علي نعمان المقطري -

بعد أن خسر العدوان هجوماته على كافة الجبهات الشمالية الشرقية طوال العامين الأول والثاني، انتقل بمركز ثقله الحربي نحو الساحل المكشوف للالتفاف على تقدم قوات الجيش واللجان شمالاً  ووقف تقدمها داخل نطاق سيطرة العدوان 
السعودي وإشرافه على أهم مدن الحد الجنوبي  والشمالي المحتل في نجران وعسير وجيزان.
وصل العدوان إلى أوج قوته وتقدمه على الساحل الغربي خلال العامين الأخيرين بين يناير 2017 وأكتوبر 2018، أي خلال أكثر من عام ونصف من الهجمات البرية والجوية والبحرية الكبيرة، والتي أراد من خلالها إسقاط الساحل الغربي والسيطرة على كل مدن السهل التهامي ومحاصرة الهضبة الداخلية من الساحل وقطع إمدادها وتموينها.
فقد دفع تحالف العدوان إلى الساحل بقوات ضخمة وصلت إلى أكثر من 100 ألف مرتزق، جيشوهم في أكثر من 35 لواء، منهم ألوية نخبة ما يُسمى العمالقة الـ12، وألوية هادوية وإصلاحية وإماراتية وسعودية وسنغالية وسودانية وكولومبية وعفاشية، بقيادة الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة الأمريكية الوسطى، وبمشاركة قوات أمريكية وفرنسية وبريطانية وإسرائيلية.
وتحول الساحل إلى أكبر مسارح الحرب والعدوان، ويضم أكبر نسبة من القوات البرية والبحرية والجوية للتحالف ومرتزقته المحليين والأجانب.

تقييم المعركة العامة
مسارات المعركة على الساحل والجبهات ومتغيراتها ونتائجها 
لم تشهد المنطقة والعالم عدواناً وحشياً بهذا الحجم ـ كماً ونوعاً ـ على بلاد صغيرة منذ الحرب العدوانية على العراق وحرب فيتنام. 
فقد استهلك العدوان الكثير من الأسلحة والذخيرة والصواريخ المتنوعة، حيث بلغ عدد الصواريخ التي أطلقها أكثر من نصف مليون صاروخ جوي وبحري وبري، أغلبها على أهداف مدنية، وقتل وجرح ما يقارب 80 ألف مدني مباشرة، كما تسبب العدوان والحصار بحدوث أوسع مجاعة في العالم، حيث سجلت المؤسسات الدولية أن هناك أكثر من 25 مليون يمني على حافة المجاعة، كما خلفت غارات العدوان دماراً هائلاً في البنية التحتية، فقد دمرت أكثر من نصف مليون منشأة عامة وخاصة، وقدرت الخسائر الاقتصادية المادية المدنية لليمن جراء العدوان بأكثر من 300 مليار دولار. 

استراتيجيات العدوان الحربية 
متعددة المسارات
أهم ما يميز هذا النوع من الحروب الاستراتيجية الشاملة هو أنها تحول الجهد الاستراتيجي الرئيسي إلى الهجوم الجوي المتواصل القاصف بدلاً من الاعتماد على المعارك البرية الطويلة، فبدلاً من القوات البرية المدرعة يعتمد على أسراب الطائرات القاصفة والمقاتلة واللوجستية والنقل والمراقبة والتجسس، بالإضافة إلى أنها تستهدف العسكريين والمدنيين على حد سواء، أي لا تفرق بين عسكري ومدني، ولا تلتزم بمعايير القانون الدولي والإنساني.
ففي الحرب العالمية الثانية لم تخسر الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وهم حلفاء الجبهة الغربية ضد ألمانيا هتلر، طوال سنوات الحرب، سوى 50 ألفاً من كل دولة من الدول الثلاث، والسبب أنها وجهت قصفها الهمجي على المدن الألمانية، مستهدفة السكان المدنيين، فبعد أن أرعبتها المواجهة على الأرض صممت الطائرات العملاقة القاصفة.
وسياسة العدو في هذا النوع من الحروب تقوم على فرضية أن البلاد التي تقاوم العدوان والاحتلال، يجب أن تكون القوة التدميرية هي الوسيلة الوحيدة لردعها وإخضاعها، فتقوم بقصفها بقوة وعنف وتدميرها وإحراق كل ما فيها دون رحمة وبلا تفريق بين أهداف عسكرية ومدنية، فالعدو هنا يراهن على إضعاف الشعب وترويعه معنوياً ومادياً، ودفعه للخروج على حكومته وقيادته ليقاتل نيابة عنه كمرتزقة له أو خيانة الوطن والاستسلام.
هذا النوع من الحروب هي حروب عدوانية فاشية خبيثة، وقد لجأ تحالف العدوان إلى هذا النوع بهدف التقليل من خسارته الكثير من الجنود والمعدات الأرضية، ولأنه يعرف نتيجة هزائمه في الحروب البرية، فقد جعل من الجو والفضاء مسرحاً لانطلاق هجماته وخوض حروبه، غير أن تحالف العدوان فوجئ بقدرة اليمنيين على تطوير منظومات الدفاع الجوي الصاروخي المضاد للطائرات والصواريخ والأقمار الصناعية. 

قواعد الحرب العدوانية الشاملة
1 ـ القصف الصاروخي المتواصل على البنى التحتية المدنية، الاقتصادية والتعليمية والصحية والطرق والجسور والكهرباء والمياه وغيرها من المنشآت الخدمية العامة والخاصة.
2 ـ حرب برية تعتمد على مرتزقة القوى الخاصة، التي تتقدم لاحتلال المناطق والمحافظات والمواقع التي تم قصفها من الجو والبر.
3 ـ تدبير الانقلابات المسلحة عبر المؤامرات وإثارة الفتن الداخلية، والتخريب والتجسس والتفكيك من الداخل، وقطع الدعم والمؤازرة الشعبية لقوات الجيش واللجان.
4 ـ الحرب النفسية.
5 ـ الحصار الشامل والتجويع والترويع، وتدمير الاقتصاد الوطني.
6 ـ تقسيم الوطن والاحتراب الأهلي وسلخ الأقاليم النفطية الغنية والمواقع الاستراتيجية الهامة.
7 ـ استدراج القوى الدولية الاستعمارية الحليفة إلى التدخل الإقليمي لمنح العدوان الشرعية المفقودة.
8 ـ جعل الصراع المسلح يقترب من المناطق الحساسة للأمن والسلم الدوليين، وتهديد طرق الملاحة الدولية وإثارة بؤر الإرهاب.

(*) المركز الاستراتيجي الوطني