دعا إلى تعزيز التحالف مع السعودية والإمارات ومرتزقتهما.. مركز أبحاث أمريكي: «إسرائيل» فشلت في ردع اليمن
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
عادل بشر / لا ميديا -
في اعتراف جديد يصدر من داخل الدوائر الأمريكية ـ الصهيونية البحثية والأمنية، نشر مركز "ستيمسون" الأمريكي تقريراً تحليلياً يكشف بوضوح حجم القلق "الإسرائيلي" من صعود اليمن كقوة إقليمية مستقلة وفاعلة في محور المقاومة، مؤكداً حاجة الكيان إلى استراتيجية جديدة طويلة المدى ضد صنعاء، بحيث ترتكز هذه الاستراتيجية على تطوير العلاقات والتعاون بين الكيان الصهيوني والأسطول الأمريكي الخامس والإمارات والسعودية وفصائل المرتزقة في جنوب اليمن والساحل الغربي.
التقرير الذي بعنوان "إسرائيل بحاجة إلى استراتيجية أفضل لهزيمة الحوثيين في اليمن"، وأعده داني سيترينوفيتش، أحد أبرز ضباط الاستخبارات "الإسرائيلية" السابقين، أشار إلى أن كل العمليات التي شنتها "إسرائيل" ضد صنعاء فشلت في تحقيق الردع، بل جاءت بنتائج عكسية، إذ زادت شعبية حركة "أنصار الله" وعززت موقعهم في المعادلة الإقليمية، معتبراً أن "تل أبيب" إلى جانب فشلها العسكري، فشلت أيضاً في فهم التركيبة الطبيعية لـ"الحوثيين"، الأمر الذي جعل جهودها في استهداف قيادات صنعاء المؤثرة عسكرياً وتنظيمياً، باءت بالفشل.
صمود في وجهة تحالفات متعددة
ويرى التقرير أن وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني في غزة، فيما يسمى "مبادرة ترامب"، لن يضع نهاية لمشكلة الكيان مع صنعاء ولن يغيّر حقيقة أن الأخيرة أصبحت جزءاً من معادلة الردع الإقليمي، قائلاً إن أنصار الله "يعتبرون أنفسهم حماة محور المقاومة بأكمله، وليس مجرد داعمين لحماس". ويضيف أن الهجمات التي شنّها اليمنيون على أم الرشراش "إيلات" في الذكرى الثانية لمعركة "طوفان الأقصى" كشفت مجدداً "خطأ الحسابات الإسرائيلية تجاه صنعاء التي صمدت في وجه التحالفات العسكرية المتعددة منذ عقد من الزمن".
ويزعم التقرير أن "إسرائيل" دخلت المواجهة مع اليمن دون معرفة كافية بخصمها، إذ لم تكن "تل أبيب" تملك معلومات استخبارية دقيقة عن هيكل جماعة أنصار الله ولا عن قدراتها التسليحية، وافترضت -على غرار تجربتها مع حزب الله وغزة- أن سلسلة من الضربات الجوية يمكن أن تفرض الردع وتكبح الهجمات القادمة من الجنوب. لكن النتائج جاءت معاكسة: اليمنيون واصلوا الضربات، واستعادوا زمام المبادرة في البحر الأحمر، وأجبروا الأسطول الأمريكي والغربي الداعم لـ"اسرائيل" على التراجع.
هجمات فاشلة
التقرير، الذي أثار اهتمام الأوساط البحثية والإعلامية في واشنطن و"تل أبيب" باعتباره يعكس رؤية استخباراتية "إسرائيلية" تجاه اليمن بعد عامين من معركة إسناد صنعاء لغزة، استعرض سلسلة الهجمات التي نفذها الاحتلال الصهيوني منذ تموز/ يوليو 2024 على موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي ومحطات الكهرباء والمشتقات النفطية وبنى تحتية مدنية مختلفة، مشيراً إلى أنها "كلفت الشعب اليمني ثمناً باهظاً اقتصادياً؛ لكنها لم تُحدث انهياراً في البنية الصاروخية أو تراجعاً في إرادة القتال"، بل تحولت تلك الضربات إلى عامل تعبئة داخلية رفع من تماسك الجبهة اليمنية ومن شرعية القرار بمواصلة القتال نصرةً لفلسطين.
ودعا التقرير إلى تغيير شامل في الاستراتيجية "الإسرائيلية" تجاه اليمن، بعيداً عما سماها "عقلية الرصاصة الفضية" في إشارة إلى الاغتيالات والضربات الجوية. ويرى أن أي حملة ناجحة ضد صنعاء يجب أن تكون طويلة الأمد، متعددة المسارات، تشمل العمل العسكري والاستخباري والسياسي والاقتصادي، وتشترك فيها أطراف إقليمية حليفة للولايات المتحدة.
ولفت إلى أن "التفاخر بقدرة إسرائيل على إحداث تغيير في النظام في صنعاء، مبالغ فيه"، مضيفاً: "قد يكون من الحكمة أن يمتنع السياسيون الإسرائيليون عن الثناء على الخطوات التي اتخذوها حتى الآن ضد التهديد الحوثي".
وبحسب مركز الأبحاث الأمريكي فإن الكيان الصهيوني يحتاج في حملته المستقبلية ضد اليمن، إلى تعزيز الاستخبارات لجمع معلومات حول القدرات الصاروخية والقبلية لمن وصفهم بـ"الحوثيين"، مؤكداً أنه "في ظل عدم توافر معلومات كافية عن مواقع مسؤولي القبائل الحوثيين، فإن إسرائيل تجد صعوبة في بث شعور الخوف بين كبار قادة أنصار الله".
وأوضح التقرير أن على كيان الاحتلال العمل بالتعاون مع الأسطول الأمريكي الخامس ودول في المنطقة مثل السعودية والإمارات، وإنشاء وجود لـ"إسرائيل" في البحر الأحمر يسمح لها بالمرونة العملياتية، وذلك من خلال تطوير التحالف مع الرياض وأبوظبي والمنامة وفصائل المرتزقة في اليمن الموالين للسعودية والإمارات.
وفي خلاصة تحليله، يقر الباحث والضابط الصهيوني بأن القيادة "الإسرائيلية" أخطأت حين ظنت أن حربها ضد إيران ستردع "الحوثيين"، مؤكداً أن النتيجة كانت عكسية تماماً، فقد ازدادت ثقة صنعاء بنفسها واتسعت رقعة نفوذها في البحر الأحمر.
إرباك وقلق "إسرائيلي"
تقرير مركز "ستيمسون" الأمريكي رغم لغته الحادة، إلا أنه يُظهر حجم الإرباك "الإسرائيلي" الحقيقي أمام صلابة الموقف اليمني. فالمفارقة، كما يقرؤها مراقبون، أن الاعتراف بضرورة "استراتيجية طويلة ضد صنعاء" يعني التسليم الضمني بأن كل الخيارات السريعة قد فشلت، وأن صنعاء اليوم باتت رقماً صعباً في معادلة الردع الإقليمي لا يمكن تجاوزه أو تحييده بسهولة.
ويرى مراقبون أن ما ورد في التقرير يُعد اعترافاً جديداً من قلب المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" بأن اليمن، الذي حُسب طويلاً خارج معادلات القوة، أصبح في موقع الفاعل لا المتفرج، وأن إرادة المقاومة في صنعاء فرضت على واشنطن و"تل أبيب" إعادة حساباتهما في البحر الأحمر والمنطقة كلها.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا