«لا» 21 السياسي -
أُعلن العدوان على اليمن في الـ26 من آذار/ مارس 2015 في ظل إدارة ديمقراطية أمريكية يقودها باراك أوباما وجو بايدن. وجاء من بعدهما الجمهوريان دونالد ترامب وجاريد كوشنر ليصعدا العدوان، ثم يعود بايدن لُيعلن «نيته» إيقاف الحرب؛ غير أن سنة ونصف سنة من إدارته تثبت أن الأمريكيين لا يختلفون سوى في الأقنعة: أولئك يرتدون وجه فيل، أما هذا فيلبس جلد حمار.
هُدنة مر عليها ثلاثة أشهر أمريكية ضمنت فيها واشنطن الحفاظ على أهم ثلاث رغبات/ طلبات استراتيجية: أمن آبار النفط، سلامة الممرات المائية، إلحاق مكة والمدينة بالقدس المحتلة.
كل هذا وسواه في مقابل بضع براميل نفط متدحرجة على رصيف ميناء الحديدة وبعض عجلات كراسي متحركة بين صنعاء والأردن، فقط ولا غير!
ينتظر ابن سلمان «باباه» بايدن لمعاودة ممارسة العلاقة الحرام بين واشنطن والرياض جهاراً نهاراً، ولتدشين الحقبة الثالثة من معاهدة كوينسي الممتدة ثمانية عقود يُرجح تمديدها لثمانية أخرى، ويُعتقد أيضاً أن أحد أهم بنودها الكبرى -كما وصّفها الأمريكيون- سيكون طلب ابن سلمان إرجاع الملف اليمني إلى الدرج السعودي من جديد.
لن يكون الحصار المضاعف ورقة بايدن الوحيدة التي سيقدمها للمهفوف، فلوبيات شركات الأسلحة العملاقة تنتظر توقيع عقود تريليونية جديدة وتتطلب حرباً وإن بالوكالة ولو بدون غارات من طائرات «إف 16».
البند الأمريكي الكبير الذي سيقدمه بايدن وفقاً لمصالح إدارته ولشروط اللوبي الحربي في واشنطن: منع تهديد اليمنيين للملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، وحظر وصولهم إلى الموارد النفطية والغازية، والتحكُّم بالاقتصاد اليمني ككلّ.
ثمة مساومة يدرج الأمريكيون دائماً اللعب بها وعن طريقها مع السعوديين. تسريب تقرير جديد من قبل مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» يؤكد أن الولايات المتحدة تتعمّد غض الطرف عن استخدام أسلحتها لارتكاب جرائم ضد المدنيين في اليمن، ليس لإدانة واشنطن، بل للضغط على الرياض، حيث قدّم أكثر من 60 عضواً في الكونجرس الأمريكي -بناءً على هذا التقرير- مشروع قرار يدعو الإدارة إلى وقف تبادل المعلومات الاستخبارية مع التحالف السعودي - الإماراتي، وإنهاء جميع أشكال الدعم اللوجستي لعملياته، بما في ذلك توفير الصيانة وقطع الغيار، فضلاً عن حظر القيادة أو التنسيق أو المشاركة في تحرّكات تحالف العدوان، من دون إذن قانوني محدَّد مسبق من الكونجرس.
الانتهاج الأمريكي المعلن تجاه تخفيض التصعيد العسكري في اليمن جاء وفقاً للمصلحة الأمريكية واعتماداً على فشل حلفائهم في الظفر ولو بنصف انتصار، ويهدف في المحصلة إلى تعزيز حضور واشنطن العسكري المباشر لحماية مصالحها في البحرَين الأحمر والعربي وتأمين باب المندب وحماية «إسرائيل» وتقليص النفوذين الصيني والروسي في المنطقة وتصعيد ابن سلمان إلى سدة العرش السعودي.
في المقابل يتواصل الضغط الاقتصادي والتحكم بالمعابر البحرية والجوية والتلاعب بالقضايا الإنسانية الخاصّة باليمنيين، وهي مراهنة أمريكية مفضوحة لتحقيق ما فشلت العمليات العسكرية في تحقيقه، من خلال نشوء تحديات داخلية وتشكل قضايا مطلبية وحياتية باتجاه كسر الحاضنة الشعبية للجيش اليمني واللجان الشعبية.
وعليه لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يقف اليمنيون إزاء كل ذلك مكتوفي الأيدي، ولا بد من أن ننقل الحرب مجدداً من المعركة الاقتصادية إلى المعركة العسكرية، فذلك سيكون هو الخيار الأمثل بمواجهة شياطين اليانكي وأباليس نجد واليمامة.
إضافةً إلى الأخذ بعين الاعتبار تحديات الجبهة الداخلية، والتي برزت بشدة خلال شهور الهدنة، وباعتقادي لا أقلّ من إقالة حكومة ابن حبتور وتشكيل حكومة طوارئ مصغرة، ومحاسبة اللصوص والمزايدين، وصرف جزء من الرواتب، ومعاودة الطرق على أبواب أسر الشهداء والجرحى والمجاهدين.