تقريـر / لا ميديا -
استيقظت فلسطين والعالم، أمس، على يوم تاريخي وخالد أحرزت فيه المقاومة الفلسطينية على العدو الصهيوني نصراً كاسحاً لم تشهده فلسطين والعرب في تاريخ الصراع العربي الصهيوني برمته.
أمس توقف الزمن بالنسبة للعدو الصهيوني، وأطلقت المقاومة الفلسطينية عمليتها العسكرية الأكبر «طوفان الأقصى»، ودقت ساعة أمجد المعارك في تاريخ النضال الإنساني، وهزمت العدو الصهيوني عسكرياً وقتلت وجرحت وأسرت قرابة ألفاً و900 صهيوني.
 معركة القرن
بشكل غير متوقع خاصة للكيان الصهيوني شنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وفصائل فلسطينية مقاومة أخرى، أمس، هجوماً عسكرياً برياً وجوياً وبحرياً، بشكل مباغت ودقيق واحترافي على القوات الصهيونية ومواقعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ما يسمى «مستوطنات غلاف غزة».
وأعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، صباح أمس، بدء عملية «طوفان الأقصى»؛ «رداً على عربدة الاحتلال في المسجد الأقصى وسحل النساء في باحاته».
وأعلن الضيف إطلاق ما يزيد على 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال الضربة الأولى، مشدّداً على أنّ «غضب الأقصى وأمتنا يتفجّر اليوم».
بدوره أكد المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، أنّ العمليات جرت كما هو مخطط لها، مؤكداً أنّ العدو الصهيوني يتهاوى كنمر من ورق.
وأضاف أنّ «المقاومة تفتح اليوم كشف حساب مع العدو، الذي دنس الأقصى وسمح لمستوطنيه أن يعيثوا فساداً فيه».
العملية التاريخية للمقاومة الفلسطينية كانت نتائجها ما لم يتخيله أحد، حيث قتل وجرح أكثر من ألف و900 صهيوني من جنود وغاصبين، في إحصائية غير نهائية، كما أسر العشرات بينهم ضباط، بالإضافة إلى السيطرة على أكثر من 7 «مستوطنات» وتدمير عشرات الآليات العسكرية الصهيونية والاستيلاء على بعضها.
واعترف الإعلام الصهيوني بأن هناك الكثير من القتلى من «الجيش» و«الشرطة»، وقال إن هناك قائدين كبيرين على الأقل قد قتلا.
وحسب المعلومات فإن مئات من مجاهدي المقاومة تقدموا حوالى 80 كيلومترا في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودارت المعارك في أكثر 50 موقعاً عسكرياً، تساقطت في يد المقاومة الفلسطينية وسط انهيار غير مسبوق لقوات الاحتلال، واستيلاء المقاومين على قاعدة ما يسمى مقر قيادة «فرقة غزة»، وحصول معارك طاحنة في مواقع «أوفاكيم» و«نتيفوت» و«مشمار هنيغف» و«بئيري» و«سديروت»، وعشرات المواقع العسكرية في المنطقة الجنوبية في قوات الاحتلال.
وفي المعارك، التي اشتركت فيها وحدات خاصة وطائرات مسيرة فلسطينية، بثت المقاومة الفلسطينية مشاهد صمت أمامها العالم وحبس أنفاسه مذهولا، غير مصدق ما يرى، حيث أُحرقت الدبابات الصهيونية وانتشرت جثث الجنود الصهاينة في عشرات الأماكن، منها شوارع «مستوطنة سيديروت» التي ملأت شوارعها جثث الغاصبين، وظهر كثير من الجنود الصهاينة يسلمون أنفسهم ويخرجون من الدبابات. كما انتشرت مقاطع لمئات الغاصبين الصهاينة وهم يفرون ركضاً على الأقدام، بينما اختبأ بعضهم في حاويات القمامة.
المقاومة الفلسطينية أكدت أنها أسرت عشرات الجنود الصهاينة والغاصبين، وأعلنت حركة حماس عن وجود ضباط كبار ضمن الأسرى الذين تم أسرهم أمس.
وقال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في تصريحات أمس، إن المعركة في بدايتها، وهناك اتصالات كثيرة من أطراف دولية عديدة؛ مستدركا: «لكن الآن لا صوت فوق صوت المعركة».
وأكد العاروري أن «المقاومة لديها خطة كاملة لمراحل تطور هذه المعركة»، مؤكدا أن «الدخول البري للعدو إلى غزة سيكون أفضل سيناريو للمقاومة».
وأوضح: «لا نستهدف المدنيين، لا بالقتل ولا بالإيذاء».
في السياق قالت وكالة «فارس» الإيرانية إن هناك أنباء عن أسر الجنرال الصهيوني «نمرود ألوني»، القائد السابق لوحدات «الجيش الصهيوني» في الجنوب.
بدروه أكد الناطق باسم سرايا القدس، أبو حمزة، أنّ السرايا، وباقي فصائل المقاومة، برفقة كتائب القسّام، مستمرة في العملية التاريخية حتى النهاية.
وأكد حمزة أنّ لدى سرايا القدس العديد من الجنود الصهاينة الأسرى.
وشدّد على أنّ سرايا القدس والمقاومة تسجّلان اليوم «فصلاً جديداً من فصول الانتصار وكسر هيبة كيان العدو»، مشدداً على أنّ ما حدث ضمن عملية «طوفان الأقصى» وعبر سلسلة عمليات خلف خطوط العدو، هو «هزة تاريخية مدوية».
من جانبه لم يستطع الكيان الصهيوني إخفاء الخسائر الفادحة والتاريخية التي حلت به، وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية إن حماس خططت للعملية منذ أشهر وحققت نجاحا باهرا و«الجيش الإسرائيلي» أمام فشل لا يمكن وصفه.
من جانبها أعلنت «نجمة داوود الحمراء»، وهي خدمة الإسعاف والطوارئ لدى الاحتلال، ارتفاع عدد القتلى الصهاينة إلى 250 قتيلاً، و1500 مصاب في حصيلة غير نهائية حتى لحظة كتابة هذه السطور.
كما ذكرت وزارة الصحة التابعة للاحتلال أنّ نحو 290 صهيونياً في حالة حرجة وخطيرة.
وأوضح الإعلام الصهيوني أنّ «هناك عشرات المفقودين، الذين يجري البحث عنهم، بعد الهجوم المفاجئ للفلسطينيين». وبحسب تقدير أجهزة طوارئ الاحتلال، فإنّ هناك مئات المصابين والمفقودين وعشرات القتلى، وبعضهم لم يتم الوصول إليهم.
وأشار إلى أنّ عدد القتلى الصهاينة في العملية الفلسطينية «كبيرٌ، ولا يُمكن حصره».
إلى ذلك أصيب الكيان الصهيوني خلال عملية «طوفان الأقصى» بالشلل، وتم توقيف مطار «بن غوريون» بشكل كامل أمام الرحلات الجوية.
كما تم فرض حالة الطوارئ في جميع مناطق ومدن الاحتلال الصهيوني.
كما انقطع التيار الكهربائي وتعطلت شبكة الإنترنت في عدد من «مستوطنات غلاف غزة» التي تشهد سيطرة المقاومة عليها.
يذكر أن المقاومة استخدمت في هجومها الجوي على مواقع الاحتلال طائرات شراعية، في طريقة مبتكرة لم يكن العدو الصهيوني يتصورها.
وأعلن جيش الاحتلال أنه «يوجد عدد غير قليل من المواقع في الجنوب يوجد فيها مقاومون».
وقال المتحدث باسم «الجيش الإسرائيلي»، ريتشارد هيخت، خلال إيجاز صحافي: «كانت عملية برية مشتركة جرت من خلال طائرات مظلية عبر البحر والأرض». وأضاف: «نحن نقاتل في الوقت الحالي، نقاتل في مواقع معينة في محيط قطاع غزة... قواتنا تقاتل الآن على الأرض».
وفي السياق ذاته، قال الضابط في قوات الاحتلال، دانيال هغاري، في رسالة مصوّرة: «نحن في حالة حرب»، مضيفاً أن مسلحين «تسللوا إلى نفوذ دولة إسرائيل وما زالوا موجودين فيها. ما زالوا في عدد غير قليل من المواقع».
ونشرت المقاومة الفلسطينية مقطعاً مصوراً يُظهر مقاتلي وحدة «صقر»، إحدى الوحدات العسكرية الخاصة، أثناء مشاركتها في عملية «طوفان الأقصى» والتي نزلت خلف خطوط العدو.
كما عرضت كتائب القسّام مشاهد لمنظومة «رجوم» الصاروخية قصيرة المدى من عيار 114 ملم، والتي استخدمتها خلال معركة «طوفان الأقصى» في التمهيد الناري لعبور المقاومين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة شرقي قطاع غزّة.

المدنيون وسيلة انتقام الكيان
في المقابل شنت قوات العدو الصهيوني سلسلة غارات عنيفة وكثيفة على المدنيين في غزة، كما قتلت الأبرياء في الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس السبت، باستشهاد أكثر من 250 فلسطينيا، وجرح نحو 1610 آخرين، في حصيلة أولية.
وتنفّذ قوات الاحتلال، منذ صباح الأمس، سلسلةَ غاراتٍ عنيفة جداً تستهدف مدنيي شمالي قطاع غزة ودمرت عشرات المباني السكنية.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية بغزة، إياد البزم، إن طائرات الاحتلال دمرت عمارة الهاشم السكنية شمال قطاع غزة، والتي تضم 15 وحدة سكنية، وتشرد سكانها.
بدوره قال الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، إن «على تل أبيب أن تقف على رجل واحدة وتنتظر ردنا المزلزل».
إزاء ذلك انطلقت رشقات صاروخية جديدة اتجاه «مستوطنات» الاحتلال و«تل أبيب».
وتصاعدت ألسنة الدخان في «ريشون ليتسيون» قرب «تل أبيب» بعد سقوط صاروخ من غزة.
وذكرت «القناة 13» أن جلسة «الحكومة الإسرائيلية» توقفت بسبب الرشقة الصاروخية على «تل أبيب».
في السياق ذاته، استشهد أمس 6 فلسطينيين أحدهم طفل برصاص قوات الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة.

هنية يلقي خطاب المنتصر
من جانبه أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أنّ عملية «طوفان الأقصى» التاريخية، بدأت على أيدي كتائب القسام، وفصائل المقاومة وأبناء فلسطين، مؤكدا أن الشعب العربي على موعد مع نصر عظيم، والفتح المبين من جبهة غزة.
وخلال خطاب حول تطورات معركة «طوفان الأقصى»، قال هنية إنّ «طوفان الأقصى بدأ من غزة وسيمتد إلى الضفة والقدس».
وأضاف هنية أنّ المقاومة حذّرت كل العالم، وحكومة الاحتلال الصهيوني التي أطلقت العنان للغاصبين أن يعيثوا فساداً في المسجد الأقصى وفي القدس. وقال: «قلنا لهم: لا تلعبوا بالنار، ولا تتجاوزوا الخط الأحمر؛ ولكنهم صموا آذانهم وأعموا أبصارهم».
وتابع: «حذرنا العالم والاحتلال أنّ الانتهاكات ضد الأسرى لن نسكت عنها».
وتابع هنية أنّ «طوفان الأقصى تقوده قيادة حركة حماس في كل أماكن تواجدها»، متابعاً أنّ «غزة اليوم تمسح عن الأمة عار الهزائم وعار السكون والهزيمة».
وأشار إلى أنّ «الاحتلال كان يعتقد أن أبناء غزة سيسكتون على المأساة الانسانية في القطاع وعلى انتهاكات المقدسات»، مضيفاً أنّ «ما جرى اليوم يكشف هشاشة العدو ولحقت به هزيمة عسكرية أمنية سياسية، وأقول لشعبنا كونوا على أعلى جاهزية».
ولفت هنية إلى أنّ «المقاومة لديها المعلومات الكاملة أن الاحتلال كان يخطط لأعمال خطيرة ضد المسجد الأقصى».
وأكد أنّ الهدف من عملية «طوفان الأقصى» واضح، وهو تحرير الأرض والمقدسات والأسرى، متوجهاً بنداء إلى المقاومة وإلى الحلفاء الاستراتيجيين للمقاومة الفلسطينية أنّ «اليوم هو يومكم لنكون شركاء في صناعة هذا النصر العظيم».
ووجه هنية رسالة إلى الدول الشقيقة قال فيها إنّ «هذا الاحتلال لن يفيد، والتطبيع لن يفيد».