عبدالله البردوني
وَحدِي أَشُقُّ مَسْرَبيْ
مِن هَجْسَةٍ إلى نَبيْ
مِن بَذْرةٍ عَطْشَى إلى
أعلَى النَّخيلِ اليَثرِبي
مِن قَطرَةٍ حُبلى إلـى
تَدَفُّــــقٍ تَشَعُّــــــــبي
*
أرقَى عَلَى حَرَائِقي
وأحتَسِي مُـــذَوِّبي
لكي أكونَ غَيرَ مَــن
كنتُ، أُرَى مُهَذِّبي
أعلُو على ذاتِيَّتــي
وأينَ باب مَـــــأرَبي
*
أعودُ مِن هَشائِمي
إلى بَراءَةِ الصَّـــــبي
هُناكَ أَصبُو، ها هُنا
إلى جِدارٍ أَحتَبــــي
*
لا يَنطَفِي تَحَوُّلي
لا يَنقَضي تَقَلُّبي
أدعُو تَجَوُّفِي: أَمِتْ
ذِكرى طَعامي - مَشرَبي
أجتازُ طِينَتي إلى
بَرقٍ يَفِي ويَختَبي
سُحْبٌ يَقُلنَ: يا ثَرى
ثُرْ إنْ وَهَى تَصَبُّبي
يَقُولُ نَجمٌ: مَن أنا؟
ونَجمَةٌ: ما مَطلَبي؟
إشراقَةٌ: ما أبتَغي؟
ضَبابَةٌ: مَن أَجتَبي؟
هذي تُوَشِّي هامَتي
وذا يَشُدُّ مَنكَبي
*

أَلُوحُ كَرْمَةً على
شَظِيَّتَينِ تَرتَبي
مِن أينَ؟ مِن غَرابَتي
إلى ضَنى تَغَرُّبي
مِن أسوَدِي عادٍ إلى
إصباحِ دَيْرٍ تَغلِبي
أُريدُ مَأمَناً هُنا
مِثلي بدُونِ مخلَبِ
*
هُناكَ باتَ مُهلِكي
وكانَ يَوماً مَلعَبي
تَرُدُّني دارُ أبي
فأَبتَنِي مُخَرِّبي
يَقُولُ لي: مَن أنتَ يا..
تَكَلُّمِـــي مُكَــــذِّبي
أَمَا أنا مِن سَبَإٍ؟
مَن ذا سَبَى؟ وكم سُبِي؟
*
إليكَ رَسمُ إِمرَتي
أميرُ «بيتِ الزَّوقَبي
ما الزَّوقَبي؟ مُعَسكَرٌ
مِن الحَريرِ (الإِذرِبي)
*
تَرى الحِمى كَسائِحٍ
يَحتَلُّني كالأَجنَبي
فَما سَقيتَ حُرقَتي
ولا حَدَوتَ مَوكِبي
لا مَشرقيْ حَنَّيتَهُ
ولا اصفِرارُ مَغرِبي
ولا نَعَشتَ مَوسِمي
ولا دَفَعتَ مجدبي
*
أَلَستِ داريْ؟ قَبلَ أن
تَقولَ لِي تَأَورَبي
أصبَحتُ لا أَشُمُّ بي
طِيبي ولا تَطَيُّبي
فلا أنا مِن مغرسي
ولا أنا مِن مَجلَبي
*
مَن يَنتقي تَطَوُّري
و«باقِلٌ» مؤدِّبي؟!
تَحتي زَفيرُ غابَةٍ
فَوقي جِدارٌ ثَعلَبي
أهلُوكَ خَلَّفُوكَ لي
كما أَضاعَني أبي
نِصفي بنِصفي ناهِشٌ
ورُبعُ نِصفي مُعطِبي
*
يا ريحُ مَن يَدُلُّني
إلى أمانِ مَهرَبي؟
دليلُكِ الثاني أنا
كَيفَ تَرى تأَهُّبي؟
*
إليكَ عُنوانُ ابنَتي
خُذْ رَقْمَ بيتي، مَكتَبي
هُنالِكَ اسمُ مِهنتي
هُنا مَمَرُّ مَركِبي
*
دَليلُكَ المَعنيْ شَرى
سَفينةً مِن مَحطَبي
وقالَ عنِّي: إنهُ
مُنَقِّضي، مُرَكِّبي
وأنَّهُ عَلَّمَني
كيفَ أَسُوسُ غَيهَبي
وصاغَ لي قَرنَينِ مِن
ظَهرِي، ووَجهاً يَحصُبي
*
وفي انتظارِ مَن هُنا؟
مَن مِن هُنا يَمُرُّ بي
فإِنْ نَأى أَطَلَّ مِن
غَيبي حُضُورُ كَوكَبي
مِن «كَوكَبانِ» جِئتَني
وأنتَ شَيخٌ «قَعطَبي»
*
الآنَ مَطلَعي أنا
أُخفِي، يَشِي تَحَجُّبي
إلى إلى مَن غَيرُ مَن
نَبعِي رَسُولُ مَكسَبي
المُنتَأَى طَوى النَّوى
قُربي نَفى تَقَرُّبي
أُمُّ الرِّياحِ هَودَجي
بُعدُ الذَهابِ مَذهَبي
إِليهِ مِنهُ أنتَحِي
عَكسَ الزَّمانِ اللَّولَبي


كتبت في
 1994