عادل بشر / لا ميديا -
أكد قيادي في حركة الجهاد الإسلامي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" ما زال يعيش حالة من القلق وعدم الاستقرار بعد عامين على معركة "طوفان الأقصى"، مشددا على أن المقاومة "ستبقى مصدر إزعاج دائم للعدو حتى زواله"، وأن "محاولات نزع سلاحها لن تنجح لأنها جزء من حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه".
وفي حديث خاص مع «لا»، تناول القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه، الأوضاع الإنسانية في غزة بعد التهدئة الأخيرة، محذراً من "كارثة مكتملة الأركان" تتطلب تدخلاً وجهداً إنسانياً على مستوى عالمي، كما تطرق إلى التحديات التي تواجه فصائل المقاومة في ظل الدمار الواسع والحصار المستمر، وتحدث عن الدور اليمني في إسناد غزة، مؤكدا أنه "أعاد تثبيت وحدة الساحات العربية والإسلامية في مواجهة المشروع الصهيوني".
وأضاف أن المقاومة "تخوض معركة طويلة الأمد" على الصعيدين الميداني والسياسي، وأن ما يسمى بـ"اليوم التالي للحرب" لا يزال غامضا في ظل استمرار الاحتلال في نقض الاتفاقات وتنصله من التزاماته، داعيا شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى "الوعي والنهضة ومواصلة دعم فلسطين بكل الوسائل المتاحة".

عامان على طوفان الأقصى
وقال القيادي في الجهاد الإسلامي إن المشهد بعد مرور عامين على اندلاع معركة طوفان الأقصى يؤكد أن "الاحتلال لا يزال يعاني قلقاً وارتباكا أمنيا وسياسيا ومعنوياً نتيجة ضربات المقاومة وثبات الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة الممتد من فلسطين إلى لبنان واليمن العزيز والعراق والجمهورية الإسلامية في إيران".
وأضاف "هذا المشهد سيؤسس بإذن الله لزوال الاحتلال"، مشيراً إلى أن "المقاومة معنية بأن تبقى مصدر قلق وإزعاج للاحتلال حتى النهضة الكاملة لأمتنا ومعركة المصير التي ستكون نهاية الاحتلال".
وأوضح أن المشهد بعد عامين من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م "يحمل الكثير من العِز والفخر للمقاومة وللأمة، وفي الوقت ذاته، يحمل الكثير من الأوجاع والجراح وتضحيات كبيرة قدمها الشعب والمقاومة الفلسطينية ومن خاضوا معركة الإسناد في لبنان واليمن وإيران والعراق"، مؤكداً بأن "طريق الحرية والاستقلال والكرامة، لا يمكن أن تكون بلا تضحيات، وما دامت الشهادة هي سيدة الموقف فإننا نسير في الاتجاه الصحيح، وهو طريق الأنبياء والمجددين وطريق النضال والاستقلال".

كارثة إنسانية
وحول الوضع الإنساني في غزة، قال القيادي في سياق حديثه لـ«لا» إن القطاع يعيش "كارثة مكتملة الأركان على المستويات الإنسانية والاقتصادية والصحية والتعليمية"، مؤكدا أن ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو "جهد الأمة وجهد عالمي لإنقاذ الأجيال من تداعيات حرب الإبادة".
ورغم الكارثة، أشار إلى أن "المعنويات مرتفعة، والإيمان بالثبات والصمود ما زال حاضراً"، مضيفا أن "جميع محاولات الاحتلال لاقتلاع وتهجير الفلسطينيين أو قتل ثقافة المقاومة في وعي الأجيال، قد فشلت".
وعلى الصعيد السياسي، اعتبر القيادي في الجهاد الإسلامي أن المرحلة الحالية تتسم بالغموض لأن "العدو لا يحترم المواثيق أو الاتفاقات"، وقال: "نتعامل مع عدو تكوينه الثقافي والأيديولوجي قائم على الغدر ونقض العهود، ولهذا تُبنى رؤية المقاومة ميدانيا وسياسيا على هذا الأساس".

نزع السلاح مرفوض
وردا على التهديدات "الإسرائيلية" المتكررة بالعودة إلى الحرب تحت شعار "نزع سلاح المقاومة"، شدد القيادي في حركة الجهاد على أن "الاحتلال والمعسكر الغربي الذي الولايات المتحدة رأس حربة هذا المعسكر، رؤيتهم للسلام هو ذلك السلام القائم على البطش والإرهاب، بينما رؤيتنا للسلام هي أن يقوم على احترام حق الشعوب في أرضها وتقرير مصيرها ورد الحقوق إلى أصحابها".
وقال: "نحن أمام مشروعين متناقضين من حيث الثوابت والجذور والرؤية والتصور. لذلك لا يمكن أن يتم اللقاء في منتصف الطريق أو انتزاع أنصاف حلول"، مشيراً إلى أنه "يمكن وصف ما يحدث اليوم بحالة من فرض الهدوء أو محاولة شراء الهدوء لسنوات لكي يستعيد الاحتلال أنفاسه ويرمم ردعه وهيبته التي سقطت أمام المقاتلين والمجاهدين الفلسطينيين باسلحتهم البسيطة، لذلك هو يحاول أيضا أن يوظف كثيرا من الأوراق منها ورقة نزع سلاح المقاومة في المفهوم العام والشامل".
وأضاف: "كل الشعوب التي تعيش تحت الاحتلال لها الحق في مقاومته، وهذا الحق ثابت شرعا وقانونًا. المشكلة ليست في المقاومة بل في وجود الاحتلال ذاته الذي حاول أن يقتلع هذا الشعب ويستبدله بشذاذ الآفاق الذين ليس لهم علاقة بالأرض ولا بالتراث وليسوا جزءاً من تكوين المنطقة"، مشدداً على أن "السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وانتهاء السطوة الأمريكية على منطقتنا العربية والاسلامية".

اليوم التالي للحرب
وفي ما يتعلق بملف "اليوم التالي"، أوضح القيادي في الجهاد الإسلامي بغزة أن ما يأمله الفلسطينيون هو "إعادة بناء ما دمره الاحتلال وإحياء الإنسان الفلسطيني بكل مستلزماته وحقوقه ليعيش في حرية وكرامة بعد حرب الإبادة التي تعرض لها"، لكنه أشار إلى أن الاحتلال "ما زال يعيش حالة قلق حتى من الفلسطيني الجريح والمشرد"، متوقعا أن "يتنصل الاحتلال من أي التزامات تتعلق بالإعمار أو بوقف العدوان".
وقال إن الشعب الفلسطيني "يعيش في ظروف قاسية لكنه مصرّ على حقه في الحرية والكرامة"، مؤكدا  أن المقاومة "ماضية في حقها في الدفاع عن شعبها والمطالبة بإعمار ما دمره الاحتلال، مهما كانت الظروف صعبة والإمكانات محدودة".

تحديات المقاومة
وتحدث القيادي في الجهاد الاسلامي عن أبرز التحديات التي تواجهها فصائل المقاومة في ظل الدمار الكبير والحصار المستمر بعد عامين من العدوان وحرب الإبادة، موضحا أن "استمرار الإرهاب الإسرائيلي بدعم من الولايات المتحدة والمعسكر الغربي يمثل التحدي الأكبر"، إلى جانب "حجم الدمار الهائل الذي خلّفه العدوان وما يفرضه من أولويات جديدة تتعلق بإعادة إعمار ما دُمر وبناء الإنسان الفلسطيني، وإعادة الحياة داخل القطاع".
وقال إن المقاومة "رغم محدودية الإمكانات واستنزاف الموارد واختلال الموازين الدولية لصالح الاحتلال، فإنها ستواصل أداء واجبها في الدفاع عن شعبها، ولا يمكن أن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الحاضنة الشعبية"، مشددا على أن "الثبات على الموقف المقاوم هو واجب شرعي وأخلاقي ووطني".

الدور اليمني في المعركة
وأشاد القيادي في حركة الجهاد بدور اليمن في معركة طوفان الأقصى، معرباً عن "فخر واعتزاز حركة الجهاد الإسلامي وجميع الفصائل وكافة أبناء شعبنا الفلسطيني بالدور الكبير الذي قام به اليمن قيادة وشعباً وقوات مسلحة، خلال معركة الاسناد لغزة".
وقال إن "صنعاء جسّدت أسمى صور التضامن والالتحام مع فلسطين، وقدمت الشهداء وتحمّلت العدوان دفاعا عن الموقف المبدئي والديني والأخلاقي"، موضحاً أن "الضربات التي وجهها اليمن إلى الكيان والملاحة المرتبطة به أثرت في مسار الحرب وأوجعت الاحتلال، وأكدت أن اليمن لا يزال متمسكا بموقفه رغم الثمن الكبير الذي يدفعه".
وأشار إلى أن العمليات العسكرية اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني "تمثل الموقف العربي والإسلامي الحقيقي الذي يرفض الاستفراد بفلسطين"، مؤكداً أن استمرار الضربات اليمنية "حطّم مؤامرات التقسيم والاستفراد بكل ساحة على حدة، وأعاد تثبيت وحدة الساحات وأثبت أن الوعي العربي والإسلامي لم يمت، ويعكس روحا جديدة في محور المقاومة تقوم على الفعل الميداني ووحدة الدم والمصير".
وأضاف أن "الموقف اليمني يعبّر عن وعي الأمة بخطورة المرحلة، ويمنح الأمل بأن الأمة ما زالت بخير وقادرة على استنهاض قواها وتشكيل جيش موحد يضع حداً للاستكبار العالمي والغطرسة الأمريكية والصهيونية، ويستعيد القرار والسيادة في المنطقة".

رسالة إلى الأمة
وفي ختام حديثه مع «لا»، دعا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بغزة، شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى "النهضة من جديد والوعي بحجم المؤامرات التي تستهدف المنطقة عسكريا وثقافيا وإعلاميا"، مشددا على أن "الرهان الحقيقي هو على وعي الجماهير وتفاعلها مع قضاياها".
وقال إن "تجربة المقاومة خلال العامين الماضيين أثبتت أن الأمة قادرة على تجاوز الجراح والنهوض من جديد"، معبرا عن أمله في أن "تتوحد الجهود من أجل نصرة الحق العربي والإسلامي وتحقيق الحرية والكرامة لكل الشعوب المظلومة".