(يمنيٌّ حرٌّ ذاك أنا) أعتز به كثيراً والقحوم كان آية في الزامل
المنشد عبدالعظيم عزالدين: المحافظة على التراث هي المحافظة على الهوية


يتميز بحلاوة الصوت ونقاوته، عبقري في التلحين، وعبقريته تكمن في بساطة ألحانه، بحيث إنها تترسخ في ذهن السامع لأنها نابعة من روحه كمنشد.
كما أن تميزه وتفرده ليس فقط في صوته اللين الدافئ القوي، وإنما في شخصيته البسيطة وأفكاره وفلسفته الخاصة. حمل على كاهله هاجس الأنشودة والموشحات، وعمل على تطويرها، تنفس أصالتها، وشرب من نبع خلودها، وبلل روحه بعبقها ونداها.. كما أنه المبدع الأساسي للحن الذي أشعل به وجدان اليمن ضد العدوان السعودي، لزامله المعروف (إعقل يا سعودي يا حلف اليهودي).. إنه المنشد الكبير عبدالعظيم عز الدين.
 ما زالت الموشحات الرمضانية القديمة تعيش في الذاكرة والوجدان، ويفوح عطرها بين البيوت، ولكن غيابها أثر على جو الروحانية الرمضانية.. برأيك لماذا؟
طبعاً مثلما حُفظت هذه الموشحات مئات السنين، هي ما زالت محفوظة عند الناس، ولكن بسبب الظروف المواتية في هذا الوقت من عدوان غاشم ولئيم، بات الناس بحاجة إلى ثقافة جديدة تزيدهم حماساً، تزيدهم قوة، توجيه معنوي بحيث يواجه العدو بالكلمات القوية والحماسية. ونلاحظ كيف يقف جنودنا وجيشنا ولجاننا الشعبية البواسل، أمام العدوان السعودي، ويدحرون جنودهم بسبب هذا التوجيه المعنوي القوي، وهو كذلك تراث تميز في كل المحافظات. أما الموشحات فهي باقية، وفي رمضان لاحظنا الكثير من المنشدين أنشدوها في التلفزيون وفي الإذاعة، فالأصيل لن يذهب أبداً.

 ولكن قلة هذه الموشحات هل هي بسبب ندرة شعرائها؟
الشعراء موجودون، نحن في حرب، ونحن في ظل عدوان غاشم، والناس بحاجة إلى حماس، إلى تحفيز، فالزوامل والأناشيد الحماسية لها دور كبير في هذه الفترة.

 أين تجد نفسك في الإنشاد والموشحات أم في الزامل؟
في الإنشاد والموشحات.

 لفتَّ انتباه الكثير من المراقبين الفنيين بأدائك المميز في أوبريت (يمني حرٌّ ذاك أنا).. ما تعليقك؟
أوبريت (يمني حرٌّ ذاك أنا) تميز بالفكرة وتعدد الشعراء فيه من حيث كل الأطياف، عندنا طوائف زيدية وسنية، فجمعنا كل الشعراء، فكان كل واحد ينبذ هذا الاستعمار وهذا الاحتلال والاضطهاد، فكانت فكرته فكرة جميلة، وصل إلى العالم، حتى إننا حصلنا على جائزة عالمية في هذا الأوبريت.

 من لحن أوبريت (عدونا أمريكا)؟
عبدالعظيم عز الدين.

 من لفت انتباهك من المنشدين في أوبريت (عدونا أمريكا)؟
لفت انتباهي إسماعيل الوزير وعيسى الهادي ومحمد الشامي، وكذلك طلال خصورف.

 برحيل الحنجرة الباليستية الشهيد لطف القحوم، لمسنا خفوقاً وضموراً للزامل.. صف لنا ذلك.
كان لطف القحوم حريصاً على إيصال رسالة معينة في فترة معينة، وكان ذكياً بكل المعايير، ولا ينزل زاملاً إلا وقد درسه من كل النواحي، وكذلك كان يختار اللحن المناسب الرجولي والحماسي. لطف القحوم كان آية في الزامل.
 مَن مِنَ المنشدين يتصدر المشهد الفني اليوم؟
في الإنشاد لا يوجد أحد، أما في الزامل فهناك عيسى الليث وأيمن قاطة، وأيضاً إسماعيل الوزير له بصمته القوية، ويحيى الشرعي وشرف الذيفاني، أما كقوة الزامل في هذه الفترة في اختيار الكلمات والألحان، فهو إسماعيل الوزير.

 (إعقل يا سعودي يا حلف اليهودي) زامل انتشر كثيراً، ويحفظه الصغار والكبار.. ماذا يعني لك؟
كان رسالة قوية مني.

 هل هو من ألحانك؟
هو لحن معروف، ولكنني أضفت عليه بعض الأشياء، وكان لحناً بسيطاً، وكان شعاراً أردده في المظاهرات، بعد ذلك تحول إلى زامل، وانتشر انتشاراً كبيراً.

 المنشدون اليمنيون متهمون بعدم الاهتمام بالتراث.. كيف ترد؟
ليس المنشدون، وإنما النظام السابق لا يهتم بالتراث، وإنما يهتم بما هو جديد بما يملى عليه من الخارج، لأن المحافظة على التراث هي المحافظة على الهوية، وعندما ينزع التراث هو نزع للهوية.

 نلاحظ أن الفنانين في الخليج يصعدون عبر مسيرتهم الفنية بالسطو على تراثنا وألحاننا، ونرى الجهات المعنية لم تتابع ولم تحتج ولم تحرك ساكناً نحو ذلك.. برأيك أين يكمن الخلل؟
الخلل كما قلت سابقاً في النظام السابق، فمثلاً إذا تم استيعاب الفنان اليمني المحافظ على التراث، وإثراؤه بقليل من المال والمحافظة عليه وعلى معيشته، فأكيد لن يدلي بالألحان لفنانين خليجيين، وكذلك هم أكثر اهتماماً بتراثنا بسبب جودة العمل ومحافظتهم أيضاً على تراثنا، فمثلاً في السعودية الملحن طارق عبدالحكيم لديه مكتبة كبيرة من التراث اليمني، وهذا يدل أنهم مهتمون بالتراث أكثر من أبناء التراث.

 أنت منشد مشهور جداً.. هل تشعر بالغرور؟
إن ابن آدم ضعيف، ونسأل الله أن يجنبنا الغرور.

  ما الذي يستفزك؟
يستفزني من هو ساكت عن الحق، من هو مرتزق وعميل.

 عمل تعتز به كثيراً؟
(يمني حرٌّ ذاك أنا).

 ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة وتفخر به؟
كل أعمالي أفتخر بها.

 كلمة أخيرة..
نسأل الله أن يلم شملنا، وأن يجمع كلمتنا، وأن يوحد صفوفنا، وأن يخذل عدونا، وعلينا أن نعي جميعاً سواء كنا من أنصار الله أو من المؤتمر أو من الإصلاح أو من أي حزب كان، يجب أن نعي أن هناك عدواً خبيثاً لا يفرق بين هذا وذاك، فلدينا ثروات كثيرة، ولدينا تراث يريد أن يسطو عليه العدو ويمحو أثره، فيجب أن تكون كلمة واحدة، فالوطن يتسع للجميع، سلم وشراكة للناس جميعاً، وسأذكركم بعد فترة سيتمنى كل من في دول الخليج أن يكونوا يمنيين بإذن الله.