تحقيق: دنيا حسين فرحان / لا ميديا -

الرياضة في عدن لها شأن كبير وتاريخ لا يشق له غبار. وكم احتضنت أندية عدن مسابقات عدة وبطولات في مختلف الألعاب الرياضية. وكانت عدن صرحاً رياضياً لصناعة الأبطال الذين تتباهى بهم وبكل إنجاز خارجي يحققونه ويرفعون به اسم الوطن عاليا.
حاليا لم يجد الشباب أي مكان ليفجروا فيه طاقاتهم، خاصة في الجانب الرياضي، فلم يعد هناك أي نشاط للأندية إلا في حال إقامة بطولة وهذا لا يحدث إلا في فترات متقطعة، ولم يعد هناك من يشجع المواهب الشابة من أجل استعراض قدراتها في مختلف الألعاب الرياضية.
مركز عدن التدريبي، الذي أنشئ بجهود ذاتية، هو أول مركز رياضي رسمي يحتضن هذه المواهب ويعمل على تطوير قدراتها في عدد من الألعاب الرياضية الفردية، وله عدد من الأنشطة في مجال الرياضة. وعلى الرغم من شحة الإمكانيات إلا أن القائمين عليه لا يتوقفون عن تنظيم الفعاليات والاحتفالات وصولا للكرنفالات الرياضية من أجل استعراض قدرات الشباب علهم يجدون من يقف معهم لإكمال المشوار أو من يحتضن هؤلاء الشباب في مسابقات محلية وخارجية لتمثيل الوطن.
ملحق "لا الرياضي" قام بجولة داخل مركز عدن الرياضي لمعرفة تفاصيل أكثر عنه وعن نشاطه وما هي رسائل القائمين عليه للجهات المعنية المسيرة للرياضة.

فكرة ولعبة ومبادرة شبابية
البداية كانت مع الكابتن أحمد عزيز سعيد، رئيس مركز عدن التدريبي للألعاب الفردية، الذي تحدث قائلاً:
"في مايو من العام 2017، قمت مع الأستاذ محمد مختار باشجيرة بتأسيس هذا المركز الرياضي، وكانت البداية بلعبة واحدة فقط وهي الجودو. ولقد وجدنا الإقبال كبيراً من الشباب والأطفال تجاه هذه اللعبة القتالية والفنية التي يطورون بها ذواتهم ومهاراتهم وشغل أوقات فراغهم بما يفيدهم وإخراج وتفريغ طاقاتهم الداخلية بحركات وفنون لطالما سمعوا ونظروا إليها عبر نقل التلفاز لبطولات العالم الخارجي، وعندما وجدوها على أرض الواقع سارعوا بالانضمام وسارع أولياء أمورهم بضمهم ومن شدة الإقبال الذي انبهرنا به، سعت رئاسة المركز لتوسيع قاعدة الألعاب لتحوي عدداً كبيراً من الشباب والأطفال، وتم في سبتمبر 2017، تدشين لعبة الكاراتيه لتكون ثاني لعبة في المركز، وبعد إلحاح كبير رأت رئاسة المركز إدراج لعبة الجمباز في مارس 2018 في قائمتنا تلبية لرغبة الشباب والأطفال".
ويوضح الكابتن أحمد عزيز عن نشوء الفكرة قائلاً: "في ظل سوء الأوضاع في عام 2017 وانتشار العادات الدخيلة مثل المخدرات وغيرها، ومن إدراكنا لأهمية الرياضة ودورها بنشر ثقافة السلام وملء أوقات فراغ الشباب والأطفال بما يفيدهم قمنا بمبادرة شبابية وكان جميع أفراد المبادرة من الرياضيين ولاعبي ألعاب أولمبية، لجأنا للتفكير بفكرة المركز والتي هي مذكورة من ضمن اللائحة التنظيمية لوزارة الشباب والرياضة وتعتبر من اختصاص وكيل أول وزارة الشباب والرياضة.
كان تركيزنا ينصب على استقطاب الشباب والأطفال لصقل مواهبهم وتثقيفهم وتوعيتهم وإخراجهم شباباً أصحاء مثقفين، فتم استقطاب ما يزيد عن 300 شاب وطفل لممارسة مختلف الألعاب الرياضية الأولمبية، ويعتبر هذا المركز الرياضي الوحيد من نوعه على مستوى عدن، كما أن الكثير من أبناء عدن لا يعلم عن كلمة مراكز وأهميتها في الوقت الذي يكتظ فيه العالم بمثل هذه المراكز التي تؤدي دوراً مكملاً لدور الأندية ويكون تركيزها الأمثل للألعاب الفردية (ألعاب الظل).
طبعاً المركز يشمل ألعاب الجمباز والجودو والكاراتيه، وهذه الألعاب تعتبر مغيبة في أوساط الأندية، لعدم الاهتمام بها على الرغم من أنها تعتبر الركيزة الأساسية للرياضة وللنهوض بالمجتمع. وفي أغسطس الماضي تم إدخال لعبة المبارزة (الدراعين) للمركز كأول صرح يضم هذه الرياضة على مستوى عدن واليمن".
ويضيف: "منذ افتتاح مركز عدن للتدريب قبل ثلاثة أعوام، تمثل الهدف الرئيسي بإدخال الرياضات الفردية إلى المدارس، وكان له العديد من الأنشطة والمشاركات، كما نجح المركز بضم عدد كبير للرياضة يفوق 300 فرد خلال الثلاث السنوات، كما كان للكرنفالات الرياضية دور كبير بتشجيع الشباب والأطفال للانضمام للرياضة. أيضا إقامة الاحتفالات باستمرار من أجل نشر الرياضة بين الأطفال والشباب وجذبهم وإبعادهم عن العادات الدخيلة على مجتمعنا وملء أوقات الفراغ وصقل مواهبهم وقدراتهم وإخراج كــل مـــا لــديهـــم مــن طــاقــات إبداعـية تـفـيد وتعمــل نقلـة نوعــية لمجتمعنا للنهوض به إلى الأمام، وتصحيح ما أفرزته الحروب من تشويه، واستعادة وبناء جيل واعٍ رياضي متسلح بالعلم والرياضة".
وفي ختام حديثه قال الكابتن المؤسس بحرقة وألم: "في حين أن جميع إداريي ومدربي المركز هم من الشباب الواعي المتعلم والمتسلح بحب الوطن وواجب خدمة المجتمع، إلا أن كل ما نعمل به منذ التأسيس وحتى اليوم هو مجهودات شخصية من رئاسة المركز وإدارته. للأسف اكتفت كل الجهات بالتفرج علينا وعدم تقديم أي دعم للمركز، وكأن الأمر لا يعنيهم، رغم معرفتهم بالدور الذي نقوم به منذ التأسيس وحتى الوقت الحاضر، إلا أنهم لم يقدموا أي دعم وإنما عولوا على أن نشارك بالبطولات الخارجية والكرنفالات الرياضية الداخلية وبطولات الجمهورية والمحافظة على حسابنا الشخصي، وكأن الأمر لا يهمهم. حقيقة لقد فرحنا بلفتة كريمة من مدير عام مديرية المنصورة، الأستاذ أحمد الداودي، لأبناء المركز، إلَّا أنها لم تكن سوى وعود لفظية لا غير". 
ويختتم حديثه قائلاً: "نتقدم إلى الجهات المعنية بطلب دعمنا والنظر إلينا وعدم ترك أبناء المركز. ومن هذا الصرح الرياضي نتقدم بمناشدة خاصة لمدير مديرية المنصورة لدعم المركز وعدم تركنا كما تركنا الآخرون، كون المركز يقع في مديرية المنصورة وتحديدا في مدرسة نشوان، وهو أول مركز أكاديمي يضم أكثر من 4 ألعاب ويوجد به أكثر من 100 لاعب من فئتي الشباب والأطفال.
كما نتقدم بجزيل الشكر لصحيفتكم على هذا الحوار وإظهار دور المركز ومعاناته، ونشكــر كــل الصحفييــن الذيـــن ساهموا في تغطية جميع الكرنفالات الرياضة وكانوا عوناً لنا".

جامعة للألعاب الفردية
خلال الجولة في أنحاء المركز الأشبه بخلية نحل نشطة، كـان لـنا لقاء مع الكــابتن أحمد جميل ماطر، المسؤول المالي والإعلامي لمركز عدن الرياضي، الذي بادر قائلاً: "ليس بالأمر السهل أن تؤسس مركزاً يحوي مختلف الألعاب الرياضية الفردية وتقوم بتجميع الشباب وتدريبهم وتأهيلهم وإقامة مسابقات وفعاليات بين الحين والآخر بجهود ذاتية أو من مساعدات من قبل أشخاص أو جهات بعيدا عن الدور الحكومي الجاد في الدعم المستمر الذي يستحقه الشباب في المجال الرياضي".
وأضاف: "ندعو جميع الشباب والنشء أن ينضم للمركز لكي يطور نفسه وينمي قدراته ومهاراته ويبتعد عن جميع الأشياء الضارة التي توجد بكثرة في مجتمعنا. كما ندعو الجهات المختصة لدعم مثل هذه الأعمال وتطويرها، ونرحب بالجميع للانضمام إلى المركز الذي يعد الأول من نوعه في عدن كجامعة للألعاب الفردية في صرح واحد".

دعوة وقوف جاد
كان لا بد أن نأخذ رأي العقيد حسين صالح محمد، مدير شرطة المنصورة، حول أهمية تواجد مثل هذه المراكز الرياضية في نطاق دائرته وبقية مديريات عدن، والأهمية التي تلعبها في إنقاذ الشباب من الانزلاق للطرق الخاطئة.
قال العقيد حسين: "أن يتأسس مثل هذا المركز ويستقطب الشباب المحبين للرياضة، سواء من أبناء مديرية المنصورة أم من شباب عدن، فهذا شيء جبار. شبابنا بحاجة لمراكز رياضية وثقافية تلهيهم عن ضياع الوقت أو أن يسلكوا طريقاً خاطئاً وتزداد نسبة الجرائم في أوساطهم بسبب الضياع الذي يشعرون به".
ويستطرد: "مثل هذه المراكز بحاجة للدعم والاهتمام، خاصة وأن عملها مستمر في جانب الرياضة والتدريب لمختلف الألعاب الرياضية الفردية وتصنع أبطالاً ينافسون في المحافل الرياضية. فكرة عمل مراكز رياضية مهمة جدا بل وممتازة، لأنها ستستعرض مواهب شابة لديها إمكانيات وطاقات في كل الألعاب. والشكر موصول للقائمين على هذا المركز ولكافة المدربين، ولمن جاء بهذه الفكرة نقول لهم: كلنا سنقف معكم قدر استطاعتنا، لكننا نتمنى أن تقف الدولة أيضاً معهم من أجل تطوير مثل هذه الكيانات الرياضية وتشجيع الشباب للوصول للمسابقات الإقليمية والدولية".