خلل النفوس
 

زيد البعوة

زيد البعوة / لا ميديا -

كنا نفرح ونستبشر عندما يتم تعيين أحد المنتمين للمسيرة القرآنية في منصب كبير وفي موقع مسؤولية جسيمة، على أساس أنه سوف يعمل على الانتقال بالعمل وتطويره إلى الأفضل، ولكن للأسف الشديد بقي الواقع كما هو عليه، بل إن الخلل أصبح أكبر.
ليست المشكلة في المسيرة القرآنية ولا في الثقافة القرآنية، حاشا لله، ولكن المشكلة تكمن في النفوس وفي الواقع وفي الظروف وفي الوعي وفي روح المسؤولية.
البعض منذ فترة وهم في مناصب ومواقع عمل مهمة في مؤسسات الدولة، ولكن دون جدوى، يدورون حول أنفسهم، لا هُمْ أحدثوا تغييراً إيجابياً، ولا هُمْ مثلوا المسيرة القرآنية بالشكل الصحيح.
هذا لا يعني أنهم فاسدون وغير جديرين، والجميع يعرف حجم الأحداث، ويعرف كيف كانت الأمور في السابق، وكذلك ظروف الواقع اليوم نتيجة العدوان والحصار، ولكن هذا لا يعني أن الوضع من المستحيل تغييره، ومن يفكر هذا التفكير فهو فاشل. 
وبصراحة وصدق اليوم لم نعد نفرح عندما يتم تعيين هذا أو ذاك في موقع مسؤولية، حتى لا نعطيه أكبر من حجمه، فيصبح حاله كحال الآخرين، ونكون فرحنا بالسراب والوهم.
على الرغم من أن منهجية وثقافة المسيرة القرآنية فيها الكثير من الحلول والدوافع والمحفزات التي تدفع بمن يعيها ويعمل بها إلى التغيير نحو الأفضل كيفما كانت الظروف، ولكن كما قلنا النفوس والواقع المحيط وقلة الوعي وعدم الشعور بالمسؤولية وانعدام التقوى والمقاصد الشخصية، كلها عوامل تؤثر على صاحبها وعلى العمل، وتجني على الأمة.
إن من يمثل المسيرة القرآنية يجب أن يكون عملياً ومخلصاً وصادقاً، وتكون أعماله ومواقفه مثمرة في الواقع، ما لم فإنه لا يمت بصلة للمسيرة القرآنية، بل إنه يسير على ذات النهج السابق، وهو بهذا لا فرق بينه وبين من سبقوه، للأسف الشديد. ولكي أكون منصفاً هذا لا يعني أن ممثلي أنصار الله في الحكومة والدولة فاسدون ولصوص ومجرمون، معاذ الله، لكن المقصود أنهم لم يعملوا كما كان مؤملاً، وكما هو مطلوب منهم، ووفق الثقافة القرآنية.
أنا هنا لا أستهدف شخصاً معيناً أو أتجنَّى على أحد، أو أنني قلت هذا الكلام لأسباب شخصية، بل إنني أتكلم كمواطن يمني ينتمي للمسيرة القرآنية، أراقب الوضع من موقع غير المطلع على كل شيء، لكنني تعلمت من خلال ثقافة القرآن كيف يجب أن يكون من يمثل القرآن والإسلام، وهذا الكلام ليس كلام الناصح، وأيضاً ليس كلام الفاضح، بل هو عبارة عن تعجب وتساؤل واستغراب وتوضيح وكشف حقائق.
أفضل لنا أن يكون المسؤولون من مختلف الأحزاب والتنظيمات الأخرى إذا كان الوضع سيبقى كما هو عليه، حتى لا نعطي للناس صورة عكسية وسيئة عن المسيرة القرآنية بسبب ما يمارسه البعض من سلبيات.
ولكن تبقى الحقيقة تقول إنه ليس كل من لقب نفسه مجاهداً أو من أنصار الله، هو فعلاً من أولياء الله، إلى درجة أن الكثير من الناس يصنّفون الشخصيات وفق مواقفها وأعمالها، يقولون هذا فعلاً رجل مخلص وعملي، ويقولون هذا فاسد، مع أن تصنيفات الناس ليست معياراً، فهم لا يملكون الكمال المطلق، ولكن كما قال الإمام علي: "الحق لا يعرف بالرجال، فاعرف الحق تعرف أهله". الصماد -رحمة الله- عليه كان نموذجاً راقياً، وهناك الكثير من المجهولين في الأرض المعروفين في السماء، يعملون بجد وصدق واهتمام في مؤسسات الدولة وفي مختلف المجالات. والمسيرة القرآنية هي القيادة والمنهج والمشروع الذي يجب أن يخلص له الجميع، ويتمثلوه في عملهم وسلوكهم.


أترك تعليقاً

التعليقات