حاوره: طلال سفيان / لا ميديا -
داخل وزارة خاوية على عروشها، يجلس أحد أكفأ الكوادر الرياضية في اليمن خلف مكتبه مصغيا باهتمام لزائريه من قادة الاتحادات والأندية، وسط هموم تشبه ما تطل عليه نافذة مكتبه من مشاهد لملاعب وصالات وأبنية رياضية مدمرة بفعل العدوان.
يبدو متفائلا بالغد، هذا الرجل الستيني الحامل لبكالوريوس تربية بدنية من جامعة بيجين الصينية، المدرب والفني السابق لألعاب الطائرة والسلة والطاولة، والذي يتقلد منذ عام 2018 منصب وكيل قطاع الرياضة بوزارة الشباب.
كثير من القضايا الرياضية اليمنية -في زمن العدوان- وإشكاليات وأنشطة تحمل رسالة الصمود وغيرها طرحتها صحيفة "لا" على طاولة وكيل الرياضة اليمنية عباس أحمد المدومي، والأجوبة تجدونها في الحوار التالي:
• مرحبا بك أستاذ عباس المدومي بصحيفة "لا"!
- سعيد جداً بهذه الزيارة، وهذا أول لقاء صحفي لي منذ توليت منصب وكيل قطاع الرياضة بوزارة الشباب.

بطولة ثالثة القدم
• في البداية يا حبذا لو تطلعنا على أهم ما نفذه قطاع الرياضة، وما سينفذ لاحقا من برامج وأنشطة رياضية وشبابية!
- نفذنا الكثير من الأنشطة الرياضية خلال السنوات الأخيرة على المستوى المحلي، أهمها تنفيذ القطاع لبطولة أندية الدرجة الثالثة لكرة القدم التي شارك فيها 152 نادياً، وهي خطوة جبارة جاءت بعد انقطاع هذه البطولة منذ العام 2012. وعلى المستوى الخارجي حققنا إنجازات آسيوية وعربية في كرة الطاولة والألعاب القتالية كالتايكواندو والجودو. طبعاً دوري الثالثة كان في مرحلته الأولى، والآن نحن في طور الاستعداد للبدء بالمرحلة الثانية (أبطال المحافظات)، وهذه البطولة شملت الأندية في الأرياف والمديريات والمحافظات وبجهد خالص للوزارة بعد أن عرضنا على اتحاد القدم التعاون، فاشترط أن تكون شاملة لكافة الجمهورية، وهذا بالطبع أمر صعب في ظل العدوان الأمريكي السعودي وسيطرة مرتزقتهم على بعض المحافظات.

مستمرون في أنشطتنا
• ما مدى التأثير الذي تسبب به العدوان الأمريكي السعودي من ناحية استهدافه وتدميره للبنية التحتية للرياضة على صعيد الحياة الرياضية في اليمن؟
- أثر بشكل كبير جداً. العدوان لم يترك منشأة رياضية في الوطن إلا ودمرها. ومع هذا نحن صامدون وسنستمر وسنمارس أنشطتنا في ملاعب الحارات والأرياف وفي كل شبر من مساحة وطننا الجريح، وإن شاء الله ستنفرج الأمور قريباً وتعود إلى مجراها.

تكريم أسر الشهداء
• ما الذي تفعله وزارة الشباب والرياضة تجاه الشهداء والجرحى المنتمين للوزارة والحركة الرياضية اليمنية ككل؟
- تجري الوزارة في كل المناسبات، ومنها أسبوع الشهيد، العديد من الفعاليات والندوات والمعارض، ويتم تكريم أسر شهداء الوزارة والحركة الرياضية، وعلى رأسهم الشهيد الرئيس صالح الصماد. طبعا كافة الشهداء والجرحى مسجلون لدى الوزارة بالكامل ولا يوجد أي قصور أو إشكالية في هذا الأمر.

مليار دولار خسائر
• هل تسهمون بشكل مباشر في عملية الرصد وإحصاء جرائم العدوان بحق الرياضة اليمنية؟ وما الذي ستفعلونه مستقبلا في هذا الملف ومقاضاة تحالف العدوان؟!
- هذا الأمر من اختصاص قطاع المشاريع في الوزارة، هم يتابعون أولاً بأول ويسجلون الخسائر. الأخ القائم بأعمال الوزير عبدالحكيم الضحياني وكيل أول الوزارة وقطاع المشاريع قدروا في تقريرهم الأخير مبلغ مليار دولار هو إجمالي الخسائر لـ134 منشأة استهدفها تحالف العدوان في كل مناطق الجمهورية.
طبعاً نحن رفعنا إلى حكومة الإنقاذ الوطني والمجلس السياسي الأعلى الإحصائيات الخاصة بالأضرار التي طالت القطاعات الرياضية، ومن ضمنها تضرر الوزارة والاستهداف الممنهج لخيولنا العربية الأصيلة، وهــــم بدورهـــم أدرجوها ضمن ملف الأضرار الشاملة للجمهورية اليمنية التي تسبب بها واستهدفها تحالف العدوان. طبعاً هذا الملف سيجمع ببوتقة واحدة ضمن ملاحقة التحالف دوليا ومقاضاته ومطالبنا المشروعة بالتعويضات.

ما تبقى من صندوق النشء لا يكفي
• ما هي أبرز المشاكل التي تواجهكم في قطاع الرياضة ووزارة الشباب ككل منذ بدء العدوان وحتى اليوم؟ وهل هناك من حلول تقومون بها لتجاوز أي إشكاليات تعترض طريقكم؟
- إلى جانب المنشآت الرياضية المدمرة، تأثرنا كثيراً من الناحية المالية. إيرادات صندوق النشء والشباب تبلغ ما بين 8 إلى 9 مليارات ريال سنوياً، ومنذ تحويل ايرادات الصندوق لوزارة المالية أصبح ما تحصل عليه وزارة الشباب والرياضة 8% فقط، وهذا شيء صعب أن تسير به الأنشطة. عندما كان الصندوق يتبع وزارتنا كانت الأندية تتحصل ما يقارب الـ5 ملايين وأكثر، وحسب أنشطة كل ناد وكل اتحاد ما يقارب الـ15 مليوناً، بينما اليوم يحصل كل اتحاد من ايرادات الصندوق على 200 ألف ريال في السنة ولا تحصل الأندية على فلس واحد. بالمقابل تتحصل المجالس المحلية على 30% من إيرادات صندوق النشء. وعلى سبيل التوضيح في هذه الإشكالية تتحصل السلطة المحلية المركزية على مليارين و400 مليون ريال سنوياً على أساس تمويل الأندية والمشاريع والأنشطة الرياضية بالمحافظات؛ لكن لا يصرف منها ريال واحد في هذه المجالات، وهذا الأمر تتحمله إدارة الصندوق ووزارة الإدارة المحلية، كونها مشكلة أثرت على النشاط الرياضي بمجمله.
• هل من حلول تقومون بها وتقدمونهـــــــا لتجاوز هذه الإشكالية؟
- البلد في حالة طوارئ بسبب هذا العدوان، ويتوجب علينا الصبر حتى يفرجها الله وتنتهي هذه الحرب القذرة التي يشنها علينا العدو الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي.
• وبالنسبة لتعاون الأندية والاتحادات وكذا الرياضيين، كيف يجري هذا الأمر معكم؟
- نشرف على كافة الفعاليات التي تقوم بها الأندية والاتحادات، وهناك مبادرات وبدعم خاص تقوم بها هذه الكيانات الرياضية، ومنها ما يقوم به نادي وحدة صنعاء منذ 4 أعوام من ملتقيات صيفية وشتوية رياضية.

فعاليات تقاوم العدوان
• كيف تربطون الرياضة بقضايا البلد الكبرى؟
- هي عملية واحدة تتأثر وتتحسن معا، الوطن مستهدف ونحن ككيان رياضي مستهدفون أيضاً من هذا العدوان، نحن صامدون ونحقق إنجازات في الميدان، أطفال وشباب يمارسون الرياضة في الملاعب والحارات ويتحدون من خلالها العدوان، كذلك هناك فعاليات رياضية وثقافية مستمرة في مقاومة العدوان وتعزيز روح الوطنية.

تصرفات مزعجة ومؤسفة
• ما هو الأثر الاجتماعي على جماهير المدرجات والقادم من الشحن المناطقي؟
- الأمر هذا سيئ ويؤثر بشكل سلبي على الشباب، حتى أننا هنا نتأثر عندما نرى الشعارات أو الأصوات النشاز ترتفع في ملاعب محافظاتنا الجنوبية في المناسبات الرياضية. فعلاً أمر مؤسف ومزعج ولا يليق بأي يمني.
في الأخير نحن في محافظات السلطة الوطنية محافظون على لحمة الرياضة اليمنية ونفتح أبوابنا لرياضيي الوطن القادمين من المحافظات المحتلة، لم نغلق أو نمنع أحداً من القدوم إلينا، بل ونضمن لهم الأمن والسلام ونبدد عنهم المخاوف التي يزرعها العدوان في نفوسهم.

إعادة إدراج الرياضة في مناهج التعليم
• لماذا لا تدخل الرياضة كمادة رئيسية ضمن المناهج الدراسية؟
- الوزير الشهيد حسن زيد عقد العديد من الجلسات مع قيادة وزارة التربية والتعليم عام 2018، واقترح عليهم أن تكون مادة التربية البدنية الرياضية ضمن مناهج التعليم في المدارس كحصة ومادة نظرية أساسية، وذلك بالتنسيق مع اتحاد الرياضة المدرسية التابع لقطاع الرياضة بوزارة الشباب، لكن الأمر توقف منذ تلك الفترة. كوزارة رياضة، مازال الأمر مطروحاً، ومع انتهاء هذا العدوان سيطرح بالتأكيد على الطاولة الرسمية. هذا الأمر هام جداً، وكانت المناهج الدراسية في حقبتي السبعينيات والثمانينيات تشتمل على مادة التربية الرياضية، لكنها أيضا اختفت عن المشهد بعدها.

• كلمة تود توجيهها في نهاية الحوار...؟
- نحن ثابتون وسنستمر في أنشطتنا الرياضية بكل الوسائل، وستنتصر اليمن بعون الله وعون الرجال المخلصين المثابرين عن كرامة وشرف وطننا العظيم في وجه العدوان.