حاوره: عبدالرقيب المجيدي / #لا_ميديا -

نعرف الكثير عن حياة الشهيد اللواء أمين الحميري، قائد محور صعدة، لكن السطور التالية تقدم لنا جانباً مختلفاً لم يطلع عليه سوى القليل، يكشفه لنا نجله المجاهد محمد الحميري، الذي ورث عن والده الشهيد التضحية والإباء والحب والعطاء.
فالمجاهد محمد الحميري يتحدث في هذا اللقاء عن شجاعة وبطولة الشهيد، عن مواقفه وأخلاقه، يتحدث عن والده بشكل مختصر وعفوي وكأنه ينفي عن والده أية أهمية سوى أنه مجاهد ضد العدوان الأمريكي السعودي.
هناك الكثير من المجاهدين الأبطال الذين يجب أن يكونوا مثل أمين، ومحمد الحميري سيكون واحداً منهم. فالشهيد أمين الحميري كان مستنيراً وعقلانياً ومناصراً للحق، كما أنه أحد الشهداء في معركة "نصر من الله".
محمد الحميري أحد المجاهدين الشباب الذين جسدوا ثورة 21 أيلول بكل عنفوانها وألقها وبنفسها المقاوم للعدوان.

الوصية الأخيرة
 متى كان آخر لقاء بينك وبين والدك الشهيد؟ وماذا دار بينكما من حديث؟
كان آخر لقاء بيننا في صياح يوم استشهاده، وودعني بطريقة مختلفة، سلم عليّ وابتسم وقال انتبه على نفسك وعلى والدتك وعلى إخوانك، وفي الليلة الماضية قال لي هذا الأسبوع سيكون انتصاري، فقلت له عادك باتصل إلى القدس. فقال لكل واحد مرحلة معينة، وسيأتي من سيكمل بقية المراحل.

 كيف كان وقع خبر استشهاد والدك؟ وأين كنت وقتها؟
كنت في العاصمة صنعاء، وكانت فاجعة كبيرة، لكننا استقبلنا الخبر بروح عالية، لأن الوالد كان يتمنى الشهادة وكانت أمنيته.

تعلمت منه الكثير من القيم
 بعيداً عن الحياة الشخصية، ما الذي تعلمته من الشهيد في الحياة العسكرية؟
تعلمت منه حب الوطن وحب التضحية وحب الدفاع عن الوطن، وتعلمت منه الكثير من القيم التي لا يمكن أن نتخلى عنها، وتعلمت منه بألا أتخلى عن الوطن، فمن تخلى عن الوطن تخلى عن عرضه.

 كان الشهيد يكتب الشعر، هل هناك قصائد كان يرددها الشهيد دائماً؟
كان يكتب الشعر في كل حدث، ولم يكن هناك قصائد معينة يرددها.

هنيئاً لك الشهادة
 ماذا قالت أم الشهيد أثناء تشييع جنازته؟
توجهت جدتي إلى الثلاجة وعيناها تدمعان، وعندما رأته قالت هنيئاً لك لقد فزت بها، سلم على والدك، أنت شهيد ابن شهيد.

حماية طائرتين عسكرية ومدنية
 هناك أخبار أن الشهيد أنقذ طائرتين للجيش اليمني في صعدة أثناء قصف طائرات العدوان، هل لك أن تحدثنا عن تفاصيل هذه القصة؟
نعم في بداية العدوان كان هناك طائرتان في صعدة، إحداهما هيلوكبتر والأخرى مدنية من الحجم الصغير، وقمنا بسحب الهيلوكبتر بطقم، وكانت الصواريخ تسقط بالقرب من الطائرة، وبقينا ننقلها من مكان إلى مكان، وأكثر من 20 غارة سقطت بالقرب من الطائرة، وبعد 3 شهور تم استهداف الطائرة بعد أن كان الوالد قد فكك الصواريخ منها بأدوات خاصة بصيانة سيارته.

العدوان قصف بيتنا المستأجر
  أين كان أفراد العائلة عندما تم قصف منزلكم في صعدة؟ وهل كان هناك ضحايا؟
أنا وأبي وأخي كنا خارج البيت، وأخي وسام كان في البيت، وجرح هو وبقية أفراد العائلة، وكان هناك اثنان في البقالة التابعة لصاحب العمارة، واحد جرح والثاني استشهد، فالبيت في صعدة كان إيجاراً، ولم يكن ملكاً لنا.

غرس الأشجار وتعهدها بالسقي
- من المعروف أن الشهيد كان ذا سمعة طيبة، هل لك أن تحدثنا عن أخلاق الشهيد التي كان يتعامل بها سواء مع المقربين أو مع زملائه في العمل أو مع العامة بشكل عام؟
كان منفتحاً مع الجميع، ويتعامل مع الكبار والصغار باحترام، خصوصاً في رمضان، إذ كان يذهب إلى السوق ويشتري السنبوسة والدقة، ويطبخ بنفسه الطعام له ورفاقه، وكان يحب كثيراً غرس الأشجار وسقيها، وكان أكثر ما ينصحنا داخل المعسكر بغرس الأشجار وسقيها حتى عندما كان يذهب إلى صنعاء كان يتصل بمدير مكتبه ويذكره بسقي الأشجار.

 عندما زار الشهيد الرئيس صالح الصماد رافقه الشهيد أمين الحميري، هل رافقتهما في هذه الزيارة؟
لم أكن معهما في تلك الزيارة.

خطأ كاد يودي بحياتنا
 عندما كنت مع والدك في وادي نملة وكنتم في عملية استطلاعية، ما الذي حدث؟
كنا في عملية استكشافية، وكنا في مواقع قريبة من هذا الوادي، وهو وادي نملة على حدود منبه، ودخلنا في ذلك الوادي حتى وصلنا إلى العلامة الحدودية، ونحن لم ننسق مع الجيش واللجان الشعبية، فأصبحنا بين موقعين؛ موقع الجيش اليمني وموقع العدو السعودي، فكانوا يطلقون علينا الرصاص من الموقعين، ولم يكن معنا جهاز للتواصل معهم، فاختبأنا بقرب غيل هناك، وكان يوجد في الغيل أسماك، وقمنا بشوي السمك تحت العلامة السعودية، وتناولنا الغداء هناك، وعدنا بعد ذلك ولدينا مقطع مصور عن هذه القصة.

 ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للوالد الشهيد؟
الرسالة هي هنيئاً لك الشهادة، وهنيئاً لك هذا الارتقاء. وكذلك أجدد له العهد والوعد بأننا سنظل على دربه سائرين، ولن نفرط نهائياً بالوطن والقضية.

 كلمة أخيرة؟
رسالتي إلى القائد العلم السيد عبدالملك بدر الدين، يحفظه الله، أقول له سر بنا يا سيدي وامض بنا حيث شئت، فنحن لن نتراجع ولن نمل ولن نكل، وسنكون الذائدين عن الوطن، وسنظل على درب الشهداء.