خارج الشباك.. كرة القدم أداة لتخدير وإلهاء الشعوب
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
يقول نعوم تشاومسكي: «المسابقات الرياضية تلعب دوراً اجتماعياً في توليد مواقف وطنية وشوفينية متعصبة. إنها مصممة لتنظيم شعب يدين بالولاء لجلاديه».
بزنس، احتكار، مؤامرات، تغيير سياسات، ترويض شعوب وإلهاؤها، وأمور أخرى كثيرة. هذه هي كرة القدم، التي جعلت الإنسان يمشي على كرة فارغة تعكس فراغه الفكري وضحالة القيم الإنسانية. بعد أن حاول فلاسفة العالم، وعلى رأسهم فريدريك هيجل، أن يجعلوه يمشي على رأسه. ورغم الركلات التي تلقاها البشر على مر التاريخ فإن كل هذا لا يشفع له أن يستيقظ من سباته الدوغمائي المعقد.
إن التظاهرات الرياضية عامة، وكرة القدم خاصة، لكونها أهم الرياضات الشعبية وأكثرها متابعة حول الأرض، جعلت الذي يعرف مِن أين تؤكل الكتف يجعلها ملهاة الشعوب الأولى، ومن أهم أدوات السيطرة والهيمنة وغسيل الأدمغة، والاستيلاء على العقول، وترويض العامة، بل حتى إشعال فتيل حروب بين الدول، مثلما حدث بين السلفادور وهندوراس عام 1969، خلال تصفيات كأس العالم 1970 عندما شن الجيش السلفادوري هجوماً شرسا على هندوراس.
مع نهاية العقد الأخير من القرن الماضي، نجد أنه لم يبقَ منزل واحد في العالم إلا وولجته هذه اللعبة، التي تدر الملايين من الدولارات شهريا على النوادي والفرق مما يعادل ميزانية دول بأكملها، حيث تكثر المشاحنات بين الجيران مع كل مباراة أو مسابقة وغيرها.
لقد صارت هذه اللعبة بمثابة بند من بنود السيطرة على العالم بأسره، وحتى لا يصبح للأمم ولا للشعوب اهتمام بالأشياء العظيمة، بل ينزلون إلى مستويات هابطة، ويتعودون على الاهتمام بالأشياء الفارغة، ويتم تكريس التفاهة بينهم وبذلك ينسون الأهداف العظيمة في الحياة، ومنها التحكم الفعلي فيها بإلهائها عن الحقيقة الواقعة، ومحاولة جعلها تعيش في عالم من الأحلام، حيث يشجع الشباب العربي خاصة ودول العالم الثالث عامة أنديتهم كوسيلة لنسيان الواقع المر، فلولاها لكان العديد من الشعوب قد ثارت في وجه أنظمتها الظالمة.
لقد وجدت أغلب الأنظمة الشمولية ضالتها في هذه اللعبة، واستفادت منها على مر العقود في المزيد من كبح الحريات وتقوية الأغلال والقيود بإحكام على رقاب الشعوب المغلوبة على أمرها؛ وكأنها قُدمت لها على طبق من ذهب حتى تستلذ أكثر بما تفعله بالغوغاء منهم الذين يسهل عليها توجيههم حيث شاءت، وبذلك تكون قد ضربت عصفورين بحجر: جني الأموال الطائلة، وتخدير عقول الشعوب وإلهاءها والتحكم حتى في مستقبلها ومصيرها الذي سيبقى بين يديها ما دامت استفاقتها غير مأمول بها بل ومستبعدة أيضا.
ع. بن نجوع - «نيويورك سيتي» - ديسمبر 2022
المصدر «لا» 21 السياسي