حاوره:  طلال سفيان / لا ميديا -
يحيى عبدالله الخيل، اسم يحمل علامات الكفاح والنضال في قاموس الرياضة اليمنية.
ساهم هذا النجم القادم من حلبة الكونغ فو في زرع البذرة الأولى للعبة البنجاك سيلات، اللعبة القادمة من أتون الشرق الأقصى للقارة الآسيوية وتحديداً دولة إندونيسيا، والحاملة لتعاليم رياضية متوافقة مع الإسلام, وتسجيلها ضمن منصات الألق والمجد الممزوج بالمعاناة والمشقة التي تضعها في طريقهم مؤسسات الرياضة الرسمية ذات البيروقراطية المملة.

يقود اليوم هذا المقاتل الذي يحمل أحلاماً كبيرة كتيبة الخندق دفاعا عن الوطن في وجه العدوان، متقدما على الكل.
صحيفة "لا" التقت بمقاتل البنجاك يحيى الخيل، المدرب والخبير وقائد منتخب أمانة العاصمة، وأجرت معه حديثاً تطرق فيه بكل صدق وشجاعة إلى تطلعات لعبته وكفاحه مع رفقائه لرفع اسم اليمن عاليا في سماء المجد، والإشكاليات التي تواجه أحلامهم.

 كيف جاءت بدايتك مع الألعاب القتالية؟
- بدايتي مع الألعاب القتالية كانت في العام 1999. كنت أبحث عن الألعاب التي تحمل طابع الدفاع عن النفس, وما شد انتباهي هي لعبة الكونغ فو، ولكن في تلك الفترة لم تكن الكونغ فو منتشرة في الأندية أو تمارس بشكل رسمي، لعدم تأسيس اتحاد خاص بها حينذاك وكانت عبارة عن لعبة تزاول بشكل فردي. وكانت البداية معي على يد الكابتن فارس محمد الأحلسي، وكان شخصاً جيداً زرع فينا الأخلاق والقيم, وعندما تم تشكيل اتحاد الكونغ فو العام 2005 تركت هذه اللعبة والتحقت بلعبة البنجاك سيلات، لمعرفتي أنها لعبة تحمل قيماً ومبادئ إسلامية، والتقيت بأمين عام اتحاد البنجاك سيلات السيد محمد علي داود الذي استأذنت منه بأن أكون أحد المدربين اليمنيين الذين التحقوا بالسنيور الإندونيسي محمد الرفاعي رحمة الله عليه، الذي حضر لليمن لتأهيل مدربين يمنيين للعبة, فسمح لي وقال لي: طالما أنت كفؤ فالمجال مفتوح... وعندما التحقت بالخبير الرفاعي وجد فيَّ التلميذ النجيب الذي يحرص على أن يستقي التعاليم والمبادئ مثلي مثل بقية زملائي المدربين الذين حضروا من محافظات الجمهورية ومنهم الكابتن بشير البخيتي من تعز والكابتن مازن فراج من عدن ومن أبين الكابتن خالد النخعي وغيرهم من كوكبة اليمن في البنجاك سيلات.

 يعني هذا أنك دخلت عالم البنجاك سيلات من بوابة التدريب وليس لاعبا كما كنا نعتقد...؟
- عندما دخلت عالم البنجاك سيلات كنت بكامل الجهوزية، وأنا بالأساس كنت قد تدربت على لعبة الكونغ فو. عندما دخلت لعبة البنجاك سيلات لليمن ولأول مرة, كان شرط المرحوم محمد رفاعي صاحب الذي حضر لليمن أنه يريد تأهيل مدربين للعبة في البداية وليس لاعبين, أي زرع النواة الأولى. كانت فكرة الاتحاد اليمني للبنجاك سيلات تجهيز مدربين من عشر محافظات يمنية, وهؤلاء المدربون يستقون تعاليم ومبادئ وأساسيات وتمارين اللعبة وكيفية تجهيز اللاعبين وإقامة المنافسات, وكنت أحد هؤلاء المدربين وأخذنا عدة دورات منها أساسيات اللعبة والتحكيم, كما أحضروا لنا تلك الفترة مدربين أحدهم مختص بالقتال والآخر بالاستعراض, وعندما حضر السيد ايدي مرزوقي، رئيس الاتحاد الدولي للبنجاك سيلات، لليمن أعجب بأداء وكادر الفريق اليمني لدرجة أنه أعطى منحاً لـ10 مدربين يمنيين للذهاب إلى مقر اتحاد اللعبة، الدولة المؤسسة إندونيسيا مع التكفل بكل الاحتياجات وبشرط أن تتوفر لنا قيمة التذاكر ذهاباً وعودة، وفي تلك الفترة (عام 2006) كانت قيمة التذكرة ذهاباً وعودة إلى إندونيسيا تبلغ 180 ألف ريال يمني، وهذا مبلغ مهول بالنسبة لي ولبقية الزملاء، وطرقنا كل الأبواب لتوفير قيمة التذاكر، منها صندوق النشء وبقية الجهات، وللأسف لم ينجح الأمر وذهبت علينا المنحة، لأن اللعبة كانت في اليمن حديثة عهد, فقرر الاتحاد الدولي إرسال اثنين من المدربين لليمن، وهما السيد أوود والسيد ويدي، واحد مدرب خاص بالاستعراض والآخر بالقتال.

 بعد هذا المشوار كيف وصل الحال بلعبة البنجاك سيلات في اليمن؟
- اللعبة منتشرة في أكثر من عشر محافظات يمنية ويمارسها كادر كبير جدا وأصبحت تجتذب شريحة كبيرة من النشء والشباب في اليمن الذي يحب ألعاب الدفاع عن النفس, لكن للأسف نلاحظ أن اهتمام اللجنة الأولمبية بلعبة البنجاك سيلات يكاد أن يكون معدوماً مع أننا طالبنا الأستاذ محمد الأهجري بأن يلتفت إلى هؤلاء الكوكبة من الشباب الذين هم في الأساس يحلمون أن يرفعوا اسم اليمن في سماء المحافل الدولية. ضاعت علينا أكثر من منافسة مع أن اللجنة الأولمبية اليمنية مشكورة كانت تصل إليها رسائل المشاركة كونها الممثل الرسمي للرياضيين اليمنيين والواجهة لهم أمام العالم الخارجي لكنها لم تتواصل معنا وهي لا تتواصل معنا في الأساس.

 وأين أنتم من مشروع "الواعدين" الذي تبناه أهجري الأولمبية منذ سنوات طويلة؟
- دخلت أكثر من مرة إلى مكتب الأستاذ محمد الأهجري بخصوص هذا الأمر. أولا أود أن أشكر الأستاذ الأهجري على مشروع الواعدين الجبار الذي اكتنف الكثير من الألعاب القتالية واستفاد منه الكثير من زملائنا, لكن حاولنا نحن البنجاك سيلات أكثر من مرة أن تدرج البنجاك سيلات ضمن هذا المشروع، إلا أننا لم نستطع، ولا نعرف ما هي الأسباب. والأهجري كلما يتسنى لنا الالتقاء به يقابلنا بحفاوة وترحاب، لكن كلما نحاول إدراج اللاعبين أو المدربين الممارسين للعبة البنجاك سيلات في مشروع واعدين الأولمبية نتفاجأ بإجراءات روتينية تحول بيننا وبين هذا المشروع. 
 ظهرت مساهمة ومشاركة البنجاك سيلات وخاصة منتخب أمانة العاصمة بقوة من خلال الوقفات والمظاهر الاحتجاجية ضد العدوان وكذلك في الكثير من المناسبات...؟
نحن في بنجاك سيلات فرع أمانة العاصمة صنعاء قدمنا أبطالاً في جبهات الدفاع عن الوطن منهم شهداء ومنهم جرحى نتمنى من الله لهم الشفاء. نحن نبني الأبطال ونزرع فيهم مبادئ وقيم حب الوطن، وهذا الذي يدفع -وليس فقط نحن في لعبة البنجاك سيلات- إلى الخروج والمشاركة في الوقفات والمناسبات الوطنية والدينية, نحن ضد ضرب واستهداف بلدنا وقتل شعبنا من قبل العدوان الأرعن الغاشم بقيادة أمريكا والسعودية والإمارات ومن تبعهم, ضد استهداف المنشآت الرياضية، لأن هذا استهداف للبنية التحتية ومقدرات الوطن. بعض زملائنا استشهد وهو في مقر عمله مثل زملائنا في اسطبلات الخيول, كانوا يؤدون أعمالهم لتأتي الضربة لتقتل المدربين مع الخيول مع الإسطبلات, هذا استهتار بالحياة الآدمية ولا يرضي أي إنسان وأي حر في العالم. الوقفات خرجها العديد من أحرار العالم وليس نحن فقط, نحن تحت الضرب, أنا بيتي في نقم والضربة التي استهدفت نقم بقنبلة محرمة دوليا أثرت علي بشكل لا يتصور، كما أثرت على العديد من جيراني وزملائي, أنا رأيت من الهول ما لم يره أحد ورغم ذلك تأتي أصوات وتقول لك: أنت رياضي ولا تتدخل في أي شيء! حسناً إذا أنا رياضي ألست إنساناً؟! ألست جزءاً من هذا الشعب الذي عانى الويلات على يد هذا العدوان الأرعن عليه وعلى بلده؟! نحن كرياضيين يجب أن نكون رقما في هذه المعادلة، فالحرب الظالمة على وطني أثرت بمستواي المعيشي وعلى قوتي وعلى دراسة أطفالي, الحصار أثر على مشاركاتي الرياضية داخليا وخارجيا, أكثر من دورة ضاعت علي ولم أستطع أن أكمل مشواري ورسالتي في الحياة, كان حلمي منذ زمان أن أكون رقما في المعادلة اليمنية... وسأكون.
هناك عوامل داخلية للأسف منعتني من السفر والمشاركة، لكن عامل العدوان الخارجي هو  الأكبر والعائق الرئيسي، ولهذا علينا كرياضيين أن نواجهه بقوة.

 كيف تسير أحوال اللعبة؟ وما هي الجهة التي توليكم دعمها أكثر من غيرها؟
- أهلي صنعاء، القلعة الحمراء، احتضن لعبتنا وقدم لها الكثير من الرعاية والاهتمام ممثلاً بإدارة النادي وفي مقدمتهم الأمين العام الأستاذ عبدالله جابر. وبالمناسبة إلى جانب إدارة أهلي صنعاء ووقفوها معنا دوماً وآخرها تشييدها لصالة رياضية جديدة لاستيعاب أنشطة الألعاب القتالية ومنها البنجاك سيلات، كذلك لا أنسى دور الأستاذ عبدالله عبيد، مدير مكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة، الذي يقــف معنا بكل جهد رغم شحة إمكانيات المكتب، كذلك الأخوين النائبين لشباب ورياضة الأمانة الأستاذ زيد جحاف ومحمد أبو عسكر.
يوجد في العاصمة الكثير من المراكز الرياضية والأندية التي تمارس لعبة البنجاك سيلات، وأول نواة للعبة كانت في نادي أهلي صنعاء، كذلك مورست اللعبة في نادي الوحدة إلا أنها توقفت في الفترة الراهنة، كما أنها تمارس في النادي الترفيهي اليمني ونادي الشرطة وفي المجمع الوطني الرياضي ممثلاً بالكابتن عبدالإله السماوي مدير المجمع الرياضي الذي يهتم باللعبة ويستضيف لاعبينا من مختلف الأندية والمراكز للتدريب ومساعدته لنا بإقامة البطولات في صالة المجمع. كما تمارس البنجاك سيلات في المركز الوطني للشباب الواعد ويوجد لدينا كوكبة من اللاعبين والمدربين وهذا ما تتميز به العاصمة عن غيرها من المحافظات، لدينا مدربون دوليون معتمدون مثل حمزة الدالي وعبدالناصر محمد علي داود ولدينا الحكم العربي الدولي الذي نفخر به الدكتور نبيل النونو، ومعنا الكابتن جمال مهدي وطارق القباطي... نناشد الجهات المختصة الاهتمام والنظر لهم بعد أن غادرنا مدربون كثر في مختلف الألعاب القتالية ولم يستفد البلد من خبراتهم.

 ماذا عن دور الجهات الحكومية معكم؟
- نناشد وزارة الشباب والرياضة أن تهتم بلعبة البنجاك سيلات، فنحن بحاجة إلى دورات مكثفة للحكام والمدربين، بحاجة إلى تفعيل النشاط من تصفيات وبطولات مثل أيام زمان، خاصة لهذه اللعبة العريقة التي تغرس في اللاعب اليمني حب الوطن والقيم والمبادئ والأخلاق، فقادة وزارة الشباب والرياضة قد لاحظوا أن لعبة البنجاك سيلات تحاول إيصال مظلومية الشعب اليمني للعالم، ونناشد الجهات المختصة أن تأخذ بيدنا وتكون عونا لنا.
كما أناشد صندوق رعاية النشء والشباب عبر صحيفتكم الاهتمام بمدربينا وألا يكون الوعد مجرد كلام.

 هل هناك بطولة قادمة للبنجاك سيلات ستجمع محافظات الجمهورية كما تردد مؤخرا؟
- ستكون هناك بطولة قادمة ينظمها الاتحاد اليمني للبنجاك سيلات وهي بطولة تضم ثلاث محافظات، ولو كنا نطمح أن تضم كل المحافظات، فالبطولة السابقة ضمت لاعبين من سيئون والمكلا في حضرموت إلى جانب بقية المحافظات، ونظرا لشحة الإمكانيات اقتصرت خطة الاتحاد العام على أن تجمع البطولة القادمة محافظات الحديدة وتعز وأمانة العاصمة واحتمالية ضم محافظة صنعاء للمنافسات.
ومن الغريب أن تقام هذه البطولة ونحن بنجـاك سيلات لم نستطـع أن نخــوض تصفـيات لاختيــار اللاعبيـن واستخـلاص النخبة الذيـــن سيمثلون العاصمـة، الاتحـــاد طلب منا أن نشارك وأن نفعل هذا النشاط في ظل شحة مادية نتيجة للعـدوان والحصار ونحـن في حـيرة، المهــم تناقشت مــع إخـواني المدربين وخرج الجميع باقتراح تكليف المدرب المتميز الكابتن حمزة الدالي للنزول الميداني واختيار لاعبي العاصمة ونأمل من الكابتن حمزة الذي نعرف أنه يمر بظروف عصيبة أن يتقبل هذه الفكرة ويتعاون معنا كعهدنا به من نشاط وتفانٍ في خدمة اللعبة ورفعتها.

 ما هي الرسالة التي تود أن تقدمها في ختام اللقاء؟
- الرسالة للجهات الرسمية وبداية لأمانة العاصمة أن تهتم بهؤلاء الشباب. ثلاثة أعوام وأبطال أمانة العاصمة في اللعبة يحرزون الميداليات والبطولات على مستوى الجمهورية ورفعهم من السابق لاسم اليمن في المحافل الدولية.
الثانية لوزير الشباب والرياضة الأستاذ محمد حسين المؤيدي الذي نود الالتقاء به لشرح معاناتنا كوننا في العاصمة ومنذ خمسة أعوام لا نمتلك حتى بساطاً رياضي لنتمكن من إقامة التداريب والمنافسات وتجنباً لوقوع اللاعبين في الإصابات، والتي تعرض لها لاعبونا كثيرا بسبب هذه الإشكالية لولا تدخل نادي أهلي صنعاء بعلاجهم وعدم إهمالهم.
الثالثة أشكر صحيفة "لا" هذا المنبر الإعلامي السامي لاهتمامه بالشباب والرياضيين ولاحظنا وجودكم في الكثير من الأنشطة ونشد على أيديكم ونتمنى منكم مزيداً من البذل والعطاء تجاه نجوم الرياضة من مختلف ألعابها.
وأتمنى أن ينقشع هذا الضباب الذي نحن فيه وتنكشف الغمة ليس فقط على وطننا الحبيب، بل على كل الأمة العربية.