لماذا حاولت «غولدا مائير» اغتيالي؟
 

بسام أبو شريف

بسام أبو شريف / لا ميديا -
في الثامن من تموز/ يوليو 1972 قامت رئيسة وزراء الكيان آنذاك «غولدا مائير»، ولأول مرة بتاريخ «إسرائيل»، بكشف مخططاتها ومخطط الحركة الصهيونية، وذلك بإصدار الأمر لزامير الذي كان مسؤولا لـ«الموساد» بتصفية كل من له قيمة في الشعب الفلسطيني، طبعاً لم تقل الشعب الفلسطيني، بل قالت لـ»الفلسطينيين الإرهابيين»، بطبيعة الحال هذه كانت سياسة العصابات الصهيونية قبل إعلان دولة العصابات «إسرائيل» في 15 أيار/مايو 1948، وكان هنالك مجموعة من العصابات الصهيونية تدربت في الجيوش الأوروبية بقرار أوروبي استعماري، وسربت إلى فلسطين بأمر من الانتداب البريطاني لتشكل عصابات داخل أرض فلسطين تدرب شباب اليهود المهاجرين بتصريح من المندوب السامي البريطاني تدربهم في معسكرات بريطانيا أو معسكرات سمحت بريطانيا للحركة الصهيونية بإقامتها في «إسرائيل»، هكذا قامت العصابات بمطاردة الفلسطينيين في أرضهم التي استقبلت مهاجرين يهودا كما قالوا من التعسف والاضطهاد الأوروبي العنصري ضد اليهود.
«غولدا مائير» تلك الروح الشيطانية الإجرامية هددت بضرب السد العالي بقنبلة نووية لإغراق مصر وقتل ملايين المصريين، هذه المرأة الشيطانية هي تمثيل حقيقي لما بدأ به جابوتنسكي الذي رفض عرض الاتحاد السوفييتي إقامة جمهورية يهودية في الاتحاد السوفييتي قائمة حتى الآن تحت اسم اليهود في روسيا، جوهر الكلام أن اغتيال غسان كنفاني في الثامن من تموز/يوليو عام 1972 كان الإعلان الصريح الواضح من قبل تلك الإنسانة الشيطانية التي أسمت نفسها «غولدا مائير»، وهي أمريكية من شيكاغو ولاية ألينوي وليست من أي منطقة من فلسطين أبدا، هي أمريكية يهودية، «غولدا مائير» علمت الأطفال كيف يكرهون ويقتلون أطفال فلسطين ذلك في مدارس اليهودية في شيكاغو قبل أن تهاجر إلى فلسطين بإذن من الانتداب البريطاني وبدعم من الاستعمار الأمريكي.
نقول هذا الإعلان الصريح ليس ابن لحظته، بل هو تعبير عن جوهر الحركة الصهيونية، الجوهر الذي صممه وملأه بالحقد والكراهية والعنف والإرهاب جابوتنسكي الذي طلب من اليهود الهجرة إلى فلسطين وذبح أهلها، «وأعملوا السيف بهم كبارا وصغارا منهم»، هكذا كان يقول جابوتنسكي عن أهل فلسطين، ونحن نرى اليوم ترجمة لهذا الإعلان الذي نشرته على الملأ «غولدا مائير» والتي أسمت كل من اغتالتهم «إسرائيل» من خيرة شباب فلسطين «لائحة غولدا»، لائحة الذين اغتالتهم «غولدا مائير» وعصاباتها، لأن لهم قيمة إنسانية وقيمة ثقافية وقيمة حضارية وقيمة العمل المفلح المحب للإنسانية وليس للعمل القاسي والعنيف والإرهابي.
وقتل الأطفال وتجويعهم حتى الموت، ومنع الدواء عنهم، وقطع الكهرباء حتى لا يشربوا ماء نظيفا فيموتوا مرضا، كل هذا تفريخ لسياسة الإرهاب الصهيوني الذي بدأه جابوتنسكي لايزال مستمراً، ونراه اليوم بأم أعيننا كيف تدهس الآليات الكبيرة أطفالا لا يستطيعون النطق بعد تقطع أوصالهم إن هم مدوا أيديهم لكمشة من الحليب الجاف، هم يموتون من قلة الغذاء، ونراهم يموتون برصاص الأعداء الذين يكرهون الإنسان والإنسانية ويتهمون الآخرين بالإرهاب كما يتهمون الشعب الفلسطيني.
الثامن من تموز/ يوليو يوم مشهود، لأن فيه اغتالت الصهيونية الكاتب الحساس العبقري المغرد في سماء الحرية والاستقلال، والذي غرد للإنسان وقيمه، وكتب عن الحب وعصافيره، وعن الطير الذي عاد إلى عكا، غسان كنفاني، من يصدق أن إنسانا حساسا أكثر مما هو كريستالو بوهيميا «مجرم آثم» بأمر من شيطانة شيطنها فكرها الصهيوني الدموي تتلمذت في الإجرام على يد وحش اسمه جابوتنسكي.
الثامن من تموز/ يوليو علامة فارقة دلتنا وأشارت إلينا في حينها أن مستقبل هذه القاعدة الصهيونية في قلب الوطن العربي هو مستقبل القتل والذبح، هؤلاء الذين يتبعون شعار «وأعملوا بهم السيف رجالا ونساء، كهولا وأطفالا والرضع منهم، الذبح والقتل»، وهي لا تمت بصلة لأي رسالة ربانية أو سماوية، سيبقى الثامن من تموز/ يوليو علامة فارقة وبالنسبة لي أكثر من ذلك بالنسبة لي سيبقى غسان كنفاني توأم روحي إلى جانبي حتى ألتحق به وأضحي كما ضحى الشهداء بحياتهم وكل ما يملكونه.
لقد حاول هؤلاء المجرمون اغتيالي بعد أسبوعين من اغتيال غسان كنفاني، ورغم جراحي الثخينة والمميتة التي أرسلوا الموت إلي في كتاب يتحدث عن الحرية والقتال من أجل حق تقرير المصير لتشي غيفارا أرسلوها لقتلي، ولكنني بقدرة القادر العظيم بقيت حيا لأرى استمرار تلك السياسة الغاشمة الآثمة ولنرى أكثر فأكثر ما تنبأ به أحد أقدم رؤساء الولايات المتحدة وحاولت الصهيونية إخفاءه طوال هذه العقود، قال إن هدف اليهود الصهاينة السيطرة على الولايات المتحدة واستخدامها واستخدام طاقاتها واستخدام نفوذها من أجل السيطرة على العالم.
لكنني يا إخوتي أقول لكم إن مصير هؤلاء جهنم وبئس المصير، نحن قاتلنا ونقاتل منذ مائة عام ونضحي في كل عقد من العقود بمئات الآلاف وأمتنا العربية تصحو تدريجيا بقدر ما يُسقط حكامها حكمتها في حضن الولايات المتحدة التي أصبحت صنيعة قاعدتها «إسرائيل».
أقول لكم إن «إسرائيل» في الوقت الذي تنفخ نفسها كما تنفخ الضفدع نفسها لتظهر أنها قوية تنهار تدريجيا، وسيعود الحق لأصحابه، وستعود القدس، وستعود مياه نهر الأردن لتمسح كل الآلام وآثار هؤلاء المجرمين.

 قيادي ومؤسس في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومستشار للرئيس الراحل ياسر عرفات.

أترك تعليقاً

التعليقات