تحقيق: طلال سفيان / لا ميديا -

الإعلام الرياضي اليمني مشكلة وحالة عويصة تتعقد أكثر منذ عقدين من الزمن.
مشاكل وانقسامات وولاءات وطوابير تلهف على السفريات وما بينها دخلاء كثر، البعض يوجه إليهم أصابع الاتهام بأنهم مصدر الإساءة.
ملحق "لا الرياضي" يفتح هذا الملف الشائك ويستعرض ما يقوله أبناء المهنة ورؤساء اتحادات ورياضيون ومتابعون في هذا التحقيق المبسط.
يتأسف المعلق الرياضي علي الغرباني على حال الإعلام الرياضي، وكيف أصبح لمن هب ودب وللعاطلين عن العمل، قائلاً: "أغلب الإعلاميين يستغلون هذه المهنة المتعبة كوسيلة للابتزاز والاستغلال والشحت، كذلك التعصب الأعمى لفلان وعلان على حساب من هو الأصح، وهناك من يحاول الاحتيال باسم الإعلاميين الرياضيين".
وفي الأول والأخير الصحافة الرياضية ينبغي أن تلتزم المهنية والمصداقية، وإذا لم يحترم الصحفي مهنته وأمانته في نقل الخبر والحقائق بكل أمانة فهو خائن لمهنته ومعبر عن سلوكه غير السوي.

مهنة موبوءة
الرأي ذاته يطرحه الكابتن عادل البدوي، نجم ألعاب قوى نادي أهلي تعز ومنتخب تعز سابقاً، الذي رأى أن الإعلام الرياضي اليمني عاش منذ فترة ومازال، في حالة سوء وتدني الأداء، قائلاً: "أصبح الإعلام الرياضي في الوطن وسطاً موبوءً لكل من هبّ ودبّ، وأصبحت هذه المهنة بشكل عام مهنة من لا مهنة له، عبر مجاميع الدخلاء عديمي الخبرة وأصحاب الدفع المسبق".
ومن وحي متابعته لهذه المشكلة، يؤكد الكابتن عادل أنه لاحظ خلال الفترات السابقة توظيف الكثير من هذه الحالات السلبية لإحداث الانقسامات وتزايد الفجوة، مما أدى إلى هبوط الإعلام الرياضي إلى أدني مستوياته وتسيد أبواق الكذب والبذاءة والتعصب وتزييف الحقائق للساحة الرياضية على حساب الأقلام المحترمة التي تركت الساحة لهؤلاء المبتذلين بعد تزايد الفجوة بين الفريقين وغاب الإعلام الرياضي الحقيقي.

المرء حيث يضع نفسه
بدوره يقول الإعلامي الرياضي محمد أمين شائع: "المرء حيث يضع نفسه، فالإعلامي الرياضي يعكس صورة إيجابية أو صورة سلبية عن حقل مهنته. وللأسف الشديد هناك من أساء لنفسه قبل أن يسيء للإعلام، فالمسؤول والرياضي والمتابع البسيط يفرق بين الغث والسمين".
الصحفي الذي يعتقد أنه بتزلفه ومدحه سيرتقي يتناسى أن أول من سيسخر منه هو المسؤول الذي "يبقششه" لأنه لم يضع لنفسه مكانة!
لعل الوضع العام للبلاد ساعد على انتشار هذه الظاهرة، ومع ذلك يظل هناك أقلام محترمة صنعت تأريخ الإعلام الرياضي، ومازالت فاعلة ونرفع لها القبعة، وبالتأكيد أن هذه الظاهرة ستتلاشى في حالة وجود كيان يحترم نفسه أولاً، ويخضع لشروط صارمة تطبق على الكبير قبل الصغير، وقبل هذا وذاك نتمنى أن تتوحد كل الأقلام تحت سقف واحد وبعدها لكل حادث حديث، ورغم صعوبة مهمة توحيد الكيان يظل الأمل قائماً بتواجد الشرفاء من الأقلام، كانوا مخضرمين أو شباناً.

غياب العنصر الناعم.. وحالة دنيا
بعد أن كان العنصر النسائي العامل في حقل الإعلام الرياضي اليمني موجوداً، وإن لم يكن يتعدى أصابع اليد الواحدة، تبرز اليوم الإعلامية دنيا حسين فرحان بشكل يكاد أن يسجلها كصحفية وحيدة تمارس الكتابة الرياضية على الساحة الوطنية.
ومن هذا المنبر، في ظل غياب الجانب النسوي تماماً عن حقل الإعلام الرياضي اليمني، ترجع الزميلة هذا النضوب والعزوف النسوي عن ممارسة مهنة الإعلام الرياضي إلى الوضع العام الذي تمر به البلاد، قائلة: "الأحداث انعكست على كل شيء، وكانت الضحية الرياضة، وبالذات الرياضة النسوية، وخير نموذج ما جرى للرياضة النسوية في عدن التي كانت رائدة في هذا الجانب وأصبح ملفها في طي النسيان".
وتستطرد: "ربما فضلت العديد من الفتيات العمل في المجالات الإعلامية غير الرياضية، لكن إذا توفرت الأجواء الرياضية بمناخ مشجع وعادت معها الرياضة النسوية للدوران سنجد عدداً كبيراً من الفتيات يلتحقن بمجال الإعلام الرياضي، والعكس صحيح".
وعن سبب اختيارها للكتابة الرياضية، تقول دنيا: "اخترت أن أكون إعلامية رياضية بسبب حبي للرياضة منذ الصغر. نشأت في منزل رياضي، والدي لاعب سابق في نادي التلال والمنتخب الوطني، ومنه اكتسبت حب الرياضة ومعرفة مختلف تفاصيلها خاصة كرة القدم. أخي أيضاً لاعب كرة قدم في نادي التلال سابقاً، وحاليا في نادي شمسان. والجميع كان بجانبي وشجعوني على الدخول في هذا المجال بقوة".

منبر لنهضة رياضية
وعن الدور الذي ينبغي على الإعلام الرياضي أن يلعبه في تطوير الرياضة اليمنية يقول نجم المنتخبات الوطنية السابق لكرة القدم والمشرف الرياضي حالياً لنادي أهلي صنعاء، الكابتن عدنان طاهر: "دور الإعلام كبير ومهم في المجال الرياضي، وعلى الإعلامي أن يكون محايداً وصادقاً وجريئاً في توضيح الحقائق، السلبية والإيجابية، في ما يخص الرياضة، وطرح كل ما من شأنه أن ينهض بها ويطورها حتى نصل إلى ما وصل إليه جيراننا من نهضة رياضية واحتراف حقيقي لما يخدم الرياضة والرياضيين، لأن الإعلام هو المنبر والصوت القوي الذي تستطيع من خلاله أن تبلغ وتوصل رسالتك إلى أبعد مدى. وهنا أود أن أبعث خالص تحياتي لكل قلم مخلص ونزيه".

نظرة اتحادية
الكابتن محمد عبده راوح، رئيس الاتحاد العام للكونغ فو والووشو، يقول: "كاتحادات رياضية نعتز بدور الإعلام الرياضي في تغطية المناشط المختلفة كما نستفيد منه كاتحادات للترويج للألعاب ونقل الصورة للجمهور".
ويضيف: "يفترض بأي اتحاد يقيم فعالية رياضية أن يتواصل مع المسؤولين عن الإعلاميين الرياضيين بترشيح من سيشارك منهم، سواء في الفعاليات المحلية أم مرافقة بعثات الاتحادات في المشاركات الخارجية، وتحميلهم المسؤولية عن أي تقصير".
ويختتم راوح: "منذ انضمام الكثير لقطاع الإعلام الرياضي كان هناك دخلاء أساؤوا لهذه المهنة النبيلة".

روشتة لذوبان الجليد
الدكتور صالح حميد، رئيس جمعية الإعلام الرياضي، يتحدث عن أُس هذه المشكلة والحلول التي ستتبع تجاهها من قبل هذا الكيان، حيث يقول: "دورنا اليوم ينصب لوقف ظاهرة التزلف لرؤساء الاتحادات لغرض السفريات ونحوه. وما يحكم سياستنا مع الاتحادات والأندية وكذا الأعضاء هو ميثاق الشرف الصحفي أولاً. وكجمعية لدينا مدونة سلوك سيتم توزيعها على كل الأعضاء لمعرفة ما نعني بهذه المدونة، وهي تعالج كثيراً من الاختلالات السابقة، لعل أهمها ما يتعلق بالانطباع الذي تركه البعض عن الإعلام الرياضي بأنه سيئ السمعة. وأنا ومن على هذا المنبر أعاتب رؤساء الاتحادات والأندية الذين اتخذوا من هؤلاء وسيلة لتشويه الصحافة الرياضية عبر سماسرة الإعلام الرياضي في كل بطولة هنا وهناك وأصبحوا يمثلون وصمة عار للإعلام الرياضي".
ويضيف: "انطلاقاً من نظام الجمعية واللائحة وميثاق الشرف الصحفي ومدونة السلوك فإننا في قادم الأيام سنعمل على تصفية الشوائب ممن دخلوا أو تسللوا إلى مهنة الإعلام الرياضي من البوابات الخلفية التي تعرف مجازاً بممثلي الأندية والاتحادات في الإعلام الرياضي. لدينا إعادة فرز لمن يحمل بطاقة إعلامية وتحصل عليها بطريقة أو بأخرى، وستمنح الجمعية بطاقة عضويتها لمن يستحق تمثيلها، ونحن أعددنا لهذا وفي الأيام القريبة ستتم تصفية الدخلاء على المهنة تماماً، ولا تتحمل بعدها الجمعية أي تبعات، ولن يستطيع ضم نفسه إلى الجمعية أو التكلم باسم الجمعية إلا من يستحق، وحريصون أن ينتسب لجمعيتنا من يحملون المؤهلات العلمية أولاً، ثم أصحاب القيم والمبادئ. كما أن الزملاء غير المؤهلين سنسعى لتأهيلهم وتحسين مستواهم المهني دون الركون للماضي وسنقول مرحبا بهم". 
ويستطرد: "البقاء للمؤهلين أولاً، وهم من سيمثلون الجمعية في الاتحادات والأندية، وخلال الأيام القادمة سنبدأ بالنزول الميداني ومن خلاله سنعقد بروتوكولات مع الأندية والاتحادات على مستوى الجمهورية بحيث يكون الترشيح للإعلاميين عبر الجمعية وبشكل منظم وليس لمجرد المعرفة والتزلف ونحوه، فنحن في جمعية الإعلام الرياضي أتينا وفق رؤية واضحة نرتقي بالإعلام الرياضي اليمني، وأهم مرحلة هي اجتثاث تلك الأقلام التي تجير نفسها لخدمة الأشخاص، حسب الدفع المسبق ومدى ديمومته عليهم، لذا فإن تلك الشخصيات ليس أمامها سوى الذوبان في سياستنا والتقيد بها أو الخروج من منظومتنا الجديدة. كما أن رؤساء الاتحادات والأندية يجب عليهم أن يدركوا أن الجمعية هي البيت الأول لكل الإعلاميين، لذا يفضل مخاطبة مجلس الجمعية بالرغبة لتعيين (س) أو (ج) من الصحفيين مندوباً لهم أو مراسلاً أو مرافقاً، ونحن من نرشح وفقاً للكفاءة والمؤهل والخبرة والسمعة. وفي حال ظلت تلك الأندية والاتحادات تلعب من خلف الستار، فإننا اتخذنا قراراً بمنع أي تغطيات إذا لم يكن هناك إشراك لأعضاء الجمعية وفقاً للأطر الرسمية، بحيث يتم مخاطبتنا أولاً، وأيضا نعمل بروتوكولاً مشتركاً مع الاتحادات والأندية كما هو متعارف عليه في كل الاتحادات والأندية العالمية. نحن نتحدث عن هذه الظاهرة وفق نظامنا ولائحتنا ومدونة السلوك التي نحن ملزمون بتطبيقها على كل الأعضاء. الإعلام الرياضي اليوم غير الأمس، اليوم تحرر من القيود والإملاءات اللونية المختلفة وأصبح أعضاؤه ينظرون لأنفسهم بعزة وكرامة".

ضوابط أخلاقية
في الختام، أخذنا رأي الأستاذ عبدالله الصعفاني، نائب رئيس تحرير صحيفة "الثورة" سابقاً، وأحد مؤسسي اتحاد الإعلام الرياضي اليمني، الذي قال: "وجود كيانين للإعلام الرياضي صار من وجهة نظري تعبيراً عن الواقع العام الذي يفرض نفسه على تفاصيل كثيرة في الحياة الإعلامية والرياضية والعامة. بمقدور الإعلاميين الرياضيين، بما يمتلكونه من المعرفة والحس الإعلامي والروح الرياضية، التغلب على ما يمكن اعتباره مشكلة تعدد في الكيانات، بالإبقاء على روح الأخوة والزمالة في التعامل ابتداءً، والتعاطي مع المسألة من باب التعدد والتنوع بشقه الإيجابي بما يخدم الإعلاميين في النهاية".
ويضيف: "والأهم من أي تباين أو خلاف في الرأي والتنازع حول الشرعيات هو القدرة على خدمة الزملاء ومساعدة كل إعلامي على ممارسة نشاطه في أجواء صحية وإيجابية لا تفتقر للفرص. بالنسبة لما يمكن أن يقع فيه أي إعلامي من خروقات خارج قواعد المهنة، فإن على كل من يدَّعي وصلاً بالإعلام الرياضي عبر كيان تنظيمي أن يمارس دوراً هو خليط من توفير فرص التدريب والتوعية والتنبيه بأهمية الحفاظ على قواعد المهنية في الصورة التي تجعل من الإعلام الرياضي ضميراً للحركة الرياضية. وطالما هناك صحيفة تنشر ومواقع وحوائط في زمن الإعلام الاليكتروني الذي لم ترتب أوضاعه قانوناً، ستبقى الضوابط أخلاقية فقط، وهي مشكلة خاصة وبيننا من الصحفيين من يرى أنه لا يملك ما يخسره، وهي نظرة خاطئة، باعتبار التزام الإعلامي بالمهنية في عمله استثماراً حقيقياً في اسمه وتأكيداً لرغبته في أن يكبر ويوسع قاعدة متابعيه باهتمام واحترام".