«لا» 21 السياسي -
عندما جاء نفتالي بينيت لرئاسة الوزراء حاول تحسين العلاقة مع بايدن، وتعهد بعدم انتقاد جهوده لإحياء الاتفاق النووي علناً، مقابل أن ينفتح بايدن على فكرة وجود خطة (ب) أو خطة بديلة عرضها بينيت على بايدن. وسُميت «الموت بألف طعنة» وتضمنت مقترحات للعمل ضد إيران في حال فشل التفاوض، وتهدف بالأساس إلى تجنب خيار الحرب مع إيران عبر خيارات أقل كثافة.
كانت الخطة التي قدمها بينيت لبايدن متعددة الجوانب عبر مواجهة إيران عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً، وبدا أن بايدن تقبّل الفكرة.
وحصل بينيت على تصريحٍ علني من بايدن بأنّه جاهز لاستكشاف «خيارات أخرى» في حال فشلت الدبلوماسية أن تضمن عدم حيازة إيران أسلحةً نووية، وهذه هي الخطة (ب) التي كان بينيت وحكومته يدعون لها علناً وقد حصل على مراده فيها.
وقال المسؤولون «الإسرائيليون» إن الاستراتيجية التي قدمها بينيت إلى بايدن تتضمن مواجهة إيران من خلال مجموعة من الإجراءات الصغيرة، عبر عدة جبهات -عسكرية ودبلوماسية- بدلاً من توجيه ضربة واحدة دراماتيكية، وهي خطة تقارن بالاستراتيجية الأمريكية في الحرب الباردة، على أن تلعب «إسرائيل» دور الولايات المتحدة وإيران هي الاتحاد السوفييتي.
ولكن يبدو أن «الإسرائيليين» تجاوزوا في خططهم هذه خطة الموت بألف طعنة، فلقد طلبوا من أمريكا تقديم موعد تزويدهم بطائرتين من طراز «بوينغ KC-46» لإعادة التزود بالوقود جواً بهدف الاستعداد للهجوم على إيران؛ لكن الرد الأمريكي كان سلبياً.
بالإضافة إلى مناقشة الضربات ضد أهداف نووية في إيران زعمت تقارير إخبارية «إسرائيلية» أن المسؤولين يضغطون حتى على نظرائهم الأمريكيين لتنفيذ ضربات ضد أهداف إيرانية في أماكن أخرى من «الشرق الأوسط».
ليس من المعروف تماماً الهدف من ضرب أهداف غير نووية خارج إيران، إلا دفع طهران للانسحاب من الملف النووي وبالتالي تحريض أمريكا على قصفها.
غير أن بايدن وعلى ما يبدو يتبنى خياراً آخر أقل تصادمية للخطة (ب)، وهو اتفاق مؤقت من شأنه أن يبطئ الأنشطة النووية الإيرانية ويسمح بإجراء المزيد من عمليات التفتيش المكثفة من قبل الأمم المتحدة مقابل تخفيف محدود للعقوبات.
ووصل مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى «تل أبيب» في إطار زيارةٍ وُصفت بالتأسيسية لوضْع النقاط على الحروف في ما يتعلّق بالتبايُن بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال إزاء البرنامج النووي الإيراني وأساليب مواجهته، إذا أرت «تل أبيب» من واشنطن أن تكون أكثر تطرّفاً في مقاربتها، سواءً في المفاوضات غير المباشرة الدائرة حالياً في فيينا أم عبر التلويح باستخدام الخيارات العسكرية الأمريكية ضد طهران في حال امتنَع الجانب الإيراني عن تليين مواقفه، وهو ما تسمّيه «إسرائيل» «مفاوضات أمريكية بلا أسنان».
في المقابل لا تجد للولايات المتحدة مصلحة سواءً لناحية الكلفة أو الجدوى في اللجوء إلى خيارات من هذا النوع سيؤثر تفعيلها على تحدّيات استراتيجية أخرى في مناطق أخرى من العالم حتى ولو كان ثمن الامتناع عنها تموضع إيران كدولة حافّة نووية.
ذلك أن الولايات المتحدة لن تمانع إن اضطرت للتعايش مع هكذا وقائع، فيما هي «أي الوقائع» بالنسبة إلى «إسرائيل» بمثابة تهديد وجودي لا يعني إمكان إنتاج قنبلة نووية فقط، بل ستطاول تداعياته كل مستويات الصراع القائم مع إيران، خصوصاً لناحية التفوق العسكري «الإسرائيلي» في مواجهة طهران وحلفائها.