سورة اللاذقية

ولهٌ فتِيٌّ والشجون تهفهفُ
والعشق أَوَّله عبور سحابةٍ
صلِفٌ إذا باحت سرائره وإن
يا سيل هذا الليل بوصلتي إلى
سأحجُّ بيت العشق إن أذن الهوى
يختال في نُسُكي دمي، وحبيبتي
واللاذقية كعبةٌ لأولي الهوى
هي أم من كتبوا وهدي من اهتدوا
وهي الغوى وهي النوى وهي الجوى
الفجر يلتحف البهاء كنايةً
ولها المحبة مهرجانٌ دائمٌ
آيُ الكتاب على الخلائق قُسِّمتْ
ورحابة الفُرقان صدر سمائها
وطيورُها ورثت مزامير الهُدى
وسلام إبراهيم فيها يزدري
وفرائد التاريخ وثَّقت المدى
شاخت بها أممٌ، وكم دولٍ هنا
للناس فيها كُلُّ ما ألفوا، ولي
وبها تفاصيلي إذا أسرفْتُ في
أسرفْتُ يا غسقي ويا قلقي ويا
وهج المدينة من شروق حبيبتي
وهي التي رسمت خرائط رحلتي
شقراء قلبٍ.. والربيع مورَّدٌ
يزهو مذاق البن من أكوابها
أوَّاهـُ منها ـ حين تغزل حزنها ـ
سكبتْ مواجعها على ورق الندى
وأنين عزفٍ في دموعِ ربابةٍ
تعبُ السنين يعجُّ بين سطورها
لكنها والبحر يقرأ أصمتها
وهجُ الصباح يشع من حدقاتها
شغُفتْ بنكهة قهوتي وقصائدي
فلأحلبنَّ لها من السُّحُبِ العُلا
وألُمُّ من بذخ المشاتل باقةً
يا ربة الدمع العتيق تقشَّفي
إن أُجْهِدَتْ سُبُلُ المحبة مرَّةً
سيدسُّ في حلواك قُبلة عاشقٍ
مُدِّي إليه جناح قلبك وارفُلي
وتحسَّسي بشتاه برد قصيدةٍ
والليل شاميُّ الملامح يُعْرفُ
عَطْشى، وآخرهُ سيولٌ تجرفُ
كَتمَتْ فبين خطاه ما هو أصلفُ
مَسْرى، وقافيتي بُراقٌ مُترفُ
فجموع قلبي بـ(المشاعر) تهتفُ
تسعى.. يدٌ زمَّتْ وأخرى تغرفُ
وقلوب من عشقوا هُداةٌ طُوَّفُ
وهي الجميلة والجمال الأعنفُ
وهي السكينة والجَنَى والمصيفُ
واللاذقية بالبهاءِ تُعرِّفُ
والحب فيها توبةٌ وتصوَّفُ
سُوَراً، وآيُ اللاذقية مُصحفُ
وسماحةُ الإنجيل منها تُغرفُ
شجناً لطهر اللاذقية تعزفُ
حطبَ الجهالة والعدالة تُنصفُ
عنها وما زال المؤرخ يكشفُ
أفلت ووجه شبابها لا يكسفُ
غسقٌ ولِعْتُ به وهمٌّ يُؤلَفُ
أرقى، وأيْمُ الله إني مُسرفُ
ورقي، وبين سطورها ما يوصفُ
وحبيبتي عبق المدينة تُعرفُ
صوراً وبين قصائدي تترادفُ
بدم الخدود وفي الشفاه القرقفُ
والشعر في شرفاتها يتشرَّفُ
قمرٌ يضج هنا وحرفٌ ينزفُ
ولهاً يعربدُ واللواعج ترجفُ
وقصيدةً منها تُشعُّ الأحرفُ
متبختراً متصلِّباً يتعجرفُ
ألقٌ عصيٌّ شامخٌ لا يضعفُ
وجفونها بالأمنيات تصفصفُ
وأنا بكل اللاذقية أشغفُ
مطراً يُبلِّلُ صيفها ويُلطِّفُ
لدلال مقدمها يشمُّ ويقطفُ
فعواصف الأنواء لا تتقشَّفُ
فهناك قلبٌ للحياة يرفرفُ
والقلبُ عن حلواه لا يتعفَّفُ
بسماه قافيةً ولحناً يُعْزفُ
ليضُمها من دفء روحك معطفُ