حوار وترجمـة:طارق الأسلمي / لا ميديا -
من بين ركام التحديات وملاعب الرياضة، تبرز قصة المدربة الفلسطينية آيات يوسف التي اختارت أن تجعل من كرة القدم ورسالتها الإنسانية طريقاً مزدوجاً نحو الحلم والهوية. مسيرتها لم تكن مجرد إنجازات شخصية بل رحلة مثقلة بالشغف والمسؤولية تجاه وطن يئن تحت الاحتلال.
 كيف كانت بدايتك مع الرياضة؟
- بدأت مسيرتي الرياضية كلاعبة في أكثر من مجال، ثم تخصصت لاحقاً في كرة القدم وحصلت على قبول في الجامعة الأردنية بتفوق رياضي، وهناك واصلت تطوير نفسي أكاديمياً.
 ممكن تحدثيننا بخصوص مسيرتك الأكاديمية في المجال الرياضي.. وهل كانت مقتصرة فقط على كرة القدم؟
- بعد حصولي على شهادة القبول الرياضي، تابعت مسيرتي في الإدارة الرياضية من خلال نيل شهادات عليا من الفيفا والاتحاد الآسيوي في مجالي التدريب والإدارة الرياضية. كما حصلت على درجة الماجستير، وحالياً أكمل دراستي للمرحلة الأخيرة في الدكتوراه في موضوع الإدارة الرياضية، مع تركيز خاص على كرة القدم والأكاديميات الرياضية.
إلى جانب ذلك، لدي خبرة واسعة في مجال الإشراف والتدريب، حيث عملت مع أكثر من مؤسسة رياضية، وأدير عملي الخاص في هذا المجال. كما أكتب استشارات رياضية، وأحاضر في عدة أماكن، وأقدّم الدعم والنصائح للإدارات الرياضية، خاصة فيما يتعلق بتطوير المدربين واللاعبين واللاعبات في كرة القدم.
 هل كانت رحلتك مقتصرة على العمل الرياضي داخل فلسطين فقط؟
- رحلتي لم تقتصر على الجانب المحلي، إذ عملت في مؤسسات رياضية دولية، إدارية وفنية، وتوليت منصب مديرة الكرة النسوية في اتحاد كرة القدم لخمس سنوات، وهذه الفترة أعتبرها مفصلية، كونها شهدت نقلة نوعية للكرة النسوية. كما أشرفتُ على العديد من الدورات الرياضية بالتعاون مع الاتحاد الآسيوي والفيفا، وشاركتُ مع اتحادات إقليمية مثل اتحاد غرب آسيا، وكنتُ مقررة في جمعيات ضمن الاتحادات الدولية.
لم يكن عملي محصوراً بالتدريب، فقد نظمت فعاليات رياضية كبرى مثل الماراثونات، وساهمت في تحقيق إنجازات رياضية بارزة، بل وخضت تجربة استثنائية في قطر مع مؤسسة bein Sports خلال بطولة كأس (ج)، كما شاركت في مشاريع تهدف إلى دعم اللاعبين الموهوبين، والتي أعتبرها من أروع إنجازاتي.
 ماذا عن عملك في نادي العاصمة الرياضي بالضفة الغربية؟
- في الوقت الحالي، أشرف على تدريبات أكاديمية نادي العاصمة، وأعمل كمستشارة لتطوير اللاعبين واللاعبات وصقل مهاراتهم ليصبحوا نجوماً في الأندية المحلية والدولية والعالمية.
 ننتقل كابتن آيات للحديث عن المأساة التي يشهدها قطاع غزة وما يواجهه من حرب إبادة؟
حين أتحدث عن غزة، قلبي مُثقل بالحزن.. الحزن على أهلنا في غزة لا يمكن وصفه ببساطة، فهو قهر حقيقي. نحن شعب واحد، ولا أحب فصل الضفة عن غزة، لأن ما يصيب أهلنا هناك هو وجع للروح كلها. لدي أقارب وأصدقاء من نخبة الرياضيين، بعضهم استشهد، وهذه مناظر تفطر القلب. القاهر أن كثيراً من الأحلام التي كانت مجرد بداية قد قُتلت أيضاً.
 هل أثر العدوان على عملك في بداية الحرب؟
- تأثر عملي بشكل مباشر، انقطع الإعلان عن إنجازاتنا بسبب الألم النفسي الكبير. حتى مصدر رزقي الوحيد شعرت أنه مهدد. لكن الألم الأكبر هو العجز عن تقديم المساعدة، رغم أن غزة لا تبعد سوى ساعة عن رام الله، لكنها اليوم أبعد من أي وقت مضى بسبب هذا العدوان.
 هل الرياضة قادرة على لعب دور محوري في إيصال الصوت الفلسطيني للعالم؟
نعم، يمكن دعم القضية عبر الرياضة، شرط أن يكون ذلك بشكل رسمي ومؤسسي يمثل وحدة الشعب الفلسطيني.
الكثير من اللاعبين الفلسطينيين حققوا احترافاً في دول مختلفة ووصلوا إلى مستويات عالمية، وهو ما يعد فخراً وفرصة لإبراز القضية الفلسطينية من خلال الرياضة.
لم أكن أعتقد أن أي رسالة يمكن أن تفي حق الشعب الفلسطيني، لكن مع الوقت أدركت أن الرياضة تُعد سفيراً مهماً لرفع العلم الفلسطيني في المحافل الدولية.
 في هذا الشأن ما الذي تقدمونه كرياضيين فلسطينيين اليوم لإبراز القضية والمظلومية الفلسطينية؟
- نعمل حالياً من خلال نادي العاصمة ومن خلال المنتخبات الفلسطينية على استخدام كل الإمكانيات المتوفرة، ولو كانت قليلة، لإيصال قضيتنا إلى المحافل الدولية.
 كيف ترين ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الاتحاد الدولي لكرة القدم بمعاقبته لروسيا وغض الطرف عن جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي وعدم معاقبتها بتعليق العضوية؟
- ازدواجية المعايير التي يمارسها الفيفا شيء مؤسف ويبعث على المرارة والخجل، الغريب أن اتحاد كرة القدم وبقية الاتحادات الأولمبية التابعة للاحتلال الإسرائيلي لها مقاعد ضمن الاتحادات الأوروبية رغم أنها جغرافياً في آسيا التي سبق وأن طردت رياضياً منها، فكيف لكيان محتل يرتكب جرائم حرب أن يُمنح تمثيلاً دولياً؟ بينما مُنعت روسيا من المشاركة. إنه تناقض واضح. نأمل من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والاتحاد الأوروبي "يويفا" إعادة النظر في مشاركة هذا الكيان واتخاذ موقف رادع يعكس قيم الرياضة الحقيقية.
 رسالة تودين توجيهها؟
- رغم كل شيء، وبيقين لا يتزعزع، أرسلنا رسائل كثيرة، لكن ما يجري من دماء وجوع في غزة أكبر رسالة بحد ذاته، وما نشهده اليوم قمة القهر، لكنني مؤمنة أن انتصار الحق على الباطل قادم. لا ننتظر شيئاً من المجتمع الدولي أو العربي المتخاذل، بل ننتظر حكم الله وعدالته. يقيني أن الموازين ستُعاد، وأن الرياضة ستظل أداة قوية لدعم فلسطين ورفع علمها.
 كلمة في ختام الحوار؟
- شكراً لك ولصحيفتكم الموقرة، وشكراً لليمن لمواقفه العظيمة المساندة للقضية الفلسطينية.