المدرب الصربي بوريـس بونجاك لــ«لا الرياضي» :سيكـون تحدياً لي أن أتولى تدريب المنتخب اليمني
- تم النشر بواسطة طارق الأسلمي / لا ميديا
حاوره:طارق الأسلمي / لا ميديا -
مدرب لديه من الخبرة ما يجعله مرجعاً في التكتيك الكروي؛ إذ قضى سنوات طويلة في الملاعب العربية، يعرف تفاصيلها الدقيقة ويعرف كيف يتعامل مع لاعبيها.
خلال مسيرته واجه تحديات كبيرة، وتعلم الكثير من الدروس التي شكلت ملامح طريقه نحو النجاح. بتفكيره العميق وفلسفته الكروية تمكن من الفوز بالعديد من البطولات.
في هذا الحوار الخاص لصحيفة "لا" سنغوص في أعماق تجربته الغنية ونتعرف على رؤيته حول كرة القدم في المنطقة العربية، وأبرز التحديات التي واجهها، وما يعرف عن الكرة اليمنية... فلنغص مع بونجاك في تفاصيل رحلته المثيرة.
مرحباً بك كابتن بوريس في هذا اللقاء عبر صحيفة "لا" اليمنية!
- شكراً لكم على هذه اللقاء وإتاحة الفرصة لأتحدث عبر صحيفتكم. يسعدني ويشرفني اختياركم لي، وهذا يمنحني المزيد من التشجيع والتحفيز.
في البداية أخبرنا عن رحلتك في التدريب بالدول العربية، وخاصة الكويت!
- بدايتي في كرة القدم العربية كانت منذ فترة طويلة جداً، وتحديدا في العام 2004 مع نادي الشعب الإماراتي. بعد ذلك أشرفت على تدريب عدد من الأندية العربية، مثل ضمك السعودي، والنصر والعروبة والسيب العُمانية، والنجمة اللبناني...
أما في الكويت فقضيت 10 سنوات، حققت خلالها أعظم النجاحات؛ إذ عملت في 5 أندية، 3 منها من أكبر الأندية، وهي القادسية والكويت والعربي. ولحسن حظي تمكنت من الفوز بالبطولات مع جميع الأندية. وفي العام 2017 تم تكليفي بقيادة منتخب الكويت في بطولة كأس الخليج.
كيف اختلفت تجربتك في الدول العربية عن تجاربك في أوروبا؟
- في المقام الأول الاختلاف يكمن في النهج والفهم والموقف تجاه كرة القدم، فهناك كثير من الأمور تعتبر أمراً مفروغاً منه في أوروبا، لكنها ليست كذلك في كرة القدم العربية. الكرة في أوروبا لها دوافع وجودية أكثر، ويعملون على أنفسهم وعلى عيوبهم وصفاتهم بشكل جيد. هذه الأمور لا توجد في الكرة العربية. وربما مع مرور الوقت سيتغير ذلك ويتساوى كل شيء.
كيف تعاملت مع التحديات الثقافية واللغوية؟ وكيف أثرت هذه العوامل في أسلوبك؟
- فيما يتعلق بالتدريب لم أواجه أي مشاكل في تنفيذ التفاصيل التكتيكية. ولكن بشكل عام كان لديّ لاعبون متحمسون كثيراً، ونجحت في تدريبات مختلفة. لم يكن هناك حاجز لغوي أو ثقافي، كنا نتواصل في الغالب باللغة الإنجليزية، وعندما كانت هناك حاجة إلى تفسيرات إضافية نستخدم المترجمين.
خضتَ تجارب في أكثر من دولة عربية. كيف ترى الفوارق بين كل دولة في التعامل مع كرة القدم؟ وهل هناك دول معينة تميزت بشيء محدد؟
- سؤال مثير للاهتمام. بالتأكيد هناك اختلافات بين الدول العربية. بعض الدول لديها دوريات احترافية، وبعضها ليس لديها بعد. السعودية لديها أعلى مستوى من الاحتراف من جميع النواحي. الإمارات قريبة من السعودية. سلطنة عُمان لديهم لاعبون متحمسون ودوريهم جيد. الكويت تحمل الكثير من الخصوصيات لكن الإيقاف الدولي أثر عليهم. هناك أيضاً دول مثل لبنان وسورية وفلسطين واليمن، تعاني من أوضاع مضطربة تسببت بها سياسات خارجية تجاهها أدت إلى انقطاعات متكررة لدورياتها المحلية؛ ولكن أيضاً لديهم لاعبون موهوبون كثيراً، يضطرون إلى بناء مسيرتهم المهنية خارج بلدانهم.
ما هي أكبر التحديات التي واجهتها كمدرب أجنبي في الدول العربية؟ وكيف تعاملت مع توقعات الجماهير والضغوط الإعلامية؟
- عندما بدأت مسيرتي في المنطقة العربية كانت هناك تأخيرات غير مقبولة في بداية التدريبات، لأنني جئت من أوروبا بعادات مختلفة تماماً. كانت هناك لحظات فوجئت فيها بأن اللاعبين لا يتذكرون التمرين الذي كررناه بعد فترة. واستنتجت أن ذلك كان بسبب انخفاض التركيز؛ لذلك كان لا بد من التعامل مع كل هذه الأمور. لاحقاً عندما بدأت العمل في أندية كبيرة ساعدتني النتائج على أن أصبح مقبولاً من قبل الجمهور. أنا فخور جداً أن جماهير بعض الفرق التي دربتها تهتف باسمي دون تحفظ، ولم أسمع ابداً أي إزعاج. في الدول العربية العاطفة تلعب دوراً كبيراً في كرة القدم. الجماهير والإعلام لديهم توقعات كبيرة، ويريدون رؤية النتائج بسرعة. والتعامل مع هذه الضغوط يتطلب صبراً وفهماً عميقاً، وأنا تعاملت معها بشكل جيد.
كيف تُقيم مستوى اللاعبين العرب؟ وهل ترى أنهم قادرون على المنافسة في الدوريات الأوروبية؟
- المستوى الفني للاعبين العرب جيد، وهناك تطور واضح في السنوات الأخيرة. أعتقد أن هناك بعض اللاعبين العرب قادرون على المنافسة في أوروبا؛ لكنهم يحتاجون إلى دعم نفسي وذهني أكثر من مجرد المهارات الفنية. وحاليا يوجد الكثير من اللاعبين العرب في الدوريات الأوروبية، بل مع أندية كبيرة.
من واقع خبرتك، ما الذي يحتاجه اللاعب العربي في بداية مشواره ليصل إلى النجومية؟
- التفاني، التضحية، العزيمة، الإيمان، كمية كبيرة من العمل والتدريب، حتى في اللحظات التي لا يكون مزاجه فيها مناسباً للتدريب.
هل هناك لحظة أو بطولة معينة في مسيرتك التدريبية في العالم العربي تفتخر بها؟
- هناك العديد من اللحظات أشعر بالفخر الشديد بها، وسأظل أتذكرها دائما، منها عندما جئت إلى نادي العربي الكويتي ولم يكن قد فاز بالبطولة منذ 17 عاما، ولحسن الحظ تمكنت من الفوز معه بكأس الأمير. وفي سلطنة عُمان كانت رحلتي ناجحة، حيث فزت مع نادي السيب بكأس السلطان بعد 24 عاماً من الانتظار. وهناك الكثير من اللحظات التي أفتخر بها مع القادسية والمنتخب الكويتي والنجمة اللبناني. وفي الموسم الماضي كانت آخر اللحظات الجميلة مع نادي الكويت، حيث سيطرنا على بطولة الدوري والكأس.
كيف تتعامل مع الهزائم والإخفاقات؟
- عندما أواجه الفشل يحب أن أكون قوياً ومستقراً؛ لأن هذا الفشل مثل النجاح، خاص بي وحدي، بصفتي قائداً أدرك أن من حولي يراقبون ردود أفعالي وسيشكلون موقفهم الخاص تجاه الفشل أو الهزيمة. كان عليّ أن أكون أول من يحمي زملائي ولاعبيّ، وأن أتحمل المسؤولية وأقف منتصباً أمام كل موقف.
بما أنك خضت تجارب طويلة في الدول العربية، لا شك أنك تعرف الكرة اليمنية؟
- لا أعرف الكثير عن الكرة اليمنية؛ ولكنني أعلم أن المنتخب اليمني لم يحقق نجاحاً في التصفيات ولم يتمكن من التأهل إلى البطولات الكبرى، وأعلم أنه في مناسبتين كان مدربو اليمن من صربيا، وهم أصدقائي، ولكنهم أيضاً فشلوا في تحقيق حلم اليمن بالتأهل إلى بطولة كبرى. آمل أن تكون الظروف مناسبة للكرة اليمنية، وأن تكون فرصتها أكبر كدولة كبيرة ذات عدد كبير من السكان، من خلال اختيار عدد أكبر من اللاعبين لتشكيل فريق جاد قادر على المنافسة.
بما أنك شاهدت المنتخب اليمني في عدة مناسبات، هل هناك لاعب لفت انتباهك بمستواه؟
- في السابق كان هناك مهاجم اسمه علي النونو، ويعتبر من أبرز لاعبي المنتخب اليمني في ذلك الوقت. حالياً المطري لاعب ذو مهارة عالية، ويلعب في الدوريات الخليجية، لم تسنح لي فرصة تدريبهم، وأنا أعلم أنهم كانوا قادة المنتخب اليمني.
ماذا تعرف عن الجمهور اليمني؟
- الجماهير اليمنية معروفة على مستوى المنطقة، فهم يعشقون الكرة بجنون وتجدهم يساندون منتخب بلادهم في كل مكان، وأنا شاهدت بنفسي في أكثر من مناسبة.
إذا تلقيت عرضاً لتدريب منتخب اليمن، هل ستوافق؟
- أمنية كل مدرب هي الوصول إلى قمة مسيرته التدريبية. سيكون أيضاً تحدياً بالنسبة لي أن أتولى تدريب المنتخب اليمني؛ لكنها وظيفة تتم بطريقة مخططة ومنهجية، ما يعني أن المدرب يجب أن يكون لديه الوقت لإعداد الفريق للمنافسة أو بناء فريق.
ما هي النصائح التي تقدمها للشباب الذين يرغبون في دخول مجال التدريب؟
- كل من يريد أن يكون مدرباً يجب أن يكون مستعداً لأنواع مختلفة من الضغوط، أن يعرف كيف يدير نفسه و المجموعة، أن يتابع التغييرات في كرة القدم، وأن يغير نفسه، وإذا لم تغير نفسك فسيغيرونك.
بناءً على خبرتك كمدرب سابق في بطولة كأس الخليج، كيف ترى حظوظ المنتخبات؟
- أعتقد أن المجموعتين متساويتان، وكل الفرق أصبحت أفضل من ذي قبل، ولا يوجد فريق مفضل، لذا أتوقع أن تلعب خبرة اللاعبين والمدربين دوراً حاسماً. أرى أن منتخب الكويت رغم تراجع مستواه لديه العديد من اللاعبين الشباب الذين بفضل طاقتهم يمكنهم بالتأكيد مساعدة اللاعبين ذوي الخبرة على تقديم الحد الأقصى. وبفضل الخبرة التي اكتسبها منتخب قطر من كأس العالم أصبح لديه حظوظ أقوى. منتخب الإمارات أيضاً تمكن من أن يكون خصماً قوياً للجميع؛ لكنه لا يزال لا يجد طريقه للفوز. منتخب عُمان الذي أعرفه جيداً يضم 60% من اللاعبين الذين سنحت لي الفرصة لتدريبهم في نادي السيب، فهم مجموعة محترمة تلعب معاً منذ فترة طويلة، لذا لديهم أوراقهم الرابحة للصعود عن المجموعة. ويعتبر منتخب السعودية دائماً المرشح الأوفر حظاً؛ لكن تغيير المدرب قبل أيام لا يسمح بتشكيل فريق وإنهاء البطولة في المجموعة نفسها؛ كون المدرب يحتاج وقتاً أكثر لتطبيق أفكاره. منتخب البحرين أثبت أنه قادر على مفاجأة الجميع. أما منتخب العراق فهو فريق من الصعب اللعب ضده. منتخب اليمن قد يكون مفاجأة البطولة؛ فهو فريق له دوافع متعددة ويملك عناصر شابة متحمسة للظهور بشكل إيجابي.
شكراً لك كابتن على سعة صدرك. هل من كلمة أخيرة تود أن تقولها؟
- شكراً لأسرة تحرير صحيفة "لا" اليمنية، والتي اطلعت من خلالها على العديد من اللقاءات مع رياضيين حول العالم. لقد استمتعت بهذه المقابلة الشيقة. وآمل أن يقضي القراء وقتاً ممتعاً.
المصدر طارق الأسلمي / لا ميديا