من ضمن الأضرار الاستراتيجية العميقة التي نجحت المقاومة الفلسطينية فـي إلحاقها بالاحتلال الصهيوني إغراق الاحتلال في أزمات داخلية تهدد بتفكيكه.
بداية الضربة الاستراتيجية للاحتلال كانت بعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتلاها صمود المقاومة في غزة ونجاحها في منع الاحتلال من تحقيق أي من أهدافه بعد 9 أشهر من عدوان الإبادة المهول.
ومن ضمن أزمات الاحتلال العميقة التي كشفت مؤخراً، استقالة ضباط الاحتلال بأعداد كبيرة جدا وتركهم لقوات الاحتلال.
وقالت القناة 12 الصهيونية، إن «الجيش الإسرائيلي» يعاني من أزمة تصاعد طلبات الضباط للخروج من الخدمة، مع استمرار «الحرب في غزة».
وأوضحت القناة أنه منذ بداية العدوان على القطاع، طلب نحو 900 ضابط من رتبتي عقيد ومقدم ونقيب، مراجعة عقودهم، من أجل فسخها والخروج على التقاعد.
وأشارت إلى أنه في المتوسط سنويا، يطلب ما بين 100و 120 ضابطا من هذه الرتب التقاعد، لكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تصاعدت طلبات فسخ العقود.
وأقرت عدد من التقارير الإعلامية الصهيونية، أن قوات الاحتلال، باتت يعاني من نقص يوصف بـ«الحاد» في عدد الجنود، حيث يقدّر النقص بحوالي 25,000 و50,000 جندي وجندية.

مظاهرات وأعمال شغب في الكيان
ضمن الأزمات العميقة التي خلقتها المقاومة للاحتلال الصهيوني جعل حكومة الاحتلال في صراع مع الشارع المحتج لـ269 يوماً.
وفي إطار الاحتجاجات واعمال العنف التي تعصف بالاحتلال منذ أكثر من 8 أشهر قطع غاصبون صهاينة الطريق «رقم 40» قرب مفترق «ماغشيميم» شرق «تل أبيب»، أمس الاثنين، وذلك للمطالبة بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرت «القناة السابعة» الصهيونية.
وفي الوقت الذي احتج فيه هؤلاء وبينهم عائلات الأسرى في قطاع غزة، مطالبين بإتمام صفقة تبادل، يتظاهر الصهاينة «الحريديم» رفضاً للقرار الجديد للاحتلال الذي يفرض تجنيدهم في قوات الاحتلال التي تعاني من نقص الجنود بسبب المعارك في غزة وعلى الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان.
واندلعت مواجهات بين أكثر من 25 ألفاً من عدّة تيارات من (الحريديم) وبين قوات الاحتلال، التي هاجمتهم بشكل عنيف، إلى جانب عناصر خيالة، بينما كانوا يغلقون تقاطع شارعي «وزراء إسرائيل» و«ملوك إسرائيل»، ويشرعون في تجميع صناديق القمامة وحرقها.
وتعرضت خلال هذه المواجهات، سيارة وزير «البناء والإسكان» في حكومة الاحتلال، إسحاق غولدكنوبف، لهجوم من قبل المحتجين، الذين حاصروا السيارة وهاجموها.

غزة مسرح جريمة كبرى
على أرض غزة يواصل الاحتلال الصهيوني اقتراف مزيد من الجرائم اليومية بلا توقف.
وقالت وزارة الصحة بغزة، إن الاحتلال ارتكب مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 23 شهيدا و91 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية. وبذلك ارتفعت حصيلة الشهداء والمفقودين إلى 47,900 بينما سجلت 87,060 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
واستمرت هجمات الاحتلال البرية والجوية والبحرية على مناطق متفرقة في قطاع غزة، وذلك مع دخول الحرب على غزة يومها الـ269 على التوالي، فـــي وقت تتواصل المعـــارك في الشجاعية.
وكثف الاحتلال نسف المنازل والمربعات السكنية في القطاع ووسع عملياته في مدينة رفح، بينما هجر قسريا المئات من شرق خان يونس بعد إعلانه العودة لشن عملية عدوانية جديدة هناك.
في ذات السياق قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أمس، الاثنين، إن «قيود إسرائيل» المشددة على وصول المساعدات لقطاع غزة تجعل تقديم الاستجابة الإنسانية «أمرا صعبا للغاية، إن لم يكن مستحيلا».
في شأن متصل افرج الاحتلال عن مدير مجمع الشفاء محمد أبو سلمية مع 50 أسيرا آخر.
وتعليقا على ذلك قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن الافراج عن أبو سلمية خطأ جسيم وفشل أخلاقي مضيفاً أن القرار أتخذ دون علم المستوى السياسي.

إدارة المقاومة
تحدّثت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن إعادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تجميع صفوفها، الأمر الذي يشير إلى أنّ عدوان الاحتلال قد يتحول إلى «حرب استنزاف» ضده طويلة الأمد في غزة.
ولفتت الصحيفة، في تقرير، إلى أنّ المقاومة في غزة أطلقت، في وقتٍ سابق أمس، واحدة من أكبر عمليات إطلاق الصواريخ في اتجاه الاحتلال، منذ أسابيع، في إشارة إلى قصف سرايا القدس أمس مستعمرات «كيسوفيم» و«العين الثالثة» و«نيريم» و«صوفا» و«حوليت» في «غلاف غزة»، برشقات صاروخية مركزة.
وبحسب الصحيفة، عززت هذه الهجمات التحدي الذي يواجهه الكيان في سعيه للقضاء على حماس حيث مازالت المقاومة محتفظة بقدرة على إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون بعد مرور 9 أشهر تقريباً.
ورأت أنّ عمليات الاحتلال العدوانية في حي الشجاعية في مدينة غزة توضح مدى صعوبة تحقيق الاحتلال هدف «القضاء على حماس» المزعوم.
وأوضحت أنّ «العملية في الشجاعية هي الأحدث، واضطُرت فيها القوات الإسرائيلية إلى العودة إلى المنطقة التي انسحبت منها، لأنّ حماس أعادت تجميع صفوفها، واستعادت سيطرتها».