حوار: عبدالرقيب المجيدي / #لا_ميديا -

الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد.
هذه العبارة الشهيرة لجبران خليل جبران تتجسد بالشاعر عبدالباري عبيد.
إنه الشاعر القادر على نقل أوجاعنا بلغة ثاقبة تذهب إلى عمق الجرح بسرعة.
يتمتع الشاعر عبدالباري عبيد بموهبة فريدة ساهمت كثيراً في النهوض بالزامل وتعزيز مكانته في الخارطة اليمنية.
ستظل قصائده أعمالاً خالدة لا يفنيها الزمن، وكان لها دور كبير في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي.
عبدالباري عبيد سره في قصيدته، وسر قصيدته في لغته، وسر لغته فيه.


لغة المجتمع وثقافته
 • القصيدة الشعبية واجهت أكثر وتحملت أكثر في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي. ورغم حضور القصيدة الفصحى لكنها ليست بقوة القصيدة الشعبية، أليس كذلك؟
 - أوافقك الرأي؛ كون القصيدة الشعبية تكتب بلغة قريبة من لغة المجتمع وثقافته؛ وهو ما جعلها أكثر حضوراً من غيرها في هذه المرحلة. ولكن في المراحل القادمة ستكون القصيدة الفصحى سيدة الموقف وصاحبة الباع الأطول في الساحة الأدبية، كونها تتحدث بلغة القرآن وبلسانه العربي المبين، وبالتالي فهي الأقدر والأكفأ على إيصال الرسالة لمليار ونصف المليار مسلم.

كاريزما موسيقية
 • هل استطاع شعراء الزامل، وأنت واحد منهم، خلق ذائقة جديدة؟
 - في حقيقة الأمر نعم؛ بل إن صح التعبير الزامل أعاد الروح إلى القصيدة الشعبية بعد أن كانت تحتضر. لم تستطع القصيدة الغنائية في اليمن أن ترى النور في الساحتين العربية والعالمية، بل ظلت ردحاً من الزمن عالقة خلف قضبان التقليد ومكبلة بقيود الألحان المستهلكة، الأمر الذي جعل من رقعة انتشارها لا تتعدى جغرافيا الجمهورية اليمنية. وبرغم الطفرة الفنية الناجمة عن الثورة الموسيقية في العالم، استطاع الزامل أن يتعدى الحواجز الزمانية والمكانية، ليحضر في الساحة الفنية بكاريزما موسيقية منقطعة النضير، أدهشت العالم وناسبت كل أذواق البشر بمختلف مشاربهم ولغاتهم، تأوي إليه الأفئدة، وتشنف لسماعه الآذان؛ لذلك يستحق الزامل لقب "سيمفونية الحياة" بلا منازع.

 • كأحد الشعراء الذين أبدعوا في كتابة القصيدة الشعبية والتي كان لها دور كبير في التصدي والصمود أمام هذا العدوان، ماذا تقول في هذا الجانب؟
 - أحمد الله الذي شرفني بأن أكون من رعيل الشعراء الأول الذين كان لهم السبق في مواجهة العدوان الصلف على شعب الحكمة والإيمان.

المظلومية أذكت قرائح الشعراء
 • يتميز عبد الباري عبيد بغزارة إنتاجه الشعري الذي واكب كل الانتصارات العسكرية... ما سر هذا النجاح؟
 - الفضل يعود إلى الله أولاً وأخيراً فيما وصل إليه عبدالباري عبيد. حجم مظلومية الشعب اليمني وكذلك التأييد والعون الإلهي أذكى قرائح الشعراء، بل جعل الشعراء يكتبون قصائد في سنين الحرب لا يكتبها شعراء غيرهم إلا بعد تجربة شعرية لأكثر من 5 عقود.

العبرة بالكيف لا بالكم
 • سمعنا زامل "مع الله با نغزي" وزامل "أبابيل الوطن" اللذين أنشدهما المنشد عيسى الليث... ما هو الزامل الذي تعتبره نافذة إلى النجاح والشهرة؟ 
 - سأدع إجابة هذا السؤال للجمهور، وأكتفي بالقول إن الزامل لم يكن في يوم من الأيام بوابة للولوج إلى الشهرة. 

 • كم عدد قصائدك التي تم إنشادها؟
 - لا تتجاوز عدد الأصابع. إنما العبرة بالكيف، لا بالكم. 

نحن سيفك يا سيدي
 • كشاعر مناهض للعدوان وللهيمنة الأمريكية و"الإسرائيلية"، ماذا تقول بحق قائد يمني بحجم السيد عبدالملك الحوثي وهو يقود هذه المواجهة ضد هذه الهيمنة؟
 - أقول لعلم هذه الأمة، من على يديه ستكشف الغمة وتُنار الظلمة، الناطق الرسمي باسم الله في أرضه، سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي:
يا سيدي، والله لو انهارت السماء وتساقطت كسفاً على رؤوسنا، وانهمرت نجومها علينا كزخات المطر؛ ما تركناك وحدك تقارع قوى الطاغوت، بل سنكون السيف الذي تقاتل به، والجوشن الذي ترتديه. وهذا عهد مني ومن كل الأحرار نظمته شعراً، وأقول فيه:
ورب السـمـا والطـور وكـتـابه المسطـور
بـأني مـعـك يا سيـدي في الـوغـا باسـري
ولـو تستمـر الحـرب لايـوم نـفـخ الصـور
أقـاتل بني صهيون في ساحة الحـشرِ

 • ما الذي قدمه اتحاد الشعراء والمنشدين للشعراء؟
 - الاتحاد ممثلاً برئيسه الأستاذ ضيف الله سلمان، الأب الروحي للشعراء، لم يألُ جهداً في تقديم العون والمساعدة للشعراء الأحرار... ومازال الاتحاد في طور التأسيس... وأتوجه بالدعوة لدولة المجلس السياسي الأعلى من خلال صحيفتكم الموقرة أن يولوا اتحاد الشعراء والمنشدين جل اهتمامهم حتى يقوم الاتحاد بمهامه على أكمل وجه. 

بديل مناسب للموسيقى الصاخبة
 • البعض يقول إن الزامل سيصبح ثقافة عالمية... هل توافقهم الرأي؟
 - الزامل له قدرة رهيبة على التأثير تجعله يلامس شغاف القلوب، وينفذ إلى أغوار النفوس مخاطباً الفطرة السليمة للإنسان المجبولة على الغيرة والحمية والشموخ والشجاعة والعزة والكرامة ونجدة الملهوف وإباء الضيم ونصرة المظلوم.
ومع كل هذه العوامل المساعدة لا أستبعد أن يصبح الزامل ثقافة عالمية، كونه يعتبر البديل المناسب لمستمعي الموسيقى الذين وصل بهم الحال إلى التشبع من صخب الروك والراب وغيرها من الإيقاعات الموسيقية المزعجة.

 • إذا طلبت منك أن تختار عملاً شعرياً لك ماذا ستختار؟
 - إن كان الاختيار علي سبيل التفضيل فلا أستطيع، وإن كان الاختيار على سبيل العرض سأختار من الزوامل زامل "مع الله با نغزي"، ومن القصائد قصيدة "معرض الأهوال".

 •عندما تكتب القصيدة هل تحاول إرضاء فئة معينة؟
 - رضا الله هو جل ما أطلب وأسعى لتحقيقه، ولا أهتم إلا بما يصب في خدمة القضية العادلة التي أؤمن بها وأسير عليها ومستعد أن أضحي بنفسي في سبيلها.

 • هل تكتب القصيدة الفصحى؟
 - حالياً، لا؛ ولكن سأعود لكتابتها إن شاء الله بعد أن تتعدى المسيرة القرآنية حدود الجزيرة العربية.

الأقلام البكماء
 • بعد 5 أعوام من العدوان ماذا تقول للشعراء المحايدين من العدوان؟
 - استخلاف الإنسان من السنن الإلهية في الأرض؛ بل من نواميس الكون؛ فإذا قصر وتقاعس في أداء هذه المهمة استحق أن ينال عقوبة الاستبدال الإلهي. 
نصيحتي لأصحاب الأقلام البكماء: انفضوا غبار الحياد من على قصائدكم، سليعنكم التاريخ إن لم توقظوا أقلامكم من سباتها العميق، وستحظون بكفلٍ من عقوبة الاستبدال الإلهي، الذي سيجعلكم في الساحة الأدبية أصفاراً من جهة الشمال.

 • إلى أي مدى تخاف أن يهجرك الإبداع الشعري نهائيا؟
 - {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62].
أنا أستمد إبداعي الشعري ممن لا تنفد كلماته؛ من ربي الذي شرح صدري وأشعل جذوة فكري، وأزال الغشاوة من عيني بعد أن كحلها بإثمد هدايته، فلا قلق من حدوث فجوة بيني وبين الإبداع.

البكاء غير وارد
 • هل يشعر عبد الباري عبيد أحيانا أنه بحاجة للبكاء؟ متى يحدث ذلك؟
 - من وجهة نظري شعور البكاء عند اليمنيين غير وارد، وفي بعض المجتمعات قد يكون من العيب. ولكن هناك مواقف لعظمتها تتسلل الدموع خلسة من العين وهي تتلطف خشية أن يشعر بها أحد.

 • كلمة أخيرة؟
 - باسمي وباسم الأحرار من أبناء الشعب اليمني أبعث أزكى آيات التهاني والتبريكات لسيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي، بمناسبة هذا النصر العظيم الذي حققه الله على أيدي أبطال قواتنا المسلحة في معركة البنيان المرصوص.
لا يسعني في الأخير إلا أن أدعو بالرحمة للشهداء وبالشفاء للجرحى وبالحرية للأسرى وبالنصر المؤزر لشعبنا الصابر والمظلوم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.