مع النقابي في جامعة صنعاء عبدالوهاب المحبشي:
أكاديميون من حاشية محسن يشكلون معسكراً مؤيداً للعدوان داخل جامعة صنعاء
بعض الأكاديميين يعانون أزمة فهم للوطنية بينما يحرص  الطلاب على الدفاع عن الوطن حفاظاً على المستقبل



كما لم يعد صمود الشعب اليمني في مواجهة عدوان حشد سلطة الداخل والخارج إلى صفه، أمراً غريباً، ومثلما تخرج الجموع الشعبية في مسيرات مليونية توحد شعارها بالصرخة في وجه الهيمنة الأمريكية بـ(الموت لأمريكا)، بالرغم من العمل الدؤوب على وصم الشعب اليمني بالجهل، وأنه يستجدي العلم والتطور من المعاهد والمنظمات الغربية والأمريكية، في المقابل قد تجد أكاديمياً مفعماً بفخامته ومزهواً بالشهادة التي يحملها، استقى تعليمه الأولي من مناهج نجد ليسيطر عليه الفكر النجدي، حتى يحيل نفسه جسراً لعبور مجنزرات الاحتلال والمرتزقة متعددي اللون والجنسية إلى بلاده. كل ذلك يحدث فقط في زمن التحولات الكبرى؛ إذ تتكشف الأقنعة، وتبرز الحقائق جلية لا غبار عليها.
جامعة صنعاء؛ الصرح العلمي الذي منه خرجت الشرارة الأولى لانتفاضة 2011، واستطاع الطلاب كسر سلطة البوليس السري الذي كان النظام يستخدمه لقمع الحراك الطلابي وتدجين الطلاب، ومثلما جرى الانقضاض على الانتفاضة الشبابية والانتقام منها بجعلها مبرراً لتجديد عقد الوصاية على اليمن بـ(المبادرة الخليجية)، كانت الجامعة في صدارة قائمة أهداف المنتقمين، حيث تحولت إلى معسكر تابع لفرقة الجنرال العجوز، ولم تستثنها تعيينات التقاسم السياسي، أما إبان ثورة 21 أيلول فقد استطاعت قوى الثورة تطهير الحرم الجامعي من عناصر الفرقة، بيد أن طريقة الاحتيال والفهلوة التي يتبعها الجنرال محسن تعمل على استمرار امتداد نفوذه إلى الجامعة، وكما استطاع من قبل الالتفاف على الحراك الطلابي المطالب بإخراج جنود الفرقة من الجامعة، بتغيير الزيّ العسكري لعناصر الفرقة بزي حرس المنشآت، يستمر نفوذه حالياً عبر شخوص يرتدون الزي المدني والأكاديمي.. مؤخراً شهدت جامعة صنعاء إضرابات متكررة تقوم بها نقابة أعضاء هيئة التدريس، وللاطلاع عن كثب على ما يدور هناك التقينا بالنقابي في جامعة صنعاء عبدالوهاب المحبشي، فإلى الحوار:

 تبرز جامعة صنعاء كواحدة من جبهات مواجهة العدوان السعودي الأمريكي. فما الذي يدور في الجامعة بالضبط؟
منذ بداية العدوان كان بداخل جامعة صنعاء - للأسف الشديد - معسكر ينتمي للسعودية، وبرزت لهم مواقف في أكثر من وقت على مستوى كل القطاعات، فهم متواجدون كطلاب وأكاديميين وإداريين، فيخفت صوتهم عندما يحقق أبطال الجيش واللجان الشعبية انتصارات، فيما تعلو أصواتهم عندما تحقق دول العدوان أي إنجاز. هناك خلل في فهم الوطنية، ما هي الوطنية بالضبط؟ ماذا يعني لك الانتماء لليمن؟ وهذا الخلل موجود للأسف في أذهان بعض الأكاديميين.. جامعة صنعاء تعد جبهة من جبهات مواجهة العدوان على مستوى أن شريحة واسعة من الطلبة تحمل الوعي الكامل بأن هذا العدوان لا يستثني أحداً، دُمرت الجامعات، دُمرت المعاهد المهنية، دُمرت كليات المجتمع، دُمرت أغلب المنشآت التعليمية، وبذلك فإن الطالب يعرف أن مستقبله مستهدف، إذ لا يمكنه أن يدرس ويتخرج إلى اللاوطن، ماذا يعمل بشهادته؟ كيف يعيش؟ لذلك يعي أنه لا يمكن للبلد أن ينتصر بدون أن يكون هناك دفاع عنه والحفاظ عليه، فعندما تُستلب الأرض وتُستباح الثروات وتضيع السيادة، يكون المستقبل مظلماً.

 ما هي الأسباب التي دفعت اللجنة الثورية إلى تغيير رئيس الجامعة؟
أولاً: مع احترامنا لكل الأكاديميين الشرفاء، فالتغيير سنة الحياة، حتى لو لم يكن لرئيس الجامعة السابق سجل من الأخطاء، ومن أجل التطور فالتغيير واجب، ويُفترض أن نتقبل التغيير حتى إن كان الذي لدينا جيداً، لأننا نبحث عن الأفضل.
ثانياً: لم يكن رئيس الجامعة السابق إدارياً حازماً، ولا أريد أن أتهمه بقضايا فساد، لأن الملف رهن جهات المحاسبة، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تخاطب مع رئيس الجامعة عدة مرات، وطالبه بإجراء مراجعة لطريقة الصرف والحسابات، وأبدى الجهاز المركزي ملاحظاته على أداء الجامعة وعدم الشفافية المالية.
لكن المشكلة في الدكتور عبدالحكيم الشرجبي أنه أرسى عرفاً لأول مرة في تاريخ الجامعة، وهو قسمة الجامعة إلى كليات رأسمالية، وأخرى نستطيع القول عنها عمالية، كليات برجوازية تملك الأموال الطائلة، حتى إنهم يسمون كليات الطب والهندسة والحاسوب الكليات النفطية، وكليات أخرى فقيرة أوشكت على إغلاق أبوابها أمام الطلبة. ماذا تفعل عندما تغلق كلية العلوم أبوابها في وجه حوالي 2000 طالب؟ أو الإعلام أو الشريعة، لأنه لا يوجد لديها إيرادات ولا نفقات تشغيل، فقط رواتب الموظفين؟!

 من أين هذه الإيرادات؟ أليس التعليم حكومياً (مجانياً)؟
في الفترة الماضية عبثوا كثيراً بهذا المعنى (أن التعليم حكومي مجاني)؛ بحيث صارت كلية الطب تقبل 100 طالب طب بشري، ثم تقبل 400 طالب في النظام الموازي والنفقة الخاصة وعناوين أخرى كلها تدر على الكلية أموالاً طائلة من الطلاب، فيتحصلون على مبالغ بآلاف الدولارات.
في زمن الدكتور صالح باصرة, رئيس الجامعة الأسبق,  بلغت أرصدة الجامعة ملايين الدولارات، كانت جامعة صنعاء تعاقدت مع وزارة الأوقاف لبناء مبانٍ سكنية للدكاترة (هي الهياكل الموجودة في الحرم الجامعي على الخط المؤدي إلى جولة مذبح)، وعندما جاء بعده د. خالد طميم، ووجد الأموال الطائلة في أرصدة الجامعة، أراد أن يتم تنفيذ المشروع على حساب الجامعة، بسبب عراقيل شابت العقد مع الأوقاف، فلا أكملت الجامعة البناء، ولا وزارة الأوقاف، وظلت الهياكل على حالها حتى اللحظة، وهذه قضية فساد كبيرة. فأين ذهبت الأموال التي نفذت هذه المناقصة؟ من الرقيب؟ من الحسيب؟ الله يعلم.. لم تكن جامعة صنعاء على وشك الإفلاس في أية مرحلة سابقة قبل مرحلة رئيس الجامعة الذي تمَّ تغييره مؤخراً، حيث وُجدت كليات تصرف الأموال التي تتحصل عليها من نظامي (الموازي - النفقة الخاصة) بدون رقيب ولا حسيب، وهناك كليات لا يوجد لديها نظام الموازي، ولا تستطيع الإيفاء بلوازم النفقة التشغيلية، حتى أوشكت بعض منها على الإغلاق؛ حيث كانت إيرادات الكليات من قبل عهد الشرجبي تصب إلى خزينة رئاسة الجامعة، وتقوم رئاسة الجامعة بالصرف إلى الكليات، بينما في عهد الشرجبي جعل كل كلية حرة في التصرف بالأموال التي تدخل إليها، وذلك أمر كارثي، حتى أصبح أضعف مركز داخل الجامعة هو مركز رئاسة الجامعة، فإذا لم يكن هذا بحد ذاته فساداً مالياً وهدراً للمال العام، فما هو؟ 

 لماذا يرفض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة قرار إقالة الشرجبي؟ ولماذا الإضراب الذي شلّ الحياة التعليمية في الجامعة؟
ليس كل أعضاء هيئة التدريس يرفضون، بل كل الأكاديميين يقبلون بتغيير عبدالحكيم الشرجبي، لكن هناك أبعاداً لقرار الإضراب تتعدى الحرم الجامعي، وعندما تواجه أي دكتور فتسأله هل تقبل بتغيير الشرجبي؟ يجيب بنعم، لأنه لم يكن الرجل المثالي في منصبه، أما عندما تسألهم عن الإضراب يطرحون قضايا ليس لها علاقة بتضامنهم مع الشرجبي أو أنهم لا يريدون تغييره، بل يريدون تغييره، لكن وفقاً لمعاييرهم وشروطهم، يريدون أن يكون هناك توافقات على القرار الجامعي، وتلك التوافقات لها علاقة مباشرة بالرياض، لأن الأكاديميين المنتمين لجماعة الإخوان هم المسيطرون على نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء، ولا يعترفون بالثورة ولا باللجنة الثورية العليا، ويريدون ربط قرار تعيين رئيس للجامعة بفنادق الرياض.
 
 يتهم بعض الأكاديميين - على خلفية قرار تعيين رئيس جديد للجامعة - بأنه تدخل من أنصار الله لتحويل الجامعة إلى حوزة شيعية، ما رأيك؟
رئيس الجامعة الجديد هو الأستاذ الدكتور فوزي الصغير العريقي، وهو أكاديمي من كلية الزراعة، درجته العلمية تؤهله لأن يكون رئيساً للجامعة، أحسن من الشرجبي وطميم اللذين كان تعيينهما خرقاً لشرط أن يكون رئيس الجامعة حاصلاً على درجة الأستاذية (أعلى من أستاذ مشارك)، وهذه الصفة تتوفر في العريقي. أما إذا كانت مشكلتهم معه أنه صاحب أخلاق عالية ومتواضع، فرب ملومٍ لا ذنب له، وليس العيب فيه، بل العيب في من ينظرون لتلك الصفات باعتبارها صفات سيئة.
فوزي الصغير أكاديمي نزيه، ولم يتورط بقضايا فساد من قبل، ولم يُجرب لنحكم عليه بالفشل الإداري، وقد افتتح عمله برئاسة الجامعة بمنع إضافة اسمه في أي كشف مكافآت للموظفين في الجامعة، بينما كان اسم الشرجبي على رأس تلك الكشوفات، حتى كشف موظفي سكن الطلاب، ثم وجه العريقي بأن تُصرف النثريات المخصصة له كرئيس جامعة (250 ألف ريال) لتغطية العجز في سكن الطالبات، وكان القرار الثالث له أن وجه بتعليق المصروفات المصرح بها من وزارة المالية على أبواب الكليات (المبلغ المصروف، وأين صُرف) لضمان الشفافية المالية. فشخص كهذا مرفوض لدى هؤلاء لأنهم اعتادوا أن تكون الوظائف الرسمية وسائل للإثراء، فما هي جريرة فوزي الصغير؟ هل جريرته أنه محسوب على أنصار الله؟ والجميع يعرف أن الدكتور فوزي الصغير أكاديمي قبل أن يكون منتمياً لأي حزب، وليس ناشطاً سياسياً، فقط حدث أن استقال الدكتور راجح حميد الدين من رئاسة الملتقى الأكاديمي، فترشح الدكتور فوزي الصغير وفاز، ومن يبحث في سجله سيجد أن عيبه الوحيد أنه بلا عيب.

 ما العلة في تعيين فوزي الصغير؟ هل هو الفساد المالي والإداري في جامعة صنعاء، أم أن لهذا الأمر علاقة بتأييد العدوان من بعض الأكاديميين؟
الدكتور فوزي لا يميل إلى التعاطي السياسي، فهو شخص مهني يهتم بتخصصه، بينما كان الأكاديميون السابقون يعملون على إعاقة كل نشاط يناهض العدوان داخل الجامعة، لأن الشرجبي باعتقادي له علاقة بالناصريين المتواجدين في الرياض، ونوابه من جماعة الإخوان، وعند إقالتهم تم تعيين الدكتور فوزي رئيساً للجامعة، وتعيين نائبين لرئيس الجامعة أحدهما الدكتور محمد شكري، عميد سابق لكلية العلوم، ولم يُعين وفقاً للمزاج، بل لكونه مهنياً بدرجة عالية، وأنا مطلع على معاناة هذا الدكتور وهو يتابع كيف يستطيع تشغيل كلية العلوم وكأنها ملك شخصي، ليس حباً في تملكها، بل رغبة وتفانياً في تشغيلها، لقد كان يتسول ميزانية تشغيلية للكلية تسولاً من الشرجبي، بينما الأخير يتعامل مع الكلية دون مراعاة لكونها من أهم الكليات البحثية والتطبيقية، حتى أفلست.

 تتكرر إضرابات أعضاء هيئة التدريس في الجامعة. فما الدوافع التي تقف وراء ذلك؟
الإضرابات التي تحصل حالياً في الجامعة هي لعب في الوقت الضائع، إذ كانت حكومة الرياض بحاجة إلى هذا الإضراب في بداية العدوان لتقول إنها استطاعت أن تصل إلى صنعاء من داخل صنعاء، بحيث تعيق العملية التعليمية وانتظام عمل المؤسسات، أما أن يأتي الإضراب من قبل أعضاء هيئة التدريس تحت لافتة الحرص على قانونية تكليف رئيس الجامعة، وهم يعرفون أن رئيس الجامعة السابق تم تكليفه من حكومة باسندوة، ولم يتم تعيينه بقرار جمهوري، وأنه دخل إلى جامعة صنعاء مع عساكر الفرقة وعلى ظهر مدرعات علي محسن، بموجب التقاسمات التي فرضتها المبادرة الخليجية.
وخرج رئيس الجامعة طميم قبل أن يصدر القرار ضده، بل جيشوا ضده الغوغاء والبلطجية، وأخرجوه من مكتبه، واعتدوا عليه جسدياً، بعد أن شنوا عليه حملة دعائية القليل منها صدق والكثير منها كذب، فيما تمَّ التعامل باحترام مع الدكتور الشرجبي، ومنذ 21 سبتمبر حتى الآن، كان التعامل معه بطريقة محترمة، حتى إن اللجان الثورية لم تدخل جامعة صنعاء، ولم يؤخذ الختم من رئيس الجامعة، ولم يُوضع على رأسه رقيب ولا مشرف، بل طُلب منه تقديم مصفوفة لتصحيح الوضع الجامعي، فتقدم بالمصفوفة، وطالبوه بالالتزام بها وأن يقوم بالإشراف على تنفيذ تلك المصفوفة.

 ما هي الجهة المخولة بالرقابة على الوضع الجامعي؟ وأين دورها؟
لقد حرص الجميع على مراعاة حساسية الوضع في الجامعة، بسبب أن الأكاديميين هم أرقى فئة اجتماعية من حيث الفكر والدرجة العلمية، فقد حرص الجميع على عدم دخول اللجان الثورية واللجان الشعبية إلى الجامعة، بدليل أن طلاب ملتقى الطالب الجامعي قاموا بمهمة حماية الحرم الجامعي حتى لا تدخل اللجان الشعبية، وقام عبدالحكيم الشرجبي بتكريمهم على ذلك، لأنهم ضحوا بدراستهم مقابل الحفاظ على الأمن في الحرم الجامعي، حتى تمَّ تسليم الأمن الجامعي إلى أمانة العاصمة، كذلك لم تتواجد الرقابة الثورية كما في بقية مؤسسات الدولة، بل هناك فريق من الأكاديميين يتولى مهمة ملاحظة الوضع الجامعي، ويتعامل مع ما يصل إليه، دون أن يبحث أو يدقق في الأمور التي لا تصل إليه، وكان الدكتور فوزي هو رئيس هذا الملتقى الأكاديمي الذي يتولى تلك المهمة، والملتقى الأكاديمي هو عبارة عن منتدى لتجمع الأكاديميين الذين يرغبون في إصلاح الوضع في الجامعة، وقد كان المعني الفعلي بالرقابة هو نفسه الدكتور عبدالحكيم الشرجبي، والدكتور عبدالقاهر العسلي أمين الجامعة، باعتبار الأول رئيس الأكاديميين، والثاني رئيس الموظفين والعاملين بالجامعة.

 يتهم الطلاب هيئة التدريس بأنهم يقومون بأنشطة تخدم دول العدوان، فعلى ماذا يستندون في ذلك؟
لا يتحرج الكثير من الأكاديميين بإعلان موالاتهم للعدوان في صفحات التواصل الاجتماعي، وقد قرأت لأحد الأكاديميين منشوراً يتمنى فيه أن تُنسف وزارة الاتصالات حتى تُمحى من الوجود، فقط لأنه ـ حسب قوله ـ شعر أن جهة ما تتنصت على تلفونه، بينما لم يتمن هذه الأمنية عندما كان أصحابه يتنصتون على تلفونات الكثيرين.. مشكلة عندما يصبح تضخم الأنا إلى درجة أن يذهب البلد إلى الجحيم مقابل البقاء الشخصي، وهؤلاء موجودون وبشجاعة يتحدثون عن موالاتهم للعدوان، ومن أمن العقوبة أساء الأدب.

 لماذا يأمنون العقوبة؟
أعتقد بأن هناك توجهاً بعدم الحدية في التعامل مع الآخرين، وهناك رغبة في تدوير الزوايا للتقارب، ووضع الناس أمام معالجة ذاتية، بأن تتسامح إلى أبعد الحدود، أن تمد أصابعك إلى النار حتى إن احترقت، وذلك يدل على أن أخلاق ثورة 21 أيلول تختلف عن أخلاق الثورات الأخرى، لكننا نرى التمادي بشكل كبير جداً، والتنكر، واستسهال الانقلاب على الوضع القائم، لكن أعتقد أيضاً أن لكل شيء حدوداً، ويجب أن تشتغل النيابة العامة والأجهزة القضائية، وأن تقوم بدورها، فيكفي سنة كاملة من نزيف دماء الأطفال والنساء والشيوخ، وتسليم مساحات شاسعة من أراضي الوطن للجماعات الإجرامية والغزاة، وبعد عام كامل لم يعد مجدياً أن نؤمل على أحد بأن يراجع نفسه، إلا في حالة واحدة هي إذا تخلت أمريكا عنهم وأقصتهم كما تخلت عن بحاح، فسيظهرون وطنيين كما يتحدث بحاح -حالياً - عن الرؤساء الذين يدمرون أوطانهم رغبة في البقاء على كرسي السلطة. 

 يعلق البعض على الوضع في جامعة صنعاء بالقول: (لم تغادر الكتيبة التابعة لعلي محسن الحرم الجامعي، فقط قامت بتغيير زيّها كما فعلت في السابق من زيّ الفرقة إلى زيّ حرس المنشآت، وحالياً إلى الزي المدني والأكاديمي) ما تعليقك؟  
بالفعل هذه عبارة صحيحة إلى حد بعيد، الأكاديميون هم أيضاً ضباط في الفرقة حتى وإن لم يحملوا الرتب، والكثير من الأكاديميين هم من الحاشية المقربة لقائد الفرقة. 

 ما صحة شراء العدوان لولاءات أكاديمية؟ وكيف يتم ذلك؟
العدوان يشتري أكاديميين وسياسيين ويبيعهم في أقرب منعطف، وهناك الكثير من المتواجدين في الرياض (إعلاميين وفنانين وسياسيين) يبحثون عن فرص للجوء السياسي، فإذا كانت هذه الأصوات التي تحتاجها السعودية في التأثير على الجماهير بتجميل وجه العدوان، قد تخلت عنها، فما بالك بالأكاديميين.
لكن هناك أزمة في الوعي لدى العديد من الأكاديميين، والمشكلة الآن هي كيف نُعلّم الأكاديميين المبادئ الأساسية للوطنية، ما الفرق بين أن أكون عميلاً وأن أكون مقاوماً حقيقياً، إذا لم يكن أن أذهب ببندقيتي كمرتزق أقاتل مع جيوش الغزو متجهاً إلى بلادي بالسلاح، ارتزاقاً، فما هو الارتزاق؟ يوجد لديهم أزمة الوعي حتى لو لم تدفع لهم السعودية، لديهم شيء من النقمة والنكاية والثأرية على البلد، غير مفهوم سببها، وأرى أن السبب الحقيقي هو أن الجهة التي يعملون لصالحها قد قامت بتدريسهم مناهج وفكر وطريقة الفهم والتعاطي مع الحياة والدين والوطن، مستوردة من نجد، لا تمت للوطن اليمني بصلة، فهم ينتمون وجدانياً إلى ما وراء الحدود، وأعتقد أنه لو تمكن الإخوان من الحكم لفترة أطول، وذابت المكونات الأخرى، كانت اليمن ستُمحى من الخارطة، وسيسلموننا لآل سعود بدافع تشكيل قوة أكبر بيد أمريكا، إذ لا مشكلة لديهم في أن يتولى حكمنا بنو سعود كابراً عن كابر، فقط مشكلتهم في أن يكون القرار خالصاً بيد اليمنيين.  

 ما الذي يقومون به في خدمة العدوان؟
أكبر مشكلة في أي بلد هي إضعاف الجبهة الداخلية، فعندما تواجه عدواناً خارجياً فإن أكبر خطر عليك هو أن يقوم العملاء بطعنك في الظهر، وأن يُصبح المجتمع الذي تدافع عنه ينظر إليك كشيطان أو كعبء عليه، وذلك هو الدور الذي يقوم به الأكاديميون بزرع التثبيط والخذلان، وشيطنة الجيش واللجان الشعبية في أذهان الجماهير، والمرتزق البسيط الذي يتم التغرير به للذهاب إلى القتال في صف العدوان، هو أقل خطراً من المرتزق المثقف الذي يقوم بتسميم الوعي.
 كلمة أخيرة..
أتمنى أن يعي الأكاديميون الأعزاء أن الإضراب لا يضر اللجنة الثورية العليا، ولا يضر من أصدر قرار التغيير في الجامعة، فهو يضر الطلاب فقط. والتغيير ليس بالضرورة أن يكون مسيساً، نريد أن نخرج من هذا الجو، لأننا لا نريد أن تكون الجامعة مجيرة لطرف بعينه، ومن يريد تسييس الجامعة هو لا يريدها للتعليم، هو يريدها فقط للاستقطاب وحصد الأصوات الانتخابية، فالجامعة هي التي تربي الكوادر، وطلابها هم الذين يصنعون التحولات النوعية.