حاوره:أنور عون / لا ميديا -
25 عاماً من العطاء التحكيمي في عالم المستديرة دوليا أحمد قائد سيف الأغبري، الحكم الدولي السابق ورئيس لجنة الحكام حالياً، مهذب، خلوق، يقف على قمة هرم خبرة وكفاءة غير عادية. أدار أقوى المباريات باقتدار. فرض شخصيته ونجح بامتياز في مباريات عديدة، وأثار غضب فرق أخرى بالكروت الملونة كان منها 5 بطاقات حمراء في مباراة واحدة.
اخترناه لمحاورته وبدأنا معه بذكرياته مع "الفتيان"، وإليكم أهم ما قاله...

 كابتن أحمد، قبل الدخول في تفاصيل مشوارك التحكيمي، نود أن تطلعنا على ذكرياتك مع نادي شعب صنعاء!
- عشقت كرة القدم منذ طفولتي، وسجلت لنادي شعب صنعاء مع زملاء لي كانوا ينتمون إلى الشعب، ولعبت فيه من عام 80 إلى 87 في الفئات العمرية (ناشئين وشباب)، وصعدت للفريق الأول ولم ألعب سوى مباراتين وغادرت اللعب بعدها نهائيا واتجهت للتحكيم.
 لماذا لم تستمر طالما وقد وصلت للفريق الأول؟
- في ذلك العام كنا مجموعة من الشبان الموهوبين، وقبل بداية الموسم توقف الفريق الأول عن التدريب، لأسباب لم أعد أتذكرها، وكان يشرف على تدريب الفريق الأول مدرب سوري قام بتصعيدنا إلى الفريق الأول وعددنا 25 لاعباً من فئة الشباب أو الرديف، وخضنا مباريات تجريبية استعداداً للموسم الجديد، وقدمنا مستويات جيدة، وفجأة حضر الفريق الأول بالكامل وعادوا ليتدربوا قبل أسبوع من انطلاق الموسم، واعتمد عليهم المدرب وأعاد فريق الشباب إلى مكانه، واختارني مع اثنين آخرين للانضمام للفريق الأول، وخضنا أول وثاني مباراة بالدوري وخسرناهما. شعرت بقهر وإحباط، فبعد أشهر من الإعداد والمباريات الودية والتعب والأمل والطموح يستبعد فريق الشباب ويصعد ثلاثة لا يلعبون، حينها قلت لزملائي بعد ثاني مباراة: من أراد الاستمرار فليستمر، أما أنا خلاص، وصلت لقناعة بترك اللعب والاتجاه للتحكيم...! وطبعاً كنت كابتن فريق الشباب.
 لماذا اخترت مجال التحكيم؟
- اتجهت للتحكيم وعمري 19 سنة. كان ذلك عام 1987. وسر اختياري للتحكيم يكمن في أنني أهوى هذا المجال منذ كنت لاعباً مع الناشئين، حيث كنت أقوم بتحكيم مباريات في المدارس والجامعات والحواري، وحتى قبل مباريات الدوري الرسمية كان يتم اختياري لتحكيم فريق الشباب والناشئين، وكنت حينها ما أزال هاوياً أحكم بالبنطلون والقميص، وكنت دائماً أتابع المباريات الكبيرة لكي أرى الحكام الكبار، وكان هناك حكام سودانيون، وحكامنا الكبار مثل محمد سنهوب، وعندما يطلب مني التحكيم أطبق ما يفعلونه بالحرف الواحد، ولا علم لي بالقوانين.
 وماذا عن نقطة البداية في احتراف التحكيم؟
- تقدمت للتحكيم وأخذت أول دورة عام 87 لحكام الدرجة الثانية تحت إشراف المحاضر السوداني الأمين بابكر، وعندها عرفت القوانين التي كنت أطبقها وأنا هاوٍ، فبدأت أستمتع بالتحكيم بشكل صحيح. حكمت أبطال المحافظات درجة ثالثة وثانية إلى أن كان المحك الحقيقي ومفتاح انطلاقتي مباراة عام 88م بين وحدة صنعاء وأهلي تعز، والجمهور يملأ ملعب الظرافي بصورة رهيبة، ومازلت أحكم درجة ثالثة، المهم اعتذر عن تحكيمها معظم الحكام لحساسيتها، فطلب مني تحكيمها ووافقت، وبمجرد دخولي المعلب شعرت برهبة من الجمهور المخيف فعلاً؛ لكني قبلت التحدّي وفرضت شخصيتي على المباراة التي كان فيها عمالقة الكرة اليمنية، وطردت لاعبين، واحداً من الأهلي وآخر من الوحدة، وانتهت المباراة (0-0)، وأشاد بي الجميع، بمن في ذلك الصحف، وأشادوا بميلاد حكم قادم، وتدرجت بعدها بالتأهيل حتى نلت الشارة الدولية عام 98، وبدأت كحكم مساعد دولي.
 خلال مشوارك المحلي، ما أبرز المباريات التي ما تزال عالقة في ذهنك؟
- كثيرة، كل مباراة لها وقع في نفسي، لأنني واجهت فيها تحديات؛ لكن تظل مباريات الفرق الكبيرة هي الأصعب، والحمد لله نجحت فيها. وربما مباراة الهلال والصقر في الحديدة كانت أكثر صعوبة، فقد كان الفريقان يتنافسان على البطولة بشكل قوي جداً، وانتهت بالتعادل بعد طرد 5 لاعبين من الفريقين، والحمد لله أحكمت السيطرة عليها ونجحت.

قصة "الفار".. والشارة الدولية والتكريم
 وما حكاية السبق في استخدام "الفار"؟
- القصة كانت في موسم 2006، في مباراة جمعت التلال وضيفه الصقر بملعب 22 مايو. الصقر أحرز هدفاً من ركلة حرة مرت من جانب القائم الأيمن وسكنت الشباك. حصل التباس في تلك اللحظة، الحارس أخرج الكرة من المرمى والمؤشر أعطانا أن الكرة دخلت. لم يعترض إلَّا احتياط التلال، أحسست أن هناك شيئا ما خطأ. توقف اللعب 4 دقائق ونحن في شدّ وجذب. نظرت إلى عربة النقل التلفزيوني وكانت بعيدة عن الملعب، ولم أستطع الخروج حتى لا يفسر ذلك بشيء. كان القرار صعباً جداً. قلت للحكم الرابع: اذهب إلى المخرج وتأكد من صحة الهدف من عدمه، وعاد وأكد لي أن الهدف غير صحيح، فقررت إلغاءه. وفي الشوط الثاني أحرز الصقر هدف الفوز من ركلة حرة أيضا، وأخرجني هذا الهدف من مأزق حقيقي؛ لأن مثل هذا القرار لم يكن معمولاً به من قبل ولا يحق لي استعماله.
 كحكم دولي، كيف كانت رحلتك؟
- كما قلت لك سابقاً، حصلت على الشارة الدولية عام 98م، وحكمت بعدها 90 مباراة دولية، بطولات عربية، تصفيات آسيوية ودولية، بطولات أندية ومنتخبات، أولمبياد نهائيات آسيوية في ماليزيا... وتم اختياري عام 2003 خامس مساعد حكم عربي ثانٍ في مجلة رياضية لبنانية. وكُرمت من قبل الاتحاد العربي، وهو التكريم الوحيد لحكم يمني.

أفضل حكام الكرة اليمنية
 ومع من كنت تنسجم كطاقم تحكيمي؟
- في الفترة 1998-2002 كنت تحت قيادة الحكم الدولي محمد سنهوب، وفي الفترة 2003-2012 تحت قيادة الحكم الدولي مختار صالح. مختار حكم دولي رائع، فقد استفدنا من بعضنا وتعلمنا من أخطائنا وحققنا نجاحاً ملموساً من خلال تقييم المقيمين لنا في المباريات الدولية. ويعد مختار من أفضل الحكام الذين عملت معهم.
 في الأجيال التي سبقتك، من هو الحكم الأفضل في بلادنا؟
- عديدون: محمد سنهوب شخصية قوية وكاريزما لها ثقل في الملعب، عبدالواحد الخميسي (رحمه الله) حكم مريح يخفف حدة المباريات الصعبة بحركاته اللطيفة، عبدالله سالم شخصية وكفاءة، عبدالسلام ناجي متميز لكن عيبه سرعة الغضب، ناجي أحمد حسن رجل هادئ يتعامل دائماً بروح التحكيم، سعد خميس (رحمه الله)، محمد ناجي قائد، سعد محمد غالب، محمد المسرج (رحمه الله)، زين صالح (رحمه الله)، عبدالله بهيان...
 كرئيس للجنة الحكام، هل هناك تدخلات في مهامك؟ وما هي المعوقات الحالية؟
- أبداً، لا يتدخل أحد في مهامنا؛ لكن الوضع العام غير مساعد على تحقيق طموحاتنا وتنفيذ مخططاتنا. قدمنا استراتيجية وبرامج تأهيلية، وكما تشاهدون الوضع العام للوطن لا يساعد أبداً، والعمل يتم بجهود مضنية. الاستثناء الوحيد الدورة التأهيلية الخارجية عام 2019 في الرياض، وحققنا فيها طفرة جيدة. ويبقى الوضع المالي الذي يمر به اتحاد الكرة هو المعيق فعلاً.
 بدأت في 1987 وتوقفت في 2012، وسمعنا أنك حينها بصدد مهرجان اعتزال لكنه لم يرَ النور، لماذا؟
- نعم، كان هناك برنامج فعلي لاعتزالي بمهرجان يليق بما قدمته، والشيخ محمد العيسي رئيس اتحاد الكرة وجه بتكريم لائق وبحضور حكام عرب؛ لكن لم يتم لظروف وأسباب كثيرة لا داعي لذكرها.
 لم نعد نرى حكــــاماً كباراً بمسـتوى الرعيل الأول. هل غابت المواهب؟
- لا، هناك حكام موهوبون فعلاً وقادرون على ملء الفراغ وقيادة المباريات بنجاح والوصول للدولية، فقط هي ظروف البلاد والحرب والظروف المالية لاتحاد الكرة التي أدت لغياب التأهيل المستمر.
 قبل الختام، نسألك عن أشقائك الذين لعبوا لشعب صنعاء...؟
- نعم، أكبرنا "باسل" وكان إحدى ركائز الشعب في خط الوسط، وعندما اعتزل المرحوم الأسطورة سالم عبدالرحمن منحه فانيللته، وعدنان لعب للنادي والمنتخب الوطني وكان جناحاً أيمن، والصغير ياسر حارس مرمى.
 أخيراً، ماذا تحب أن تقول؟
- كل الشكر لمن يسعى لخدمة الرياضة بصدق وأمانة، وشكر خاص لكم في الملحق الرياضي لصحيفة "لا" على متابعتكم وما تقومون به من جهود.