في خطوة تصعيدية مفاجئة، أقدمت قوات الاحتلال السعودي على إجلاء العشرات من جنودها عبر طائرة شحن عسكرية أقلعت من مطار عدن، بالتزامن مع قرار مثير للجدل يقضي بوقف جميع التراخيص للطيران المدني وتجميد حركة الملاحة من وإلى المطار.
مصادر في المطار أكدت أن الطائرة العسكرية نقلت جنوداً كانوا يتمركزون في مقرات ومعسكرات تابعة لقيادة ما يسمى «التحالف»، في مشهد يعكس ارتباكاً متزايداً داخل البنية العسكرية للتحالف.
بالتوازي مع عملية الإجلاء، أفاد مصدر في حكومة المرتزقة بأن التحالف الذي تقوده السعودية أصدر قراراً بإغلاق المجال الجوي اليمني بشكل شامل لعدة ساعات، مانعاً إصدار أي تصاريح للرحلات المدنية، وهو إجراء يضاعف عزلة البلاد ويكشف حجم التوتر داخل معسكر الاحتلال.
وتشهد عدن المحتلة مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب، إذ تتداخل التطورات السياسية والعسكرية في مشهد يكشف عمق التصدّع بين أطراف تحالف الاحتلال.
مصادر محلية أكدت هروب أعضاء حكومة الفنادق من مدينة عدن، اليوم، بعد أيام من تقدم مرتزقة الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية.
وقالت المصادر إن أغلب أعضاء حكومة الفنادق فروا من عدن، ولم يتبقَّ في قصر معاشيق، الذي تتخذ منه حكومة الفنادق مقراً لها، سوى الأعضاء الموالين لمرتزقة الانتقالي.
في السياق، وبعد تأكيد قيادي في مرتزقة الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، أن أعضاء حكومة الفنادق فروا من عدن، عاد القيادي نفسه ليصرّح بأن المجلس «لم يطلب من الحكومة المغادرة»، في محاولة لتخفيف دلالات هذا الخروج المفاجئ.
إلا أن مراقبين أكدوا أن هذه التصريحات المتناقضة لم تحجب حقيقة التراجع السعودي، الذي تجلّى في سلسلة انسحابات من معسكراته في المدينة، وصولاً إلى سحب الطاقم الطبي التابع لما يسمى البرنامج السعودي من مستشفى ابن سلمان بشكل مفاجئ.
مصادر طبية وعسكرية أكدت أن هذه الانسحابات السريعة جرت دون تقديم أي تبريرات، ما فتح الباب أمام تأويلات تربطها مباشرة بتصاعد الصراع بين الاحتلالين السعودي والإماراتي على إدارة عدن ومفاصلها الحيوية.
ومع إحكام فصائل الاحتلال الإماراتي قبضتها على الموضوع الأمني والإداري، تبدو سلطات الرياض وكأنها تخلت عن مرتزقتها من فصائل الخونج بمختلف تشكيلاتها، وكذا من فصائل ما يسمى «درع الوطن» الموالية لها.
ويرى المراقبون أن فرار حكومة الفنادق من عدن، بالتزامن مع الانسحابات الميدانية لقوات الاحتلال السعودي، يعكس واقعاً جديداً رسمه الأمريكي والبريطاني والصهيوني، ما يؤكد فرضية أنه بعد أحداث حضرموت، تبدو عدن ساحة صراع جديدة بين أدوات الاحتلال، في مشهد يشي بجولة دموية قادمة على وقع التنافس المحموم بين الاحتلالين السعودي والإماراتي، واللذين أصبحا ضمن الأدوات نفسها التي تؤدي أدواراً محددة من قبل اللاعبين الرئيسيين: أمريكا وبريطانيا و«إسرائيل».
وبحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية فإن أبوظبي باتت اللاعب الأكثر تأثيراً في الجنوب اليمن المحتل.
وقالت الصحيفة في تقرير لها: «إن إعلان دولة جنوبية من طرف واحد لم يعد سيناريو بعيداً، رغم ما يحمله من مخاطر جيوسياسية شبيهة بتجربة الصحراء الغربية».
كما رجّحت أن يدفع مرتزقة الانتقالي نحو استفتاء على تقرير المصير، في ظل الدعم الإماراتي المباشر الذي تقول الصحيفة إنه ازداد بعد خلافات حادة بين الرياض وأبوظبي على خلفية ملف السودان.