عبدالله البردوني -

أحين أنْضَجَ هذا العصرُ أَعْصارا
قُدْتُمْ إليه عن الثُوّار «أثْوارا»؟!
كيف انتخبتم لهُ إن رام تنقيةً
مَنْ كان يحتاج حَرّاثاً وجزّارا؟!
أبُغيةُ الشعب 
في التغيير أن تضعوا
مكان أعلى رؤوس 
العصر أحجارا؟!
أو أن تولُّوا عصافير 
النّقار على
هذا الذي قلَّب التسعين أطوارا؟!
لأنكمْ غيرُ أكفاءٍ لثورته
أجْهدتُمُ فيه أنياباً وأظفارا
تحسونَ أنخابه في كل مأدبة
وعن نواظره تطوون أسرارا
لأنكم ما بنيتم، قام باسمكمُ
مَنْ يهدم الدار ينفي 
مَنْ بنى الدارا
وكلما اختار شعبٌ وجهَ غايته
أرْكبتُمُ كتفيه عكس ما اختارا
وافقتمُ اليوم ألا يدّعي أحدٌ
تعاكساً بين «باتستا» و«جيفارا»
هل مَنْ تعرّى لنار 
العابثين كمنْ
أبدى عداوَتَهُ للشعب أو وارى؟!
هل اتّفقتم تجيئون 
الشعوب معاً
تُزعِّمون عليها الكلبَ والفارا؟!
على لحاكمْ يبول العارُ مبتهجاً
إذ عاش حتى رأى 
مَنْ يعشق العارا
أليس علميَّة التَّسْييس عندكمُ
كمن يتوِّج بالمخمور خمَّارا؟!
هل الشيوعيْ أتى المالي 

كما قصدتْ
محنيَّةُ الظَّهر والثديين عطّارا؟!
كِلا النقيضين كالأنقاض فارتجلي
يا سرّة الأرض زلزالاً وإعصارا
واستفتحي عالماً أنقى يرفُّ صباً
ويثمر الثَّوَرات الخضر أبكارا
يا مَنْ تحررتمُ مِنْ نضجِ تجربةٍ
هل تلك حريَّةٌ تحتاج أحرارا؟!
ويا الذين دعوناكم على ثقةٍ
رفاقَنَا نصفُ قرنٍ أيُّنا انهارا؟!
معاً بدأنا وردّدنا «الشِّعار» معاً
يموت مَنْ خان أو والاه أو جارى
كنّا كعقدٍ ولكن لم يجدْ عُنُقاً
صرنا جناحين، لكن أيُّنا طارا؟!
ثرتمُ وثُرنا، فلمَّا نلتُمُ وطَراً
هدأتمُ، وسهرنا نحن ثوّارا
أردتمُ أن تناموا مرتوين كما
شئنا نبيت عَطاشى نرضع النارا
حكمتمُ الشعبَ، نحن الشعب يحكمنا
حُبًّا، ونعليه فوق الأمر أمَّارا
ولا نُداجيه كي يختار سلطتنا
بل نبتغي أن يكون الشعبُ مختارا
تمسون شبه سلاطين، نبيت على
نصل الطوى، كي نلاقي الصبح أطهارا
أعن تقدمكم تبتم؟ نطمئنكم
بأنكم ما قطعتم فيه أشبارا
بل قيل لم تدخلوه أو رأى لكمُ
على الطريق إلى مجراه آثارا
ناموا، سنمضي بلا رُجْعى وسوف نرى
عنكمْ، أتستغفرون اليوم غفّارا؟!
وعندما أصبح 
الشطران عاصمةً
مشطورة، هل رأت 
في الدور ديّارا؟!
ختمتمُ الشوط في بدء المسير، وما
نزال نجتاز مضماراً 
فمضمارا
مِنْ هجسنا تبدأ 
التاريخ ونبدؤها
نُؤسْطِرُ السَّفحَ 
والبستان والغارا
نصوغ للعدم الموجود خاتمةً
نأتي من الغائب 
المنشود أخبارا
وقد يمزِّقنا غدرُ 
الرّصاص هنا
أو ههنا، فنروع القتلَ إصرارا
لأننا ما ولدنا كي نموت سُدىً
بل كي نجمِّلَ بعد 
العمرِ أعمارا
نَصفرُّ كالخوخ، 
كي نندى جنىً وشذىً
كالبذر نُدفن، كي نمتد إثمارا
لكي نعي أننا نحيا، 
نموت كما
تفنى الأهلَّةُ كي تنساب أقمارا
مِنْ البكارات نأتي 
رافعين على
جباهنا الشعبَ 
أعلاماً وأقدارا!