مش كل البُرَم لسيس!
- وليد مانع الأربعاء , 25 يـونـيـو , 2025 الساعة 1:05:43 AM
- 0 تعليقات
وليد مانع / لا ميديا -
لاحظنا مؤخراً، ومنذ إعلان إيقاف وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني وكذا الولايات المتحدة (الخصم الوسيط!)، كثيراً من الكلام والترهات التي يرددها الكثيرون عن «هزيمة إيرانية»، «انكسار طهران»، «صفعة بوجه الجمهورية الإسلامية»... ومن لم يجرؤ على بلوغ هذا المستوى من الفجاجة ليقول شيئاً من هذا، راح يتساءل: لماذا لم تشترط إيران وقف الحرب على غزة أولاً؟ والمفارقة أن أغلب هؤلاء هم من المتخاذلين الذين بخلوا على إخوانهم في قطاع غزة حتى بالكلمة!
عموماً، لهؤلاء وأولئك وغيرهم ممن قد ينخدعون بأحابيلهم وتنطلي عليهم حيلهم، أقول:
أولاً: الجمهورية الإسلامية لم تدخل هذه المعركة لأجل غزة، بل كانت مجبرة على خوضها دفاعاً عن نفسها ضد عدوان غاشم شنه الكيان الصهيوني بالأصالة عن مشروعه التوسعي وبالوكالة عن الولايات المتحدة، وبالتالي فلا تطالبوها بما ينبغي أن يكون مسؤوليتكم أنتم.
ثانيا: إيران لم تبدأ الحرب، ولا حددت لها أهدافاً، ولم تطلب غير إيقاف العدوان عليها، وهو ما تحقق أخيراً.
ثالثاً: «إسرائيل»، بالأصالة عن مشروعها الإجرامي، وبالوكالة عن الولايات المتحدة، بدأت الحرب لهدفين معلنين: القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وتغيير النظام الحاكم في طهران... فماذا حدث؟
تمكنت الجمهورية الإسلامية من امتصاص الضربة الأولى، التي أرادوا لها أن تكون هي الضربة القاضية، ثم قلبت الطاولة وألحقت بـ«إسرائيل» أذى أكبر مما توقعه المعتدون؛ الأمر الذي دفع واشنطن إلى التدخل المباشر بضرب 3 منشآت نووية إيرانية.
وإذ تراجع «الإسرائيليون» والأمريكيون عن هدف تغيير النظام الإيراني، يائسين من ذلك، خصوصاً وقد ساهم عدوانهم في ازدياد قوة النظام في طهران وشعبيته في وسط المجتمع الإيراني، بما فيه المعارضة، فقد أعلن الرئيس الأمريكي أنه قضى على مشروع طهران النووي.
غير أن «الإسرائيليين»، وكثيراً من السياسيين والعسكريين ورجال الاستخبارات الأمريكيين، أكدوا -كما أكد كثيرون غيرهم- أن القضاء على المشروع النووي الإيراني غير ممكن إلا بتدخل برّي لتفكيكه من الداخل، رغم الأضرار التي لحقت ببعض مرافقه.
ثالثاً: من المعروف أن الولايات المتحدة و«إسرائيل» لا يمكن أن توقفا حرباً إلا بعد القضاء على الخصم قضاء مبرماً، بكل مقدّراته وإمكاناته؛ لكن ما حدث مع إيران جاء مختلفاً؛ إذ اجتهدتا للخروج بشكل مسرحي هزيل يحافظ على صورتهما أمام العالم كقوتين عظميين لا يمكن هزيمتهما!
في الختام، لا أقول إن إيران قد انتصرت؛ لكنها بالتأكيد لم تُهزم، وفي مقابل الخسائر والأضرار الجمة التي لحقت بها فقد اكتسبت:
أولاً: مزيداً من الالتفاف الشعبي حول النظام، ناهيك عن اكتشاف وتفكيك أجزاء كبيرة من شبكة عملاء الموساد وخلاياه التي كانت نائمة في الداخل الإيراني بانتظار ساعة الصفر، والتي اتضح بعد ذلك أنها كانت الساعة الخطأ. وبالتأكيد فإن التجربة الحية التي خاضتها قد كشفت لها الكثير من مواطن القصور والخلل في النظام الأمني والدفاعي، ولا بد أنها ستعمل على ترميم الخلل وسد الفراغ مستقبلاً.
ثانياً: فرصة فريدة (أرجو ألا تفرط فيها) للانسحاب من اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي. سيكون هذا أهم رد إيراني على الغطرسة الأمريكية والصلف الصهيوني.
ثالثاً: مزيداً من تعميق العلاقات مع دول المحيط ودول الشرق والجنوب العالميين عموماً.
أما الأمريكان و«الإسرائيليون» فلم يتحقق لهم من عدوانهم ومغامرتهم هذه كلها سوى «إعاقة» أو تأخير استكمال المشروع النووي الإيراني؛ غير أن هذا هو ما كانوا يفعلونه دبلوماسياً، ودون الحاجة لكل هذا الفشل والأضرار والخسائر التي منيت بها «إسرائيل».
إلى ذلك، فإن الحقيقة التي أظن الجميع يعرفها، لكن لم يتطرق إليها، هي أن ما تعرضت له «إسرائيل» من ضربات وجهتها إليها حماس وحزب الله وأنصار الله، ثم النشوة «الإسرائيلية» بما حققته من نجاحات في رد فعلها بضرب حماس وحزب الله وإسقاط النظام السوري، جعلها تظن أن الوقت قد حان لتحويل إيران إلى «عراق جديد»؛ لكنها اصطدمت بحقيقة أنه «مش كل البرم لسيس»!
المصدر وليد مانع
زيارة جميع مقالات: وليد مانع