طاهر علوان الزريقي / مرافىء -

السينما الأمريكية المنحازة للنظام الإمبريالي البشع، والمنهمكة في صنع تفاهات الحياة ودعم الحروب الأهلية والإرهاب، والتلهف على تحقيق الأرباح بأكبر سرعة ممكنة وبقدر هائل من السخافات والأساطير البعيدة عن الواقع الإنساني، بطل الفيلم «ماتريكس» الذي لا يقهر كما أراده صناعه، والذي يجسد القيم والمفاهيم الإمبريالية ويتوافق مع السياسة الأمريكية التي جعلت من نفسها النظام الأقوى والأوحد ومنقذ البشرية من أعداء يتربصون بأمنها وسلامها واستقرارها، من هذه المعادلة وحدها أنتجت أفلام مثل روكي، وجيمس بوند، ورامبو، وطرزان.
بطلنا المنقذ «ماتريكس المشحون» الذي لا يقهر وصاحب الأعصاب الفولاذية الهادئة، والحكيم الفيلسوف القادر على إيجاد الحلول السريعة والأكيدة لكل الأزمات المستعصية، والعسكري المتمرس الذي يتقن كل فنون القتال في الجو والبر والبحر، كل تلك الصفات الإنسانية المكتملة تتجمع بقدرة قادر في شخص البطل الفرد الأسطوري والذي يجند تلك الإمكانيات الأسطورية لمحاربة الشر والإرهاب في العالم، ومن خلال هذا البطل الأسطوري وما يحمله من أهداف وسموم قاتلة للبشرية يتم التلاعب بشهادات حية لواقع معاناة ناس رفضوا الاستسلام العبثي لذلك البطل الأسطوري وصمدوا وقاوموا العدوان الخارجي الخارق، وعبر تلك الكاميرا ذاتها التي تجسد تلك البطولات النادرة وصورت الواقع الفعلي بكل جوانبه، واقع غير أسطوري، تروي مقاومة أسطورية ورحلة العذاب والقهر والصمود والتضحية في سبيل انتصار الحق والكرامة والسيادة، بينما كان البطل الأسطوري يدمر ويحرق البشر والحجر ويشن أشرس حملاته على المناطق المسالمة. 
«ماتريكس المشحون» يزيف ويشوه الحقائق ويتلاعب بالأزمنة والأمكنة وناسها، يتلاعب بعواطف المتفرجين، الشباب والمراهقين الذين وجدوا في «ماتريكس» ما يجسد أحلامهم وطموحاتهم ورغباتهم، وينقلهم من واقعهم الأليم والمتفجر إلى عالم خيالي مثالي.