدلس، تخفي الحقائق، تحرّف الوقائع، فإنك تحوّل الحق باطلاً، والباطل حقاً؛ فأنت لست سوى وغد.
• من الوضاعة الاستقواء على البسطاء. ومن السفالة أن تمتد يدُكَ لتسلب امرأة ضعيفة، أو رجلاً فقيراً، اللقمة من فمه بمبرر مقابل أتعابكَ!
• لا يمكنك ادعاء الشرف وتصرفاتكَ كلها تفتقر للمروءة والشعور بالخجل.
• هذه العدالة التي تتحدث بكل وقاحة كأحد حراسها، أنتَ في كل يوم تقطع منها شريان حياة وحياء.
• إن القيم والمبادئ كلٌّ لا يتجزأ؛ وبهذا لا يمكنكَ الإيمان بالشرف وأنت وضيع، ولا تستطيع ادعاء النزاهة في حين كل سلوكياتكَ احتيال ولصوصية.
• يتوهم المحامي أنه سيحقق الفوز والنجاح من خلال تماديه في تقديم الطلبات والدفوع قاصداً عن عمد إطالة أمد النزاع ودفع الجميع إلى متاهات اختلاقاته الفرعية. تلك ممارسات مجرَّمة قانونياً وأخلاقياً، وتمثل مخالفة صارخة لأخلاقيات وقيم رسالة المحاماة وأسس العدالة.
• إن العدل ناموس الإنسانية السوية، والحقُّ شرفها المقدس؛ لذلك فإن العدالة تحتاج إلى ضمائر حية، وذمم نقية، وأيدٍ نظيفة.

4
وقبل الختام، أود أن أجدد التأكيد أن مناصرة المجني عليهم في مواجهة الجناة، واستقوائهم، واحدة من أهم أولوياتي حتى تتحقق العدالة ويُفرض الإنصاف. لهذا يجب ألّا نقف على الحياد حين نرى طغيان الباطل.
وإلى وقفة قادمة سنخصصها لتسليط الضوء على نماذج صارخة من التجاوزات والانتهاكات التي تورط بها -ولا يزال- بعمد وتخطيط مسبق، عدد من المحسوبين على هذه المهنة النبيلة، لعلنا نسهم في تطهير مهنة المحاماة من هؤلاء الذين يمثلون بممارساتهم بقعاً سوداء وعلامات عار في جبين رسالة المحاماة.

5
ختاماً، وبعد المُداولة أقول: هذه نماذج من مواد قانونية وردت في قانون تنظيم مهنة المحاماة، نذكّر بها لعل الذكرى تنفع المفسدين!
• المادة (66): لا يجوز للمحامي أن يتفق على أخذ جزء من الحقوق المتنازع عليها نظير أتعابه، ولا يجوز أن يعقد اتفاقات بأية صورة من شأنها أن تجعل له مصلحة على الدعوى أو العمل الموكل به.
• المادة (71): على المحامي أن يتقيد في سلوكه الشخصي والمهني بالقيم الإسلامية ومبادئ الشرف والاستقامة والأمانة وحفظ السر والنزاهة وآداب المهنة، سواءً تجاه القضاء أو تجاه زملائه أو موكليه، وعليه أن يتجنب كل إجراء أو قول يحول دون سير العدالة، وأن يتقيد بأحكام هذا القانون وأنظمة ولوائح النقابة.
• المادة (72): يحظر على المحامي ما يلي:
- السعي لاستجلاب القضايا بطريقة لا تتفق مع كرامة المهنة.
- الإعلان عن نفسه بطريقة لا تتفق مع أحكام القانون.
- أن يضيف إلى اسمه على أوراق أو لوحة مكتبه أي لقب أو أوصاف غير كلمة «المحامي»، باستثناء الألقاب الشخصية والعلمية الصحيحة.
- الاستناد في المرافعات والمذكرات إلى نصوص أو مراجع ناقصة أو غير صحيحة بصورة تتنافى مع الأمانة المفروضة عليه.
- أن يشتري الحقوق المتنازع عليها.
تلك بعض من مبادئ وقيم أكد عليها قانون تنظيم مهنة المحاماة. ومع ذلك فهناك العشرات من المحامين (أعرف الكثير منهم) يمارسون سلوكيات مخالفة تماماً لهذه المضامين وبصورة فجة.

 رئيس الهيئة المدنية للاستشارات القانونية والتحكيم وفض النزاعات بمؤسسة (MIBC) - الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية (CTPJF) - رئيس تحرير A211;A188;يفة «A165;A247;A204;A248;A220;A172; A165;A247;A198;A165;A169;A228;A172;».

أترك تعليقاً

التعليقات