«لا» 21 السياسي -
أثناء حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، أطلق الملك السعودي، فيصل بن عبد العزيز، تحذيرات للإدارة الأمريكية حينها، بأنه سيقطع إمدادات النفط إذا لم توقف الدعم العسكري للكيان الصهيوني. وبعد أن رد ريتشارد نيكسون بإرسال مساعدات عسكرية طارئة، أعلن وزراء النفط في منظمة «أوبك» قطع 5٪ من صادرات النفط عن الولايات المتحدة، مع وعود بقطع 5% إضافية في حال لم تتغير السياسة الأمريكية لمدة 30 يوماً، في حين قطعت السعودية 10% من صادراتها بشكل مباشر؛ الأمر الذي تسبب بأزمة عالمية، وانخفض خلالها الناتج الأمريكي 6٪ وارتفعت البطالة 9٪
حينها بدأت الجولات المكوكية لهنري كيسنجر إلى الشرق الأوسط، للتفاوض مع الملك فيصل وإيقاف قرار قطع النفط. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1973، التقى الرجلان. وفي حين كان العرب ينتظرون ترجمة «الإنجاز التاريخي» للملك فيصل، وما سيجنيه الفلسطينيون من قرار وقف النفط، كان للأخير رأي آخر، وراح يملي شروطه التي تلخصت بتأمين الحماية الأمريكية للمملكة والتحالف العسكري والاقتصادي. ويقول المفكر اللبناني جورج قرم في كتابه «انفجار المشرق العربي»: «كان لدى الملك فيصل أفكار عن تحالف ثنائي بين الشيوعية والصهيونية، وأنَّ الصهيونية نتاجٌ للشيوعية، والشيوعية مؤامرة كبيرة من صنع اليهودية العالمية، في حين أن لكيسنجر ذاته أصولاً يهوديّة». ورغم ذلك، اغتيل فيصل بعد ذلك بعامين، في آذار/ مارس 1975.
اليوم، وبعد حوالى 50 عاماً، يخطئ البعض في تعوليهم -مرة أخرى- على القرار «التاريخي» الذي اتخذه محمد بن سلمان بخفض إنتاج النفط أو تعزيز بعض الشراكات مع الصين أو روسيا. ولعل ما كشفته قناة (i24NEWS) عمّا دار بين مسؤولين سعوديين وأمريكيين في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، من شروط ولي العهد للتطبيع: «تأكيد التحالف الأمريكي السعودي، والالتزام بمتابعة إمدادات الأسلحة كما لو كانت السعودية دولة شبيهة بحلف شمال الأطلسي، واتفاقية ستسمح للسعوديين باستغلال احتياطياتهم الهائلة من اليورانيوم من أجل برنامج نووي مدني مقيد»، أَسدلَ الستار عن آخر فصول العرض المسرحي، الذي اختصره رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل: «لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة بل مصلحة قبل أي شيء».

مريم السبلاني