أمل دنقـل / مرافئ -

الإصحاح الأول
أيها الواقفونَ على حافةِ المذبحةْ
أشهروا الأسلحةْ
سقط الموتُ 
وانفرطَ القلبُ كالمسبحةْ
والدم انساب فوق الوشاحْ
المنازلُ أضرحةٌ
والزنازنُ أضرحةٌ
والمدى أضرحةْ
فارفعوا الأسلحةْ
واتبعوني
أنا ندمُ الغدِ والبارحةْ
رايتي عظمتان وجمجمة
وشعاري: الصباحْ!

الإصحاح الثاني
دقَّتِ السَّاعةُ المُتْعَبَةْ
رفعت أمُّهُ الطيبةْ
عينَها
دفعتْهُ كُعوبُ البنادقِ في المركبةْ
دَقَّتِ السَّاعَةُ المُتْعَبَةْ
نهضَتْ نَسَّفَتْ مكتبَهْ
صفعَتْهُ يدٌ
أدخلتْهُ يدُ اللهِ في التجربةْ
دقت الساعة المتعبةْ
جلست أمُّهُ، رتَّقَتْ جوربَهْ
وخزَتْهُ عيونُ المُحَقِّقِ
حتى تَفَجَّر من جلدِهِ الدمُ والأجوبةْ
دقت الساعة المتعبةْ!
دقت الساعة المتعبةْ!


الإصحاح الثالث
عندما تهبطين على ساحة القوم 
لا تبدئي بالسلامْ
فهم الآن يقتسمون صغارك 
فوق صحاف الطعامْ
بعد أن أشعلوا النار في العش..
والقش..
والسنبلةْ.
وغدا يذبحونك.. 
بحثا عن الكنز في الحوصلةْ!
وغدا تعتدي مدن الألف عامْ
مدنا.. للخيامْ
مدنا ترتقي درج المقصلةْ!

الإصحاح الرابع
دقت الساعة القاسيةْ
وقفوا في ميادينها الجهمة الخاويةْ
واستداروا على درجات النصبْ
شجرا من لهبْ
تعصف الريح بين وريقاته الغضة الدانيةْ
فيئنّ: «بلادي.. بلادي
بلادي البعيدةْ»
دقت الساعة القاسيةْ
«انظروا» هتفت غانيةٌ
تتمطى بسيارة الرقم الجمركي
وتمتمت الثانية
سوف ينصرفون إذا البردُ 
حلَّ ورانَ التعبْ
دقت الساعة القاسيةْ


كان مذياعُ مقهى يُذيع أحاديثه الباليةْ
عن دعاة الشغبْ
وهم يستديرون
يشتعلون -على الكعكعةِ الحجريةِ- حول النُّصُبْ
شمعدان غَضَبْ
يَتَوَهَّجُ في الليل
والصوتُ يكتسح العتمة الباقيةْ
يتغنى لليلة ميلاد مصر الجديدةْ!

الإصحاح الخامس
اذكريني!
فقد لوثتني العناوين 
في الصحف الخائنةْ!
لوَّثَتْني.. 
لأني منذ الهزيمة لا لون لي
(غير لون الضياعْ)
قبلها، كنت أقرأ في صفحة الرمل
والرمل أصبح كالعُملة الصعبة،
الرمل أصبح أبسطةً 
تحت أقدام جيش الدفاعْ
فاذكريني كما تذكرين المُهَرِّبَ والمطربَ العاطفيَّ
وكابَ العقيد 
وزينةَ رأس السنةْ
اذكريني إذا نسيتْني شهودُ العيانْ
ومضبطة البرلمانْ
وقائمة التهم المعلنةْ
والوداع الوداعْ!