«مدري».. سلاح في وجه العدو
- محمد الشرفي الأثنين , 14 أبـريـل , 2025 الساعة 1:02:42 AM
- 0 تعليقات
محمد الشرفي / لا ميديا -
مفهوم الوعي الأمني في زمن الحرب ليس ترفاً فكرياً، بل واجب ديني ووطني وأخلاقي، وعلى كل مواطن حر وشريف أن يدرك أن المعركة اليوم لم تعد بالسلاح وحده، بل بالكلمة والمعلومة والصورة والموقف.
وفي ظل العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني على اليمن، فإن أصغر تفصيل قد يتحوّل إلى معلومة تُستغل للإضرار بالوطن، ولهذا فإن التكتم والانضباط والكتمان ليست خياراً، بل فريضة.
تأكيدات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) على أن المعركة اليوم معركة وعي، تُلزم كل مواطن أن يكون جندياً لا في الجبهة فقط، بل أيضاً في ميدان الصمت والانتباه. إن تصوير الشوارع، ونشر كل شيء، والسؤال عن المجاهدين في مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى التحدث بها عفوياً في الأسواق ومجالس القات أو في وسائل التواصل، قد يتحوّل إلى خيانة غير مقصودة، نتائجها كارثية على حياة المجاهدين وسير المعركة.
في هذا السياق، برزت كلمة "مدري" كأداة صامتة؛ لكنها فاعلة وذكية. وكما قال القائد الصيني سون تزو: "السر كله يكمن في إرباك العدو، بحيث لا يستطيع فهم نوايانا الحقيقية". فإن هذه الكلمة البسيطة أربكت أدوات العدو، ومنعتهم من اصطياد المعلومات المجانية. "مدري" ليست جهلاً، بل وعي مقصود، وتكتيك حاسم يحمي الأسرار ويصون الأرواح.
العدو يتسلل إلينا اليوم ليس عبر الطائرات فقط، بل عبر التغريدات والمنشورات والصور والمكالمات. كل موقع يتم تحديده، وكل خبر يُتداول بلا مسؤولية، هو رصاصة في صدور أبطالنا. من أخطر ما تواجهه الجبهة الداخلية استهتار البعض بخطورة الحرب النفسية والإعلامية، التي تُدار اليوم باحتراف من قِبَل أجهزة الاستخبارات الأمريكية و"الإسرائيلية" ومرتزقة مرتزقتهم.
عندما نرى حملات السخرية التي تُشنّ على ثقافة التكتم، وعلى استخدام "مدري"، نعلم يقيناً أننا على الطريق الصحيح. فالعدو لا يسخر من شيء إلا إذا كان مؤلماً له، وأثبتت "مدري" أنها سلاح فعّال في منعه من تحقيق أهدافه. يريدون من المواطن أن يتحول من خط دفاع أول إلى ثغرة، ونحن نقول: "مدري"، لأننا نعرف أن الصمت في زمن الحرب وعي، والفضول خيانة.
ما يُنشر في الإعلام المعادي ومواقع التواصل ليس عبثاً، بل هو خطة لهدم الحصن من الداخل. عندما يستهزئون بمن يصمت أو يرفض الحديث، فهم لا يسخرون منه، بل من سلاحه. ولهذا يجب أن نكون جميعاً صفاً واحداً، لا فقط في المتارس، بل في التفكير والانضباط والوعي.
نحن في معركة مصيرية؛ معركة الأمة ضد الاستكبار العالمي، معركة فلسطين وغزة والقدس، معركة الكرامة والمستقبل... وإذا كان شعبنا في اليمن يقدّم الدم نصرةً لأهلنا في غزة، فهل يصعب علينا أن نُمسك ألسنتنا لأجلهم؟! أليس من العار أن نخسر مجاهداً بسبب تغريدة؟! أليس من الخيانة أن تسبق كلماتنا رصاصاتنا؟!
التكتم لا يعني الخوف، بل هو الشجاعة بعينها؛ هو القوة التي لا تُرى، لكنها تُرعب العدو أكثر من آلاف القذائف. قال الإمام علي عليه السلام: "لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه"، ونحن نحتاج أن نكون عقلاء، في زمن لا يرحم الغافلين.
نحن، أبناء هذا الشعب العظيم، نقف خلف قيادتنا، خلف مجاهدينا، خلف صواريخنا وطائراتنا المسيّرة؛ لكننا نقف أيضاً خلف وعينا، وسلاح الوعي لا يقل أهمية عن سلاح البندقية. "مدري" كلمة، نعم؛ لكنها حين تُقال في وقتها، تحمي وطناً، وتُفشل خطة، وتُنقذ روحاً.
نقولها لا تردداً، بل وعياً؛ لا خوفاً، بل مسؤولية؛ لا هروباً من الحقيقة، بل وفاءً لها. نقولها، لأننا نعلم أن النصر لا يُصنع بالكلام الكثير، بل بالوعي العميق. ومن كان الله معه، وكان وعيه سلاحه، فلن تهزمه أمريكا، ولا "إسرائيل"، ولا كل إعلامهم وجيوشهم.
المصدر محمد الشرفي
زيارة جميع مقالات: محمد الشرفي