مشتحكمونحناش!
- تم النشر بواسطة أنس القاضي / مرافئ لا
أنس القاضي / مرافئ -
الطبيعة الاجتماعية للصراع هي المحرك الرئيسي لكل الصراعات داخل المجتمعات المنقسمة إلى طبقات وفئات اجتماعية (مترفين ومحرومين، مستضعفين ومستكبرين، مُستغَلين ومستغِلين)، والتي تأخذ أشكالاً مختلفة متناسبة مع مستوى التطور الاجتماعي الاقتصادي المعرفي في المجتمع المُعين، فالصراع الذي هو اجتماعي في جوهره قد يحدث داخل أشكال مناطقية أو طائفية أو عرقية، إلا أن ذلك لا يغير من جوهره الاجتماعي، مما يعني أن الحل العلمي والواقعي لهذا الصراع إنما يكون بالتعامل معه كصراع اجتماعي وإزالة التناقضات الاجتماعية التي تولده والتي تقوم على الاستغلال والظلم وانعدام المساواة والفساد والطفيلية والإقصاء والاستئثار، لا على أساس التقاسم أو التوازن الطائفي المناطقي العرقي.
منذ بداية العدوان على اليمن ظهرت تأويلات عديدة للصراع، ومن بينها التأويل المناطقي والجهوري للصراع، فقد افترض البعض أن الصراع الجاري إنما هو بين من يسمون «أصحاب مطلع - الهضبة» وبين «أصحاب منزل»، وعلى هذا الأساس اصطفوا اجتماعيا وسياسيا وعسكريا، وهو اصطفاف أدى ويؤدي في نهاية المطاف إلى خدمة تحالف العدوان أياً كانت النوايا والدوافع الذاتية لمن اتخذ هذا الاصطفاف من المواطنين، وقد يكون صادقا مضحيا.
القادة السياسيون الذين سوقوا لهذه المفاهيم يدركون حقيقة الصراع السياسي محليا واليمني الأجنبي وطنياً، فقد اصطفوا مع مصالحهم الطفيلية إلى جانب تحالف العدوان، وسوقوا لهذه المفاهيم، من أجل حشد المجتمع، فظهرت على سبيل المثال مقولة «ما نزلتكم تعز» ومقولة «مشتحكمونحناش».
هذه التأويلات يثبت الواقع الجاري لا صوابيتها، وقد انقلبت على من رفعوها، وضاقت عليهم، فتقلصت العصبية داخل ذات معسكر العدوان من «الدفاع عن تعز» كمحافظة إلى عصبية «حجرية» في مواجهة «مخلاف»، ورفعت هويات «صبر» و«جبل حبشي»، وعلى هذه الأسس تجري الاستقطابات العسكرية، أما القادة فهم وإن استمروا في الضيق نحو الهويات القروية فهم يدركون حقيقة الصراع ويوائمون مصالحهم وفق المستجدات الميدانية وبالاستجابة مع الأطماع الأجنبية التي تحركهم.
الواقع الاجتماعي متحرك ومعه الوعي في حالة حركة وارتقاء من الأدنى إلى الأعلى، فالمجتمع يرتقي في وعيه مع ما يخبره من سلوك مختلف الأطراف التي ترفع الشعارات؛ فالملموس التاريخي يكشف صوابيتها وخطأها، واقتتال من رفعوا شعار «الوطنية التعزية» داخل قراها وفي شوارعها منذ 5 أعوام يكشف للمجتمع في تعز حقيقة الصراع وطبيعة هذه الأطراف ودعاواها، وغالبية المجتمع في تعز مع الموقف الوطني اليمني الوحدوي الاستقلالي.
المصدر أنس القاضي / مرافئ لا