سامي الحوثي / لا ميديا -

في رثاء الرئيس الشهيد/ صالح الصماد.
أعيُنُ الضوءِ نحوَكَ الآنَ نَهْرُ
كُلُّ نبضٍ بِحَقْلِ رانيكَ زَهرُ
غيرَ أنَّ ارتباكيَ ارتاعَ عِلمًا،
أنتَ رَغمَ الذي أرى الآنَ سِرُّ
يا احتمالًا.. وفيكَ ظنّي يقينٌ
ليس لي غيرَ طيفِكَ الآنَ شِعرُ
خُذْ بدمعي وشوقيَ الآنَ، قلبي
ليسَ إلّا إليكَ ظَبيًا يَفِرُّ
كيف للعينِ أن تَقَرَّ وروحي
-يا مَعَالي الشهيدِ- في الدربِ بِكرُ؟!
جئتُ مِن آخِر الكلامِ اتقادًا
حيثُ مِن أوّل المقاماتِ جَمرُ
يا مَجَازًا وأنتَ تَدري بأنّي
لم أَقُل غيرَ واقعٍ وهو سِحرُ
رُحتَ فَخرًا وأُبْتَ فَخرًا.. فأنّى
في المسافاتِ أنتَ فَخرٌ وفَخرُ؟!
لم يَرَ الدهرُ بعدُ مثلَكَ بل لن
يُنجبَ الدهرُ والخياناتُ عُقرُ
لا تَسَلْ عن مدى الردى، كلُّ مجدٍ
بضعةٌ منكَ والأماجدُ كُثرُ
ليلةُ القَدْرِ أنجبتْكَ وإلّا
ما لها في دمِ الدياجيرِ قَدْرُ
صالحٌ أنتَ كاسمِكَ الدُّرِّ إلا
أنـــــه صـــالــــحٌ لأنّـــــــكَ دُرُّ..
ما استطبتَ الأُفُولَ عنا احتجابًا
رغم أنَّ الذي يُغطِّيكَ قبرُ
يا وداعًا وأنتَ مَجدٌ وفِكرٌ
يا لقاءً وأنتَ غَيبٌ وذِكرُ
يا شُمُوخًا وأنتَ فَقْدٌ أليمٌ
للأماني وأنتَ فَتحٌ ونَصرُ
من بَوَاكيرِ هذه الحربِ.. شعبٌ
أنتَ للشعبِ وهي كالحَسمِ حَشرُ!
حُلمُنا (اليُوسُفيُّ) أنتَ افتقادًا،
أَوصَلُ الحُلمِ في المتاهاتِ صبرُ
حين لام المُلُوكُ ذئبًا بريئًا
أجدبوا، إذ مَنَصَّةُ المُلكِ بئرُ
ها هنا الآن إخوةٌ لكَ خرُّوا
شطرَ (صنعاءَ) سُجَّدًا حيثُ خرُّوا
كيف لا يَستفيقُ للعدلِ قومٌ
والإبا مِن يديكَ كالسيفِ فجرُ؟!
قمّةُ البِّرِ أن تُعَادي طغاةً
ولعمري لأنتَ فينا الأَبَرُّ
* * *
بضعةٌ منكَ حين (طَومَرُ) وافى
كأعاصيرَ في المُحيطاتِ تذرو
لانتشالِ الغريقِ مِن فَجِّ موتٍ
مَدَّ أنفاسَهُ الأخيرةَ بحرُ
فنسى الموتُ أخذَ (طومرَ) ذُهلًا
من دمِ البذلِ حيثُما الرُّوحُ نَذرُ!
غاصَ في الموتِ وهو لُجِّيُّ حَتفٍ..
كيف ما صابَهُ من الموجِ قَطْرُ؟!
غاصَ كالنورِ في بحارِ المنايا،
عاد أدراجَهُ كما لاحَ بِشْرُ
ثُمَّ لمّا افتدى الفتى مرةً أخرى
وأخرى.. شهادةُ اللهِ شُكرُ
* * *
يا الفداءاتُ أنتَ، والناسُ تصحو
حُرَّةً حينَ يفتدي الناسَ حُرُّ
لستُ أبكي.. وشمعتايَ وليلي
يُدركانِ، البِعادُ حُلوٌ ومُرُّ!
آخِرُ الخَلقِ راثيًا، أدُمعُ الشِّعرِ
إلى الآن مِن دمي فيكَ حُمرُ
أيها الخالدُ المَجيدُ.. مَصُونٌ
كالكتابِ الحكيمِ أنتَ ووِترُ
ما استطاعوا بأخذِ جسمِكَ يومًا
سَلْبَنا روحَكَ التي هي ذُخرُ
دُمتَ للشعبِ مُنقذًا رغم أنَّ الـ
وصلَ حُبٌّ، وبيننا الآن هَجرُ
دُمتَ للشعبِ عاشقًا رغم أنَّ الـ
موتَ -وهو الحياةُ- للعشقِ حِجرُ
لم تَفِ الوعدَ باللقاءِ مِطَالًا..
ولِطُولِ المِطَالِ في الموتِ عُذرُ
* * *
بضعةٌ منكَ (ابنُ السُوَيديِّ) عهدًا
أن يَصُدَّ الفِراقَ بالرُّوحِ كَرُّ
كان ألفى مِن البُرَاقِ اجتيازًا
بالجريحِ القريحِ، والوقتُ وَعْرُ
ثانيَ اثنينِ وهو ماضٍ وحافٍ
ليس إلا الرياحَ في الموتِ سِترُ
يُسعِفُ الأرضَ كِتفُهُ مُستمرًّا
في طريقٍ طويلةٍ تستمرُّ
رَغم أنّ الردى على كلِّ شِبرٍ
للخُطى.. إنَّ عينَ ربّي المَقَرُّ
مثلُ صَرحٍ مُمَرَّدٍ لُطفُ ربّي
والردى بين كلِّ شِبرٍ يَمُرُّ!
* * *
يا سليلَ الإباءِ فَذًّا بما لم
يأتِهِ قبلَكَ الأبيُّ الأَغَرُّ
نَسلُكَ الجيلُ (أَشتَريًّا) فجيلٌ
أنتَ مِن حاضرِ الفداءِ مُصِرُّ
قد أضعناكَ مِن يدينا وإنا
والفِدا جُهدُنا بهذا نُقِرُّ
كان غدرًا، وكيف يُدفَعُ موتٌ
بعد فَوتٍ وآلةُ الجُرمِ غدرُ؟!
ليتَ مَن آثَرَ الرَمِيَّةَ فيهِ
قد دَعَانا لها.. وفينا تضُرُّ
أمَلَ الشعبِ كنتَ وحدَكَ.. لو لم
يُفقِدُوناكَ ما غزا الجُوعَ كُفرُ
بِضعةٌ منكَ (قاصفٌ) وهو حامٍ
جبلًا مِن غُزاتِهِ وهي مَجْرُ!
حين لم يَبقَ للدفاعاتِ إلا
حَجَرٌ كالشهابِ يرميهِ ثأرُ
لم يُجارِ الحِجارةَ الغِيدَ غازٍ
بسلاحٍ ولم تَقِ النذلَ جُحرُ
بضعةٌ منكَ كلُّ نصرٍ.. ولو لم
يَقتلوناكَ ما لدى الحَربِ عُمرُ
غيرَ أنّا نُجَرِّعُ الغزوَ كَسرًا
يا (أبا الفضلِ) ما لهُ الدهرَ جَبرُ

15/11/2022