«لا» 21 السياسي -
من المحتمل ألا يتمكن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أبداً من التخلص من الوصمة التي جنتها يداه بغض النظر عن محاولاته الدؤوبة لإعادة رسم صورته، حسبما يخلص إليه تحليل للكاتب كريستيان أولريكسن، نشره موقع مجلة «ريسبونسبل ستيتكرافت» التابعة لمعهد كوينسي الأمريكي لفن الإدارة الرشيدة.
ومثل باقي أغلب السرديات الغربية بشأن السعودية، يعتمد أولريكسن على مسطرة واشنطن وقلم «تل أبيب» في رسم خريطة المنطقة، بمعزلٍ عما تنحته بنادق اليمنيين من خنادق عميقة في وجه العالم. فيبدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن محمد بن سلمان قام بجولة خليجية استهلها بزيارة سلطنة عُمان في 6 كانون الأول/ ديسمبر، وختمها بزيارة الكويت في 10 كانون الأول/ ديسمبر بعد توقف في أبوظبي ودبي وقطر والبحرين.
وأوضح الكاتب أن تطورات عدة جعلت هذه اللحظة مناسبة لهذه الجولة الإقليمية، فقد غيَّب الموت كلا من السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، في عام 2020، وهما قائدان بارزان يرى الكاتب أنهما كانا على ما يبدو يحملان شكوكاً خفية إزاء النهج المتهور الذي يتبعه محمد بن سلمان في الشؤون الإقليمية.
وأضاف الكاتب أن تموضع محمد بن سلمان في قلب الدبلوماسية الإقليمية في الخليج يُعد جزءاً من إعادة صياغة السردية عن ولي العهد السعودي بعيداً عن صورة صانع القرار المتهوِّر والمندفع والمزعزع للاستقرار، والتي بلغت ذروتها في تداعيات عملية الاغتيال المروِّعة للصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
وقبل كل شيء، تُظهِر التحركات الأخيرة التي اضطلع بها محمد بن سلمان بداية انطلاقه على الصعيد الإقليمي بعد أن تحطمت صورته العالمية واحترقت في خضم موجة «الاشمئزاز» الدولي التي صاحبت وتيرة الكشف بالقطّارة عن مقتل جمال خاشقجي، بحسب تعبير الكاتب.
ويخلص الكاتب إلى أن الأمر قد يستغرق سنوات لكي يتخلص ابن سلمان من وصمة العار التي لحقت به بصفته صانع قرار متهوراً ومندفعاً دون أي اعتبار يذكر لحدود السلوك المعقول، بل إن صورته في بعض الأوساط قد لا يُعاد تأهيلها بالكامل، ومع ذلك وبغض النظر عن أي تطورات غير متوقعة فإنه في مرحلة ما من السنوات العديدة القادمة سوف يخلف والده بوصفه «خادم الحرمين الشريفين» بكل الثقل الذي يجلبه هذا المنصب من الناحية الجيوسياسية الإقليمية وكذلك من الناحية الدينية.
وبالعودة إلى المساطر والأقلام الصهيوأمريكية نشر معهد الشرق الأوسط في آذار/ مارس 2021 دراسة بحثية لمجموعة من الصهاينة عن مسألة تطور الشرق الأوسط خلال العقد القادم حتى عام 2030.
وتقدم الدراسة أربعة سيناريوهات، هي:
السيناريو الأول: مشاركة أمريكية عميقة بشرقِ أوسط مستقر.
السيناريو الثاني: مشاركة أمريكية عميقة، ولكن بمنطقة غير مستقرة.
السيناريو الثالث: انسحاب الولايات المتحدة في حالة استقرار الشرق الأوسط.
السيناريو الرابع: انسحاب الولايات المتحدة من شرق أوسط غير مستقر.
ويتضمن السيناريو الأول تصوراً مختلفاً للسعودية، إذ يتوقع وفاة الملك سلمان واغتيال ولي العهد محمد بن سلمان، وهو الأمر الذي ما يلبث أن ينتهي بتولي شقيقه خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع، العرش.
في هذه الحالة سيلجأ الملك الجديد إلى سحب النفوذ السعودي من المنطقة في مقابل التطوير المحلي للبلاد، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى الانسحاب من حربِ اليمن المكلفة ووقف إطلاق النار.
وبغض النظر عن كل ما ورد أعلاه، فإن النصر اليمني هو الذي سيحدد بل وقد حدد السيناريو الذي ستذهب إليه سعودية ابن سلمان مكرهةً لا مخيرة. رُفعت الأقلام وجفت الصحف.