عادل بشر / لا ميديا -
في ما يُشبه المحاولة للبقاء في المشهد وإظهار قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على توجيه ضربات ضد القوات المسلحة اليمنية، أو الرد على هجمات صنعاء المساندة للشعب الفلسطيني، أعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية CENTCOM، أمس، عن تنفيذ عملية واحدة خلال 24 ساعة سبقت توقيت الإعلان الذي زعمت فيه أنها استهدفت «موقع رادار» قالت إنه تابع لمن وصفتهم بـ»الحوثيين»، في منطقة يسيطرون عليها، دون ذكر اسم المنطقة أو حتى نوعية العملية أكانت قصف صاروخي أم غارة جوية.
وجاء بيان CENTCOM، بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية تنفيذ أربع عمليات في البحار الثلاثة (الأحمر والعربي والمتوسط) والمحيط الهندي، استهدفت أربع سفن تابعة للعدو «الإسرائيلي» والأمريكي والبريطاني، بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة. ما يؤكد الفشل الذريع للتحالف الأمريكي البريطاني في التصدي أو اعتراض الصواريخ اليمنية. وهو ما أكدته أيضاً إحدى أشهر المجلات الأمريكية انتشاراً، فيما تحولت البيانات شبه اليومية للقيادة المركزية الأمريكية حول المواجهات في البحر الأحمر، إلى موضع للسخرية، حيث وصفتها وسائل إعلام أمريكية بأنها أشبه بـ«قرع طبول» في وقت يُثبت اليمنيون من خلال عملياتهم المساندة للشعب الفلسطيني، أنهم «قوة هائلة».

جدوى القوة البحرية
في تقرير حديث لها، تحدثت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، عن فشل العمليات البحرية الغربية المكثفة التي استمرت عدة أشهر في وقف هجمات القوات المسلحة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني في غزة.
وقالت المجلة إنه بعد أكثر من 6 أشهر على بدء هجمات القوات اليمنية في البحر الأحمر بشكل خطير، أصبح لزاماً على الشحن العالمي أن يتكيف مع الوضع الطبيعي الراهن، إذ «تزداد حالات التأخير والارتباك وارتفاع التكاليف سوءاً». مشيرة إلى أن ذلك يأتي رغم «جهود القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية التي كانت متواجدة طوال الوقت في محاولة، من دون جدوى لتحييد هجمات صنعاء».
وذكرت المجلة أن حقيقة ظهور القوى البحرية الرائدة في العالم وهي تكافح من إجل إخضاع ما وصفتها بـ«جماعة غير حكومة» تثير تساؤلات مؤلمة حول جدوى القوة البحرية وكفاءة القوى البحرية الغربية التي يفترض أن تتحمل العبء في أي مواجهة مستقبلية مع منافس رئيسي مثل الصين، حيث تعترف البحرية الأمريكية أنها تخوض أشد المعارك شراسة منذ الحرب العالمية الثانية.

قوة هائلة
ونقلت المجلة عن الخبير البحري في مركز الاستراتيجية والأمن البحري ومعهد السياسة الأمنية في جامعة كيل الألمانية، سباستيان برونز، قوله: لقد أثبت اليمنيون أنهم قوة هائلة. وأضاف: «إنهم جهة فاعلة غير حكومية تمتلك ترسانة أكبر وهي قادرة حقًا على إحداث صداع للتحالف الغربي، وهذا هو المستوى الأعلى في الوقت الحالي، وعندما تواجه القوات البحرية مشكلة في الاستدامة على هذا المستوى، فإن الأمر مثير للقلق حقاً».
وقالت المجلة الأمريكية: «من موقعهم المميت على مضيق باب المندب، بوابة قناة السويس، كان الحوثيون، الذين أصبحوا الآن الحاكم الاسمي لليمن، يهاجمون السفن المدنية والبحرية منذ أواخر العام الماضي، كجزء من حملة للضغط على إسرائيل بشأن حربها مع حماس، وسرعان ما فرت السفن التجارية، بما في ذلك سفن الحاويات الكبيرة وناقلات البضائع السائبة وناقلات النفط والغاز، من البحر الأحمر، مفضلة الرحلة الأطول ولكن الأكثر أمانًا حول قاع إفريقيا».
وأضافت: «ولكن لم يكن من المتوقع أن تستمر هذه الاضطرابات طويلاً، وخاصة بعد وصول القوات البحرية الغربية إلى الساحة لاستعادة الأمن؛ فقد انخفضت أقساط التأمين على شركات الشحن قليلاً عندما تم الإعلان عن النشر المشترك بين الولايات المتحدة وبريطانيا. واستقرت تكاليف الشحن في الربيع، على الرغم من الحملة الجارية، ولكن بعد ثمانية أشهر، أصبح تعطيل الشحن فجأة أسوأ بكثير».
ووصفت المجلة بيانات القيادة المركزية الأمريكية بأنها «قرع طبول شبه يومي لتقارير عن سفن أمريكية تضرب طائرات بدون طيار وصواريخ وزوارق بحرية مسيّرة».. مستطردة: «أما الحوثيون، الذين استخدموا الصواريخ المضادة للسفن بفاعلية كبيرة، فإنهم يلجؤون الآن بشكل متزايد إلى الزوارق المسيّرة».
وأشارت إلى ارتفاع تكاليف حاوية الشحن من نحو 1600 دولار في المتوسط إلى ما يزيد عن 5000 دولار، وفقاً لشركة «S&P Global Commodity Insights». متسائلة: «كيف تمكنت جماعة في اليمن الصغيرة الفقيرة من إثارة الذعر في الاقتصاد العالمي وإرباك بعض أكبر القوات البحرية في العالم؟».
وذكرت المجلة أن «القوات البحرية الأميركية والبريطانية ومجموعة متناوبة من السفن الأوروبية، تحاول استعادة حركة الشحن الطبيعي منذ بداية الحملة الحوثية تقريبًا دون نجاح يذكر، كما يتضح من حقيقة أن أسعار التأمين على تغطية مخاطر الحرب للسفن التي تخاطر بالمرور عبر الممر الخطير لاتزال أعلى بنحو 1000٪ عن مستويات ما قبل الهجمات».

لعبة مكلفة
وتؤكد «فورين بوليسي» أن ما وصفتها بـ«الجهود» التي تبذلها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لإضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية، أفضت إلى لعبة مكلفة، حيث أثبت اليمنيون أنهم أكثر قدرة على الحركة، مما كان متوقعًا في البداية، ما يجعل الانتصارات العرضية التي حققتها البحرية الأميركية -مثل تدمير موقع رادار للحوثيين الأسبوع الماضي- مجرد قطرة في بحر، وفقاً للمجلة.
وقالت: «يتمتع الحوثيون بمستوى مذهل حقًا من العمق في مخازنهم من الصواريخ والقذائف والصواريخ الباليستية المضادة للسفن. إنه أمر رائع حقًا».
وأوضحت أن عمليات النشر والاعتراضات المستمرة، تسببت في تآكل مخزون سلاح البحرية الأمريكية. وقال مساعدو الكونجرس إن الولايات المتحدة لا تنتج ما يكفي من صواريخ الدفاع الجوي القياسية التي تستخدمها سفن الحراسة الأمريكية في البحر الأحمر لإسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية. فيما قال أحد المساعدين، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته للحديث بصراحة عن نقص الذخائر الأميركية، للمجلة: «طالما ظل معدل الهجمات مرتفعًا بشكل حاد كما كان هناك، فنحن في وضع أكثر خطورة».

قدرات متطورة
ونقلت «فورين بوليسي» عن سيث جونز، نائب الرئيس الأول ومدير برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قوله: «مع بعض الصواريخ الباليستية أو الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ستحتاج إلى قدرات متطورة».
وأكدت المجلة: «إذا حكمنا من خلال النتائج -حيث تستمر السفن في تحويل مسارها، وتظل أقساط التأمين مرتفعة- فإن النهج الأميركي لم يحقق ما كان يهدف إليه». ويقول أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كينجز كوليدج لندن: «بعد أشهر من القيام بذلك، إذا لم يغير الحوثيون سلوكهم ومازالت مخزوناتهم موجودة وهم متنقلون ولديهم دعم من إيران، فقد حان الوقت للتساؤل: هل ينبغي لنا حقا أن نفعل هذا؟».
ورأت المجلة أنه «مما زاد من صعوبة هذه المهمة، هو مغادرة حاملة الطائرات الأميركية الوحيدة، يو إس إس آيزنهاور الأسبوع الماضي».